+A
A-

عبدالرحمن جمشير العزيمة أساس تجاوز التحديات وتحقيق الإنجازات

شوري متمرس واقتصادي بامتياز

من أوائل البحرينيين العاملين بمنظمات الأمم المتحدة

ابتعثتني الحكومة إلى بيروت لاستكمال دراستي الجامعية

رئيس مجلس إدارة شركة دلمون للدواجن

أحد أعضاء اللجنة العليا لإعداد ميثاق العمل الوطني

عدت إلى البحرين من روما بالسيارة في رحلة استغرقت شهرين

 

على قدر أهل العزم تأتي العزائم.... وتأتي على قدر الكرام المكارم . بيت شعري للمتنبي يؤمن به ضيفنا لهذا الأسبوع عبدالرحمن محمد سيف جمشير، إذ يري أن العزيمة أساس العطاء والإنجاز، وله في هذا مثل، إذ يقتدي بعبدالرحمن الداخل مؤسس الدولة الأموية في الأندلس، الذي مر بصعاب مهولة، إلا أنه لم ييأس أو يضعف، وإنما استطاع أن يعيد بناء نفسه وأسس دولة عظيمة.

ولمحدثنا مساهمات كبيرة في مجالات عدة، إذ ساهم في تأسيس العديد من الشركات الوطنية، ومنها الشركة الوطنية للاستيراد والتصدير وشركة دلمون للدواجن.

وكان عضوا في مجلس الشورى السابق (الاستشاري)، وضمن أعضاء اللجنة العليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني، وعين عضوا بمجلس الشورى منذ 2002 وحتى يومنا هذا، وله إسهامات كثيرة في المداخلات والاشتراك في تقديم الاقتراحات بقوانين وغيرها.

“البلاد” التقت عضو مجلس الشورى الحاصل على وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الثانية، وحاولت سبر أغوار حياته، وفيما يلي نص اللقاء معه:

 

* مسقط الرأس والتعليم

ولدت في المحرق في 18 يوليو العام 1944، ودرست في المدرسة التحضيرية الجنوبية، ثم مدرسة الهداية الخليفية، وبعد ذلك المدرسة الثانوية بالمنامة. وبعد التخرج من الثانوية الصف الرابع، حيث لم يستحدث التوجيهي آنذاك، وكنت من الطلبة المتفوقين، حصلت على بعثة دراسية للدراسة بالجامعة الأميركية في بيروت، فالتحقت أولا بالكلية العامة  وبعد ذلك الجامعة الأميركية وتخرجت منها سنة 1967 بشهادة بكالوريوس علوم زراعية ودبلوم الهندسة الزراعية تخصص تغذية وصناعات غذائية.

كنت نشطا منذ طفولتي وكنت من أوائل الذين كونوا فرقا لكرة القدم، إذ حمل الفريق الأول اسم “التعهد” الذي انضم لاحقًا إلى فريق “الشباب”، فاطلقنا عليه اسم “الوحدة”. ثم سافرت إلى بيروت للدراسة ومارست كرة القدم كهواية ضمن فريق الكلية.

كما كنت نشطا اجتماعيا وسياسيا، وكنت أمين سر رابطة طلبة البحرين في بيروت. وفي الجامعة كانت قضية فلسطين شغلنا الشاغل، إذ عشت فترة حرب 1967، ثم تداعيات الهزيمة التي كانت مؤلمة لنا كشباب، حيث صادفت سنة تخرجي من الجامعة وعودتي إلى البحرين. ولا أزال أتذكر أن الأمير الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه) أرسل طائرة خاصة لنقل طلبة البحرين من بيروت؛ استجابة لطلب أهاليهم وقلقهم عليهم.

بداية العمل الحكومي

بعد تخرجي عملت بدائرة الزراعة برئاسة الشيخ إبراهيم بن حمد بن عبدالله آل خليفة، وكان من حسن حظي أن أكون معه في معظم سفرياته الرسمية، وكنت في الزراعة أشغل منصب رئيس قسم التسويق والاقتصاد الزراعي ومسؤولا عن العلاقات مع المنظمات العربية والدولية.

في العام 1970 تم اختياري ضمن برنامج تأهيل الخبراء للعمل في منظمة الأغذية والزراعة بروما - إيطاليا، فكنت من أوائل البحرينيين العاملين في منظمات الأمم المتحدة المتخصصة.

بعد انتهاء عملي في المنظمة، عدت إلى البحرين من روما بالسيارة لوحدي، وكان مسار الرحلة من روما إلى نابولي، ثم بالفيري والسيارة معي إلى تونس ثم ليبيا ومصر وإلى بيروت بالباخرة ثم سوريا والعراق، وصادف أن التقيت  في الطريق رئيس المجلس الأعلى للصحة الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة، وهو كذلك بسيارته وكنا نسير على الطريق معا إلى أن وصلنا الكويت، ثم واصلت الرحلة إلى الخبر بالسعودية، فشحنت السيارة بـ “اللنج” لعدم وجود جسر آنذاك. واستغرقت هذه الرحلة السياحية الممتعة تقريبا شهرين كانت فيها مغامرة واعتماد على النفس.

المساهمة في تأسيس الشركات

عملت في إدارة الزراعة أشهرا عدة بعد عوتي من روما، وكان يرأس هذه الدائرة آنذاك المرحوم سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة بعد تأسيس مجلس الدولة وسُميتْ إدارة البلديات والزراعة. في مارس 1973 تم انتدابي لمنصب المدير العام للشركة الوطنية للاستيراد والتصدير (شركة مساهمة عامة) برأس مال مليون دينار. كانت في البداية شركة تجارية لتأمين استيراد المواد الأساسية من الأسمنت والرز والسكر، وتحولت بعد ذلك في 1997 إلى شركة استثمارية بجانب نشاطها التجاري. ويبلغ رأس مال الشركة في الوقت الحالي نحو 14 مليون، وهذه الزيادة في رأس المال ناتجة في الأساس إلى الأسهم المنحة المجانية التي كانت توزعها الشركة على المساهمين بجانب الأرباح النقدية التي بلغت اكثر من 80 مليون دينار. هذه الشركة هي من الشركات الناجحة، والتي استطاعت أن تحافظ على توازنها بعد الأزمة المالية العام 2008، وعملت على توفير المواد الأساسية وذلك بدعم من الحكومة الرشيدة. ثم تم انتخابي عضوا في مجلس الإدارة وعضوا منتدبا، والآن نائبا لرئيس مجلس الإدارة، واعتبرها من الشركات التي تأسست وقامت على سواعد بحرينية.

ثم ساهمت مع الأخوين محمد المناعي ويوسف الصالح في تأسيس شركة دلمون للدواجن (شركة مساهمة عامة) وبتشجيع من الحكومة بحسب دراسة من شركة استشارية لعمل شركة حاضنة لمربي الدواجن يتم عن طريقها احتضان ومساعدة مربي الدجاج اللاحم عن طريق إنشاء مصنع للعلف ومذبح ومفرخة لإنتاج الصيصان، كنت في بداية التأسيس عضوا منتدبا، والآن رئيسا لمجلس الإدارة.

واشتركت كذلك نيابة عن شركة الاستيراد في تأسيس الشركة السعودية البحرينية للأسمنت في السعودية، بالمنطقة الشرقية مع المرحوم الشيخ أحمد الجفالي والشيخ سليمان الراجحي وسافرنا معا إلى ألمانيا لتوقيع بناء المصنع. بعد التأسيس والإنتاج لعدة سنوات إرتأى مجلس الإدارة الذي كنت عضوا فيه الاندماج مع شركة الأسمنت السعودية.

ولتأمين مادة الأسمنت الحيوية للسوق البحرينية، تم تأسيس الشركة المتحدة للأسمنت في البحرين بالشراكة مع شركة الأسمنت السعودية وشركات الخرسانة الجاهزة، وشركة الاستيراد، وأشغل منصب نائب رئيس مجلس الإدارة في هذه الشركة. تعمل هذه الشركة على استيراد الأسمنت السعودي والإماراتي وتوزيعه بالبحرين.

الغرفة التجارية وحماية التجار

ترشحت لانتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين في 1984 ضمن قائمة يوسف العوضي وحمد أبل وإبراهيم فقيهي، ونجحت قائمتنا، وأصبحت عضوا في مجلس الإدارة وانتخبنا المرحوم جاسم فخرو رئيسا. وأرى أن الغرفة التجارية لديها تجربة غنية في الانتخابات والدفاع عن مصالح التجار وخصوصا التاجر الصغير؛ كونها أقدم الغرف التجارية في منطقة الخليج. كانت تجربتي في مجلس إدارة الغرفة فريدة من نوعها، وكان هناك تعاون واحترام ورغبة لخدمة التاجر والاقتصاد. أتمنى أن تكون الغرفة برئاسة الأخ سمير ناس قوية وقادرة على أداء دورها وتدافع عن حقوق التجار وخصوصا التاجر الصغير.

لقاء المبعوث الأممي لتأكيد عروبة البحرين

كانت عروبة البحرين تتصدر الأولية على الصعيد الدولي قبل استقلال البحرين عندما كنت أمين سر نادي البحرين بالمحرق من العام 1968 إلى 1971. أتت بعثة من الأمم المتحدة برئاسة الإيطالي ويني سبير، وكنت ضمن الوفد الذي التقى بالمبعوث الأممي مع المرحوم جاسم مراد والمرحوم راشد العريفي، وكنا نحن الثلاثة ممثلي نادي البحرين الذي كان آنذاك يمثل المحرق وناقشناه في موضوع عروبة البحرين وعدم التنازل عنها واستندنا في نقاشنا معه على أسس تاريخية وجغرافية وكذلك عدم التنازل عن حكم آل خليفة للبحرين، وأن تكون البحرين دولة عربية مستقلة عضوا بالجامعة العربية والأمم المتحدة. وقد أُعجب المبعوث الأممي بنقاشنا وطرحنا المنطقي.

نادي الخريجين والسيرة السياسية والبرلمانية

في العام 1993 انتخبت رئيسا لنادي الخريجين ومازلت رئيسا لهذا النادي الذي يضم نخبة من خريجي الجامعات ومثقفي البحرين. وكان للنادي دور وطني واجتماعي وثقافي في البحرين يشهد له بذلك الجميع. في العام 1993 اخترت من جانب الأندية الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني لإلقاء كلمة وتقديم وثيقة العهد والولاء لسمو الأمير الراحل الشيخ عيسي بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه) أكدنا فيها وقوفنا بجانب قيادتنا والحفاظ على وحدة وطننا.

في العام 1996 تم اختياري من جانب القيادة لأكون عضوا في مجلس الشورى الاستشاري للفصل الثاني، والذي كان برئاسة المرحوم إبراهيم حميدان.

وحينما برزت على الساحة الخلاف الحدودي بين قطر والبحرين بشأن جزر حوار وتحويل القضية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، شكلنا على إثر ذلك لجنة وطنية لدعم قضيتنا في المحكمة الدولية، هذه اللجنة برئاستي، فشكلنا ثنائية داعمة مع الفريق القانوني الذي يدافع عن القضية في المحكمة الدولية.

ميثاق العمل الوطني

في العام 2000 وفي خطاب جلالة الملك لدى افتتاحه الفصل التشريعي الثالث لمجلس الشورى الاستشاري تعهد جلالته بتقديم برنامجا إصلاحيا للدولة لإحداث نقلة نوعية للبحرين وخطوة متقدمة في مسيرة التحديث السياسي للدولة والنظم والمؤسسات بما يلبي تطلعات شعب البحرين. بعد ذلك، أصدر جلالته الأمر الأميري السامي رقم (36) و(43) لسنة 2000 بتشكيل اللجنة العليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني. تتكون هذه اللجنة من 46 عضوا وكنت من ضمنهم. وفي أول اجتماع لهذه اللجنة تم انتخابي أمينا عاما لها وعضوا في لجنة الصياغة. وأذكر أننا أنجزنا صياغة وثيقة مشروع ميثاق العمل الوطني خلال شهر واحد.

كانت الملامح الأساسية لمشروع الميثاق هو تحديث سلطات الدولة ومؤسساتها وتشكيل السلطة التشريعية من مجلسين متوازنين ومتعاونين، أحد هذين المجلسين مجلس نيابي مكون من 40 نائبا منتخبين انتخابا حرا مباشرا من جانب المواطنين كافة رجالا ونساء إلى جانب مجلس الشوري المعين من قبل جلالة الملك والمكون من 40 عضوا يمثلون خيرة أهل العلم والخبرة مما يؤدي إلى تجديد دستوري وتحديث مؤسسي حسب صيغة متوازنة تستوعب دروس الماضي وتواجه متطلبات المستقبل.

وتم تقديم مشروع ميثاق العمل الوطني إلى جلالة الملك في احتفال كبير في ديسمبر 2000، إذ تعهد جلالته بطرح هذه الوثيقة التاريخية للاستفتاء العام. وفي يوم الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني 14 فبراير 2002، خرج شعب البحرين عن بكرة أبيه رجالا ونساء للتصويت بنعم كبيرة، ونالت هذه الوثيقة ما يفوق نسبة 98 % بالموافقة. وبناء على هذه النتيجة، بدء العمل على تنفيذ توصيات الميثاق، وتم تشكيل لجنة لإعداد الصيغ الدستورية؛ لإجراء التعديلات الدستورية كما جاءت في الميثاق، ولجنة أخرى لتفعيل الميثاق.

وتوالت الإصلاحات في الدولة حسب وعد جلالة الملك، وتمت الدعوة لإجراء انتخابات المجالس البلدية، تلتها الدعوة للانتخابات النيابية، وبعدها صدر الأمر الملكي بتعيين أعضاء مجلس الشوري، وشرفني جلالته بعضوية المجلس في الفصل التشريعي الأول. وفي أول اجتماع له تم انتخابي النائب الأول للرئيس، واستمر هذا في كل دور انعقاد حتى دور الانعقاد الرابع. في 2006 تم تعيني في البرلمان العربي، ومازلت عضوا فيه.

المرأة والسلطة التشريعية

يقول جمشير إن السلطة التشريعية على مدى 4 فصول (16 سنة) استطاعت أن ترفع إلى جلالة الملك للتصديق الكثير من مشاريع القوانين المهمة التي تنظم العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والصحي والأمني والحقوقي، لعل أهمها قانون الأسرة الذي أعطى المرأة حقوقها الشرعية ومكنها من الحفاظ على الأسرة.

كما ساهم المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، بدور كبير في تأهيل المرأة وتمكينها ومساعدتها في التغلب على الكثير من المشكلات التي تعترضها في مشوارها، وتشكل المرأة نسبة 18.75 % من العدد الكلي لأعضاء السلطة التشريعية. كما عالج المشروع الإصلاحي الكثير من المشكلات الاقتصادية والسياسية.