+A
A-

أسمهان بوخوة .. حصد التميز بالتفاعل مع الأفكار الشبابية المبتكرة

الوالد أخذ توقيعات أهالي المنطقة قبل إنشاء مجمع سار

أحب الإبداعات والأفكار الجديدة وأَمَلُّ من الروتين

أبي دائما يقول لي “أنتِ رأس المال”

كان والدي يأخذني معه للعمل منذ عمر 14 عامًا

شعرت بقشعريرة أثناء مشاركتي في حفريات أثرية    

قمت بعمل برنامج سياحي بالتعاون مع الهيئة المعنية

الشباب البحريني متفاني بالعمل وطموح جدا

أتبع نظام التدوير بمواقع العمل لاكتساب خبرات أكثر

المنافسة مع جيراننا شريفة تغلب عليها الصداقة

 

سيدة أعمال معروفة بدعمها اللا محدود للشباب البحريني في المجالات كافة، ولها دور كبير في دعم الفعاليات الثقافية والاجتماعية والتطوعية للجمعيات والفرق المختلفة والمبادرات التطوعية التي تنمي قدرات الشباب وتلبي الطموحات وتسخِّر طاقاتهم الكامنة بما يخدم ويعود على المجتمع بالنفع، إنها المدير التنفيذي لمجمع سار التجاري أسمهان بوخوة. “البلاد” كان لها شرف لقاء بوخوة لسبر أغوار النجاح وعوامل التفوق الذي يلازمها وأعمالها دائمًا، فإلى نص الحوار:

من هي أسمهان بوخوة؟

أسمهان الابنة البكر للوجيه حسن بوخوة، تلقت تعليمها أولا في مدرسة سانت كريستوفر، ثم تحولت إلى المدارس الحكومية بالمرحلة الابتدائية، والتحقت بجامعة البحرين لمدة 4 سنوات لنيل شهادة البكالوريوس، ثم واصلت دراستها في الفترة المسائية لمدة سنتين لنيل الـ MBA من أستراليا.

كان أبي يشجعنا ويصحبنا معه دائما إلى العمل منذ الصغر، كان أسلوبه في التعليم حماسي ويحبب لنا العمل بطريقة اللعب ويحكي لنا عنه بطريقة القصص، وأنا كنت فتاة، ولكن لم يكن لديه تفرقة بين البنات والأولاد في العمل، كما أن هناك جانبا في شخصيتي أنني أحب التعلم والمغامرة، وأسلوب أبي عزز فيَّ حب مطالعة التطور ونمو المشاريع أمام عيني بعد أن رأيتها أرضا بيضاء، ثم تحولت إلى مبنى خلال أشهر، والشعور بالتطور في المملكة شعور يبعث على الفخر والاعتزاز.

حب العمل

عندما كان عمري 14 سنة كان أبي يأخذني معه للعمل في فترة الإجازة الصيفية، كنت أباشر عمل السكرتارية، ولكنني كنت أتنقل من قسم لآخر، بعد انتهاء السكرتارية ذهبت إلى قسم المشتريات، وبعدها إلى القسم الخاص بالمناقصات. وكان أبي ينصحني بالبقاء في القسم، ولكن كوني صغيرة لم أستوعب كثيرًا، فهربت إلى قسم المحاسبة، ومن البداية كان يعطيني عد الأرقام التي كانت تملأ الصفحة، وكنت أفرح كثيرًا بهذه المهمة، إذ حينها وفي فترة الثمانينات لم تكن أجهزة الكمبيوتر منتشرة كما هي الآن، وكان كل شيء يتم يدويا. كنت لا أعد الأرقام فحسب، بل كنت أجهز رواتب العمال في المظاريف، وكان عددهم يصل إلى 500 عامل، وهذه الأمور الصغيرة جعلتني أحب الحسابات أكثر، فتبناني مدير قسم الحسابات حينها وتولى تدريبي، فكنت سنويًا أتدرب في القسم حتى أصبح عمري 25 سنة، وبعدها أصبحت مسجلة في الشركة كأول وظيفة فعلية لي في المجموعة نفسها.

أول وظيفة

أول وظيفة لي كانت كاتبة في قسم الحسابات، وتطورت بعدها وأصبحت مديرة الحسابات في مجموعة بوخوة. كنت أذهب إلى الدورات التدريبية بعد انتهاء وقت الدوام؛ لتطوير نفسي، وكان حينها لدي ولدان هما سلمان وطلال، كانا يذهبان إلى المدرسة وفي البيت ندرس جميعنا معا.

نحن في الأسرة 11 أخا وأختا، من بيننا 5 يعملون في المجموعة، أنا، رياض المدير العام لمجموعة بوخوة، شيرين مديرة المشتريات، محمد مدير الموارد البشرية، وهشام مدير العمليات.

مجمع سار.. أول مول خدماتي

حينما قرر الوالد السكن في منطقة سار لاحظ خلوها من الخدمات المقدمة، رغم وجود عدد كبير من السكان، فقرر بناء المجمع التجاري، ولكن البلديات لم توافق في البداية وطلبوا موافقة سكان المنطقة، فتحدث أبي مع سكان المنطقة وتم أخذ موافقتهم على بناء مجمع تجاري حولهم وعلى ضوئها تم البدء بالبناء، ولكن واجهتنا مشكلات عديدة  منها عند حفر الأرض لبناء القبو كان ينبع من الأرض الكثير من الماء وتطلب الأمر عمليات خاصة للأرض لأن أراضي تلك المنطقة خصبة.

هل هناك نية للتوسع بعد زيادة الطلب؟

لدينا نية للتوسع في أرض بالقرب من المجمع بعد زيادة الطلب على محلات المجمع ووجود قائمة انتظار للمستأجرين، حيث إن مجمع سار يختلف عن بقية المجمعات، إذ يتميز بكونه مجمعا خدماتيا بحتا، وعدم وجود محلات تقدم خدمة في المجمع ماعدا شركات الاتصال في البحرين، فافتتاحنا المسجد بجانب المجمع ساعد على زيادة عدد الزوار، إذ يأتي المصلون بعد أداء الصلاة لشراء احتياجاتهم، ونعمل حاليا على الموافقات اللازمة للتوسع، وبعدها سيتم الاختيار إن كان مجمعا تجاريا أو يتناصف مع مشروع سكني، فكل ذلك سيتضح بعد الدراسة ورغبات الناس.

ماذا عن جائزة رواد التميز لدعم الشباب؟

حصلت على جائزة رواد التميز لدعم الشباب العربي والإفريقي في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعي؛ تقديرا لدعم الشباب، إضافة إلى البرنامج التدريبي بالتعاون مع الجهات الرسمية في تدريب وتمكين الشباب في مجالات سوق العمل وتوفير فرص الاستثمار الناجح للشباب، فكنت بذلك شبه حاضنة أعمال للشباب البحريني.

أنا أحب العمل مع الشباب كثيرًا وأعتبرها نقطة ضعفي، وإذا تقدم لي أحد الشباب بفكرة ما يريد تطبيقها أرحب به وبأفكاره حتى لو لم يكن لدي مكان جاهز، كما حدث، فقد جهزت أحد الأماكن في برنامج للطلبة الشباب مع أهاليهم اسمه “البيت العود”؛ ليشعروا بما يقدمه ويضحون به الوالدان لأجل أبنائهم، وفاز البرنامج بجائزة قيمتها 3 آلاف دينار من أحد المبرات كأحسن برنامج.

وقبل عامين كان البرنامج الصيفي هو تدريب الطلبة والمتخرجين من الجامعة وتعليمهم كيفية إدارة مجمع تجاري، كان من المفترض أن يكون 3 أو 4 طلاب، ولكن الطلبات التي وصلت تجاوز عددها 200 طالبا، فتم اختيار 37 طالبا وطالبة للتدريب في مجمع سار التجاري، ومع نهاية التدريب تم توظيف 10 أشخاص منهم؛ لأنهم كانوا متميزين وناجحين في عملهم، ومع الأيام حصل بعضهم على وظائف أخرى حتى بقيت طالبة واحدة تعمل في إدارة المجمع منذ نحو عام.

سوق المزارعين البحرينيين في الصيف!

وبرنامج العام الماضي كان عن موسم سوق المزارعين في فصل الصيف، إذ إن سوق المزارعين المعروف يكون في فصل الشتاء فقط ولا سوق لهم في الصيف، فاقترحت أن يتواجدوا في المجمع، وهو مكان مكيف وجعلت الأجواء تشابه المزارع وأصبحت الفعالية كل سبت لمدة شهرين من الصباح حتى المساء؛ ليتمكن المزارعون البحرينيون الذين بلغ عددهم 35 من عرض منتجاتهم وبيعها؛ بهدف الترويج للمنتجات الزراعية في البحرين، وتسليط الضوء على التطور الحاصل في القطاع الزراعي في المملكة، والمساهمة في تحسين دخل المزارعين البحرينيين.

كما قمنا بعمل أطول طاولة طعام للعمال في المحافظة الشمالية لعمال مجموعة بوخوة، إذ أشعر أنهم قريبون من قلبي؛ لأني أيضا موظفة وزميلتهم، ويوم العمال مميز بالنسبة لي وأهتم بهذا اليوم بصورة كبيرة أكثر من المناسبات الأخرى، في العام الماضي أقمنا حفلة طاولة الطعام لنحو 1200 شخص بسعر رمزي، إذ كانت تكلفة الفرد في البوفيه 10 دنانير وسعرنا بدينارين فقط وتواجد بالحفل العمال مع عوائلهم.

لذلك أنا أحب الإبداعات والأفكار الجديدة وأشعر بالملل من الأفكار المكررة والروتين، أنا شخصية مغامرة ودائمًا أحب رؤية الأفكار في بلدان أخرى، وأتبنى تلك الأفكار وتحويلها إلى محلية بما يتناسب مع العادات والتقاليد في المملكة.

هل هناك منافسة مع بقية المجمعات التجارية في المنطقة؟

هناك منافسة شريفة ولا أعتقد أن تواجدنا بالمنطقة نفسها يؤثر على الزوار، إذ إن كل منا يملك طابعه الخاص به، كما أننا نتعاون مع بعض بحكم علاقاتنا المتينة، فإذا كان هناك زبون لا يوجد له محل ليستأجره أقوم بتحويله لجاري بالمجمع الثاني ونحاول توفير له ما يطلبه، فنحن مثل الجيران ومنافستنا شريفة تغلب عليها الصداقة وحسن النية ولا مكان للأنانية والتفوق على الآخر.

أليس هناك تشبع من المجمعات التجارية بالبحرين؟

هناك مجمعات كثيرة فعلا والزبون من يختار ليكون هو زبون لأي مجمع، هناك صعوبة في الاختيار، ولكن النقطة الإيجابية هي تعدد الأماكن التي يستطيع زيارتها دون أن تكون هناك زحمة كبيرة تضايقه.

وماذا عن تجدد الزبائن بالمجمع؟ حيث إن المجمع لا يكرر الأنشطة الموجودة؟

هناك بعض الزبائن لا يقبلون بانتهاء الفترة ووفاؤهم للمجمع كبير جدًا وخصوصًا أنه لا يوجد للمجمع منافس، ولدي قائمة انتظار وتكون العقود إما 6 أشهر أو سنة؛ لنتمكن من إعطاء البقية فرصة. لدينا نحو 80 محلا مع 240 موقف سيارات، كما أننا خصصنا الأرض المجاورة لوقوف موظفي المجمع وإتاحة مواقف المجمع للزبائن فقط.

هل هناك نية ليكون ابنيك موظفين بالشركة كما هو حال إخوانك؟

أريدهما أن يعملا خارج الشركة؛ لينظرا كيف يكون العمل بالخارج؛ لأنني أشعر أن لديهما الطاقة الكافية للعمل وتكوين أنفسهما.

متى تم تأسيس المجموعة؟

الوالد أسس المجموعة بنفسه منذ العام 1975، وفي البداية كانت تختص بمجال المقاولات فقط، والآن هي مجموعة لأنشطة المقاولات والتجارة والعقارات، وأيضا بيع وتأجير المعدات، ونعمل على التطوير وإخواني يعملون على زيادة الأنشطة بأفكار جديدة، فنحن نرحب ونشجع الأفكار.

أبي دائما يقول لي “أنت رأس المال”، فأنا الأخت الكبرى وأشعر بالفخر عندما أرى إخواني يعملون بأشياء جديدة، كما أنني أتبع نظام التدوير بمواقع العمل لاكتساب خبرات أكثر، وكان أبي يقول لي “انتي تشيلين اخوانج”، كما أنني لا أشعر بالفرق بينهم وبين أبنائي، فأعمارهم متقاربة.

هل ساعدك الوالدان في مسيرتك المهنية؟

ساعدني والدي كثيرًا، وأيضا والدتي، فهي سيدة أعمال أيضا، وهي المحرك الرئيس، لا تقبل التهاون في العمل والغياب أو حتى التأخير، فكانت تعطينا النصائح عن العمل والبركة فيه، كانت تعمل بجانب والدي وتهتم بحساباته.

كيف ترين البحريني في العمل؟

إنتاج ابن البلد مختلف عن العامل الآخر، فهو يبدع لوطنه ويحاول إيصال المحبة للجميع، وأسعى الآن لتكون إدارة مجموعة بوخوة بحرينية، إذ إن أداء البحريني بعطاء لا محدود مع تفانٍ في العمل، والكل يسعى لحل مشكلة الآخر إن حدثت مشكلة.

هل أنت من محبي السفر؟

أجل أحب السفر وبحكم عملي، فأنا كثيرة السفر، وأحرص على أن تكون الرحلات بأيام عادية، كما أنني أسافر للسياحة مرتين في السنة وأكثر البلدان التي أحب زيارتها هي أميركا والمملكة المتحدة خصوصا لندن.

ففي إحدى المرات كنت في رحلة إلى أميركا وكنت بمنطقة نائية تعتبر قرية هناك، وقمت باستدعاء مواطني المنطقة لزيارة البحرين والتعرف عليها وقمت بعمل برنامج سياحي بالتعاون مع هيئة السياحة البحرينية وتوفير مرشدين سياحيين لزيارة المتحف الوطني ومسجد الخميس، وكان البرنامج لمدة أسبوع كامل قمت خلاله بتعريفهم على أغلب المناطق السياحية في المملكة، كان عددهم 4 أشخاص والآن يريدون إعادة الزيارة مع أصدقائهم.

أحلى موقف في هذه التجربة أنه خلال الرحلة قمنا بالمرور بمنطقة كان هناك عمال يقومون بالحفر والتنقيب في موقع أثري مع شخص فرنسي اسمه بيير له 39 سنة في البحرين، ودعانا للمشاركة في التنقيب، فكانت تجربة شعرت بها بالقشعريرة أثناء رؤية وملامستي للأغراض الأثرية التي لها نحو ألفَي سنة.