+A
A-

عبداللطيف جناحي.. رائد الصيرفة الإسلامية بالبحرين

تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الالكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الاشارة للمصدر.

- على البنوك الاندماج وتكوين كيانات كبيرة لمواكبة العالم

- السوق بحاجة ماسة لشركة إعادة تأمين وطنية

- 45 دينارًا أول راتب تقاضيته بالبحرين و120 بالسعودية

- ولدت بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية بـ 6 أشهر

قال الخبير المالي والمصرفي البحريني عبداللطيف جناحي إن السوق المحلية باتت بحاجة ملحة إلى وجود كيانات مالية وبنوك عملاقة برؤوس أموال كبيرة؛ لتكون قادرة على مواكبة ما يحدث بالعالم، داعيا المصارف العاملة في البحرين إلى ضرورة الاندماج لتحقيق ذلك.


وأكد في حديث مع “البلاد” أن الأمر ينطبق على المصارف الإسلامية والبنوك التجارية وعلى شركات التأمين، فالسوق بحاجة لمؤسسات عملاقة لتقوية القاعدة الرأسمالية.


ويرى جناحي، الذي يحمل خبرة تزيد عن 50 عاما بقطاع الصيرفة والمال والتأمين، أن الأوان قد حان، بل بات ضرورة، لوجود شركة إعادة تأمين وطنية في المملكة، وبرأس مال قوي، خصوصا مع توافر كفاءات بحرينية متمرسة، ومضي أكثر من 60 عاما على وجود هذا القطاع بالسوق المحلية.


“البلاد” التقت جناحي في مكتبه بالحورة، تواضع، دراية، عمق، وهمّة.

حاولنا تلخيص مسيرته في هذه السطور، لكننا نعترف بأن حياة “بو زياد” الحافلة بالعطاء والإنتاج، والنجاح، والاجتهاد، والريادة، لا يمكن اختزالها بصفحة. تشابكت الخيوط، فالرجل ليس اقتصاديا فحسب، بل له باع “قديم” بالسياسة والدفاع عن الوطن، دفع نتيجته جزءا من حياته في معتقلات الإنجليز، ثم النفي الإرادي.


يعتبر عبداللطيف جناحي رائد الصيرفة الإسلامية في البحرين دون منازع، فهو صاحب فكرة تأسيس بنك البحرين الإسلامي، أول مصرف إسلامي بالمملكة في العام 1979، والذي يعد اليوم من أقوى وأهم البنوك على مستوى المنطقة. وفيما يلي نص اللقاء:

الميلاد وتوثيقه
ولد جناحي في 31 ديسمبر 1939، إذ يؤكد أنه لم يكن في ذلك الوقت توثيق للمواليد، إلا أن خاله (رحمه الله) كان يسجل ويوثق كل شيء تقريبا يحدث حوله. وجدنا أنه كتب على هامش الصفحة الأولى لنسخة من القرآن الكريم، عبارة: ولدت أختي مريم ابنًا أسمته عبداللطيف، مؤرخة في 31 ديسمبر 1939، أي بعد 6 أشهر من بداية الحرب العالمية الثانية.


الطفولة والنشأة
ترعرعت في مدينة الحد، ودرست فيها المرحلة الابتدائية، ثم انتقلت إلى مدرسة المنامة الثانوية الكائنة في القضيبية، وهي المدرسة الوحيدة آنذاك، وأكملت التوجيهي بالفرع العلمي وحصلت على معدل مرتفع جدا.

كانت المدرسة الثانوية تضم سكنًا داخليًا للقادمين من الأماكن البعيدة؛ لعدم توافر مواصلات وقتها، على عكس طلاب الحد والمحرق والمنامة الذين كانوا يذهبون إلى المدرسة يوميا ويعودون إلى بيوتهم.


بعد تخرجي من الثانوية عملت رأسًا مدرسًا، وقد كان في السابق من يحصل على الشهادة الابتدائية أو الثانوية يستطيع العمل معلما في البحرين.


نقطة التغيير الجذري بالعمل
بعدما أنهيت الثانوية عملت في مهنة التدريس لمدة 8 سنوات، ثم اعتقلت من قبل الإنجليز لمدة 3 أشهر؛ بسبب مواقفي الوطنية ومعارضتي للاستعمار. كانت تجربة صعبة ومرة.

وبعد خروجي من المعتقل أصبح الحصول على عمل أمرا صعبا، إذ كانت سياسة المستعمر التضييق على الوطنيين؛ ليغادروا البحرين طوعا.


انتقلت إلى السعودية بحثا عن الرزق في العام 1967، وكان لدي أصدقاء فيها ساعدوني للحصول عمل في شركة تأمين إنجليزية وكيلها سعودي، رغم عدم معرفتي أي شيء عن التأمين وقتها سوى اسمه.


ذهبت إلى السوق للحصول على بعض الكتب والمراجع لتثقيف نفسي بمهنتي الجديدة، وهي سياسة اتبعها في حياتي حيث أحاول الاطلاع والبحث عن أي شيء جديد أود دخوله، لكنني للأسف لم أجد شيئا.


كانت لغتي الانجليزية جيدة، وهو أمر ساعدني كثيرا.


قبل سفري من البحرين، انتسبت لدراسة الفلسفة والاجتماع بجامعة دمشق، لكن الدراسة تعلقت؛ بسبب الاعتقال.


أول راتب
كان راتبي في مهنة التدريس 45 دينارًا شهريا، وهو يكفي لتغطية المستلزمات المعيشية، ومكنني من الزواج.


أما في السعودية فقد بدأت العمل براتب 1200 ريال سعودي (120 دينارا)، أي 3 أضعاف راتبي بالبحرين وكان دخلا جيدا في ذلك الوقت، وعملت في شركة التأمين لمدة عامين، ثم تلقيت عرضًا من شركة عبدالرحمن الزياني وأولاده للعمل مديرا لقسم التأمين فقبلته ورجعت للبحرين.


تأسست في السعودية شركة تأمين بشراكة بين أحمد القصيبي ومستثمرين سويسريين بواقع 51 % مقابل 49 %، فلمعت الفكرة في رأسي لتأسيس شركة بالبحرين بنفس الطريقة.


بدأت الترويج للفكرة بهدف تأسيس شركة وطنية بشراكة أجنبية، وأكثر من تشجع للفكرة صادق البحارنة، الذي كانت تربطه علاقة برجال أعمال عراقيين، وولدت شركة البحرين للتأمين بنسبة الثلث للعراقيين والثلثين للبحرينيين.


وكان المدير العام للشركة في عامها الأول عراقيا، في حين عملت بمنصب نائب المدير العام، وهذه أول تجربة لي بتأسيس الشركات.


عملت في شركة البحرين للتأمين 8 سنوات، ثم بدأت بالعمل على تأسيس بنك البحرين الإسلامي. وتعود تفاصيل تأسيس البنك إلى العام 1974، عندما كنت بلندن، إذ التقيت طالب دراسات عليا سودانيا، وحدثني كيف أنه كان شيوعيا، وأنه الآن يعد رسالته عن الاقتصاد الإسلامي، فلمعت الفكرة بذهني، وقررت العمل على تأسيس مصرف إسلامي بالبحرين. بعد عودتي إلى البحرين، شددت رحالي إلى أم الدنيا (مصر) والتقيت هناك مع العديد من الأساتذة والمفكرين والعالمين في الاقتصاد الإسلامي، ناقشت واستفسرت وبحثت وسألت، ومن ضمن من التقيتهم رئيس مجلس إدارة شركة الإعادة المصرية للتأمين، والدكتور عيسى عبده وهو من أوائل الذين طرحوا فكرة البنوك الإسلامية، الدكتور زكريا البري، وزير الأوقاف والأستاذ الجامعي، الدكتور محمد طيب النجار الذي أصبح بعدها رئيسا للأزهر، وغيرهم الكثير. ثم جمعت كل ما أستطيع جمعه من كتب ومؤلفات من أسواق القاهرة، وصلت إلى 70 كتابا وعدت بها إلى البحرين، قرأتها بنهم وتعمق.


ثم غادرت إلى الأردن والتقيت بعض المنظرين والعالمين بالاقتصاد الإسلامي منهم الدكتور عبدالحميد السائح، مفتي الأردن وقتها، كما سافرت إلى لبنان والتقيت هناك بعدد من العلماء والمفكرين. إضافة إلى كل ذلك قرأت عن المذاهب الإسلامية، وكانت محصلة كل ذلك عقب جهد 5 سنوات تأسيس بنك البحرين الإسلامي.
 
تأسيس البنك الإسلامي
طرحت الفكرة في بداية الأمر على وكيل وزارة العدل والشؤون الإسلامية وقتها الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة الذي تشجع لها كثيرا، وطرحها بدوره على سمو الشيخ عبدالله بن خالد (رحمه الله) الذي دعمها بقوة. ثم صدر مرسوم أميري بإنشاء البنك في العام 1979.


تغطية الاكتتاب 150 %
استهدفت جمع شركاء مؤسسين بين 20 و30 شخصًا وجهة، لكن العدد وصل إلى 60 منهم أفراد ومنهم مؤسسات، وكانت مساهمتهم بمبالغ متفاوتة، ويعملون في مختلف القطاعات.


وتمت تغطية الاكتتاب بنسبة 150 %. وكنت العضو المنتدب والمدير العام للبنك، لمدة 23 عامًا. وعمل معي مجموعة من الشباب من ذوي الكفاءة، وبذلوا جهدا كبيرا وكانت النتيجة مشرفة، إذ استطاع البنك توزيع أرباح في عامه الأول، وهي حالة لا تحدث في الأسواق، لكن ذلك كان دليلا قاطعا على نجاح الصيرفة الإسلامية.


يقول “بو زياد” إن بنك البحرين الإسلامي الأقرب إلى قلبه من بين كل الشركات والمؤسسات والبنوك التي عمل فيها أو أسسها أو ساهم في تأسيسها، (...) لدي أبناء وبنات وهو أحدهم (البنك)، ولا أزال أتابع أنشطته ومساهم فيه.


بعد تأسيس “الإسلامي” دعوت سمو الأمير محمد الفيصل لجلب مصرف فيصل الإسلامي إلى البحرين، وكذلك فعلت مع الشيخ صالح كامل مؤسس البركة، واللذان سبقاني بتأسيس مؤسساتهم، انتقدني البعض على ذلك، لكنني على قناعة بأنه لا يستطيع أي أحد العمل وحيدا، يجب أن تكون هناك منافسة، لمصلحة الناس والسوق والصيرفة الإسلامية بحد ذاتها.


وعن رأيه في استحواذ بنك البحرين الوطني على “الإسلامي”، قال: لا شك أنها ستكون دفعة قوية لـ “الإسلامي”.


الاندماج بين البنوك
وفيما يتعلق برؤيته باعتباره مصرفيا متمرسا للاندماج بين البنوك، يقول بالنسبة للبحرين يجب أن يكون هنالك اندماجان، اندماج معظم البنوك الإسلامية لتكوين قاعدة رأس مالية تضاهي أوروبا، فالبحرين تتميز بالانفتاح وموقعنا يسهل علينا الكثير لكننا لا نزال ضعافا في رؤوس الأموال، نحن بحاجة لمؤسسات عملاقة لتقوية قاعدتنا الرأس مالية. والاندماج الآخر للبنوك التجارية التقليدية، وحتى شركات التأمين فلسنا بحاجة إلى 10 شركات تأمين، الأفضل أن تصبح 4 أو 5 شركات قوية.


ويرى جناحي أنه آن الأوان لوجود شركة إعادة تأمين وطنية برأس مال قوي في البحرين، خصوصا في ظل وجود كفاءات بحرينية متمرسة، ومرور أكثر من 60 عامًا على وجود هذه الصناعة في المملكة.


وعن النوافذ الإسلامية التابعة لبنوك تجارية، أكد أنه كان من المشجعين لفتح نوافذ إسلامية تتبع للبنوك التجارية، وهدف من ذلك تجربة الفكرة في أسواق أخرى لا سيما بريطانيا وأميركا، خصوصا أن البنوك التي استهدفت ذلك معظمها دولية. وتابع “بعد أن ترسخت الفكرة أصبحت ممن يعارضونها لصالح تأسيس بنوك إسلامية متكاملة، خصوصا أنها أثبتت نجاحها”.


وأضاف “كثير من غير المسلمين يفضلون التعامل مع البنوك الإسلامية بحثا عن الفضيلة، (...) وجد الأجانب النظام الصيرفي الإسلامي ناجحا ويساهم في التنمية”.


لكن جناحي عاد ليشير إلى أن نجم البنوك الإسلامية خفت بعض الشيء لغياب الأفكار الجديدة والتطوير، داعيا إلى إعادة النظر بهذه الصناعة بما يتناسب مع العصر، ومع رسالة البنوك الإسلامية المنبثقة من التنمية والبعيدة عن الشبهات.

- أم زياد سندي وأحدنا يكمل الآخر

- دعوت لجلب “فيصل الإسلامي” و”البركة” للبحرين

- روجت لتأسيس “البحرين للتأمين” كأول شركة وطنية


الحياة الشخصية
تزوجت أم زياد وهي من بيت علم وثقافة، فوالدها عبدالله هلال العجلان عالم ورجل دين، وطني، تتلاقى بعض أفكاره بالفكر الناصري. وكان له صولات وجولات ضد المستعمر. رزقنا بـ 4 أبناء، أكبرهم زياد خريج جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بامتياز، ثم أكمل دراساته العليا بجامعة نيوكاسل في بريطانيا، وكان الأول على دفعته. وأسامة المتخصص بعلم الحاسوب، والدكتورة لبنى خرجة جامعة الملك عبدالعزيز بالسعودية.

ونجوى خريجة السعودية أيضا، وهي مديرة في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وكاتبة جيدة.


كان والدي (رحمه الله) إنسانًا عاديًا، عمل في شركة نفط البحرين “بابكو” إلا أنه كان محبا للعلم، إذ دفعنا أنا وإخوتي للتعليم رغم أنه غير متعلم، لكنه حافظ للقرآن وقضى آخر أيامه مؤذنًا في المسجد.


يكبرني أخي محمد (رحمه الله)، وأختي كلثم، ويصغرني أحمد، وعلي.


أم زياد سندي
أم زياد كانت سندي في كل الظروف، خففت عني الكثير. تزوجتها وكان لديها الشهادة الابتدائية، ثم أخذت الثانوية بالانتساب من السعودية رغم أعباء المنزل والأولاد. كنت لا اقرأ كتابا إلا وتقرأه. أحدنا يكمل الآخر.


مثله الأعلى
الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، المعلم الأول.


الهوايات
القراءة والتأليف، وكتابة الشعر، خصوصا الوطني.


يمس قلبك.. قريب إلى ذهنك
“واذكر ربك إذا نسيت”.
وبالشعر ما قاله الإمام الشافعي:
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى... وفارق ولكن بالتي هي أحسن.

عبداللطيف جناحي في سطور

- خبير في مجال الصيرفة الإسلامية والتأمين.
- رئيس ومؤسس بنك البحرين الإسلامي، وشركة البحرين الإسلامية للتأمين.
- شارك في تأسيس بنك بنغلاديش الإسلامي، شركة البحرين الإسلامية للاستثمار، والشركة الإسلامية للتجارة، وعدة بنوك إسلامية.
- مؤلف 6 كتب عن البنوك والصيرفة الإسلامية، اثنان منهما باللغة الإنجليزية.
- رئيس مجلس إدارة شركة الخليج للتمويل والاستثمار، وهي أول شركة استثمار إسلامية في البحرين.
- شغل عضويات في مجالس إدارة عدد من البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية داخل البحرين وخارجها.
- خبير اقتصادي بمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
- عضو مجلس الشورى (سابقا) في مملكة البحرين.
- أسندت إليه عضويات ورئاسة العديد من اللجان ذات الصفة المالية والاقتصادية في العديد من المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية وفي القطاع الخاص.
- محاضر في المعاهد العلمية والجامعات، وظهر في العديد من البرامج التلفزيونية وله العديد من المقالات المنشورة في الصحف والمجلات المختلفة وقدم العديد من الأبحاث والدراسات وأوراق العمل في مؤتمرات وندوات عالمية وهو يكتب ويحاضر باللغتين العربية والإنجليزية.