+A
A-

رحلة هوليوودية في متحف تاريخ السينما في دبي

رحلة خاصة في تاريخ السينما وبداية الصورة، ينقلنا إليها متحف تاريخ السينما، الذي أسسه رجل الاعمال أكرم مكناس في دبي، والذي يستعرض فيه رحلة الصورة والحركة منذ بدايتها السحيقة مع إنسان الكهف، حين كان يرسم الرموز على الجدران، وصولاً إلى مرحلة الرسومات والصور التي تقدم كأفلام سينمائية، والتي كانت البنية الأساسية للأفلام التي نشاهدها اليوم. زيارة المتحف أشبه برحلة استكشافية تعود بنا إلى أكثر من 400 سنة في الماضي، وتستقطب محبي القطع الأثرية والشغوفين بالسينما وعالم الصورة بشكل أساسي.

وعن البدء بتحضير المتحف واختيار عالم السينما على وجه التحديد، أكد مكناس في حديثه مع موقع الإمارات اليوم، أن عمله في مجال تخطيط وتصوير الإعلانات كان بداية علاقته مع عالم الصورة والأفلام، مشيراً إلى أنه في إحدى الرحلات إلى ألمانيا بدأ يجمع قطع الأنتيكا، وكانت أول قطعة اشتراها عبارة عن بروجيكتر، يعتمد على تحريك الصور مع الضوء، والذي تصبح فيه الصور عبارة عن فيلم متسلسل. هذه القطعة التي وجدها في بداية الثمانينات دفعته إلى البحث كثيراً عن هذا النوع من الآلات، وكيفية توليدها الحركة، فوصل إلى استنتاج بأن الإنسان وصل إلى تصنيع فيلم وثائقي من خلال إرجاع الصورة، فبدلاً من اللغة كان يتم سرد الحكايات من خلال الرسومات على الجدران، فحتى في المغارات قد تم اكتشاف الصور التي كانت ترسم على الجدران، نتيجة الظلال التي كان يصورها الإنسان بحسب موقع الامارات اليوم.

بدأ مكناس بجمع القطع الموجودة في المتحف منذ عام 1980، وهو يعمل في جمع الأنتيكا بالمجمل من ساعات وسيارات كلاسيكية، موضحاً أن جمع المقتنيات الخاصة بالمتحف كان الأصعب، لأن معظم هذه الآلات عبارة عن ورق وزجاج، مع الأخذ في الحسبان أن الحربين العالميتين الأولى والثانية، إلى جانب الحروب الصغيرة في أوروبا والعالم العربي، قد أفسدت الكثير من هذه الآلات، فكان يتم العثور على بعضها بحالة غير صالحة للاستخدام، كأن تكون مكسورة أو تعرضت للحريق.

وتعود القطع الموجودة في المتحف إلى عام 1650 وما بعد، وهي كلها تركز على مفهوم الحركة التي تعد أساسية في فن السينما، فحتى اللوحات القديمة التي كان يرسمها مايكل أنجلو كانت تقوم على لوحات متكررة تبرز الحركة في الصور. جمع مكناس الآلات الموجودة في متحفه بدبي من بلدان عدة، وأبرزها هولندا، ألمانيا، وفرنسا، والقليل من القطع من إيطاليا، ويقسم المتحف إلى أقسام عدة، تبدأ من قسم ما قبل الصورة، حيث تم تجسيد لغة الإشارة في الظلال، حين كان يتم الاعتماد على الظلال في تقديم المَشاهد وسرد الحكايات، مشيراً إلى أنه في إندونيسيا مازالت مسارح الظلال موجودة، وهناك حكواتي يقدم الحكايات، إلى جانب عازف البيانو الذي يقدم لهم أجواء درامية.

ومن الظلال، يتم الانتقال إلى الصور المرسومة باليد، والتي تتخللها الثقوب، ثم تتم إضاءة الشموع خلفها، لتعطي إيحاءً مميزاً، بحيث تصبح المباني المجسدة في الصور وكأنها مضاءة. ومن التصوير عبر الرسم، وجدت لاحقاً الصور التي طبعت للمرة الأولى في فرنسا بعد عام 1800، ما يعني أن التطور كان يستغرق الكثير من الوقت، بخلاف ما يحدث اليوم من تطورات، إذ إن القفزات في التطور سريعة وكبيرة. ولفت مكناس إلى أن أبرز الآلات التي تعرض الصور في المتحف، تلك التي تحمل اسم كايزا بانوراما، وهي تعود لعام 1810، وتحمل مجموعة من الصور الثلاثية الأبعاد، موضحاً أن هذا الفن موجود منذ القدم.

وعن نقل الآلات من بلد إلى آخر، لفت مكناس إلى أنها أصعب المراحل، لأن هذه الآلات مصنوعة من الزجاج والأوراق، فغالباً ما يتعمد حملها باليد، أو شحنها بطرق خاصة جداً، ورغم كل هذه الاحتياطات، إلا أن جزءاً من هذه المعدات تعرض للكسر.

أما الجمهور الذي يزور المتحف، فهو من الطلاب بالدرجة الأولى، على حد تعبير مكناس، الذي أردف بالقول، معظم الزوار من الطلاب، وهنا نقدم لهم تاريخ اليوتيوب، فهو يدرك بداية الأفلام التي يشاهدها عبر هذه المنصات كيف كانت، وهناك متحف مشابه في إيطاليا زاره إلى اليوم ما يقارب من مليون ونصف المليون شخص، وهذا العدد ليس كبيراً. ودعا مكناس الناس إلى الحضور للمتحف، كي يتعرفوا إلى البدايات، موضحاً أن ثقافة المتحف غائبة في العالم العربي، فمعظم زوار المتحف من الأجانب، ومنهم من أتى ليقوم بدراسة عن الصور المتحركة. واعتبر أن تفعيل هذه الثقافة المتحفية يبدأ من المدارس، التي تشجع الطلاب على القدوم، فالتلاميذ الذين يحضرون نوجد لديهم حب الاستطلاع، معرباً عن خطته لنقل المتحف من منطقة تيكوم في دبي إلى منطقة سياحية تجذب المزيد من الزوار.

أكد أكرم مكناس أنه بصدد التعاون لإنشاء متحف متكامل في هوليوود، بحيث يتولى هو تقديم كل الآلات المتعلقة بموضوع الصورة وآلات تحريكها القديمة، ليقدم المتحف تجربة خاصة للزوار، تقدم تاريخ السينما وحتى العصر الحالي والحديث. وسيحمل القسم اسم مكناس لتاريخ السينما، كما سيكون في المتحف قاعات للسينما، إلى جانب تاريخ السينما المعاصر من هوليوود. ولفت إلى أن هذا المتحف سيبصر النور في أول عام 2020.