+A
A-

المرأة البحرينية ومسيرة 9 عقود في التعليـم

انخرطت في المدارس النظامية للبنات منذ العام 1928

تقلدت مناصب قيادية رفيعة من بينها رئيسة جامعة وعميدة

أول بعثة للتعليم العالي للبنات في الخارج كانت العام 1956

نسبة المستفيدات من البعثات والمنح الدراسية 67 %

 

لم تتأخر المرأة البحرينية عن اللحاق بركب التعليم النظامي في مملكة البحرين الذي بدأ قبل مئة عام، إذ دخلت المدارس النظامية للبنات منذ العام 1928 عبر تأسيس مدرسة الهداية الخليفية الثانوية للبنين، تبعه تأهيلها عبر مراحل متتابعة لتكون المعلمة، والمهندسة، والطبيبة، والمتخصصة في المجالات والميادين كافة.

وكان للمرأة البحرينية دور بارز في دعم وترسيخ مسيرة التعليم كثقافة وفكر وممارسة في البحرين على مدى العقود الماضية، وتمكنت من التفاعل مع متطلباته ومستجداته في جميع المراحل مهما كانت التحديات، وتميزت بحضورها وعطائها المتواصل، فأصبحت للمرأة بصمات واضحة على مسيرة تعليمية ثرية بإنجازاتها، ورحبة بتطلعاتها.

وأعلن المجلس الأعلى للمرأة برئاسة قرينة العاهل صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة يوم المرأة البحرينية كمناسبة وطنية في العام 2008 بالتزامن مع مرور 80 عام على بدء التعليم النظامي للمرأة في البحرين، وجرى حينها الإعلان عن شعار يوم المرأة البحرينية “قرأت.. تعلمت.. شاركت” مرتكزًا على التعليم كأساس لمشاركة المرأة البحرينية الفاعلة في بناء وطنها.

وفي هذا العام خصص المجلس الأعلى للمرأة يوم المرأة البحرينية للاحتفاء بــ “المرأة البحرينية في مجال التعليم العالي وعلوم المستقبل”، بما يضيف بُعدًا جديدًا يتمثل في ضرورة إعداد المرأة البحرينية لمجالات علوم المستقبل، في ضوء ما يشهده حضورها اللافت في مجال التعليم العالي كخريجة أو كأستاذة.

وجرى تخصيص يوم المرأة البحرينية هذا العام للاحتفاء بعطاء المرأة في مجال التعليم العالي وعلوم المستقبل؛ بهدف توثيق الجهود الوطنية التي ساهمت في دعم مشاركة المرأة في هذا المجال والفرص المتاحة لتحفيز واستقطاب المرأة لاستدامة مشاركتها في قطاع التعليم العالي، وإبراز أهمية التعليم الفني والمهني للطالبات لتحضريهن بالمهارات الفنية لاحتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، واستثمار الدراسات والبحوث الأكاديمية في مجال المرأة، وبيان واقع مشاركة وتنافسية المرأة البحرينية في مجالات التعليم العالي وعلوم المستقبل.

ويأتي ذلك بناءً على ما حققته المرأة البحرينية من إنجازات كبيرة في هذا المجال النوعي، حيث تقلدت مناصب قيادية رفيعة من بينها رئيسة جامعة وعميدة، كما حصلت على درجات علمية رفيعة في مجال التدريس الجامعي، والبحث الأكاديمي وعضوية الهيئات والمراكز الدولية.

وكانت أول بعثة للتعليم العالي للبنات في الخارج العام 1956، وتزايد بعدها إقبال المرأة على التعليم الجامعي في تخصصات نوعية كالطب والهندسة والعلوم الإنسانية، لتشهد فترة السبعينات حصول بعض السيدات على درجات الماجستير والدكتوراه من الجامعات الأجنبية.

وحازت المرأة البحرينية على أعلى نسب الالتحاق بالتعليم العالي في المجتمع البحريني وأعلى نسب الابتعاث والتفوق، ما مكّنها من تحصيل أعلى الرتب والدرجات العلمية التي مكّنتها من تبوّؤ أفضل المناصب القيادية والتنفيذية في مؤسسات الدولة، ووزاراتها المختلفة، بفضل الدعم الحقيقي الذي تتلقاه من سيدة البحرين الأولى.

وتبلغ نسبة المستفيدات من البعثات والمنح الدراسية 67 % من إجمالي المستفيدين، وتصل نسبة الطالبات في مؤسسات التعليم العالي الحكومية إلى 68 %، و71 % في درجات الماجستير والدكتوراه على التوالي، وتحضر المرأة البحرينية أيضا في مجال الاستثمار في القطاع التعليمي والتربوي بما يساند دور الدولة ويرتقي بالخدمات التعليمية ويعدد خياراتها وهو ما أسهم في حضور مؤسسات تعليمية تتميز ببرامجها ومخرجاتها ضمن قطاع التعليم الخاص.

وبورقة عمل قدمها المجلس الأعلى للمرأة في “منتدى 100 عام على التعليم النظامي في البحرين”، في يونيو 2019، جاء أن تشجيع وإقبال المرأة على التعليم لم يبدأ مع التأسيس الرسمي للمدرسة النظامية فقط، بل جاء بداية على ضوء ما طرحته العديد من المبادرات الأهلية، وطنية أو أجنبية، في نهايات القرن الثامن عشر، وتمثلت في نشاط لافت للكتاتيب المنزلية (المطوع)، أو في إنشاء مدارس وقفية أهلية ومدارس للجاليات الأجنبية، نجد لها تأثير واضح بإقبال المرأة المتدرج على التعلم.

وركزت الورقة على تفرّد المجتمع البحريني بخصوصية ثقافية وانفتاح حضاري تميّز بدعمه لمسيرة المرأة التعليمية، ونتج عن ذلك تفكير وطني مسؤول تجاه تعليم الفتيات، مع التأكيد على المواقف الداعمة للرجل البحريني في هذا الشأن، سواء على مستوى القناعة السياسية متمثلة في قرارات حكام البحرين، من آل خليفة الكرام، على مر التاريخ، والتي جاءت مساندة لحق المرأة في التعليم، أو على مستوى الحراك الثقافي والأدبي للمجتمع البحريني، الذي تبنت منصاته ووسائله في حينه (كالصالونات الأدبية، والصحف، والمسرح المدرسي) مسألة تعليم المرأة كضرورة من ضرورات الحياة.

كما تحدثت الورقة عن إدماج الكوادر الوطنية في مهن التدريس، خلال فترة قياسية، بعد الاستعانة بالخبرات العربية في وضع الأسس الأولى للمدرسة التعليمية العامة التي التزمت منذ الانطلاقة الأولى بمجانية التعليم، سواء على مستوى التعليم الأساسي الذي مر في فترات تحوّل عديدة، أو على مستوى الابتعاث للدراسة الجامعية التي تم تأريخها في الفترة ما بين الأربعينات والخمسينات.