+A
A-

الإرهاب يضرب مسجدين ويهز العالم

قام “يميني متطرف” مزوّد بأسلحة نصف آلية، أمس الجمعة،  بإطلاق النار عشوائياً على المصلين داخل مسجدين في مدينة كرايست تشيرش النوزيلندية، ما أدى إلى مقتل 49 شخصاً وإصابة العشرات.  وتحدّثت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن عن “أحلك يوم” في تاريخ هذا البلد الواقع في جنوب المحيط الهادئ وكان يعدّ آمناً، قبل أسوأ اعتداء يستهدف مسلمين في بلدٍ غربي، صنّفته رئيسة الوزراء مباشرةً بأنه “إرهابي”.
وأثار الاعتداء سلسلة ردود أفعال منددة حول العالم، من البابا فرنسيس والملكة إليزابيث الثانية والرئيس الأميركي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان وشيخ الأزهر. وأعلنت الشرطة البريطانية تعزيز الرقابة على المساجد في البلاد بعد اعتداء نيوزيلندا.
 ونقل المهاجم مباشرةً على الانترنت مقاطع من الاعتداء، حيث أمكن رؤيته ينتقل من ضحية إلى أخرى، مطلقاً النار على الجرحى الذين يحاولون الهرب منه.
وقالت الشرطة أنها أوقفت أستراليا يبلغ من العمر 28 عاماً ووجهت إليه تهم بالقتل في الهجوم. ومن المقرر أن يمثل اليوم السبت أمام محكمة مقاطعة كرايست تشيرش. وأوقف رجلان آخران لكن لم تعرف بعد التهم الموجهة إليهما.
ونشر المشتبه به الأساسي “بياناً” عنصرياً على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن ينفذ الهجوم. ويبدو أنه استوحى في بيانه من نظريات منتشرة في أوساط اليمين المتطرف وتقول إن “الشعوب الأوروبية” يجري استبدالها بمهاجرين غير أوروبيين.
ويفصّل البيان مرحلة عامين من التحوّل إلى التطرف ومن التحضيرات قبل التنفيذ.   وقالت جاسيندا أرديرن “لا يمكن وصف ذلك سوى بأنه هجوم إرهابي”. وتابعت أن الاعتداءين “تم التخطيط لهما بشكل جيد بحسب معلوماتنا”. وعثر على عبوتين ناسفتين يدويتين مثبتتين على سيارة وجرى تفكيكهما بحسب الشرطة.
وفي سيدني، وصف رئيس الوزراء الأسترالي المهاجم بأنه “شخص عنيف متطرف من اليمين”.
”مغطى بالدماء”
المسجدان المستهدفان هما مسجد النور في وسط المدينة حيث قضى 41 شخصاً، بحسب الشرطة، ومسجد آخر في ضاحية لينوود حيث قتل 7 أشخاص. وقضى شخص متأثراً بجراحه في المستشفى.
ونقل حوالى 50 مصاباً إلى المستشفيات، 20 منهم في حالة خطرة، بحسب رئيسة الوزراء. وبين القتلى نساء وأطفال.
وروى فلسطيني كان موجوداً في أحد المسجدين أنه رأى رجلاً يفارق الحياة بعدما تلقّى رصاصةً في الرأس.
وقال هذا الرجل الذي لم يشأ الكشف عن هويته، لوكالة فرانس برس “سمعت ثلاث طلقات نارية سريعة، وبعد عشر ثوانٍ، بدأ كل هذا. لا بدّ وأنه سلاح آلي فلا أحد يستطيع أن يضغط على الزناد بهذه السرعة”. وتابع “بعد ذلك بدأ الناس يخرجون وهم يركضون وبعضهم كان مغطى بالدماء”.
وقالت الشرطة إن المقاطع التي نشرها منفذ الهجوم “مؤلمة جداً”، فيما حذرت السلطات بأن من ينشر تلك المقاطع قد يعاقب بالسجن إلى ما يصل لـ10 سنوات.  وظهر في الفيديو الذي صوره المهاجم بتثبيت كاميرا على جسمه رجل أبيض حليق يقود سيارته حتى مسجد النور. ثم يدخل الى المسجد ويطلق النار على الموجودين منتقلاً من قاعة إلى أخرى.
وبالإضافة إلى الفيديو الذي تحققت فرانس برس من صحته لكنها لن تقوم بنشره، أظهرت صور مرتبطة بمنفذ الهجوم على مواقع التواصل أسلحة شبه آلية كتب عليها أسماء شخصيات تاريخية عسكرية، بينهم أوروبيون قاتلوا القوات العثمانية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.  وأثار الهجوم صدمة عارمة في نيوزيلندا، هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 5 ملايين نسمة، 1% فقط منهم مسلمون. وهي لا تسجل سوى خمسين جريمة قتل في المتوسط في السنة، وتفخر بأنها مكان آمن.
قتل جماعي نادر
وفرضت قوات الأمن حصاراً في مدينة كرايست تشيرش قبل أن ترفع تلك الإجراءات بعد بضع ساعات. وطلبت الشرطة من المسلمين تفادي الذهاب إلى المساجد “في كافة أنحاء نيوزيلندا”.
ورفعت البلاد مستوى الإنذار فيها إلى “عالٍ”.  وكإجراء وقائي، فجرت الشرطة حقيبتين بدا أنهما متروكتان قرب محطة قطار في أوكلاند.  وداهمت الشرطة أيضاً منزلاً له علاقة بالهجوم وأخلت الحي الذي يتواجد فيه.
وروى شاهد لموقع الأخبار النيوزلندي “ستاف” أنه كان يؤدي الصلاة في مسجد النور على جادة دينز عندما سمع صوت إطلاق النار. ولدى محاولته الهرب، شاهد جثة زوجته صريعة أمام المسجد.  
وقال رجل آخر إنه شاهد أطفالاً يقتلون، متابعاً أن “الجثث كانت في كلّ مكان”.  وقال شاهد لإذاعة “راديو نيوزيلاند” إنه سمع إطلاق النار ورأى أربعة اشخاص ممددين على الأرض “والدماء في كل مكان”.  وعمليات القتل الجماعية نادرة جداً في نيوزيلندا التي شددت قوانينها بشأن حمل الأسلحة في عام 1992، بعد عامين من قيام رجل يعاني من مشاكل نفسية بقتل 13 شخصاً في ساوث آيلند.