+A
A-

ارحموا هذه الفئة من البشر

منذ 50 سنة مضت، ذهبت مدينة بومبي - حاليًا ممبي - مع العائلة بغرض العلاج، وحينها كان العمل قائما على قدم وساق لبناء فندق تاج محل المقابل لبوابة الهند في حي كولابا الساحلي السياحي النظيف الجميل ليلًا ونهارًا، حيث البحر والجزر البعيدة وأهمها جزيرة “الفنتا”.

في ذلك الوقت لم تكن قد دخلت بعد إلى الهند رافعات البناء العملاقة التي ترفع أطنانًا ثقالًا بلمسة زر.

فكان الوصول إلى الطوابق العلوية من ذلك المبنى تتم بواسطة السلالم (السكلات) المصنوعة من أشجار “البامبو”، وترى العمال من الرجال والنساء، يحيطون بالمبنى على “السكلات” وهم يحملون الأحجار والأسمنت ولوازم البناء الأخرى، كأنهم أسراب من النمل متصلة بعضها ببعض من الأسفل إلى الأعلى وبالعكس، ولله العجب، كيف يسيرون على تلك السلالم بكل ثقة وتوازن!؟

وزرت هذه المدينة الجميلة مرة أخرى المشهورة بأطبائها للغرض نفسه بعد عقود عدة، وللعجب العجاب، رأيت العمارات الشاهقة وسط ممبي وعلى سواحلها، تستعمل الرافعات الحديثة في إنشاء الأبراج العالية، واختفى البامبو وانتهى شقاء الإنسان الهندي من الجنسين، صدق الله العظيم في قوله “علم الإنسان ما لم يعلم”، صحيح أن هذه الاختراعات وفرت الوقت والجهد والمال لأصحاب المشاريع العمرانية الكبيرة، إلا أنها حرمت كثيرا من العمال من أرزاقهم خصوصا في الهند التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من مليار نسمة.

الآن توجد فئة من العمال في البحرين، لا تزال تشقى في كسب لقمة عيشها، مثال على ذلك عمال توصيل أسطوانات الغاز إلى البيوت، هؤلاء يلقون مشقة في شحن الأسطوانات في السيارات من المصنع وتسليمها إلى أصحاب المنازل والشقق وبجهد جهيد اعتمادا على قوتهم البدنية.

والنوع الثاني من هؤلاء العمال، الذين يعملون في تركيب المكيفات التقليدية (مكيفات النوافذ)، وهي ثقيلة جدا، ويضطر هؤلاء العمال على حملها على ظهر أحدهم، ويزداد العناء إذا كان المطلوب تثبيت هذا المكيف في شقة في عمارة من 3 طوابق أو أكثر.

نفس هذه المعاناة كان يكابدها عمال توصيل الطابوق إلى أمكنة التعمير، وبفضل الاختراعات، زودت السيارات التي تحمل الطابوق برافعات، لماذا لا نطلب من العلماء والمخترعين في أي دولة من العالم، ولا أقلل من مقدرة علمائنا من الشباب الواعد، إيجاد وسيلة تخفف أعباء هؤلاء العمال والمحافظة على سلامتهم ونجاتهم، من أي حادث قد يقعدهم عن العمل؟ خصوصا أننا دولة تعشق الحرية ومعاملة الوافدين معاملة إنسانية.

يوسف بوزيد