+A
A-

راشد آل سنان .. من عامل “بدّالة” إلى رئيس تنفيذي

بدأ عامل بدالة بـ “كيبل آند وايرلس” البريطانية في السبعينات

درس أسواق المنطقة من أجل توسع شركة “بتلكو”

مراحله الدراسية شهدت تصنيف الطلبة بين “شطار” و”كسالى”

نال شهادة الهندسة الكهربائية من إحدى الجامعات البريطانية

نفذ تركيب أول بدالة رقمية بالبحرين على مستوى المنطقة

تركيب نظام “بليب موتورلا” شكل ثورة قبيل انتشار النقال

ترأس أول شركة لـ “بتلكو” في السعودية وساهم بدخول العراق

قاد “اتصالكوم” من 2005 لبر الأمان في سوق عاصفة

 

 

على طريقة “خطوة بخطوة” وفي قطاع يتسم بالتخصص الدقيق والحساسية المفرطة، شقّ الرئيس التنفيذي لشركة “اتصالكوم”، راشد عبدالله آل سنان طريقه دون توقف بكل ثقة وثبات؛ ليبرهن للجميع أن البحريني قادر على اقتحام أي قطاع وإثبات جدارته باقتدار.

فمن فني اتصالات بسيط في شركة الاتصالات البريطانية “ كيبل آند وايرلس” في سبعينات القرن الماضي، تدرج آل سنان ليصبح مهندس الاتصالات الذي قاد “بتلكو” للتوسع خارج دول المنطقة، قبل أن يكلل مسيرته بقيادة شركة الاتصالات “اتصالكوم” في محطات عديدة اتسمت بالتغيير والتطوير الكامل في القطاع.

 

في بداية حديثه إلى “البلاد”عن مسيرته المهنية، يستعيد آل سنان ذكرياته في مسقط رأسه بمدينة الحد، بجزيرة المحرق، ومرحلة الدراسة في مدرسة عمر بن الخطاب، مدرسة طارق بن زياد ثم الهداية الخليفية. ويذكر زملاءه في المرحلة التعليمية، ومنهم المرحوم محمد العامر، والذي شغل رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم الاتصالات، والشيخ راشد بن عبدالله، ومحمود سيار، وغيرهم من أصدقاء الشباب. كما يستحضر نظام التعليم في السبعينات، والذي كان يتسم بالقوة. ففي تلك الحقبة وحينما كان بالمرحلة الثانوية كان يتم فصل الطلبة بين صف “الشطار” وصف “الكسالى”، حيث كانت بيئة التعليم تكتنفها المنافسة المحمومة بين الطلاب.

وقد ساهم التدريب والتحفيز في أن يعشق آل سنان، قطاع الاتصالات، ليبقى في هذا القطاع كفني متخصص حتى وصل إلى مهندس اتصالات ومدير للتطوير، ليرفض الكثير من عروض العمل في قطاعات أخرى في مسيرته المهنية.

الالتحاق بشركة “كيبل آند وايرلس”

بعد استكماله دراسة المرحلة الثانوية التحق آل سنان بشركة “كيبل آند وايرلس” البريطانية الدولية في العام 1973، حينها كانت الشركة مسؤولة عن تقنيات الاتصالات إلى جانب شركة “هاتف البحرين” عندما لم تظهر بعد شركة “بتلكو” نتيجة اندماج بين الشركتين في وقت لاحق في الثمانينات.

وفور انضمامه للشركة البريطانية، انضم آل سنان إلى دورة تدريبية أقامتها الشركة، وهي عبارة عن دراسة كاملة تعادل دراسة المرحلة الثانوية في بريطانيا، إذ درس مختلف المواد بما فيها العلوم والرياضيات وغيرها باللغة الإنجليزية وذلك لمدة ثلاث سنوات، منها سنتان في البحرين وسنة واحدة تقريبا في بريطانيا، ويتم بعدها الحصول على شهادة الدبلوما، حيث كانت شركة “كايبل آند وايرلس” لديها  كلية إقليمية في مدينة عيسى تدرب فيها مختلف الموظفين لديها في المنطقة ثم ترسلهم إلى المملكة المتحدة؛ لمواصلة دراستهم للدبلوما، والتدريب في مختلف الاختصاصات الدقيقة في الاتصالات.

وخلال تواجده في بريطانيا، لم يدخر آل سنان جهدا في تحصيل العلم والحصول على الخبرات، من خلال التسجيل والحصول على الشهادات الاحترافية في هندسة الاتصالات، والتي كان حينها تعتمد على الإلكترونيات بشكل كبير.

وبعد إنجاز مرحلة الدراسة هذه، عمل في قسم البدالات، إذ تلقى التدريب وقتئذ على بدالات “هيتشاي” اليابانية، وكانت عملية الاتصالات تتم بشكل رئيس في ذلك الوقت عن طريق البدالات التي تتوزع في البحرين، والتي يتم من خلالها ربط الهواتف عند محاولة الاتصال بطريقة آلية، حيث كانت البدالات تصدر أصوات التغيير بين المفاتيح بصورة ميكانيكية.

يقول آل سنان “أتذكر أن جميع العاملين تقريبا من جنسيات غير بحرينية وبالتحديد من الهند، وكنت البحريني الوحيد بينهم الذي يعمل على مثل هذه البدالات، وفي البداية خدمت في المناطق البعيدة نسبيا مثل صدد، حيث كنت أداوم لإصلاح أي خلل في البدالات”.

أول بدالة إلكترونية بمهارات بحرينية

ومع العمل المكثف والتدريب، صقل آل سنان مهاراته في قطاع الاتصالات والبدالات خصوصا التي كانت تمثل عصب التواصل في حينها، وقد كان وصول أول بدالة إلكترونية للبحرين من شركة إنجليزية تسمى “بليسي”، وهي عبارة عن مكونات مفككة، وكان ذلك في العام 1978. أشرف آل سنان على تركيب أجزاء تلك البدالة بالكامل، مستفيدا من التدريب الذي حصل عليه في بريطانيا، ليقوم بعد عودته إلى أرض الوطن بتدريب فريق كامل (من 5 أشخاص) على تركيب البدالات وكانت أول مرة يقوم فريق بحريني بتركيب بدالة من الألف إلى الياء. وقد ساهمت هذه البدالة في زيادة القدرة الاستيعابية لخطوط الاتصالات، وتم تركيبها في مختلف مواقع البحرين ما طور قطاع الاتصالات.

وقد عمل الفريق البحريني على تركيب معظم البدالات بعدها من “كاتيل” و”إريكسون” وغيرها من الشركات، واستطاع هذا الفريق توفير الكثير من النفقات بفضل الخبرة.

وعندما وصلت أول بدالة رقمية إلى منطقة الشرق الأوسط من “ألكاتيل”، زار آل سنان مقر الشركة في فرنسا وتدرب عليها، وعمل مع فريق فرنسي لتركيب البدالة في مقر “بتلكو” في الماحوز، والتي كانت أول بدالة رقمية في المنطقة ككل وذلك في العام 1980، وكان البحريني الوحيد الذي تدرب على هذه البدالة، ثم قام بتدريب فريق بحريني لاستبدال جميع البدالات في البحرين.

ومع ترقيه لمنصب مهندس اتصالات في الثمانينات، سافر آل سنان إلى بريطانيا للحصول على شهادة متخصصة، حيث نال شهادة الهندسة الكهربائية من إحدى الجامعات هناك تخلل هذه الفترة العمل في شركة اتصالات “اس تي سي” البريطانية المتخصصة في أنظمة الاتصالات، والتي عملت على أنظمة اتصالات مثل القطار الإنجليزي، قبل أن يعود للبحرين في 1989 بعد غربة استمرت نحو 5 سنوات.

تولى مسؤولية بدالات “بتلكو”

وبعد العودة من بريطانيا، تولى آل سنان مسؤولية البدالات في “بتلكو”، فقد كانت الهواتف الثابتة هي العصب الرئيس في قطاع الاتصالات، قبل الظهور الخجول للموبايل نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، فأشرف على مشروعات تطوير الشبكة والانتشار وتغطية جميع أنحاء البحرين على يد سواعد بحرينية، لتصل الخطوط  في بداية التسعينات إلى 250 ألف خط وهو رقم كبير، فالكثير من المناطق خصوصا القرى، لا تصلها خطوط الهاتف وقتئذ.

وقبل بدايات انطلاق الموبايل الحقيقية في العام 1995 بنظام “جي أس أم” أسندت إلى سنان مهمات تطوير الشبكة، ومن بينها نظام أجهزة المناداة أو المعروف بـ “البيجر” أو “البليب”، إذ عمل مع فريق بحريني على تركيب نظام “موتورلا” لأجهزة المناداة في العام 1993 تقريبا، والذي شكل ثورة في الاتصالات حينها وكان وسيلة اتصالات أساسية تشابه “الموبايل” حاليا.

قيادة شركة “أثير” في السعودية

ومع بدء “بتلكو” في البحث عن التوسع الخارجي، أسندت إلى آل سنان مهمة تطوير الأعمال وطرق أسواق جديدة، إذ ساهم في دخول السوق السعودية، بعد أن رشحه مجلس إدارة “بتلكو” حينها برئاسة رشيد المعراج وذلك في العام 1998، حيث أعد دراسة عمل عن السوق في السعودية والكويت والأردن وحتى فلسطين وأفغانستان والمغرب وسوريا.

وعمل آل سنان مدير تنفيذي للشركة المشتركة بين “بتلكو” وأحد الشركاء السعوديين تحت اسم “أثير” التي أطلقت في العام 1998، والتي دشنت في السعودية لتقديم خدمات الانترنت، حيث كانت من أوائل الشركات التي عملت في هذا القطاع وتقديم الإنترنت وحصلت على جوائز كأفضل مقدم للخدمة في الشرق الأوسط حينها، رغم أن الأجواء كانت تتسم في تلك الفترة بالمنافسة الشديدة.

ويذكر في العام 2002 حين أعلن عن فتح قطاع الاتصالات، وكان آل سنان مديرا تنفيذيا لـ “أثير” في السعودية، ما دفع هذا “بتلكو” للبحث عن مصادر إضافية في أسواق خارجية،  فبدأ آل سنان دراسة السوق العراقية وحصل على الموافقات لدخول تلك السوق بعد انتهاء الحرب في 2004، إذ قامت “بتلكو العراق” بتركيب أجهزة اتصالات في ذلك الوقت بالتعاون مع شريك عراقي، وكانت أول شركة اتصال نقال في بلاد الرافدين بعد إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش الابن انتهاء الحرب.

قيادة شركة “اتصالكوم”

وفي جو انفتاح سوق الاتصالات في العام 2005، غادر آل سنان “بتلكو”، ليتولى قيادة شركة “اتصالكوم”، حيث كانت هناك طفرة كبيرة في شركات خدمات الاتصالات، ليفوق عددها 40 شركة حينها، وغالبيتها تقدم خدمات بطاقات الاتصال، والتي عملت عليها شركة “اتصالكوم” في البداية واستطاعت الشركة الحصول على الريادة في هذا السياق، وحققت أرباحا “خيالية” في السنة الأولى من عمرها. كما أطلقت الشركة خدمة الصوت عبر بروتوكول “الآي بي”، والذي حقق نجاحا واسعا خصوصا للذين يسافرون خارج البحرين، إذ استطاعوا الاتصال واستقبال الاتصالات من الخارج بأسعار محلية، حيث طرحت الشركة أرقام الهواتف الخاصة، والتي تبدأ برقم 13.

واستطاع آل سنان المرور بالشركة إلى بر الأمان من خلال تنويع الأنشطة، فمع انتهاء سوق بطاقات الاتصال، كان آل سنان فتح نشاطا آخر عن طريق خدمات الشركات، إذ حصلت “اتصالكوم” على عقد لتشغيل جميع خدمات الاتصالات في برج مركز البحرين التجاري العالمي بالمنامة في العام 2007، إذ كان لدى الشركة اتفاق شراكة مع شركة الاتصالات الماليزية، وعملت معها في أسواق الإمارات والسعودية لتقديم خدمة الاتصالات.

وفي 2009 بدأت الشركة تقديم خدمات الإنترنت وتوفير الخطوط للمنازل بالتعاون مع شركة “بتلكو” حينها، كما عملت على إطلاق الانترنت اللاسلكي بالشراكة مع “فيفا” وذلك في العام 2011.

“اتصالكوم” والحوسبة السحابية

في العام 2012 بدأ آل سنان بقيادة “اتصالكوم” لتكون شركة تكنولوجيا معلومات واتصالات ICT  وذلك عبر تقديم خدمات الحوسبة السحابية والبرمجيات والتعاون مع شركة “هواوي” إلى جانب توفير التطبيقات وتصميم المواقع والمتاجر الإلكترونية؛ من أجل دعم عمليات الشركة وتنويع أنشطتها، وعملت على عدد من المشروعات مثل تركيب أنظمة “أوراكل” لمستشفى الملك حمد الجامعي، إلى جانب تصميم شبكات “ألياف بصرية” جنوب البحرين، كما تقدم الربط لخدمات شبكة بطاقات الائتمان، وتوفير الرسائل النصية القصيرة للبنوك والشركات وغيرها من خلال خدمات الجملة بالتعاون مع شركات الاتصالات. وفي آخر مستجداتها تقدم الشركة خدمات البدالات وفق تقنية الحوسبة السحابية بتكلفة بسيطة للشركات والمؤسسات باستخدام شبكة الأنترنت دون الحاجة إلى خطوط هاتف وشبكة معقدة.