+A
A-

الاستجواب البرلماني

يعد الاستجواب أقوى وأمضى وسائل الرقابة البرلمانية وأشدها ضراوة على الحكومة؛ لأنه يحمل بين طياته اتهامًا للحكومة أو أحد أعضائها بالإهمال والتقصير في أدائه لمهام وزارته، فضلًا عما قد يترتب عليه من طرح الثقة بسياسة الوزارة مجتمعة، إذ إنه يؤدي لمناقشات عامة يحق لأي عضو من أعضاء البرلمان الاشتراك فيها، إذ تنتهي تلك المناقشات باتخاذ البرلمان قرارًا في موضوع الاستجواب إما في صالح الوزير المستجوب أو ضده.

الأمر الذي قد يترتب عليه سحب الثقة منه والإطاحة به.يتعين لصحة الاستجواب حتى يمكن قبوله والسير في إجراء مناقشته توافر جملة من الشروط الشكلية والموضوعية ورد البعض منها بنص المادة (65) من الدستور، في حين ورد البعض الآخر بالمادة (145) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، كما أنه يقدم من جانب 5 أعضاء على الأقل من أعضاء مجلس النواب إلى أحد الوزراء.تقديم الاستجواب لا يكون إلا من أعضاء مجلس النواب، دون سواهم، ولا يحق لأعضاء مجلس الشورى تقديم استجوابات للوزراء لاقتصار الوظيفة الرقابية على مجلس النواب بمفرده، كما وأنه لا يوجه إلا إلى أحد الوزراء بالحكومة بحيث لا يجوز تقديم استجواب لرئيس مجلس الوزراء، كما لا يجوز تقديم استجواب لمن هم دون الوزير من موظفي الوزارة كوكلاء الوزارة، فضلًا عن عدم جواز تقديم استجواب إلى رؤساء الهيئات العامة.

يتخذ الاستجواب الشكل الكتابي، ويتعين أن يكون موقعًا من مقدميه، وهو ما يعني عدم جواز تقديم الاستجواب شفاهة في جلسات المجلس، ويتعين أن يرفق بطلب الاستجواب مذكرة شارحة له تتضمن بيانًا بالأمور المستجوب عنها، والواقعات والنقاط الرئيسة التي يتناولها الاستجواب والأسباب التي يستند إليها مقدمو الاستجواب، ووجه المخالفة المنسوبة إلى الوزير المستجوب، وأسانيد المستجوبين التي يرتكنون إليها. كما أن الاستجواب يسقط إذا تخلى من وجه إليه الاستجواب عن منصبه؛ أساس ذلك أن المجلس لا يملك محاسبة وزير زالت صفته.

يجوز لأي من مقدمي الاستجواب حق استرداده في أي وقت إما بطلب كتابي لرئيس المجلس وإما شفاهةً بالجلسة، فإذا ترتب على هذا الاسترداد أن نقص عدد المستجوبين عن 5، يستبعد الاستجواب من جدول الأعمال ولا ينظر فيه، كما أن الاستجواب يسقط بزوال صفة الوزير الموجه إليه الاستجواب سواء بإقالته أو باستقالته أو بتغير تشكيل الحكومة وخروجه منها أو توليه حقيبة أخرى، أي تغير صفته الوزارية، يسقط الاستجواب المتبقي دون مناقشة بانتهاء دور الانعقاد الذي قدم خلاله، ولا يخل ذلك بحق الأعضاء في تجديد الاستجواب، وذلك بتقديمه مع بداية الدورة البرلمانية الجديدة.

يسقط الاستجواب بانتهاء عضوية أحد مقدمي الاستجواب إذا ترتب على ذلك تخلف شرط النصاب العددي بنقص عدد المستجوبين عن خمسة، بعد تقديم الاستجواب يتولى مكتب المجلس التحقق من توافر شروط الاستجواب، فإذا رأى مكتب المجلس عدم توافر الشروط الشكلية في الاستجواب قرر استبعاده مع إبلاغ مقدميه بذلك. ولمقدمي الاستجواب الاعتراض على القرار خلال أسبوع من تاريخ إبلاغهم، فإن اعترضوا في تلك المدة عرض الأمر على المجلس في أول جلسة تالية للبت فيه دون مناقشة. عقب تحقق مكتب المجلس من توافر الشروط الشكلية للاستجواب يعرض رئيس المجلس الاستجواب على لجنة مشكلة من رؤساء ونواب رؤساء اللجان النوعية، من غير مقدمي الاستجواب لإعداد تقرير بشأن مدى جديته، وعلى اللجنة إنجاز التقرير في موعد لا يجاوز 7 أيام من تاريخ عرض الاستجواب عليها. وللجنة في سبيل التحقق من جدية الاستجواب أن تتأكد من توافر الوقائع والمستندات والأدلة المؤيدة لوجهة نظر مقدمي الاستجواب، ويعرض تقرير اللجنة على المجلس في أول جلسة تالية لإعداده.

وعقب التحقق من جدية الاستجواب من جانب اللجنة المختصة بذلك ترفع اللجنة تقريرها إلى المجلس، بحيث يتم عرضه على المجلس في أول جلسة تالية لإعداده. ومن ثم يتولى رئيس المجلس إبلاغ الوزير المستجوب وإخطار مقدمي الاستجواب بذلك كتابة. وتجري مناقشة الاستجواب في المجلس ما لم يقرر أغلب أعضائه مناقشته في اللجنة المختصة. وعلى المجلس قبل الشروع في مناقشة الاستجواب القيام بالتصويت على مسألة أن تكون مناقشته في اللجنة المختصة من عدمه.

الاقتراحات التي قد تسفر عنها مناقشة الاستجواب بالمجلس تتمثل إما في الانتقال إلى جدول الأعمال أو إدانة الوزير المستجوب. وفي الحالتين يتم التصويت على الاقتراحات، فيتم البدء بالتصويت عليه أولًا بحيث إذا وافق عليه المجلس ينتهي الاستجواب. أما في حال رفضه، فيصوت على الاقتراح بإدانة الوزير، والذي قد ينتهي بدوره إلى الموافقة على إدانة الوزير أو رفض ذلك.

إذا قرر المجلس مناقشة الاستجواب في اللجنة المختصة تعين إحالته إليها بعد التحقق من جدية الاستجواب بمعرفة اللجنة. ولا يجوز مناقشة الاستجواب في اللجنة المختصة إلا بعد ثمانية أيام على الأقل من يوم تقديمه، وإن كان يجوز مد أجل مناقشة الاستجواب إلى أسبوعين على الأكثر بناءً على طلب الوزير المستجوب، ولا يجوز التأجيل لأكثر من تلك المدة إلا بقرار من اللجنة، وللّجنة المختصة بمناقشة الاستجواب أن تطلب أية بيانات من الوزير المستجوب تكون لازمة لاستجلاء حقيقة الأمر بالنسبة لموضوع الاستجواب وذلك عن طريق مخاطبة رئيس المجلس بذلك كتابة قبل الجلسة المحددة؛ لمناقشة الاستجواب بوقت كاف، بعد انتهاء اللجنة المختصة من مناقشة الاستجواب تضع تقريرا برأيها تُضمنه مقترحاتها بشأن الاستجواب يرفعه رئيس اللجنة إلى رئيس المجلس الذي يُعرضه بدوره على المجلس في أول جلسة تالية لرفعه إليه. وهذا التقرير لا يخرج عن أحد احتمالين لا ثالث لهما، وهما إما الانتقال إلى جدول الأعمال أو إدانة الوزير المستجوب.

بعد رفع التقرير إلى المجلس يتولى المجلس البت فيما انتهى إليه التقرير، فإذا كان التقرير قد انتهى إلى الانتقال إلى جدول الأعمال، فإن المجلس يصوت على ذلك بلا مناقشة. أما إذا انتهى بإدانة الوزير المستجوب، فيتم إجراء مناقشة بالمجلس قبل التصويت على توصية اللجنة بالإدانة. وتكون تلك المناقشة بسماع آراء الأعضاء المؤيدين للاستجواب والمعارضين له بالتناوب.