+A
A-

الحلوى البحرينية... نجمة البيوت في العيد

يقولون، إنك لا تستطيع أن تكون في أي مجلس من مجالس البحرين، الشعبية منها والرسمية، دون أن تجد شكلا أو أكثر من أشكال الحلوى البحرينية، التي ربما من جودتها ودقة صنعتها تدوم لأشهر عديدة.  وما زالت الحلوى البحرينية محتفظة بمكانتها وسط كل أنواع الحلويات، وهي من أكثر ما يقبل عليه المجتمع البحريني في المناسبات والعيد، وهناك نوعان منها، الحلوى الملكية التي يكثر بها الزعفران والمكسرات الكثيرة، والحلوى الأميرية وهي الحلوى الحمراء المتعارف عليها وأكثر ما يطلبه الزبائن، ويفضل محبو الحلوى أن تكون طازجة وحارة من المصنع عند الشراء والتقديم.

ولا غريب لن تجد أول ما يسألك عنه الأهل والأحبة عند قدومك من البحرين وانتهاء زيارتك وسفرتك لها، هو “ الصوغة “ أو هدية المسافرين من الحلوى، وهل قمت بشراء بعضا منها ليتذوقوا نكهتها المميزة، ويختبروا من جديد أنواعها المفضلة، ويستعيدوا ذكرياتهم القديمة عندما وفدوا من البحرين وفي أيديهم، وربما في أمتعتهم، شتى أنواع العلب والصناديق التي تحوي الحلوى البحرينية، وتُقدم كهدايا تثبت في الذاكرة لدى الأصدقاء والأحباب.

ويشيرون إلى أنك ربما لم توف حقوقك كضيف كاملة إذا لم يقدم لك طبق الحلوى، أو قطعة منها ـ “الفندوس” ـ بجانب القهوة البحرينية المعروفة الممزوجة بالهيل والزعفران، إضافة إلى “المتاي”، وهو نوع من أنواع مكسرات التسالي، خاصة في أيام فصل الشتاء. بل ويؤكدون أنك لا يمكن أن تستمتع بأطايب الحديث والسمر على الموائد البحرينية “ القدوع “ مع المقربين لك دون أن تمزجها بأطايب الحلوى في البحرين.

وتعد الحلوى البحرينية واحدة من أبرز المهن التقليدية التي حافظت على تراثها القديم في عملية التصنيع ومراحل تطورها المختلفة، ولم تشهد أي شكل من أشكال الانقراض مثلما حدث في المهن التقليدية الأخرى.

صحيح أن بعض الأدوات التقنية الحديثة دخلت في عملية التجهيز والتشكيل من قبيل الأفران والعجانات الكهربائية، وذلك بسبب فكرة الإنتاج الكبير والمعامل المتخصصة في البيع للجمهور.

لكن الذواقة، سيما من أهل الخليج الذين ساهموا بحجم طلبهم الكبير في ازدهار هذه الصناعة في المملكة، والتي تعود لأكثر من قرنين من الزمان، يستطيعون أن يروا الفرق، ويجدوا المميز بين هذا وذاك، ويتلمسوا خبرة الصانع في التركيب والمكونات التي يستخدمها.

وهناك أنواع من الحلوى البحرينية، تنوع نكهاتها وألوانها الزاهية الحمراء والخضراء وأشكالها الهندسية المختلفة، التي تقدم باردة وساخنة أيضا في المناسبات السعيدة والأفراح في كل فصول السنة، يضفي مزيدا من الإثارة عند تذوقها، ويولد لدى الآكلون شعورا متدفقا من الحنين لكل ما هو أصيل، بل والشوق لكل ما هو جميل وجيد، سيما إذا ما قاموا بشرائها من محلاتها ـ “الدكاكين” ـ وصناعها المعروفين بمدينة المحرق.

ويرجع هذا الشعور بالحنين والإحساس بالشوق ربما إلى أنه لا يوجد بيت في الخليج إلا وله مع حلوى البحرين من “الرهش ـ حلاوة السمسم المطحون” و”الداربيل ـ الرقاق الحلو الملفوف” والسمسمية واللقيمات ـ البقلاوة ـ ذكرى عطرة يريد استرجاعها، فضلا بالطبع عما تحتويه هذه الحلوى من مكونات أصيلة وعريقة تميزها عن غيرها من قبيل: دهن “العدان” البحريني وعسل التمر “الدبس” و”الصِّلْم” المعروف باسم ثمرة اللوز البحرينية وخشب “السمر” الذي كان يجلب من عمان للوقود ويعطي للحلوى مذاقا خاصا، علاوة على المكونات المعروفة الأخرى من هيل وسكر ونشا وماء الورد وزيوت ومكسرات بأنواعها وغير ذلك.

بيد أن هناك أسباب أخرى تعطي تلك النكهة المتميزة لحلوى البحرين، ويشير إليها الذواقون باعتبارها أساس تميز الصانع البحريني الماهر الذي ما زال يستخدم بعض أدواته التقليدية المعروفة في عملية الصنع، سيما “المرجل” أو القدور “الطشوت” النحاسية الكبيرة والعِصِي الخشبية الطويلة.