+A
A-

6000 دينار تعويض مؤقت لسيدتين اعتدت “الأشغال” و “الكهرباء” على عقارهما

عوّضت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) مالكتي عقار (أرض) تصل قيمتها الفعلية إلى أكثر من 550 ألف دينار، بمبلغ 6000 دينار، تعويضا مؤقتا ألزمت وزارة الأشغال وهيئة الكهرباء والماء بدفعه إلى المدعيتين؛ لاستقطاع وزارة الأشغال جزء من الأرض لتوصيل أنابيب مياه الصرف الصحي المعالجة وأنابيب نقل المياه وخطوط شبكة الكهرباء، دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية، ودون أن يتم صرف أي تعويض للمدعيتين، إذ ورد بتقرير الخبير المنتدب في القضية، أن تقدير قيمة المساحات التي تم التعدي عليها من قبل الوزارة والهيئة تقدر بحوالي 550 ألف دينار، إلا أن المحكمة تقيدت بطلبات المدعيتين بالتعويض المؤقت المقدر بـ6000 آلاف دينار فقط.

وجاء في لائحة الدعوى المقدمة من قبل المدعيتين صاحبتي الأرض المتعدى عليها، أنهما تمتلكان على الشيوع عقارا في حلة العبد الصالح ومسجلا بموجب وثيقة قانونية، وفوجئتا بقيام المدعى عليهما وزارة الأشغال وهيئة الكهرباء بأعمال حفر ومد لأنابيب المياه وخطوط شبكة كهرباء في عقارهما دون أي سند قانوني، ما يشكل اعتداء على حقهما في الملكية، ويسبب لهما أضرارا تحول دون انتفاعهما بالعقارين واستثمارهما.وطالبتا بإلزام المدعى عليهما بإيقاف أعمال مد الأنابيب على العقار محل التداعي، وندب لجنة تثمين لتحديد سعر الأراضي المقتطعة من ملك المدعيتين، وبإلزام المدعى عليهما بأداء مبلغ وقدره 6000 دينار على سبيل التعويض المؤقت مع حفظ حقهما في تعديل الطلبات طبقا لما ينتهي إليه تقرير لجنة التثمين.

وبعد بحث الدعوى ومداولتها من قبل المحكمة قالت في أسباب حكمها سالف البيان إن مناط مسؤولية الإدارة الموجبة للتعويض هو توافر 3 أركان هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية، بحيث لا تقوم مسؤولية الإدارة إلا بوقوع خطأ من الإدارة في مسلكها وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر وتتوافر علاقة السببية بين خطأ الجهة الإدارية والضرر الذي لحق بصاحب الشأن بحيث يكون خطأ الإدارة هو السبب المباشر لما لحق بصاحب الشأن من ضرر، فإذا تخلف ركن من أركان هذه المسؤولية امتنع التعويض.

وأضافت أنه من المستقر عليه أن استيلاء الجهة الإدارية على العقار جبرا عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية، يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسؤوليتها عن التعويض، ويكون شأن المالك عند مطالبته بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع؛ له أن يطالب بتعويض الضرر سواء ما كان قائما وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك.

وتابعت، أن للمحكمة سلطة تقدير التعويض المناسب لجبر الضرر بغير تعقيب عليها ما دامت قد بينت عناصر الضرر التي اتخذتها أساسا لتقدير التعويض، كما أن مناط التعويض عن فوات الفرصة باعتبارها ضررا محققا قوامه ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب في المستقبل، وأن يكون لهذا الأمل أسباب مقبولة، وهو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بغير تعقيب عليها متى كان تقديرها سائغا مردودا إلى أصل ثابت بالأوراق.

وأفادت أنه ولما كان الثابت من الأوراق - خصوصا تقرير الخبير المرفق بملف الدعوى والذي اطمأنت إليه المحكمة - أن المدعيتين تمتلكان العقار في حلة العبد الصالح، وأن المدعى عليهما (وزارة الأشغال وهيئة الكهرباء والماء) قامتا باستقطاع أجزاء من ذلك العقار لمد أنابيب مياه الصرف الصحي المعالجة وأنابيب نقل المياه دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية، ودون أن يتم صرف أي تعويض للمدعيتين، وهو ما يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسؤولية جهة الإدارة بتعويض الضرر الناتج عن ذلك، سواء ما كان قائما وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك.

وأضافت أنه لاسيما مع استحالة التنفيذ العيني بتسليم المدعيتين المساحات المتأثرة، على النحو الثابت بتقرير الخبير ومن خلال اجتماعه مع المسؤولين في الجهة الإدارية المدعى عليها، وإذ خلص الخبير في تقريره إلى أن الأرض محل التداعي مصنفة تجارية وتساوي مالا يقل عن 18 دينارا للقدم المربع، وأن جزءا من هذه الأرض تبلغ مساحته 1056.3 متر مربع متأثر من قبل المدعى عليهما، وانتهى إلى تقدير قيمته بـ 205047 دينار و738 فلسا، وأن جزءا آخر تبلغ مساحته 1777.66 متر مربع متأثر من قبل وزارة الأشغال - المدعى عليها الأولى - وانتهى إلى تقدير قيمته بـ 344425 دينارا و180 فلسا.

وانتهت إلى القول إنه لما كان ذلك، وإذ ثبت ركن الخطأ في جانب المدعى عليهما، وقد ترتب على هذا الخطأ ضرر للمدعيتين تمثل في حرمانهما من الانتفاع بالعقار المملوك لهما، ما يخول للمدعيتين حقا في التعويض عن الضرر الذي أصابهما من جراء هذا الخطأ، إلا أن المحكمة - تقيدا منها بطلبات المدعيتين في الدعوى- تقضي بإلزام المدعى عليهما بالتعويض المؤقت الوارد بطلبات المدعيتين.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهما بأن تؤديا للمدعيتين تعويضا مؤقتا وقدره 6000 دينار، وألزمتهما المصروفات ومبلغ 20 دينارا مقابل أتعاب المحاماة.