+A
A-

الحجيري: الاعتماد على النفس طريق النجاح

عصامي كوّن نفسه من الصفر، كافح وتعب وتنقّل بين القطاعين العام والخاص، قبل التحدي بالتخلي عن الوظيفة والراتب المضمون آخر الشهر ليدخل معترك العمر الحر ويؤسس مجموعته الخاصة التي تضم عدة شركات.

يؤمن رجل الأعمال، الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات مستقبل الخليج للأعمال أحمد عطية الله الحجيري أن الاعتماد على الذات ومواجهة الشخص للمشكلات بنفسه يساهم في تطوير الشخصية، فيما يعتبر والده قدوته في الحياة. وفيما يلي نص الحوار:

كيف كانت نشأتك ودراستك؟

- أنا من مواليد بوري في العام 1963، إلا أن الوالد انتقل إلى المنامة وعشنا فيها كون والدتي من سكان المنامة.

درست في المدارس الحكومية، عندما كانت الأمور سهلة، والتعليم الحكومي جيد جدًّا، ولم يكن هناك مدارس خاصة.

أنهيت المرحلة الابتدائية في مدرسة عبدالرحمن الداخل بالقضيبية، ثم القضيبية الإعدادية، فثانوية المنامة التي أصبح اسمها لاحقًا مدرسة الشيخ عبدالعزيز.

تعلمت خلال الدراسة الكثير وكان التعليم من أولويات والدتي لأنها مدرسة، فيما كان يعمل والدي في شركة نفط البحرين “بابكو” مما جعله مهتمًّا بالانضباط والذهاب للعمل دون أي تأخير. وعندما عملت معه في الشركة خلال إحدى العطل الصيفية كنت أصل معه إلى المكتب الساعة 6 صباحًا، وإذا ما وصلنا أحيانًا قبل هذا الموعد كان يعدنا متأخرين.

كنت محبًّا للهندسة والرياضيات والأرقام خلال المدرسة، ولذلك درست بكالوريوس الهندسة الكهربائية في جامعة البترول والمعادن في الظهران بالمملكة العربية السعودية التي تعتبر من أفضل الجامعات في المنطقة، ومن الفوائد التي اكتسبتها من الدراسة هناك الاحتكاك بزملائي البحرينيين الذين تعرفت عليهم بالجامعة ولا زلنا أصدقاء.

لعب وجودي بالسعودية سواء للدارسة أو العمل، حيث قضيت قرابة الـ12 عامًا هناك، دورًا كبيرًا في حياتي، حيث استفدت الكثير.

وبعد إكمال البكالوريوس انضممت لدراسة ماجستير الهندسة الكهربائية في الجامعة ذاتها.

 هل لك أن تحدثنا عن مسيرتك العملية؟

- عملت مهندسًا بقسم الاتصالات في شركة أرامكو لمدة سنة واحدة العام 1983 - 1984، ثم عملت في بنك الرياض/ فرع الدمام بمركز المعلومات في الفترة من 1984 - 1991، ومن هنا بدأت مسيرتي الفنية بالعمل في القطاع البنكي الذي كان متطورًا جدًّا بالسعودية وتعلمت الكثير مثل برمجة الاتصالات والتعامل مع مدراء البنوك من خلال زيارتي لمعظم مناطق السعودية كون البنك لديه 150 فرعًا، وقد كانت تجربة غنية.

وبعد 12 عامًا قضيتها بالسعودية قرّرت العودة إلى البحرين، وعملت مديرًا لمركز المعلومات في شركة بابكو، وذلك في العام 1991، ثم تركت العمل فيها لفترة بسيطة أسست خلالها شركة آسيا للكمبيوتر في العام 1994 إلى 1995.

انتقلت بعدها للعمل بوزارة الصحة، (...) عملنا على تطوير العديد من المشروعات بالوزارة، رغم أن العمل كان بعيدًا جدًّا عن تقنية المعلومات. 

بدأت العمل بالوزارة في العام 1995 مدير المساندة الفنية ثم مديرًا لإدارة المعلومات الصحية، وقد أسست مع مجموعة شباب أذكياء ونشطين الكثير من المشاريع والبرامج التي نراها اليوم في مجمع السلمانية الطبي.

وأثناء عملي في الصحة أسست جمعية البحرين للإنترنت في العام 1995، ومع انتشار ظهور الإنترنت في المملكة، دخلت في مجال العمل التطوعي لخدمة الشباب، خصوصًا أن الكثير منهم لم يكونوا على دراية بفوائد الإنترنت ومخاطرها، وبقيت في مجال الجمعيات حتى بعد ترك الوزارة.

وفي العام 2001 التحقت ببرنامج ماجستير إدارة المعلومات في جامعة ديبول بشيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية التي أضافت لي معلومات عن إدارة الأعمال بصورة أكاديمية أكثر منها تطبيقية. وقبل ترك العمل بوزارة الصحة كلفني الوزير بأن أصبح الرئيس التنفيذي لمجمع السلمانية الطبي من العام 2003 إلى 2005 إضافة إلى مسؤوليتي بإدارة تقنية المعلومات ومديرًا لمشروع التأمين الصحي الوطني في ذلك الوقت، وتعلمت الكثير من زملائي في وزارة الصحة، خصوصًا طريقة العمل بالقطاع الحكومي وصعوباته وتحدياته، كان أكثر ما أزعجني بالعمل الحكومي أن بعض القرارات تسير ببيروقراطية وبطء شديد لكن هذا لم يمنعنا من التعلم والاستفادة.

قررت في العام 2005 ترك العمل الحكومي والتوجّه للقطاع الخاص، وهي مرحلة مهمة وتحدٍّ كبير، لأن الشخص عندما يترك وظيفة ويتّجه إلى العمل الحر يصبح لديه قلق عن تمكنه من الإيفاء بالتزاماته المالية وديونه وهذا عائق دائمًا ما يقف أمام الناس.

 

 

  كيف كانت تجربتك في تأسيس أعمالك الخاصة؟

- لقد كان لدي تجربة سابقة في تأسيس شركة آسيا التي لم تستمر أكثر من عام بسبب ضعف السوق، إلا أنني بقيت مؤمنًا بوجود فرصة، وبعد 10 سنوات من العمل الحكومي أطلقت شركة مستقبل الخليج للأعمال ومنها بدأت العمل التجاري بقوة وسارت الأمور بطريقة إيجابية ووقعت اتفاقيات مع العديد من الشركات العالمية والخليجية والمحلية، ثم أسسنا مجموعة شركات ومعهد تدريب وشركة تنظيم معارض ومؤتمرات وأخرى لتقنية المعلومات، (...) وفقنا الله واستمررت بالعمل في مجال تقنية المعلومات والتدريب، وسارت الأمور بأفضل صورة.

خلال الفترة التي تركت فيها العمل بالقطاع العام أصبحت عضوًا نشطًا في مجموعة من اللجان بغرفة تجارة وصناعة البحرين، وكنت نائبًا لرئيس جمعية تقنية المعلومات والاتصالات لدورتين متتاليتين، إضافة إلى تأسيس مع مجموعة من الزملاء الجمعية البحرينية لتقنية المعلومات التي لا تزال تعمل بجد ونشاط. مع عودتي إلى القطاع الخاص، رجعت للجمعيات وللعمل التطوعي والمشاركة الوطنية وأسست العديد من المشاريع منها (إيه شباب) لتشجيع الشباب على الابتكار بالتقنية، ومشروع مستقبل قادة الخليج الذي كان يهدف إلى مساعدة الشباب في خلق فرص العمل، وكذلك مشروع فرصتي الذي أطلق مؤخرًا بهدف تمكين الشباب من التعامل مع متغيرات السوق في مجال تقنية المعلومات والاتصالات. 

دائمًا أقول للشباب إن التعب مفيد، والتحدي يساهم في بناء الشخصية، حاولت زرع هذا الشعور في أبنائي الأربعة (3 بنات وابن)، حيث تعمل إحدى بناتي في هيئة الحكومة الإلكترونية والثانية في شركة مايكروسوفت، أما ابني فيعمل معي بالمجموعة، والبنت الصغرى في طريقها للالتحاق بالدراسة الجامعية، ودائمًا أتمنى نجاح أبناء الجميع كما أرى نجاح أبنائي، وأي طريقة نستطيع من خلالها إيصال المعرفة للشباب، ليتعلموا كيف يبنون مستقبلهم ويتعاملون مع التحديات. أعتبر أن معيشتي وكفاحي خارج البحرين هو أكبر درس تعلمته خلال تواجدي في بلد مثل السعودية.

 ماذا اكتسبت من هذه التجربة؟

- اكتسبت الاعتماد الكلي على نفسي، فاليوم للأسف هنالك أشخاص ينتظرون أحدًا لحل مشاكلهم، أعتقد إن حل المشكلة يأتي أولاً مِنْ قِبَل الشخص نفسه. لن نستطيع التطوير إلا إذا تم الاعتماد على النفس في مناحي الحياة، فالتواجد في دولة ثانية - الذي قد يخاف كثيرون خوض هذه التجربة - قد يكون النجاح فيها أسهل، ويظنون أن النجاح يجب أن يكون في البحرين، إذا لم تستطع النجاح ببلدك فالعالم صغير والطائرة تستطيع إيصالك إلى أي مكان، والعولمة أثبتت أن المكان مفتوح للشخص المبدع والكثير من الشركات العالمية لا سيما الأميركية يديرها أناس من جنسيات أخرى، (...) كثير منهم من أصول عربية أو هندية، أعتقد إن البحرين بلد صغير جغرافيًّا لكنه ناجح بكل المعايير والمقومات الاقتصادية والتعليمية.

 كيف استطعت التغلب على التخوف من دخول العمل الحر؟

- أحببت التجارة منذ الصغر، لكن مجتمعنا استهلاكي فعندما يتوظف الشخص يصبح معتمدًا على الراتب، وبالتالي يصعب عليه ترك الوظيفة وكأنه مكبل. يتساءل: كيف يستطيع تأمين التزاماته المالية، هل ستنجح التجارة، وغيرها من الأسئلة التي تجعل الشخص “مكانك سر”، ذلك لم ينطبق علي، فقد كانت لدي الجرأة الكاملة للانطلاق بالأعمال الحرة.

وأرى أن أجمل ما في التجارة الاستقلالية فالشخص يقرّر بنفسه، والنجاح يأتي بتوافيق من الله. أرى أن الرزق من التجارة أعظم من الوظيفة، وهو عالم ممتع، لذلك أدعو الشباب إلى خوض المغامرة المحسوبة. يمكنهم العمل مع عدم ترك الوظيفة، فالمجال مفتوح والتقنية وفّرت فرصًا كثيرة، كالانستغرام مثلاً.

 ابنك يعمل معك حاليا، هل كان قراره الشخصي؟

- نعم، عندما انتهى من الدراسة قرّر العمل معي بقراره، ولكن الباب مفتوح أمامه ليعمل في أي مكان في حال رغب في ذلك. في بعض الأحيان يحتاج الأبناء لبناء شخصيتهم ومعرفة ماذا يوجد خارج أسوار الشركة العائلية.

 العضوية في الغرفة والترشح للانتخابات

- منذ دخلت التجارة كانت الغرفة جزءًا مهمًّا وتكميلي للاقتصاد الوطني والتجاري في البحرين، وقبل دخولي الانتخابات كنت عضوًا في لجنة تقنية المعلومات والاتصالات ونائبًا لرئيس اللجنة، ورشحت نفسي للدورة 28 التي لم أفز فيها لكنني خضت التجربة، وهنالك زملاء آخرون فازوا واستطاعوا تطوير الغرفة، لكن للأسف إلى الآن لا أرى الغرفة تؤدي دورها بالمستوى المطلوب، أتمنى أن تصبح أقوى مستقبلاً. البحرين بلد متطور ومنفتح، والدولة لديها حكمة بعدم وضع كل شيء بيد مؤسسة واحدة، لذلك كان المجال مفتوحًا لتأسيس الجمعيات والمشاركة في التنمية.

 هل سنراك من ضمن المرشحين للدورة المقبلة؟

- لم أتخذ قرارًا بالترشح، إلا أن الباب دائمًا مفتوح والفكرة موجودة إذا كانت الظروف مناسبة، لكنني أرى نفسي مشغولاً جدًّا، إضافة إلى أنني عضو في العديد من مجالس إدارة شركات كبيرة تتطلب جهدًا ووقتًا وسفرًا. الهدف الأول والأسمى خدمة البحرين، سواء عن طريق الغرفة أم غيرها.

 ما المجالات الجديدة التي تريد الدخول فيها؟

- لدي رسالة لأصحاب الأعمال مفادها أن أمرين كبيرين سيحدثان في الفترة المقبلة، وقد تحدث عنهما المنتدى العالمي للاقتصاد، الأول أن مجموعة كبيرة من الوظائف المعروفة اليوم ستختفي فيما ستظهر وظائف جديدة، وستتغير أخرى بفعل التكنولوجيا.

 أما الثاني فهو التحول الرقمي، كل شيء سيصبح إلكترونيًّا وكثير من المؤسسات الخاصة إذا لم تعمل على تحويل نفسها رقميًّا ستخسر، فالكثير من الأشياء اليوم تتم عن طريق الموبايل بدلاً من أن يقوم بها مجموعة كبيرة من الموظفين. إن تقديم الخدمات 24 ساعة لمدة 7 أيام في الأسبوع والحوسبة السحابية تصل إلى العالم دون وجود الموظفين. وعلى سبيل المثال المكتبات التقليدية التي تبيع الكتب اختفت بعد صدور مواقع إلكترونية مثل أمازون لبيع الكتب أونلاين، كما اختفت محلات بيع أشرطة VHS مع توفر الأفلام أونلاين، واختفى دور مكاتب السياحة والسفر مع وجود مواقع مثل Booking.com، فعلى أصحاب الأعمال التنبه كي لا تختفي تجارتهم.

 أول سيارة اقتنيتها؟

- كريسيدا بيضاء اللون من شركة عبداللطيف جميل في السعودية، بسعر 27 ألف ريال (2700 دينار) وقطعت فيها مسافة 250 ألف كيلومتر خلال 3 سنوات.

 قدوتك في الحياة؟

- الوالد الذي تعلمت منه الانضباط وتحمل المسؤولية واحترام العمل والقيام بكل الأعمال بيدي حتى تركيب سخان الماء.

 أكلتك المفضلة؟

- أميل لتناول الطعام الصيني والتايلندي، لكن في شهر رمضان يتغيّر ذلك وأتناول الطعام التقليدي مثل الهريس.

 الرياضة في حياتك؟

- كانت جيدة خلال إحدى فترات حياتي، وكغيري أصبحت أتعذر بكثرة العمل.

وكنت الأول في الجامعة بلعبة الاسكواش، وحاصل على حزام أسود في رياضة “هابكيدو” وهي رياضة كورية تشبه التايكواندو.

والآن أمارس رياضة السباحة والمشي.

 فريقك الرياضي؟

- غير متابع للفرق الرياضية، إنما أفضل متابعة الأشخاص، ومتابعة مباريات الملاكمة إلى الملاكم محمد علي كلاي الذي أحبه.

فأنا لست من محبي الانفعال وأرى متابعي المباريات دائمًا منفعلين، وليس لدي تعصب لفريق ولذلك أشجع الفريق الفائز.

 القراءة في حياتك؟

- أحب القراءة جدًّا، وللأسف قراءتي باللغة الإنجليزية أكثر من العربية. وأقرأ بمعدل كتابين في الشهر، وأكثر الكتب قراءة في مجال التجارة وإدارة الأعمال والعلوم.

 آخر كتاب قرأته؟

- أفضل كتاب قراءته في حياتي وأعتبره الأفضل (بدون أعذار ... الانضباط الذاتي).

 مطربك المفضل؟

- مهمة جدًّا، ولا أزال أحب سماع المغنية فيروز التي تعتبر من أفضل المغنيات، إضافة إلى سماع الموسيقى الكلاسيكية مثل بيتهوفن، أستمع للأغنيات الحديثة إلا أنني أفضل القديمة منها.