+A
A-

“المديونية” تكسر ظهر تجار السوق الشعبي

“تراكم المديونية” هي الرسالة الصادمة التي تتصدّر واجهة العديد من محلات سوق مدينة عيسى الشعبي “الموصدة”، كُتبت بقلم أسود عريض على ملصق أبيض بدائي، عنوانه الرئيس باللون الأحمر “مخالفة”.

والشاهد بأن السوق العريق والذي أعيد وعرض محاله الصغيرة للإيجار بعد التجديد الأخير، بأسعار تنافسية تتراوح ما بين الثمانين والتسعين دينارًا، ليس بخلاف عن واقع بقية الأسواق التقليدية الأخرى، والتي تترنّح بألم أمام ضربات الركود الاقتصادي المتصاعد، والذي طال بلهيبه الأخضر واليابس.

وفي حديث لـ “البلاد” مع بعض تجار السوق، أفادوا بأن أغلب المحال “المخالفة” هي لأسباب تتعلق بتراكم المديونية وعدم سداد المتأخرات من رسوم وإيجار...إلخ، وبأن البعض منهم سيكمل الآن ثلاث سنوات على حاله، دون أن يقضوا ولو القليل مما عليهم، يقابل ذلك تعليق المحل نفسه، فلا هو بالمستخدم، ولا هو بالمؤجر، بسبب دخول الأمر دهاليز السلك القضائي.

اللافت أيضًا، اصطفاف مجموعة من المحلات المغلقة بجوار بعضه بعضًا، وكأن هنالك لعنة نزلت عليها بهذا المكان بالذات، في حين تنشط -بالمقابل- بقاع أخرى من السوق بالزبائن المحدودين.

ولا تتخطى المحلات التي تحمل الطابع الشعبي للسوق 10 % من عدد المحال النشطة، بشكل يخالف العنوان العريض الذي يحمله السوق، والذي يُفترض أن يُمثل للسواح عامل جذب رئيسيًّا.

ويلاحظ بأن السواد الأعظم من المحلات الموجودة، هي لبيع العبايات النسائية ومواد البناء المختلفة، والمسابيح إلى حد ما، كما أن واجهة السوق الرئيسية هي لمحال خاصة بمواد البناء أيضًا، والكهربائيات.

وهو أمر غريب من الإدارة المعنية بالسوق، والتي لم تراعِ لأن تكون الواجهة الرئيسية للسوق هي لمحلات جاذبة، تمثل هوية البلد التراثية أو الشعبية على الأقل.

ويحمل واقع سوق مدينة عيسى الشعبي هذا دلالات مضافة، لا ترتبط بالإيجارات والرسوم المتصاعدة فقط، والتي خنقت الكثير من المحلات التجارية الأخرى بربوع المملكة، وأخرجت أنشطتها من السوق، حيث تتميّز محلات السوق الشعبي -كما أسلفت- بالإيجار الرمزي.

إذن فالأمر هو أعمق من ذلك، وأكثر مكرًا، ويتطلّب تكاتف الجهود، إنقاذًا للتاجر البحريني، خصوصًا الصغير ومن هو بنطاق المتوسط.