+A
A-

خمر و“جباتي” بوسط قرية العكر

“هذا البارحة داخل بيت الوالد بالنويدرات سكران آسيوي.. بلغنا عنه وجات الشرطة وخذوه”.. تلك رسالة واتس أب تناقلها بعض أهالي العكر والنويدرات صباح الجمعة 16 أغسطس 2019. واحدة من الرسائل التي اعتاد الأهالي في القريتين، وخصوصًا في قرية العكر، ومنذ سنين، على تبادلها مع بعض معارفهم وأصدقائهم والتي تكشف معاناتهم المزمنة مع آسيويين تكررت المشاكل معهم بسبب بيع وشراء الخمور في “سوق سوداء كما يسميها الأهالي”.

وتكررت مشاهد “ترنحهم” في طرقات قرية العكر وهم “سكارى”، على رغم أن الأهالي يقدرون دور الجهات المعنية في ضبط هؤلاء لأكثر من مرة، إلا أنهم يتحدون القانون ويعاودون هذه الممارسات المهددة لاستقرار المجتمع.

جولة “البلاد”

* المكان: مجمع رقم 624 بالعكر الغربية.. اليوم: مساء الخميس 15 أغسطس.. الجهة: منازل قديمة مستخدمة كسكن للعمال.

بسهولة، يمكن مشاهدة أكوام من صناديق “كوارتين” المشروبات الكحولية الفارغة، وهي تتكدس على بعضها البعض في موقع قريب من السكن.. ما أن تستوقف أحدًا من أهل القرية وتسأله عن الحال مع ظاهرة سكر الآسيويين وبيع المسكرات، حتى يأتيك سيل غاضب من المخاوف والقلق والتذمر ممزوجًا “باستغاثة” موجهة إلى وزارة الداخلية ومحافظة العاصمة وأمانتها لإنهاء معاناة الأهالي مع هؤلاء الذين يبدو أنهم وصلوا إلى مرحلة عدم الخوف من العقاب بتجاوزهم القانون باستهتار.

مضت أكثر من ساعة على التجوال.. لكن الليلة كانت هادئة.. وما أن تقترب من أحد أولئك العمال في سيارة عابرة أو متوقفة سواء كانت تقل فردًا أو مجموعة، أو تؤشر لهم بيدك، حتى تتفاجأ بحركة الهروب السريعة، وكأن “كاد المريب أن يقول خذوني”! أما الأهالي، فشهاداتهم وقصصهم تتطابق كثيرًا بشأن ظاهرة الآسيويون السكارى في قرية العكر.

جرأة

الوضع في حاجة إلى عين “راصد متمكن”، وهنا، يتصدر اسم الناشط الاجتماعي “أبومنتظر”، المواطن حسين عبدالحسين حبيب، الذي رصد ووثق في حسابه على الانستغرام “أهل قرية العكر @people_of_eker”، وقد تواصلت “البلاد” معه لمعرفة المشكلة عن قرب.

وتجاوب “أبو منتظر” الذي عرض العديد من مقاطع الفيديو لسكارى من الآسيويين “يترنحون” في مختلف الطرقات على مدى السنوات الماضية، يقول “أبو منتظر”: “هذه المشكلة مستمرة منذ سنوات، وللعلم، لم تقصر وزارة الداخلية، وداهمت هذه المواقع والمنازل عدة مرات وصادرت منها المشروبات الكحولية، لكنهم للأسف يعودون مرة أخرى، ونحن نستغرب من جرأتهم على القانون، وعدم اكتراثهم أصلًا”.

يشربون “تحت الشاحنة”

هل اختلف الوضع كثيرًا عما كان في السابق وكيف؟ هنا يجيب أبو منتظر: “منذ بداية ظهور هذه الممارسات، تم التنسيق بين جمعية العكر الخيرية ومحافظة العاصمة، وبالفعل تم تنفيذ حملة من جانب وزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتورطين كما صادرت كميات من الخمور، لكنهم عادوا من جديد، واليوم لا تجد الكثيرين منهم “يشربون ويترنحون في الطرقات” كما هو الحال في السابق.

لكن الأهالي يشاهدونهم وهم يخرجون مترنحين من مساكنهم، وفي الخفاء ويتجولون في القرية سواء في منزلهم أو في الممرات، وبعضهم “يشرب” أسفل الشاحنات أو في الأزقة؛ لكي لا تقع عليهم أعين دوريات الشرطة، وخطورتهم على الأهالي لا تزال قائمة”.

الوضع أسوأ

بالقرب من مدرسة المنذر بن ساوى الابتدائية للبنين، هناك “بؤرة”.. شاهدنا مقطعًا نشره “أبو منتظر” في حسابه على الانستغرام وفي مجموعات الواتس أب وانتشر بشكل كبير، وجه فيه رسالة إلى الجهات المعنية عما يحدث في منازل قديمة إلى الشرق من شارع العكر الغربي و”غرب” المدرسة، والجهات المعنية زارت المنطقة واتخذت الإجراءات سابقًا، لكن الوضع مستمر مع شديد الأسف، فهؤلاء لا يحترمون القانون وأصبح الوضع أسوأ من ذي قبل، والأهالي يحتاجون “تحركا وطمأنة من الجهات المعنية لوضع حد لهذه التجاوزات”.. لا يزال الناس تشاهد السكارى “يترنحون”.

سكران ما عنده حواس

مع مجموعة من شباب القرية، حالهم حال “أبو منتظر”، فإن “ضبط النفس” له حدود، يقول بعضهم غاضبًا :”نحن نحترم القانون الذي لابد أن يأخذ مجراه.. إلى متى نسكت على ما يفعله هؤلاء في بلادنا وفي قريتنا بعاداتها وتقاليدها المحافظة؟ إنهم يشكلون خطرًا على جميع الأهالي، ولك أن تتخيل ما يمكن أن يفعله “سكران ما عنده حواس”! نشاهدهم كثيرًا وخصوصًا في الإجازات ويومي الخميس والجمعة ويشربون أحيانًا في سياراتهم، ولا نظن أن هذا الوضع يرضي الجهات المعنية.. ننتظر منهم تدخلًا حاسمًا.

لابد من تحين فرصة مناسبة، إلا أن ذلك ليس هينًا لرصد ما يحدث، وكان الاعتماد على “أبومنتظر” الذي استطاع أن يدخل بسيارته، عصر الخميس 15 أغسطس إلى سكن العمال المقصود عبر ممر يقود إلى الداخل.. لم يكن هناك العدد الكبير منهم، إلا أن “جلسة احتساء” جمعت اثنين من الآسيويين.

أما في موقع آخر، فكان آخران يحاولان “تثبيت واحد يترنح من شدة السكر”.. صورتان تكفيان قطعًا لكشف استمرار ظاهرة بيع الخمور وتعاطيها وفق ما تم ضبطه منذ سنين، ومشاهدة المترنحين في طرقات القرية بين حين وحين.. فهل ستجد معاناة أهالي قرية العكر سبيلًا للوصول إلى المسؤولين لوضع نهاية حاسمة؟