+A
A-

ندى علوي: تجسيد الشغف بالفن التشكيلي في مشروع تجاري

“الندى”... إطلاله عصرية أنيقة للنساء في وقت وجيز

تتلمذت على يد الفنان   التشكيلي عباس الموسوي

طرحت أول مجموعة لـ “الندى” بمعرض الجواهر

نحتفي بذكرى التأسيس الثامنة في سبتمبر

“الندى” يتعامل مع منتجات أكثر من 25 فنانا

نسبة البحرنة في المشروع تتجاوز 50 %

فوازير شريهان أثرت في شخصيتي واستلهمت منها الكثير

 

ترى أن الإنسان الطموح ليس هنالك حدود لطموحه، وتحب التدقيق في تفاصيل العمل وتعتقد أن الفن إحساس راق، إذ تؤمن بأنه يضفي جمالا ورونقًا على الحياة، ولذلك ترى كل ما حولها جميلا؛ لتوظف هوايتها في الرسم والتلوين إلى مشروع بالشراكة مع أختها الأصغر؛ لتحصد ندى علوي مع أختها نور جائزة امتياز الشرف لرائدة الأعمال البحرينية الشابة.

تتبع علوي في عملها مبدأ “إذا كان جيدًا بما فيه الكفاية لي فهو جيد لك”، وتطبق في عملها بمشروع “الندى” الحديث الشريف “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”، إذ إن المنتجات التي تشعر بالسعادة الشخصية والرضا عنها وتستخدمها شخصيًا هي التي تسوقها.

“البلاد” التقت سيدة الأعمال ندى علوي، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة “الندى”، وفيما يلي نص اللقاء:

 

المولد والنشأة    

ولدت بالمحرق وعشت وترعرعت في البحرين معظم حياتي. سكنت في طفولتي مع عائلتي في مدينة عيسى، حيث درست بمدرسة حفصة الابتدائية للبنات، ثم انتقلنا للسكن في الرفاع، إلا أنني أكملت دراستي الإعدادية والثانوية في مدارس المنامة (مدرسة أم سلمة الإعدادية، ومدرسة خولة الثانوية).

بعد تخرجي من المدارس الحكومية، سافرت إلى أميركا للدراسة الجامعية، وتخصصت بإدارة الأعمال. درست في البداية تخصص علوم الكمبيوتر ثم غيرت التخصص إلى نظم المعلومات بسبب حبي للكمبيوتر، ووقتها لم أكتشف أنني أحب التصميم الجرافيكي، ولم أتوقع أنني سأدخل جامعة متخصصة في إدارة الأعمال، خصوصًا أنني درست بالمرحلة الثانوية علمي، وبالفعل تخرجت من الجامعة بشهادة البكالوريوس والماجستير في إدارة الأعمال.

 

الدراسة والعمل في آن

أثناء دراسة البكالوريوس عملت في شركة للأبحاث والتسويق بالقطاع النفطي. وبعدما تخرجت عملت في أميركا بشركة معنية بتقديم الخدمات البترولية وتوفر معدات للحفر وتحسين العمليات، تدرجت في الوظائف حتى وصلت نائب رئيس قسم المبيعات والتسويق.

نلت خبرة مهنية في مجال خدمات النفط والغاز بأميركا، وعملت في الخدمات البترولية بعد نيل البكالوريوس وأثناء إعداد رسالة الماجستير لمدة 3 أعوام، لذا يستغرب من يعرف أنني عملت في هذا المجال خصوصًا أنني لست مهندسة.

عندما دخلت مجال الفن والرسم درست في باريس وميلان ولندن كورسات في هذا المجال، ولا أزال أتذكر مقولة أحد المدرسين في باريس “إنكم لا تستطيعون اختراع أي شيء جديد في الفنون (...) تستطيعون تعديله وتحويله، وأكبر دليل على ذلك أن الفنانين عندما يعيدون رسم نفس العمل الفني تتم فيه اختلافات حسب حاجة المجتمع لهذا التغيير”. وترى علوي أنها في مجال عملها استطاعت أن تتميز وتعمل شيء مغايرًا على مستوى العالم.

 

تأسيس “أوشو”

بعد أن أكملتُ دراسة الماجستير، أخبرني والدي (رحمه الله) أنه سيؤسس شركة تعمل في مجال الصحة والسلامة المهنية للنفط والغاز والمشاريع الصناعية، فعدت إلى البحرين للعمل معه. وأسسنا المركز الوطني الاستشاري لخدمات الصحة والسلامة المهنية (أوشو OSHO).

وكان أول مشروع نفذته الشركة هو مرفأ البحرين المالي، وتبعه الكثير من المشاريع في مجال السلامة والصحة المهنية. كما نفذنا مشاريع في العديد من الدول ومن بينها روسيا. إنني فخورة بشركة “OSHO” وعملها، وأحب العمل الذي أسسته، إذ كان مناسبًا لفترة من حياتي، وأحب العمل على جميع التفاصيل للمنتج، إلا أن بعد 9 سنوات من العمل في “أوشو”، قررت ترك العمل فيها، وأمسك أخي بزمام الأمور فيها.

تغيير مجال العمل

وعن تحويل مجال العمل من القطاع النفطي إلى عالم الموضة والأزياء، تقول علوي “كانت دائمًا لدي قيمة عالية للجمال، منذ صغري، ومن أكثر الأشياء التي أثرت عليّ، “فوازير حول العالم” للفنانة المصرية شريهان في فترة الثمانينات، ولا أزال أحبها حتى يومنا هذا وأثرت في شخصيتي كثيرًا، إذ كنت أتفرج على العروض في الفوازير ونتدرب عليها أنا وأختي نور التي تصغرني بعامين ثم نعيدها في المدرسة أثناء الفسحة مع بنات الصف، وكنا نبيع تذاكرها بمئة فلس، وتمكنا من تحقيق بعض الأموال، إذ كانت هناك طلبات لرؤية العروض.

وفي الصف الرابع الابتدائي اشتركت في مسرحية علاء الدين والأطفال مع الفنان مصطفى رشيد، وكان من المقرر عرض المسرحية في إجازة الصيف في الكويت أو العراق، إلا أن هذا لم يحدث وتوقف عرض المسرحية قبل الغزو العراقي للكويت.

أما في المرحلة الإعدادية بدأت بتأليف المسرحيات الكوميدية؛ لأنني أحب الفكاهة والضحك وأشعر أنها ممتعة، وكنت متأثرة في كتابتها بفوازير شريهان، وأقتبس منها الكثير.

وفي المرحلة الثانوية أحببت التصميم الجرافيكي، وصممت بطاقات (Business Cards) للطالبات وكانت تختلف عن البطاقة الحالية، فهي عبارة عن عمل فني يوضع فيه اسم الطالبة وتتم طباعته على ورق جميل، سعر بيعه كان مرتفعًا فلم ينجح المشروع، نظرًا لأن كلفته عالية، أما حاليًا فإنني أعي احتياجات زبائني.

نشأة “الندى”

يوما ما شعرت بأنني بحاجة إلى هواية أستمتع بها، فقررت أن ألون لتجسيد إحساسي في هذه الهواية، إذ لم أكن أرى نفسي وقتها رسامة. وطلبت من الفنان التشكيلي عباس الموسوي تعليمي التلوين، رفض في البداية لكن بعد إصراري وإلحاحي وافق، وعلمني بعض التقنيات في التلوين، وقال لي “ندى.. تستطيعين إقامة معرض فني بعد عام لأن الإحساس لديك جميل وهنالك إمكانية ليتطور”.

بالنسبة لي كان الأمر المهم هو الانفتاح على العالم الفني، وشعرت أن هذا الجمال الفني يجب أن يتم مشاركته مع الناس وهذه كانت البداية والبذرة الأولى لانطلاقة “الندى”.

فكرت كثيرًا في كيفية نشر الفن، إلى أن وصلتني دعوة للسفر إلى الصين في رحلة عمل. لم تكن المرة الأولى التي أسافر فيها إلى الصين، إلا أن هذه الدعوة جاءت في وقت كنت بحاجة فيه إلى تغيير في حياتي (...) فكرت في سبب سفري، تذكرت أن الصين مشهورة بالحرير وأنا أحب الشالات (السكارف) المربعة.. هذه الأفكار جالت في فكري في لحظات، ومنها ولدت فكرت مشروع “الندى” التي كانت وقتها عبارة عن شالات مربعة من الحرير.

أخبرت الفنان الموسوي بفكرة المشروع؛ لأن الشالات الحرير ستطبع عليها رسومات الفنانين، وكان حلمي من البداية التعامل مع مجموعة من الفنانين، فقال إنه سيساعدني على كسب ثقة الفنانين في عملي. كما أخبرت أختي نور بفكرة المشروع، فطلبت شراكتي، وهذه كانت البداية في شهر يونيو.

حصلنا على السجل التجاري للشركة في سبتمبر يوم ذكرى ميلاد نور. وطرحت أول مجموعة للشركة في شهر نوفمبر بمعرض الجواهر العربية، وسنكمل في سبتمبر المقبل 8 أعوام على تأسيس “الندى”.

إنني فخورة جدًا بما حدث في “الندى” والمنتجات التي طرحناها من شالات وأدوات قرطاسية وملابس وعبايات.

غالبية المجموعة من الحرير؛ لأنه يعطي إحساسًا بالرفاهية، وحاليًا اتجهنا لإضافة القطن والكشمير والصوف، ونقوم باختيار القماش ذي الملمس الذي يعطي شعورًا جميلا.

وتقوم فلسفتنا في العمل على خدمة الزبونة وجعلها تشعر أن طلباتها مجابة، إذ على سبيل المثال تطلب بعض السيدات تجهيز فستان يتماشى مع لون العبايات الملونة. ويتم تصنيع بعض المنتجات في الخارج، وبعضها الآخر في البحرين، وتمتلك الشركة مشغلا خاصًا لخياطة الملابس.

نعمل على تتبع الاحتياجات العصرية للمرأة والرجل، وتوفير ما يريدون من هدايا تصلح للجنسين. أما الملابس الجاهزة فهي للنساء، ويتم تصميمها لتتمكن المرأة من الخروج بمظهر أنيق في أسرع وقت وجيز.

أختي نور ترى أن من اللبنات التي ساهمت في تأسيس “الندى”، كانت عندما زرنا متحف بيكاسو واشترينا من متجر الهدايا شالا مربعًا عليه رسومات جميلة، إلا أن نوعية القماش المستخدمة في تصنيعه لم تكن جيدة، لذا لم ترتده نور، وهذا ما جعلها تشعر أن هذه كانت البداية لتأسيس المشروع. أما بالنسبة لي فكانت البداية عندما جاءت فكرة السفر إلى الصين وكانت بمثابة زلزال لي لتأسيسه. إن الإحساس بالأشياء هو الذي يعطي في البذور الحياة والولادات والفرص الجديدة.

 

البحرنة تتجاوز الـ 50 %

منتجات “الندى” المتنوعة تعرض بالعديد من الأماكن والمتاحف، منها متحف البحرين الوطني، متحف اللوفر في أبوظبي، ومتحف الرئاسي في أبوظبي، كما تباع في محلات مثل ساكس فيفث آفينيو، غاليري لافاييت، وروبنسونز، كما أن الأدوات المكتبية والقرطاسية موجودة في محلات “فيرجين”، وأيضا لدينا متجر “الندى” في مجمع السيف، وهذه المنتجات لم تولد بالصدفة وإنما نتيجة لجهود فريق عمل متكامل تجاوزت فيه نسبة البحرنة 50 %.

كما يتم التعاون مع أكثر من 25 فنانًا من الوطن العربي لطباعة لوحاتهم على منتجاتنا، غالبيتهم من البحرين. ويتم اختيار أجمل اللوحات من بين أكثر من 70 عمل يتم تصفيتها وانتقاء أفضل 7 إلى 10 أعمال لطباعتها على المنتجات.

وعن الفرنشايز، تقول علوي إن من خططها المستقبلية منح حق الامتياز “فرنشايز”، وأن تكون علامتها التجارية “الندى” في كل مدينة و بلد.

 

الهوايات

أركز حاليًا على القراءة والسفر، والاستكشاف، كما أحب التسوق والاطلاع على كل ما هو جديد ومعروض في المتاجر.

أحب أيضا قراءة كتب إدارة الأعمال بين الحين والآخر، إذ قرأت ما بين 12 و15 كتابًا في هذا المجال.

وتفضل علوي الاستماع للكتب الإنجليزية والعربية عبر تطبيقات مخصصة لذلك، ومنها تطبيق الراوي باللغة العربية وهو لشركة بحرينية وسيدة الأعمال هالة سليمان وهي واحدة من مؤسسي هذا التطبيق مع شركاء آخرين.

وتضيف علوي أن كل سكارف في “الندى” يأتي مع قصة من وجهة نظرنا، فعلى سبيل المثال في كتابنا الذي يضم منتجات أول 3 أعوام من عمر “الندى”، تم اقتباس أشعار من ديوان “بيت بفيء الياسمين” للشاعرة فضيلة الموسوي أخت الفنان التشكيلي عباس الموسوي.

 

تكريم ودعم

تعتقد علوي أنها “محظوظة؛ لأن القيادة في البحرين تدعم وتشجع المرأة في مجال العمل والمشاريع الخاصة، كما يتم الاحتفاء بالمرأة. وتقول: منحتنا صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة أنا وأختي جائزة امتياز الشرف لرائدة الأعمال البحرينية على مشروعنا “الندى”، وهذا يعد حافزًا يشجعنا على الاستمرار والمواصلة.

وتضيف “لدينا في البحرين فرص ممتازة للوصول إلى العالمية؛ لأن لدينا المقومات اللازمة لذلك، ويجب أن نتكاتف ونتعاون”، مشيرة إلى أن “النجاح لا يأتي بالمجان، وليس بالصدفة، إنما عبر تضحيات وعمل شاق”.