+A
A-

البحرين أكثر دول العالم تضررًا من عدوانية النظام القطري

المقاطعة ليست وليدة المرحلة الراهنة وإنما نتيجة لتاريخ طويل من المؤامرات

نظام الدوحة استنزف ثروات الشعب بإنفاق الملايين لتحسين صورته أمام الغرب

واصل مخططاته للمساس بالتركيبة السكانية البحرينية عبر تجنيس عائلات معنية

قطر تتحدث لفظيًا عن الحريات ومنها الإعلامية لكنها تمنعها وتقمعها في الداخل

 

تدخل الأزمة القطرية عامها الرابع، ولا تزال مسبباتها قائمة في ظل تعنت النظام القطري الحاكم وإصراره على خرق كل القيم الإنسانية والاتفاقيات والمواثيق الخليجية والعربية والدولية، من خلال مواصلة مخططاته التخريبية ونهجه العدواني في دعم التنظيمات الإرهابية المتطرفة، والتدخل في الشؤون الداخلية العربية، وتوظيف أذرعه الإعلامية في بث سموم الفتن والاضطرابات وترويج خطابات الفوضى والكراهية.

ولقد كان واضحًا ومؤسفًا أن مملكة البحرين من أكثر دول المنطقة والعالم تضررًا من هذه السياسات العدائية القطرية، التي اضطرتها مع أشقائها في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع حكومة الدوحة في 5 يونيو 2017م، إزاء تكرار نقضها للعهود، وتعديها على روابط الأخوة ووشائج القربى ومبادئ حسن الجوار.

ولم يكن قرار المقاطعة وليد المرحلة الراهنة، وإنما جاء نتيجة حتمية لتاريخ طويل من المؤامرات والتدخلات القطرية التي استهدفت زعزعة أمن مملكة البحرين واستقرارها، ونشر الفوضى والتخريب والشقاق والفتن الطائفية في المنطقة العربية، وأخذت طابعًا مشينًا في عدوانها العسكري الغادر على سيادة مملكة البحرين وأراضيها في فشت الديبل عام 1986م، بعد احتلال الزبارة وتهجير سكانها قسريًا، ومساومتها لدى استضافة القمة الخليجية في ديسمبر 1990م بين قضيتي “تحرير الكويت” و”النزاع الحدودي بشأن جزر حوار”، ورفضها للوساطة السعودية، وتقديمها 83 وثيقة مزورة لمحكمة العدل الدولية، قبل أن تصدر المحكمة حكمها بتأكيد حق مملكة البحرين التاريخي في السيادة على جزر حوار.

ومنذ تأسيسها في عام 1996م، دأبت السلطات القطرية على توظيف شبكة الجزيرة ومنصاتها الرقمية كمعاول للهدم ونشر الأكاذيب والفتن، ودعم التطرف والإرهاب والمخططات التخريبية، والتي زادت حدتها ببثها أكثر من 2000 مادة إعلامية مسيئة ضد مملكة البحرين وحدها، منها 27 برنامجًا و1659 خبرًا، وذلك منذ إعلان المقاطعة العربية للدوحة وحتى بدايات العام الحالي، هذا بخلاف العديد من الأخبار المضللة والتقارير المزيفة والتجاوزات ضد السعودية والإمارات ومصر والعديد من البلدان العربية الأخرى.

واستنزف نظام الدوحة ثروات الشعب القطري الشقيق بإنفاق ملايين الدولارات على وسائل الإعلام ومراكز البحوث والدراسات وشركات العلاقات العامة الغربية لتحسين صورته، واستغلالها في الهجوم على مملكة البحرين والدول العربية وأنظمتها الحاكمة وتزييف الحقائق بنشر تقارير مزورة، وتنظيم ندوات مشبوهة ضمن أجندة تخريبية ومتآمرة ضد الأمن القومي الخليجي والعربي، ومن بينها: تمويل أكثر من 40 وسيلة إعلامية من صحف وقنوات ومواقع وحسابات إلكترونية وهمية، وتأسيس أكاديمية التغيير في لندن، ومركز بروكنجز الدوحة، والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الذي يديره النائب الإسرائيلي السابق عزمي بشارة مستشار أمير قطر الحالي، ومنظمة الكرامة التي يترأسها عبدالرحمن عمير النعيمى المدرج على اللائحة الأميركية للإرهاب، وغيرها.

ولقد انكشف جزءًا من تفاصيل هذه المؤامرة القطرية ضد أمن مملكة البحرين وغيرها من البلدان العربية في مطلع عام 2011م، وفضحتها الاتصالات الهاتفية المسجلة بين رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم ورئيس جمعية الوفاق المنحلة المدعو علي سلمان إبان أحداث فبراير ومارس 2011م، وتحويلاتها المالية إلى العناصر والتنظيمات المتطرفة، وهو ما أكده القضاء البحريني بتأييد محكمة التمييز في يناير 2019م الحكم بالسجن المؤبد ضد المدعو علي سلمان، واثنين من مساعديه بتهمة “التخابر مع قطر وإفشاء وتسليم أسرار دفاعية”.

وواصل النظام القطري مخططاته التخريبية للمساس عمدًا بالتركيبة السكانية البحرينية من خلال ضلوعه في التجنيس الانتقائي لأفراد من عائلات معنية عن طريق تقديم إغراءات مادية واجتماعية، إلى جانب تمويله للجماعات الإرهابية، واعتراض المقاتلات الحربية القطرية لطائرات مدنية في الأجواء البحرينية، فضلاً عن تدخلاته المرفوضة لعرقلة الجهود الدبلوماسية البحرينية لإجلاء المواطنين من إيران وفق الخطة والإجراءات الاحترازية الطبية المتبعة في مكافحة فيروس كورونا كوفيد 19، بخلاف استفزازه لمشاعر الأمة الإسلامية كافة في تحريضه ضد المملكة العربية السعودية، ومحاولته الفاشلة لتدويل المشاعر المقدسة وافتضاح عرقلته لأداء مواطنيه مناسك الحج والعمرة بدوافع سياسية.

حقائق ومؤامرات عديدة كانت الأزمة القطرية كافية لكشفها وفضح زيف شعارات الدوحة حول الحرية والديمقراطية، وتعرية شبكة قنوات الجزيرة وتوابعها كونها مجرد أدوات رخيصة في يد النظام الحاكم، فاقدة للمصداقية والتأثير في الرأي العام العربي، ولا تمت للعمل المهني ولا أخلاقيات التعبير الحر والمستقل عن الرأي بصلة، وهي مدانة من الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في عام 2017م لدورها الهدام والتخريبي بوصفها: “ذراعًا إعلامية للفكر التكفيري وإثارة البغضاء والكراهية والفتن والتحريض على القتل”، إضافة إلى كونها منصات ممولة من الحكومة وتخدم سياساتها وتوجهاتها في هجماتها غير المبررة ضد مملكة البحرين والبلدان العربية وقيادتها ورموزها وشعوبها، وتحريضها على الفتنة الطائفية والكراهية والعنف، وانحيازها السافر إلى التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وتبرير أعمالها الإجرامية، وترويجها للتدخلات الإيرانية وإيوائها لقادة وعناصر الجماعات الإرهابية كالحرس الثوري وميليشيا الحوثي، وحزب الله، وبث بياناتها التحريضية، في ظل تأكيد منظمات دولية بأن “قطر تتحدث لفظيًا عن الحريات ومنها الإعلامية، لكنها تمنعها و تقمعها في الداخل”.

إن استمرار التدخلات القطرية في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين والدول العربية بوسائل إعلامية واستخباراتية وأمنية يشكل مخالفة صريحة للمواثيق والاتفاقيات والمرجعيات القانونية العربية والدولية، وفي مقدمتها: النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ومساعيه المباركة لتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها، واتفاق الرياض لعام 2013م، وآليته التنفيذية، والاتفاق التكميلي لعام 2014م في إطار المجلس، والتي ميثاق جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي. تفرض الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب، ووقف التحريض على الكراهية أو العنف، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، هذا إلى جانب تعديها على

كما تمثل هذه التجاوزات الإعلامية انتهاكًا صارخًا لميثاق الشرف الإعلامي العربي، والإعلان المشترك بشأن حرية التعبير ومكافحة التطرف العنيف الذي اعتمده مقرر الأمم المتحدة الخاص بحرية الرأي والتعبير، وإعلان المؤتمر العام لمنظمة (اليونسكو) لعام 1978م بشأن “المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي، وتعزيز حقوق الإنسان، ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب”، بالتوافق مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966م، ويحظر في مادتيه (19) و(20) أي دعوات إلى الفتنة الطائفية أو الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، أو التحريض على التمييز أو العداوة أو العنف أو تهديد الأمن القومي والنظام العام.

القول الفصل: إن حل الأزمة القطرية مع دخولها عامها الرابع هو تقيدها بالمبادئ النابعة من اتفاقيتي الرياض 2013 و2014م، والتزامها الجاد بمكافحة التطرف والإرهاب، ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة لها، وإيقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف، والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، بما في ذلك وقف جميع الأعمال العدائية ضد مملكة البحرين، حتى تعود قطر إلى حاضنتها الخليجية والعربية، وتوحيد الصف لما فيه خير وصالح الشعوب الشقيقة وخدمة قضاياها العربية والإسلامية، وتطلعاتها التنموية.