+A
A-

“يوم المدن” تقدير عالمي لمبادرات سمو رئيس الوزراء

جاءت مشاركة مملكة البحرين في احتفالية يوم المدن العالمي 2018، التي أقامها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية “الموئل”، في مدينة ليفربول البريطانية، تحت شعار “بناء مدن مستدامة ومرنة”؛ لتسلط الضوء على الدور البارز الذي تحظى به المملكة على صعيد دفع الجهود الأممية في مجال التنمية المستدامة. وتم اختيار مملكة البحرين لاستعراض رؤيتها وجهودها في مجال التنمية الحضرية والمستدامة؛ تأكيدا للنجاحات التي حققتها في ظل التوجيهات والرؤية الحكيمة لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والتي جعلت من البحرين نموذجا في مجال التنمية الحضرية المستدامة.

وجسدت المشاركة أيضا التقدير الذي يحظى به رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة في مجال التنمية المستدامة، وهو ما ظهر واضحًا من خلال تصريحات المدير العام لبرنامج الأمم المتحدة “الموئل” ميمونة شريف، والتي أعربت فيها عن تقديرها العميق لصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء على التزام سموه الدائم بدعم مسيرة التنمية الحضرية المستدامة، عبر المبادرات التي يطلقها سموه، والتي تسهم في دعم مسار التنمية على المستوى المحلي وعلى رأسها جائزة سموه للتنمية الحضرية والتنمية المستدامة، والتي عززت مكانة البحرين العالمية على خريطة التنمية المستدامة، وباتت واحدة من الجوائز الدولية المرموقة التي تحظى باهتمام متزايد نظرا لدورها في تحفيز جهود الأفراد والمنظمات الكبرى الداعمة للتنمية.

ولاشك في أن اختيار مملكة البحرين من قبل برنامج “الموئل” للمشاركة في هذا الاحتفالية الدولية وتوجيه كلمة رئيسية ألقاها الشيخ حسام بن عيسى آل خليفة رئيس لجنة جائزة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة للتنمية المستدامة، يؤكد جملة من الحقائق، أبرزها:

أولا: أن مملكة البحرين بقيادة صاحب جلالة الملك خطت خطوات في المجال التنموي، وأن رسالة البحرين إلى العالم تقوم على مبادئ التعاون والشراكة؛ من أجل مستقبل أفضل للبشرية.

ثانيا: أن نجاح مملكة البحرين في تحقيق غالبية أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 ومن قبلها الأهداف الإنمائية للألفية باتت قصة نجاح وتجربة تحظى بسمعة دولية طيبة وتعد نموذجا جدير أن يحتذى، فالمملكة استطاعت أن تتجاوز التحديات الجغرافية وقلة الموارد من خلال اتباع أفضل الممارسات على صعيد التنمية وحرصت الحكومة في برامج عملها أن يكون هناك توازن بين احتياجات الحاضر والمستقبل.

ثالثا: أن البحرين من أوائل الدول في إنجاز الأهداف الإنمائية للألفية قبل حلول موعدها في العام 2015، وتسير بخطى واثقة على طريق تحقيق لأهداف التنمية المستدامة 2030، وهو ما لاقى حفاوة دولية كبيرة عند قيام البحرين بتقديم تقريرها الوطني الطوعي الأول خلال المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة الذي عُقد بمقر المنظمة الدولية في نيويورك في يوليو 2018.

رابعا: وجود مملكة البحرين في هذا التجمع الدولي الذي يناقش واقع المدن شكّل فرصة لتعريف العالم بمملكة البحرين؛ باعتبارها دولة ذات تاريخ حضاري طويل يمتد لآلاف السنين، وكيف أنها تدرك القيمة التاريخية والتراثية للمدن العريقة، إذ عملت على الاهتمام بمدنها التاريخية عبر مجموعة من البرامج التي تحفظ لهذه المدن قيمتها التاريخية وتربطها في ذات الوقت بمتطلبات العصر الحديث.

خامسا: استطاعت مملكة البحرين تكريس مكانتها عضوا فاعلا في المجتمع الدولي من خلال الاهتمام المتزايد الذي توليه الحكومة برئاسة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة لدفع التحرك الأممي إلى تنفيذ خطط التنمية الحضرية المستدامة، التي ترتبط بشكل وثيق بتحسين الأحوال المعيشية للإنسان في كل بقاع العالم.

سادسا: مشاركة البحرين للمجتمع الدولي في هذا الحدث العالمي تثبت مشاطرتها للعالم في جهوده وتطلعاته من أجل عالم أكثر رخاءً واستقرارًا من منطلق إيمانها العميق بأن التعاون الدولي والعمل الجماعي البناء قادر على قيادة مبادرات مبتكرة تدعم عملية التحضر المستدام وتقود جهود الدول والمجتمعات لتحقيق التنمية الحضرية المأمولة.

وجسّد حرص مملكة البحرين على المشاركة بفاعلية في هذه الاحتفالية الدولية حرصها على مشاركة المجتمع الدولي جهوده في تنمية المدن؛ لما لها من أهمية في الوقت الحاضر باعتبارها الحاضنة للنسبة الأكبر من عدد السكان في العالم بنسبة تتجاوز 60 %، وتأكيدا على تجربة المملكة التي بدأت منذ الخمسينات والستينات في الاهتمام بإنشاء المدن التي تستوعب الزيادة السكانية.

ولم يكن اهتمام البحرين بالتوسع في إقامة المدن الحديثة والجديدة سببًا في إغفال المدن العريقة والتراثية، بل إن الحكومة تبنت العديد من الخطط والاستراتيجيات لتطوير المدن التاريخية بما يحفظ لها رونقها وقيمتها التراثية من جهة وبما يمكن قاطنيها من الاستفادة من الخدمات الحديثة والعصرية في مختلف مجالات التنمية المستدامة كالصحة والتعليم والبنية التحتية والاتصالات، ومن أبرز هذه المشروعات “طريق اللؤلؤ” المسجل ضمن قائمة التراث العالمي خلال العام 2012 للتطوير والترميم ويمتد على مسافة 3 كيلومترات بداية من هيرات اللؤلؤ بالقرب من قلعة بوماهر، التي تعود إلى سنة 1840، وصولًا إلى بيت سيادي في قلب المحرّق.

وحرصت حكومة مملكة البحرين في اهتمامها بالمدن مراعاة أحدث النظم العصرية بما يضمن أن تكون المدن ذات مظهر جمالي واضح في الشكل والتصميم ورفدها بالخدمات الأساسية التي تلبي متطلبات جودة الحياة على المستويات كافة، خصوصا أن المدن في التطور العمراني الراهن لم تعد فقط مكانا للسكن وفقط، بل أصبحت ملمحا حضاريا.

كما راعت الحكومة في إنشائها للمدن الجوانب البيئية إيمانًا منها بأن تحقيق متطلبات الاستدامة التنموية لا يمكن أن يتم دون التركيز على مراعاة حركة التطوير للأوضاع البيئة، ومن هنا فإن التنسيق قائم بين مختلف الأجهزة الحكومية ووزارة الإسكان؛ من أجل بناء مدن نظيفة تراعي اشتراطات الحفاظ على البيئة في الحاضر والمستقبل.

وفي هذا الإطار تعمل وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني على تفعيل مبادرتها الخاصة بالمباني الخضراء المستدامة وذلك كاستراتيجية عمل يتم تطبيقها منذ العام 2010 ويتم تنفيذها فعليًا من خلال مشاريع المباني الجديدة والقائمة لمختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية بالمملكة والتي تقوم بتصميمها والإشراف على تنفيذها أو صيانتها. وفي سياق آخر، فإن المدن كما هو معروف في التطور التاريخي والحضاري هي أكثر الإبداعات البشرية التي استطاعات أن تحقق للشعوب الانسجام والتعايش في مزيج يضمن لهم البيئة المناسبة للعمل والإنتاج، وبالتالي فإنه يمكن وصفها بأنها تجسد المظهر المادي لتطور حركة البشرية، لدرجة أن البعض يصف القرن الحادي والعشرين بأنه قرن المدن، ومن هذا المنطلق فإن مملكة البحرين تعمل على إنجاز تطوير المدن وفق ما أصبح يطلق عليه “المدن الذكية” التي تجمع بين الخدمات والمرافق التقليدية في المدن وتسهيل معاملات الأفراد من خلال تطبيقات “الحكومة الإلكترونية”.

إن وجود البحرين في هذا الاحتفال الدولي الكبير شكل فرصة لاستعراض الجهود التي تقوم بها في مجال حماية البيئة وتبادل الخبرات والتجارب مع الدول المشاركة، والتعريف بخطوات المملكة على صعيد حماية البيئة ومواجهة أثار التغيرات المناخية وهي الرؤية التي يوجه إليها دائما صاحب الجلالة الملك بأهمية المحافظة على البيئة، وهي التي يقوم على تنفيذها رئيس المجلس الأعلى للبيئة الممثل الشخصي لجلالة الملك، سمو الشيخ عبدالله بن حمد بن عيسى آل خليفة.

وجاء الاستعراض الذي قدمه الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة محمد بن دينه، نيابة عن سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة؛ ليوضح طبيعة جهود البحرين في الحفاظ على البيئة وموقفها الداعم للاتفاقيات الدولية حول تغير المناخ والتنمية المستدامة، والتأثيرات المناخية المترتبة على المدن الحضرية عمومًا ومملكة البحرين خصوصا.

 

الخلاصة

إن حرص البحرين على المشاركة في المنتديات والمؤتمرات الدولية المعنية بالنمو الحضري والتنمية المستدامة، يجسد أحد مظاهر الاهتمام الذي تبديه المملكة بمشاركة المجتمع الدولي في جهوده لتنمية الإنسان في كل بقاع العالم؛ وذلك إيمانا بما تشكله مثل هذه المؤتمرات والمنتديات من فرصة لتأكيد نهج المملكة ومساعيها لمساندة الجهود الدولية الرامية إلى توفير الظروف التي تحقق الكرامة الإنسانية وسبل العيش الكريم والاحترام للإنسان في ربوع العالم أجمع.