+A
A-

مراد يجيب عن السؤال: لماذا لا يندمج “البحرين والكويت” مع “الوطني”؟

تدخل سمو رئيس الوزراء حال دون انهيار “البحرين والكويت” بالثمانينات

”سوق المناخ” و ”غزو الكويت” شكلا ضربتين للبنك

مراد: يصعب عليّ شخصيا الاستغناء عن موظفين

أكثر من 250 من المهتمين ونحو 15 مؤسسة تابعوا الندوة

الشهادة الجامعية شرط للترقية إلى المنصب التنفيذي بالبنك

“بابكو” ابتعثته لدراسة المحاسبة في بريطانيا 1966

مسيرة مهنية حافلة بالعطاء والتضحية ناهزت الـ 48 عامًا

تسنّى له التدرب على القطع الأجنبية في بيروت

بدأ العمل المصرفي بالالتحاق بـ “سيتي بنك” البحرين 1972

مراد وجد  75 % من الحسابات في البنك “غير منتظمة”

وديعة حكومية بقيمة 80 مليون دينار من 1987 -  1992

البحرينيون هم عماد انطلاق البنك وتحقيقه للنمو منذ الثمانينات

 

ألمح رئيس مجلس إدارة بنك البحرين والكويت، مراد علي مراد، إلى أن البنك منفتح على عملية استحواذ مصرفية على غرار العملية التي قام بها بنك البحرين الوطني تجاه بنك البحرين الإسلامي، ليكون ذراعه في الصيرفة الإسلامية.

وكان مراد يتحدّث على هامش ندوة استضافتها جمعية البحرين للتدريب وتنمية الموارد البشرية، ضمن برنامجها الذي يسط الضوء على مسيرة القيادات بالمملكة، إذ استعرض فيه مسيرة حياته المهنية التي ناهزت الـ 48 عامًا، حيث أشار إلى أن بنك البحرين والكويت قد تهيأ للمستقبل وأن ملاءته المالية قوية في الوقت الذي يواجه القطاع المصرفي تحديات تتمثل في التطورات التقنية المتلاحقة.

وأشار مراد إلى أن هناك ما يسأل لماذا لا يندمج كل من بنك البحرين والكويت وبنك البحرين الوطني وهما البنكان الوطنان العملاقان في المملكة، لتكوين بنك كبير، إذ رد بالقول أن المنافسة لطالما كانت عاملاً لتطوير القطاع منذ سبعينات القرن الماضي، وأن اندماج كل من البنكين بهذا الحجم يعني توجيه ضربة للمنافسة في السوق المحلية والتوجه إلى الاحتكار.

ثم تطرّق مراد إلى قضية الوظائف قائلاً: إن أول ما يتم التفكير فيه عند وجود أي عملية اندماج بين كيانين هي مسألة الوظائف، معترفًا بأنه يصعب عليه شخصيًّا التفكير في الاستغناء عن موظفين، مؤكدًا أن البحرينيين كانوا هم عمادًا لانطلاق البنك وتحقيقه للنمو منذ أن شارف على الانهيار في الثمانينات.

البداية من بابكو

وتطرّق مراد، وهو من مواليد مدينة المحرق، خلال الأمسية التي حضرها أكثر من 250 من 15 مؤسسة ومن المهتمين والمتابعين، إلى مسيرته المهنية التي بدأها متدربًا في أكاديمية بابكو، بعد إنهائه المرحلة الثانوية، حيث عمل من خلالها في مختلف أقسام الشركة، معتبرًا هذه الفترة من أفضل برامج التدريب في المملكة، قبل أن ترسله الشركة إلى دراسة المحاسبة في بريطانيا (1966). ويستذكر مراد زملاء الدراسة الذين رافقوه مسمّيًا منهم على سبيل المثال لا الحظر: عبدالله سيف، جواد حبيب، نور الدين عبدالله، والذين تركوا “بابكو” وانضموا إلى جهات مختلفة.

الالتحاق بالبنوك

وعلى خطى أصدقائه، ترك مراد “بابكو” بعد أن عمل فيها لبعض الوقت، ليقرّر الالتحاق بـ “سيتي بنك” في البحرين (1972)، لتكون بدايته في العمل المصرفي، إذ تسنّى له التدرب على القطع الأجنبية في بيروت، ليعود مسلّحًا بالخبرة الكافية التي مثلت بوابته للتوغل في البنوك، من خلال تولي منصب رفيع في بنك البحرين الوطني حينها، إذ كان موعودًا بأن يكون نائب للرئيس التنفيذي بعد فترة وجيزة، حيث كان البنك يمر بحركة تصحيح لأوضاعه آنذاك.

قيادة دفة البنك الأهلي السعودي

لكن مراد فضل تسلق سلم النجاح بأسرع وتيرة، ليترك منصبة في بنك البحرين الوطني، ويقتنص الفرصة للانضمام للبنك الأهلي التجاري السعودي، الذي ساهم في تأسيس مكتبه بالبحرين ليكون بنك “أوفشور”، ليتمكن بعد فترة وجيزة من قيادة سدة البنك السعودي كأول رئيس تنفيذي بحريني للبنك (1981)، إلى جانب الرئيس التنفيذي لبنك البحرين الوطني نور الدين عبدالله في ذلك الوقت.

واستمر مراد في قيادة دفة البنك الأهلي التجاري السعودي والذي ساهم في جعله أحد أفضل البنوك في البحرين وذلك لمدة تقارب الثمان سنوات بنسبة بحرنة تصل إلى 95 %، قبل أن يبدأ فصل جديد في حياته المصرفية وربما يمثل هذا الفصل الأطول مع بنك البحرين والكويت.

قصة إنقاذ البحرين والكويت

يحكي مراد قصة دخوله إلى بنك البحرين والكويت، والذي جاء كمنقذ ضمن خطة إنقاذ تبناها مجلس الإدارة والمساهمين، وشهدت تغييرات في مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، إذ لم يجد مجلس الإدارة أفضل من مراد لتولي عملية الإنقاذ وقيادة البنك الذي كان يتولاه قبله مدير أميركي، إلى بر الأمان.

يقول مراد إن المدقق الخارجي رفض التصديق على بيانات البنك في 1986، وكان “البحرين والكويت” يعيش معضلة، حيث جاء تدخل رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة ووزارة المالية في الوقت المناسب، خصوصًا أن البنك يوظف نحو 400 موظف، ليقرّر المساهمين ضخ رأس مال جديد في البنك وذلك بمقدار نحو 54 مليون دينار، كما جاء طلب من التأمينات الاجتماعية بأن تدخل كمساهم في البنك.

وبعد اجتماع مع كل من إبراهيم الحمر وحسن الجلاهمة تم الطلب من مراد تولي منصب الرئيس التنفيذي لبنك البحرين والكويت ليستلم المنصب في 1987. كانت بداية مراد في هذا المنصب صعبه في ظل الظروف الحساسة التي يعيشها البنك، فأخذ يعمل من الساعة السابعة صباحًا حتى التاسعة ليلاً لفك خيوط المشكلة التي وقع فيها البنك حينها، وبعد أن كلف المدير التنفيذي الأميركي السابق للبنك بعمل دراسة عن الحسابات، وجد مراد أن 75 % من الحسابات في البنك “غير منتظمة” وكان ذلك يعني أن البنك لن يستطيع الاستمرار حتى مع وجود رأس مال إضافي.

لذلك، طلب مراد من مجلس الإدارة ضرورة مساعدته في عودة البنك إلى المسار الصحيح، وطلب بأن تكون هناك وديعة حكومية ثابتة في البنك، وهنا يتذكر مراد تمامًا موقف الحكومة بقيادة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، الذي أخذ قرارًا حازمًا بوضع وديعة حكومية لدى بنك البحرين والكويت بقيمة 80 مليون دينار وذلك للفترة من 1987 وحتى العام 1992 كما جاءت بعدها رسالة الأمير الراحل المغفور له بإذن الله الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه) إلى الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح لتضح الكويت كذلك وديعة بنحو 60 مليون دينار كويتي والتي كانت تعادل نحو 80 مليون دينار.

وكانت الكويت حينها تقدم المساعدة للبنوك الكويتية لاستيعاب أزمة “المناخ”. وكان بنك البحرين والكويت يمنى بخسائر في 1987 ولكن بدأ في نقطة الموازنة في 1988 وتحقيق الربحية في 1989 قبل أن يمر بمرحلة مفصلية أخرى بعد أزمة “المناخ” وذلك في عام غزو الكويت حيث كان فرع البنك في الكويت نشط ولديه زبائن واستثمارات كبيرة، ما شكل تحدّيًا للبنك.

ولكن بفضل جهود الموظفين والإدارة والعمل الشاق، وبعد تحرير الكويت، استطاع البنك في العام 1992 العودة للربحية وتحقيق النجاح إلى هذا اليوم.

ويستذكر مراد بعض المواقف التي قام بها عند توليه سدة قيادة البنك، منها أن السكرتيرات كن من الأجانب، وعند سؤاله عن السبب، قيل أن أجرهن أقل، فأجرى مراد التغيير وجعل الأجور متساوية بين العاملين، ليتم بعدها بأشهر بحرنة هذه الوظيفة في البنك، كما لاحظ أن هناك فروقات في التحصيل الأكاديمي بين الموظفين القدامى والجدد الذين يحلمون شهادات جامعية، فأصدر قرارًا بأن لا تتم الترقية إلى منصب تنفيذي حتى يحصل الموظف على شهادة جامعية وهو ما جعل جميع القياديين يحملون الشهادات الجامعية.

ثلاثة عوامل لنهضة البنوك

يقول مراد إنه لولا وجود قرار سياسي في السبعينات لتكون البحرين قبلة للبنوك التي أخلت لبنان في خضم الحرب الأهلية هناك، لما شهدت المملكة نهضة في القطاع المصرفي وتكون مركزًا ماليًّا يخدم المنطقة والعالم، مشيرًا إلى أهمية القرار السياسي إلى جانب وجود تنظيم محكم متمثل في مؤسسة نقد البحرين سابقًا ومصرف البحرين المركزي حاليًّا، وثالثًا: الموظفون البحرينيون ذوو الكفاءة والقدرة مع تدريبهم ومنحهم الثقة والفرصة لتطوير القطاع.