+A
A-

الإعلام الحديث والسلوك العدواني عند الأطفال

يعتبر الأطفال ثروة كل أمة، وعماد مستقبلها، ولكونهم هكذا فقد باتت رعايتهم، والاهتمام بهم، من أولى واجبات آبائهم أولا، والمدارس والدوائر والجمعيات والمنظمات المحلية المعنية بتنشئتهم صحيا وثقافيا واجتماعيا وتربويا ثانيا.

وقد ينجح الطفل في التغلب على الصعوبات التي تواجهه، ويكون نجاحه هذا عاملا يزيد من قدرته في التغلب على المواقف الأكثر صعوبة في المستقبل.. إلا أن بعض هذه الصعوبات والمشكلات والأزمات التي تجابه الطفل تتخطى حدود الاستطاعة والقدرة العادية فتهز شعوره وتهدد كيانه النفسي وتؤدي إلى تغير شامل في حياته وحياة أسرته ومجتمعه. ويظهر هذا التغيير واضحا في سلوك مرفوض يتمثل في العنف والعدوانية.

وتعتبر ظاهرة العدوان ظاهرة قديمة منذ الأزل، ويذكر القرآن الكريم كيف أن الملائكة سألوا الله عز وجل عن كيفية جعل آدم ونسله خلفاء على الأرض وفيهم من يفسد ويريق الدماء بالقتل والعدوان.

يمثل العدوان ظاهرة سلوكية مهمة في حياة الفرد، فنحن نلاحظه في سلوك الفرد السوي وغير السوي، ويعتبر العدوان مفهوما غامضا تتعدد معانيه وتتداخل العوامل التي تمهد له، وتتنوع النظريات المفسرة لماهيته، ومن هنا اختلفت الرؤى والتفسيرات التي حاولت تحديد مصادره ووسائله وغاياته ونتائجه.

ولكن العدوانية تعتبر ظاهرة عامة بين البشر يمارسها الإنسان بأساليب متعددة وتأخذ صورا كثيرة مثل التنافس في العمل والمدرسة واللعب، ويكون العدوان عن طريق التعبير باللفظ أو العدوان البدني وأحيانا يكون السلوك العدواني فرديا مثل إيقاع شخص الأذى بشخص آخر أو مجموعة أشخاص وأحيانا يكون السلوك العدواني جماعيا مثل أن تقوم جماعة بإيقاع الأذى بفرد أو مجموعة أخرى.

ويعتبر السلوك العدواني عند الأطفال خصوصا مشكلة نفسية واجتماعية مهمة، وقد يكون للإعلام دور كبير في مشكلة السلوك العدواني عند الأطفال، فالإعلام المرئي الموجه بجميع وسائله من تلفزيون وسينما ومسرح يقلب الحقائق ويؤثر في الناس سواء بالسلب أو الإيجاب وأكثر فئة من الممكن أن يكون لوسائل الإعلام عليها هم فئة الأطفال.

ويعتبر الإعلام الحديث الذي أصبحت الحروب ومناطق الاضطرابات تشكل مادة ممتازة ومؤثرة له من أهم العوامل التي تزيد من نسبة العنف لدى أطفالنا، ولقد أظهرت دراسات عديدة زيادة نسبة العنف لدى الأطفال خصوصا بعد الانتفاضة الثانية ومشاهدة الأطفال لمشاهد مؤثرة من خلال التلفاز، وعليه فلقد ارتأى الطالب أن يقوم بهذه الدراسة لعله في هذا الجهد المتواضع تكون هناك فائدة بسيطة لخدمة أطفالنا ومجتمعنا.

فمن الممكن لوسائل الإعلام الحديث أن تقوم وبعد فترة طويلة من الزمن ومن التكرار على فكرة معينة أن تحول قيما غير مرغوب بها إلى قيم اجتماعية مرغوبة، وذلك مثل العنف والسلوك العدواني المهيأ من قبل وسائل الإعلام على أنه سلوك اجتماعي مرغوب ومظهر طبيعي.

إن البحث عن أسباب مشكلة السلوك العدواني عند الأطفال مهمة جداً، خصوصاً تأثير وسائل الإعلام الحديث على زيادة هذا السلوك أو الحد منه، ولكن الأهم من ذلك هو محاولة علاج هذه المشكلة.

إن أطفالنا أمانة في أعناقنا وعليه يجب أن نقوم بالتدقيق بكل ما يقومون بمشاهدته عبر وسائل الإعلام المرئية المختلفة والتي أصبحت بعيدة عن الرقابة وتقوم بعرض الكثير من مشاهد العنف والدمار والتي قد تؤثر سلبا على حياة أطفالنا في المستقبل.

فادي الدحدوح