+A
A-

“البلاد” تنشر مبدأ جديدا يضبط جنوح التقديرات المرتفعة لأجور المحكمين

القضاء خفض أتعاب محكم من 207 آلاف دينار إلى 60 ألفا

مبدأ جديد يضع النقاط على حروف موضوع شائك

خلافات متكررة بين الخصوم على التقديرات المرتفعة للأتعاب

تقدير الأتعاب لا يعتبر من عناصر خصومة التحكيم

إذا حدد المحكم أتعابه بحكمه لا يعتبر جزءا من الحكم أو ملزما

“الأشغال” اختلفت مع محكم على مبلغ أتعابه المرتفعة ولجأت للمحكمة

يتوقف سريان ميعاد الطعن لحين بت وزير العدل بطلب الإعفاء من الرسوم

الوزارة رفضت التوقيع على مشروع مشارطة التحكيم

المحكمة تقدِّر أتعاب المُحكِّم إذا اختلف الخصوم

وضع مبدأ جديد أرسته محكمة التمييز النقاط على حروف موضوع شائك يتعلق بتحديد أتعاب المحكمين، وبما يضبط جنوح ارتفاع أجورهم. وتشهد المحاكم خلافات متكررة بين الخصوم على التقديرات المرتفعة لأتعاب المحكمين، وهل تعتبر المبالغ المطلوبة منهم مناسبة أو لا. ويدون المحكمون مبالغ أتعابهم ضمن أحكامهم للبت بالمنازعات المنظورة أمامهم، حتى في حال رفض أحد طرفي الخصومة توقيع الاتفاق على تحديد المبلغ.

وقالت محكمة التمييز أن تقدير الأتعاب لا يعتبر من عناصر خصومة التحكيم، ولا يسوغ أن يكون المحكم خصما وحكما، وإذا حدد المحكم أتعابه في حكمه، فإنه لا يعتبر جزءا من هذا الحكم وملزما لأطرافه.

وعالجت محكمة القانون ما لم ينص عليه التشريع الوطني بأنه إذا لم يتفق الخصوم مع المحكم على ما يستحقه أجرا لعمله، فلا سبيل لتقديره غير اللجوء إلى القضاء، بدعوى مبتدئة إلى المحكمة المدنية المختصة، وفقا للقواعد العامة في الاختصاص القضائي.

 

ملخص القصة

بدأت القصة عندما اختلفت وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني مع شركة خاصة، واتفاقهما بفصل الاختلاف عبر التحكيم وليس القضاء.

حدد الخصمان محكما للفصل في الخلاف، ولكن الوزارة اختلفت مع المحكم بمبلغ أتعابه، إذ طلب المحكم 207 آلاف دينار و500 فلس، ورفضت الوزارة التوقيع على مشروع مشارطة التحكيم، وهو الاتفاق بين الخصمين على قواعد التحكيم مثل تحديد اللغة والمكان والأتعاب.

وبالرغم من تحفظ الوزارة على توقيع المشارطة بسبب ارتفاع مبلغ أتعاب المحكم إلا أن الأخير مضى في جلسات التحكيم مع تمسكه بتقدير أتعابه.

وأصدر المحكم حكمه بإدانة الوزارة وبالتالي تحملها سداد أتعابه لكن الأخيرة رفضت السداد. وطويت بذلك صفحة الخلاف بين الوزارة والشركة الخاصة بإدانة الأولى.

وبدأت صفحة جديدة من الخلاف تحول فيها المحكم إلى خصم، إذ رفعت الوزارة دعوى بالمحكمة الكبرى المدنية ضد المحكم تطلب تقدير أتعاب الأخير.

وحكمت المحكمة بتقدير أتعاب المحكم بمبلغ 60 ألف دينار فاستأنف الحكم، وحكمت محكمة الاستئناف العليا بإلغائه وبرفض الدعوى، أيّ كسب المحكم قضيته ضد الوزارة وقررت محكمة النقض حصوله على 207 آلاف دينار و500 فلس بدلا من 60 ألف دينار.

وهنا دقت الوزارة باب محكمة التمييز، وانتصرت محكمة القانون للوزارة بإرساء مبدأ حديث بأن من حق المحكمة تحديد مبلغ الأتعاب في حال الاختلاف مع المحكم على مبلغ أتعابه، وأيدت حكم محكمة أول درجة بتحديد مبلغ الأتعاب بـ 60 ألف دينار.

وصدر الحكم بالجلسة المنعقدة بتاريخ 17 سبتمبر 2018، ويحمل الطعن رقم 10/2017/25/1. وتنشر “البلاد” أبرز حيثيات الحكم:

 

إعفاء الرسوم

وحيث إنه لما كان قضاء محكمة التمييز جرى على أن عجز الطاعن عن سداد رسوم الطعن وتقديم طلب إلى وزير العدل لإعفائه من أدائها يعتبر مانعا لسريان ميعاد الطعن في الفترة من تقديم الطاعن طلب إعفائه من الرسوم الى حين البت فيه.

وكان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بالجلسة التي حضرها ممثل الطاعنة، فإن ميعاد الطعن بالنسبة لها ينتهي يوم 8/1/2017 الذي قدمت فيه طلبا بإعفائها من الرسوم فتوقف سريان ميعاد الطعن إلى حين البت فيه بتاريخ 9/1/2017.

وإذ قدمت صحيفة الطعن الى قسم تسجيل الدعاوى بالمحكمة في اليوم التالي 10/1/2017، فإنه يكون قد رفع خلال الميعاد المقرر مستوفيا أوضاعه الشكلية ويتعين قبوله شكلا.

 

خصم وحكم

وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ قضى برفض الدعوى التي أقامتها لدى المحكمة الكبرى المدنية بطلب تقدير أتعاب المطعون ضده الأول عن عمله محكما فصل في النزاع القائم بينها وبين المطعون ضدها الثانية بناء على ما أورده أن تقدير المحكم لأتعابه في الحكم الذي أصدره يشكل شقا من هذا الحكم، وكان يتعين عليها اتباع الطريق الذي رسمه القانون للطعن فيه دون اللجوء إلى طلب تقدير الاتعاب بدعوى مبتدأه لدى المحكمة الكبرى المدنية رغم ما هو ثابت بالأوراق أنها رفضت التوقيع على مشارطة التحكيم التي أعدها المحكم وضمنها تقديرا لأتعابه، فلا يعتد بهذا التقدير، ولا يعد جزءا من الحكم لخروجه عن حدود ولاية المحكم، وإنما تختص به المحكمة الكبرى المدنية خلافا لما ذهب اليه الحكم وبنى عليه قضاءه مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان التحكيم طريقا استثنائيا للتقاضي يقوم أساسا على إرادة الخصوم يتحدد فيه نطاق الخصومة وولاية المحكم، وحجية الأحكام الصادرة فيها بأوجه النزاع القائمة بين الخصوم ويتفقون على طرحها على المحكم للفصل فيها ويختص بالتبعية بالفصل فيمن يلتزم بمصاريف التحكيم التي تشمل أتعاب المحكم. أما تقدير هذه الاتعاب، فإنه لا يعتبر من عناصر خصومة التحكيم، فلا يعتبر قرار المحكم بشأنه قضاء يعتد به إذ لا يسوغ أن يكون المحكم خصما وحكما وإذا حدد المحكم أتعابه في حكم التحكيم، فإنه لا يعتبر جزءا من هذا الحكم ملزما لأطرافه. لما كان ذلك وكان التشريع البحريني لم يتضمن نصا في هذا الشأن، فإنه ما لم يتفق الخصوم مع المحكم على ما يستحقه أجرا لعمله، فلا سبيل لتقديره غير اللجوء الى القضاء بدعوى مبتدأة إلى المحكمة المدنية المختصة وفقا للقواعد العامة في الاختصاص القضائي خلافا لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وبنى عليه قضاءه مما يعيبه ويوجب نقضه.

وحيث إنه لما كان الموضوع صالحا للفصل فيه ولما تقدم وكان الحكم المستأنف قد التزم في قضائه صحيح القانون بأسباب سائغة تكفي لحمله، فإنه يتعين رفض الاستئناف وتأييد ذلك الحكم.

 

منطوق الحكم

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه بنقض الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف برفضه وتاييد الحكم المستأنف وبالزام المطعون ضده الأول مصاريف الطعن ومصاريف الاستئناف.