+A
A-

إلزام “البلديات والإسكان” بدفع نحو 4 ملايين للأوقاف السنية لاستملاك أرضها

ألزمت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) برئاسة القاضي جمعة الموسى، وعضوية كل من القضاة محمد توفيق، وطارق عبدالشكور، ومحمد الدسوقي، وأمانة سر عبدالله إبراهيم، وزارتي شؤون البلديات والزراعة والإسكان، أن تدفعا لصالح إدارة الأوقاف السنية، مبلغًا وقدره 3925000 دينار (3 ملايين و925 ألف دينار)؛ وذلك لأن “البلديات” استملكت في العام 2006 جزءًا من أرض تابعة للأوقاف بمنطقة عراد لصالح مشروع إسكاني دون صدور قرار بذلك، ورفضت المحكمة باقي طلبات الأوقاف السنية.

 

وقائع الدعوى

وتعود وقائع الدعوى إلى أن إدارة الأوقاف السنية تقدمت بدعوى لدى المحكمة، مطالبةً الحكم ببطلان قرار استملاك صادر من وزارة شؤون البلديات والزراعة وإلغاء جميع آثاره، كما طلبت قبل الفصل في الموضوع بتعيين خبير لإثبات تعدي المدعى عليها الثانية -وزارة الإسكان- على أرض المدعية وإثبات قيامها بالهدم والبناء عليها وحصر المبالغ المدفوعة للمستأجرين تعويضًا لهم دون وجه حق عن هدم المباني المملوكة للمدعية، وتقدير التعويض العادل حسب سعر السوق مضافًا إليه المطالبة بالتعويض عن الاستملاك بغير الطريق الذي رسمه القانون، وإلزام المدعى عليها بالمصروفات.

وأوضحت إدارة الأوقاف السنية في دعواها أنه بتاريخ 12/6/2006 أصدر وزير شؤون البلديات والزراعة قرارًا باستملاك بغرض المنفعة العامة العقار المملوك لها، حيث امتنع المدعى عليه الثالث (جهاز المساحة والتسجيل العقاري) عن إصدار وثيقة عقارية باسمها بناءً على هذا الحكم -بغرض إنشاء مشروع إسكاني جنوب قرية عراد بناءً على طلب وزارة الأشغال والإسكان حينها.

وأضافت أنه لم يتم إخطار إدارة الأوقاف بهذا القرار، حيث تم الإشارة إلى هذا العقار على أنه (الملك غير المسجل)، وعلمت المدعية بالصدفة وعن طريق الدعوى المستعجلة التي أقامتها الإسكان لطرد مستأجري المحلات التابعة لها بأن العقار المقصود بقرار الاستملاك سالف الذكر هو العقار المملوك لها، الأمر الذي حدا بالمدعية لإقامة دعواها. وفي جلسة في العام 2013 حكمت المحكمة بهيئة مغايرة وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير هندسي في الدعوى، ونفاذًا لهذا القضاء باشر الخبير المنتدب مأموريته وأودع تقريره في ملف الدعوى، والذي انتهى إلى أن العقار الصادر به قرار الاستملاك لم يكن مسجلاً وقت صدور القرار، إلا أنه كان بحوزة المدعية وثابتًا لها ويمثل القسم الشرقي البالغ مساحته 47390 مترا مربعا من العقار الآيل للمدعية.

 

سعر الأرض

وأفاد الخبير أن المدعية لم تستلم أي تعويض عما سبق وإن تم استملاكه منذ العام 2006، بخلاف مستأجري المدعية الذين تم تعويضهم نظير ما شيدوه من المباني والمنشآت على أرض الواقع، وأنه بإمكان المدعية استرجاع العقار موضوع الاستملاك شريطة قيام المدعى عليها الأولى بإلغاء قرار الاستملاك المذكور مع الأخذ في الاعتبار بأن ذلك سيؤثر على مشروع المدعى عليها الثانية.

وانتهى إلى أن السعر الإجمالي لمساحة العقار محل الاستملاك البالغ مساحته 47390 مترا مربعا يبلغ 12,752,647.5 دينار (12 مليونًا و752 ألفًا و647 دينارًا و500 فلس فقط).

اعتراض بعد 5 سنوات

من جهتها، قالت المحكمة في حيثيات حكمها بشأن الطلب الأصلي ببطلان قرار الاستملاك وإلغاء جميع آثاره، فلما كان الثابت من الأوراق أن مجلس الاوقاف السنية عند بحثه موضوع التثمين أبدى اعتراضه على سعر التثمين الصادر من جانب هيئة التثمين، وأن المجلس قرر مخاطبة الجهة المختصة إعادة النظر في التثمين للعقار، وإذ لم تبادر المدعية بإقامة دعواهم إلا بتاريخ 12/4/2012 أي بعد فوات مدة تقارب 5 أعوام على صدور قرار الاستملاك المطعون عليه، الأمر الذى يغدو معه الطعن ببطلان قرار الاستملاك الصادر من المدعى عليها الأولى، وإلغاء جميع آثاره غير مقبول.

 

سقوط الحق بالطعن

أما بشأن الطلب الاحتياطي، وهو إلزام المدعى عليهما الأولى والثانية بالتضامن بدفع مبلغ وقدره 16,678,005 دينار (16 مليونًا و678 ألفًا و5 دنانير) عبارة عن القيمة السوقية لعقار المدعية وفقًا لتقرير الخبير، فقد بينت أنه لما كان الثابت من الأوراق وتحديدًا خطاب وزير شؤون البلديات والزراعة، أن المدعية تظلمت من قرار لجنة التثمين بشأن تثمين سعر المتر المربع من العقار المستملك، وأن هيئة التثمين في اجتماعها بتاريخ 27/3/2007 قررت تعديل السعر من 61 دينارا و354 فلسًا للمتر المربع إلى 72 دينارًا و119 فلس للمتر المربع، وأخطرت بذلك بتاريخ 2/5/2007 تاريخ استلام ممثل المدعية للكتاب سالف الذكر بشأن إعادة تثمين سعر الأرض موضوع التداعي، وإذ أقامت دعواها الماثلة بتاريخ 12/4/2012، فإنها تكون قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانونًا، وتغدو غير مقبولة شكلًا؛ لسقوط حقها في الطعن. 

 

تعويض الجزء المُستملك

وقالت المحكمة أما فيما يتعلق بالجزء الغربي من العقار محل التداعي، والذي لم يصدر بشأنه قرار بالاستملاك، فإنه لما كان الثابت أنه لم يصدر قرار باستملاك الجزء الغربي من العقار محل التداعي، وإذ خلت الأوراق مما يفيد قيام جهة الإدارة بتعويض المدعية عن استملاك ذلك الجزء من الأرض موضوع التداعي، ومن ثم فإن يد جهة الادارة على هذا الجزء من مساحة ذلك العقار يعتبر - والحالة هذه - بمثابة غصب يستوجب مسؤولية جهة الإدارة بتعويض الضرر الناتج عن ذلك، وإذ خلص الخبير إلى تقدير سعر قيمة القدم المربع بسعر 25 دينارا، وفقًا للأسعار السوقية المتداولة والخاصة بالمناطق السكنية في المنطقة الواقع بها العقار موضوع الاستملاك، أي ما يعادل قيمته الاجمالية 3,925,361.7 دينار (3 ملايين و925 ألفًا و361 دينارًا و700 فلس فقط).

وأضافت أنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى ذلك التقرير، ومن ثم فالمحكمة تأخذ به محمولاً على أسبابه وتعتنق ما جاء بنتيجته وتقضي في ضوء ذلك بإلزام المدعى عليهما الأولى والثانية، بأن تؤديا للمدعية مبلغًا وقدره 3,925,361.7 دينار (3 ملايين و925 ألفًا و361 دينارًا و700 فلس) جرّاء الاستيلاء على الجزء الغربي من العقار محل التداعي دون صدور قرار باستملاكه.

 

قيمة المنشآت

أما بشأن طلب الأوقاف السنية بإلزام المدعى عليهما الأولى والثانية بالتضامن بدفع مبلغ وقدره242,860.700 (242 ألفًا و860 دينارًا و700 فلس) عبارة عن قيمة المباني والمنشآت داخل عقار المدعية والثابت مقدارها المذكور، فلما كانت المدعية لم تقدم ما يثبت ملكيتها للمباني والمنشآت داخل العقار محل التداعي، كما لم يثبت ذلك أيضًا من تقرير الخبير المنتدب، والذي قرر بأن  المدعى عليها الأولى قامت بتعويض مستأجري المدعية عن المباني والمنشآت التي شيدوها ضمن حدود ملك المدعية، الأمر الذي يكون معه هذا الطلب قائم على غير أساس ومن ثم تقضي معه المحكمة برفضه.

 

منطوق الحكم

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة، أولاً: عدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب ببطلان قرار الاستملاك الصادر من المدعى عليها الأولى وإلغاء جميع آثاره.

ثانيًا: عدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء قرار لجنة التظلمات بشأن رفض تظلم المدعية من تثمين سعر المتر المربع للعقار المستملك – فيما يتعلق بالجزء الشرقي من العقار محل الاستملاك من العقار محل التداعي والبالغ مساحته تبلغ مساحته 47390 مترا مربعا.

ثالثًا: إلزام المدعى عليهما الأولى والثانية بأن تؤديا للمدعية مبلغًا وقدره 3,925,361.7 دينار (3 ملايين و925 ألفًا و361 دينارًا و700 فلس فقط) جرّاء الاستيلاء على الجزء الغربي من العقار محل التداعي دون صدور قرار باستملاكه.

رابعًا: رفض باقي طلبات الدعوى، وألزمت المدعى عليهما الأولى والثانية بالتضامم بالمناسب منها شاملة أتعاب الخبير، ومبلغ 20 دينارًا مقابل أتعاب المحاماة.