+A
A-

“دراسات” يعقد ورشة عن العودة الآمنة للاجئين السوريين

نظم مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة صباح يوم أمس ورشة عمل لمناقشة موضوع العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم، مستعرضة أوضاعهم في البلدان المضيفة، والظروف السائدة حاليا في سوريا، ومدى ملاءمتها لعودة آمنة ودائمة للاجئين، كما مثلت الورشة كمنصة للدول الغربية، لتوضيح مواقفها من عودة اللاجئين السوريين.

وجمعت الورشة مجموعة من الخبراء والمسؤولين رفيعي المستوى بالأمم المتحدة، والاسكوا، ومنظمة الأمم المتحدة للسكان، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، والبنك الدولي، ومجموعة من مراكز الأبحاث، والمنظمات غير الحكومية، مع مسؤولين حكوميين.

وأكد رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة على حرص المركز بدعوة الشخصيات الذين يستطيعون الحديث بموضوعية عن الوضع الراهن لللاجئين، موضحا بأن “النقاشات ليست ذات طابع تفاوضي أو محادثات، إلا أن المركز تطلع للحصول على نتائج إيجابية من ورائها”.

نصر ياسين: 78 % من اللاجئين السوريين بلبنان ويعانون الفقر والحاجة

وصف مدير البحوث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في بيروت ناصر ياسين وضع اللاجئين السوريين بأنه أكبر نطاقا وتأثيرا من النكبة الفلسطينية نفسها، موضحا بأن تجاوز عدد اللاجئين السوريين في الخارج لأكثر من خمسة ملايين شخص، أمر بالغ السوء والخطورة.

وقال ياسين على هامش الورقة التي قدمها في الندوة، بأن سوريا خسرت وبسبب الحرب ما يقارب الخمسة وستين سنة من التطور والنهضة، وبأن الأزمة لم تأخذها شكلها العدواني تجاه اللاجئين إلا بعد العام 2015، مع توافدهم الكبير على دول الاتحاد الأوروبي، ودول أخرى عديدة.

وأضاف “إستراتيجيات الاحتواء التي بادرت بها بعض الدول الجارة لسوريا كالأردن، ولبنان، بدأت في الانهيار فعليا، مع تزايد أعدادهم، وكلفتهم، واكتظاظهم الكبير والشديد في المخيمات والمعسكرات الخاص بهم، علما أن 78 % منهم مستقرون في لبنان، ويعانون هنالك الفقر والحاجة”.

وتابع ياسين “التأثير الحاصل على المجتمعات والدول المضيفة، لا يقل سوءا عن التأثير الذي يطال اللاجئين أنفسهم، والذين يصارعون ظروف الحياة القاسية باقتراض الأموال من أقاربهم، وبمحاولة العمل المضني والشاق بأغلب الأوقات، لكن الإشكالية هنا بأنه يتم إرسال الأطفال للعمل أيضا، مع شح دعم الجهات المانحة، وابتعاد اهتمام المجتمع الدولي عن توطين اللاجئين”.

وأردف “عندما تتحول المجتمعات المضيفة ضد هؤلاء، كمنعهم من العمل، أو التجديد، أو بناء المسكن، فإن قدرتهم على العيش واستئجار المنازل ستنهار، وربما الحياة أيضا”.

سهي فاروق: مسألة الإسكان أساسية ومهمة بملف اللاجئين السورين

دعت سهى فاروق مسؤولة برنامج المكتب الإقليمي للدول العربي، لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية الى اعتبار مسألة الإسكان بالنسبة لللاجئين السوريين بأنها عنصر أساس ومهم، يضاف إلى الخطط الشاملة التي تطرح على طاولات الحديث والنقاش المستمرة.

وأوضحت فاروق إلى أنه “أي خطط جديدة، يجب أن تُحدد الأراضي المتاحة لبناء المستوطنات اللازمة لاحتضانهم، خصوصا في دول الجوار للأقليم السوري”.

وتابعت “تكلفة إعادة الاعمار تصل الى المليار دولار سنوياً، وبتركيز على الفئات التي لا تستطيع أن تتحمل الكلفة هذه، ونأمل أن تحدد قريبا الجهات التي ستقوم بعملية إعادة البناء الجديدة، وبناء توافق دولي بين مجموعات المصالح المختلفة، والتي هي جزء أساسي من هذا الطرح، وفق خطط تمويل للمشاريع الإسكانية المنجدة للاجئين”.

وأردفت “فاروق” الأمم المتحدة تحاول من خلال برنامج (الموئل) أن تصل لحل نهائي لهذا الملف، قبل وبعد الطرح، وأن توجد بيئة آمنة للاجئين في حال عودتهم إلى بلادهم، وبحيث ينظر لكل الاعتبارات الأساسية التي تهمهم، أولها الأمن، والاستقرار”.

جويل رايبيرن: انتهاكات نظام الأسد تحول دون عودة اللاجئين

قال جويل رايبيرن نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدني والمبعوث الخاص لسوريا بأن المجتمع الدولي يتعامل مع القضية بمنتهى الجدية؛ لأنه صراع غير مسبوق بالقرن العشرين، ويشابه فيما يجري من أحداث وحشية، عمليات الإبادة التي تمت بــ (روندا).

وأوضح رايبيرن بأن السياسة الأمريكية أثناء الأزمة تقوم على مواجهة ممارسات نظام الأسد تجاه شعبه، والتي تطال استخدام العنف المفرط، واستخدام البراميل المتفجرة والعشوائية، والأسلحة الكيمائية المختلفة، منذ العام 2011.

وبين بأن استخدام الأساليب القتالية المحرمة دوليا، والآلات القتل المتنوعة، هي التي دفعت ملايين اللاجئين للهروب من سوريا، وهي التي ستمنعهم من التفكير في العودة لبلادهم.

وتابع “ليس هنالك حالياً أي علامة تغيير لنظام الأسد نحو الأفضل، بل العكس لا يزال النظام يمعن في جرمه، وفي توظيف المليشيات الإرهابية الإيرانية تحت قيادة قاسم سليماني، والتي أمعنت في قتل وتشريد الملايين من سوريا، خصوصا من مدينة أدلب”.

وقال رايبيرن “الكثير من حلفائنا يصرون على إيجاد حلول حاسمة في سوريا، تساعد على عودة اللاجئين إلى بلادهم، أولها بوقف القتال، ولقد كانت هنالك جهود مصالحة في غرب سوريا تمهد للعودة، لكنها فشلت بسبب الانتهاكات المستمرة التي يقوم بها نظام الأسد”. وأردف “هذه الانتهاكات وغيرها من الممارسات، كالقوانين التي تبيح للنظام السيطرة على أملاك وعقارات الفارين للخارج، واستمرار عمليات القتل، والانتقام، والتشريد، وتنفع تجار الحرب مما يجري، وكذلك توطين الإيرانيين بدلا من السوريين، كلها ممارسات تصعب وضع الحلول، وتصعب عودة الفارين لبلادهم”.

حنين السيد: 260 مليار دولار خسائر الحرب السورية

أكدت الخبيرة الأولى في البنك الدولي حنين السيد اهتمام البنك الدولي في محاولة فهم الظروف المحيطة باللاجئين السوريين في المهجرة، والعمل على مساعدتهم، وتقييم ظروف الصراع وأسبابها.

وأضافت السيد بأن البنك أجرى دراسة شاملة تقوم على العمل البحثي والتحليلي واسمه (تحركات السوريين المشردين) العام 2017؛ للنظر في آليات الصراع في سوريا، والنتائج، وتحديد التأثير الكلي لها، سواء الأضرار المادية أو البشرية، ومدى تعاظم ذلك وتأثيره على الوضع الاقتصادي نفسه.

وقالت “قدرنا الناتج الإجمالي لهذه الخسائر بــ (260) مليار دولار، وهو رقم كبير وهائل، يضاف اليه بأن ما نراه في الظاهرة لا يعكس الوضع الحقيقي بالفعل، فهنالك أضرار كثيرة وفادحة طالت تدمير المنازل والمدارس والمستشفيات، أقرب للصندوق الأسود الذي لا نعرفه ما بداخله، وأشير هنا بأن مساعدة السوريين لا يقتصر على الجانب المادي فقط، وإنما الاجتماعي أيضا”.

وواصلت “أصدرنا أخيرا تقريرا من خمسة خطوات، ننظر خلاله للخبرة الدولية في العودة، منها عوامل العودة، وتشمل الدول التي لجأ إليها اللاجئون، موقف السوريين داخل سوريا، واستعنا بذلك بشكل كبير ببيانات هيئات الأمم المتحدة، والتي يرصدونها بدقة، ولكن من دون تحليل، وعليه فلقد عملنا اتفاقية معهم تخولنا بحق الوصول لهذه المعلومات والحصول عليها، وتحليلها، كما اعتمدنا أيضا على المعلومات الواردة من برنامج (الموئل)”.

وزادت السيد” وجدنا بأن عملية العودة صعبة جدا في ظل الظروف الأمنية الراهنة، وعليه فيمكن لها أن تتم، ولكن بشكل تدرجي”.