+A
A-

“كورونا” يغيب كذبة أبريل وطرائفها من أذهان العالم

نظرًا للمأساة العالمية التي نواجهها مع فيروس كورونا، الذي تسبب حتى اللحظة بوفاة أكثر من 27 ألف شخص، وتصدر الولايات المتحدة أعداد الإصابات، قررت شركة “جوجل” التخلي عن ما تسميه خدعة الأول من ابريل وذلك ربما للمرة الأولى.

وجرت العادة في كل سنة بيوم كذبة ابريل، أن تطلق الشركة مجموعة من مقاطع الفيديو والمواقع عن معظم خدماتها تظهر فيها مزايا وأفكار منتجات جديدة تبدو خيالية في معظم الأحيان، في حين أن بعضها نفذتها فعلا، مثل بريد “جي مايل”، الذي كان يأتي بمساحة تخزين هائلة مقارنة بالمنافسين، لكن أغلبها تبقى مجرد خدعة للتسلية.

ولأن الوقت ليس مناسبا للتسلية والضحك وهناك كل هذه المآسي حول العالم، أرسلت مديرة التسويق في الشركة “Lorraine Twohill”، رسالة لكافة الموظفين تعلمهم فيها عن إيقاف الشركة كافة المشاريع المتعلقة بخدعة ابريل.

وأكدت الرسالة أن هدف الشركة حاليا مساعدة الناس، وليتم تأجيل النكات للعام المقبل.

وطالبت فرق العمل على كامل مستوى الشركة بالتوقف عن عمل المقالب والخدع فيما يخص الأول من ابريل حتى على المستوى الضيق وداخل الشركة.

وهناك العديد من الشركات التي تقوم بعمل مقالب وخدع الأول من ابريل سنويا، ولنأمل أن تتوقف عنها هذه السنة، خصوصا أن جميعها قد أغلقت مقراتها وأصبح موظفيها يعملون من المنزل.

لنعد إلى كذبة أبريل وقصتها، تحدث كذبة أبريل في معظم بلدان العالم في أول يوم من شهر أبريل من كل عام، كما يسمى يوم كذبة أبريل، أو يوم الحمقى؛ إذ اتخذ هذا اليوم اسمه من الأنشطة العرفية المستمدة من ممارسة النكات في ذلك اليوم، التي تتراوح ما بين النكات البسيطة والمضحكة التي يتم مبادلتها بين الأصدقاء، والعائلة، وزملاء العمل.

وتعد أصول كذبة أبريل غامضة، وترجعها النظرية السائدة إلى العام 1582، وهي نفس السنة التي اعتمدت فيها فرنسا التقويم الميلادي، ولكن وفقا لما جاء في التفسير الشعبي فإن جهل الناس وعدم درايتهم للإعلان السابق جعلهم يحتفلون بيوم كذبة أبريل في الأول من شهر أبريل للعام الجديد، لذلك أطلق عليه بيوم الحمقى، ثم انتقل هذا الاحتفال السنوي إلى جميع أنحاء أوروبا، وإلى أجزاء أخرى من العالم.

إن أقرب إشارةٍ تاريخيةٍ منسوبةٍ إلى يوم كذبة أبريل هو ما تتحدث عنه القصيدة الهولندية التي نشرت في العام 1561، التي تسبق اعتماد التقويم الميلادي بنحو 21 عاما، ثم المهرجان اليهودي وهو مهرجان ذو تاريخ طويل، ويتزامن حدوثه مع قدوم فصل الربيع؛ إذ يكون الاحتفال بارتداء الملابس، ووجود (الكرنفالات) “مدينة الملاهي المتنقلة”، والعديد من النكات والمزاح.

وثم نأتي على شرح أستاذ التاريخ في جامعة بوسطن “جوزيف بوسكين”، الذي يقول: إن أصول كذبة أبريل ترجع إلى عهد القسطنطين؛ إذ أقيمت مهرجانات وخدع للمحكمة الإمبراطورية الرومانية عدة، واعتبر أن هذه الخدع يمكن أن تعيد الحياة إلى الإمبراطورية، كما سمح قسطنطين للمهرج كوجيل أن يكون ملكا ليوم واحد، فأصدر مرسوما يدعو للسخرية من ذلك اليوم، وبعد ذلك أصبح من العرف الاحتفال به سنويا، ويقول البروفسور بوسكين “كان ذلك اليوم يوما خطيرا جدا، إذ ظهر الحمقى من الرجال الحكيمين، وكان دور المهرج هو التحكم بالأمور بشكل فكاهي”. ومن أطرف الأكاذيب وأشهرها، ما حدث في رومانيا عندما كان الملك كارول يزور أحد متاحف العاصمة في أول أبريل؛ فسبقه رسام مشهور، كان قد ترصد قدومه، وقام برسم ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة على أرضية المتحف؛ ما دفع الملك بأمر أحد حراسه، بالنزول لالتقاطها؛ ولكن سرعان ما اكتشفوا أنها كذبة، وقد اشتهر الشعب الإنجليزي بكذبة ظهرت في العام 1860 في اليوم الأول من شهر أبريل؛ إذ حمل البريد إلى مئات من سكان لندن بطاقات مختومة بأختام مزورة تدعوهم “لمشاهدة الحفلة السنوية لغسل الأسود البيض”، في برج لندن صباح يوم الأحد في الأول من أبريل؛ وذلك بالمجان؛ ما دفع الجمهور إلى التوجه نحو البرج لمشاهدة الحفلة المزعومة. وإلى جانب هذه المواقف المضحكة، كان هناك أحداث مؤسفة ومؤلمة صاحبت هذا التقليد؛ ومن أشهرها قيام سيدة إنجليزية بالصراخ وطلب النجدة من الشرفة؛ بسبب اندلاع حريق داخل المطبخ، ولم يستجب أحد، إذ ظن الناس أن هذا المشهد هو “كذبة إبريل”؛ لتزامن ذلك اليوم مع أول إبريل؛ وبذلك تكون هذه الكذبة قد أودت بحياة الكثيرين، فعلى الرغم من أنها ممتعة، إلا أنها قد تنهي حياة البعض نتيجة التهور والتهويل واستخدام الحيل والأكاذيب المخيفة. ويحمل يوم الأول من شهر أبريل إلى جانب كذبته الشهيرة العديد من الأحداث التاريخية؛ ففيه تقع رأس السنة الآشورية، وفيه تم اختراع النسكافيه في العام 1938، وشهد يوم أبريل نهاية الحرب الأهلية الإسبانية وبداية نظام فرانكو في العام 1939، وتأسيس ستيف وزنياك وستيف جوبز شركة أبل في العام 1976، وفي العام 2001 اعتقلت سلطات صربيا والجبل الأسود الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش بعد 26 ساعة من حصار مقر إقامته، وفي العام 2002 أصبحت هولندا أول دولة في العالم تجيز قانونيا الموت الرحيم. عموما يبقى يوم 1 أبريل من الأيام التي تعلق في ذهن الكثير من الناس، وإن كان هذه السنة وكما اسلفنا في البداية سيطرة موضوع كورونا على كل شيء في العالم، إلا أن هذه الاحتفالية لها طعم خاص ولا يمكن أن تنسى وتمحى.