+A
A-

حمّى الحركات المتطرفة تواصل انتشارها حول العالم

أسفرت الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البرازيل يوم الأحد عن تقدم كبير لجايير بولسونارو مرشح اليمين المتطرف الذي حاز على نحو 46 % من الأصوات. وفي اليوم نفسه تمكن المرشح اليميني المتطرف الصربي ميلوراد دوديك من الفوز بمقعد صرب البوسنة في المجلس الرئاسي الثلاثي لجمهورية البوسنة والهرسك. وتمثل هاتان النتيجتان آخر حلقات الصعود المطرد لليمين المتطرف حول العالم. انضمت البرازيل الأحد إلى مجموعة الدول التي تشهد صعودا لتيارات اليمين المتطرف في العالم، وذلك بعد أن تمكن المرشح اليميني المتطرف جايير بولسونارو من الفوز بـ46 % من أصوات الناخبين في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، متقدما على أقرب منافسيه بـ18 %، إذ لم يحصل المرشح العمالي فرناندو حداد سوى على 28 % من الأصوات.

وفي اليوم نفسه تمكن مرشح يميني متطرف آخر من الفوز بانتخابات في بلاده، إذ فاز ميلوراد دوديك بالمقعد المخصص للصرب في المجلس الرئاسي الثلاثي لجمهورية البوسنة والهرسك. ويمثل فوزه تهديدا لوحدة الجمهورية السابقة، إذ إنها تثير مخاوف من مطالبة القومية الصربية بالانفصال.

وتشكل هاتان النتيجتان حلقة جديدة ضمن سلسلة الصعود الكبير لليمين المتطرف حول العالم، بعد تمكنه من تحقيق أفضل نتائجه في عدد من الدول، وحتى وصوله للحكم في بعض منها، وتأكيد على أن هذا الصعود هو ظاهرة عالمية وليس أوروبية فقط. وفيما يلي عدد من أهم النتائج التي حققها اليمين المتطرف خلال الفترة الأخيرة:

السويد

على الرغم من تحقيقه نتائج أضعف من المتوقع في الانتخابات البرلمانية السويدية التي جرت شهر سبتمبر 2018، تمكن حزب “ديمقراطيو السويد” من تحقيق أفضل نتيجة انتخابية في تاريخه، وفي تاريخ اليمين المتطرف في هذا البلد الإسكندنافي. إذ حصل على 17,6 بالمئة من أصوات الناخبين، وحل ثالثا في البرلمان بعد حزبي اليمين واليسار التقليديين، ليفرض نفسه قوة أساسية في الحياة السياسية للبلاد.

تمكن الحزب من تحقيق هذه النتيجة التاريخية بعد تركيزه في حملته الانتخابية على ملف الهجرة واللجوء، واعتبر القيادي في الحزب ماتياس كارلسون بعد الإعلان عن النتائج أن “الوقت حان لكي تتحمل الأحزاب الأخرى مسؤولياتها وتبدأ بالنقاش مع حزب ديمقراطيو السويد”.

إيطاليا

فيما اعتبر أول نتيجة من نوعها في دولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي، تمكن حزب “رابطة الشمال” اليميني المتطرف من قيادة تحالف، شمل حزب رئيس الوزراء السابق سلفيو برلسكوني، لتصدر نتائج الانتخابات البرلمانية الإيطالية، التي جرت في مارس 2018، بـ37 بالمئة من الأصوات. بينما تمكنت حركة خمس نجوم الشعبوية المعادية للمؤسسات من تحقيق أفضل النتائج الحزبية المنفردة بحصولها على 33 %.

ومثلما هو الحال في السويد، يرجع الفضل في هذه النتيجة التي حققتها الحركتان لبرنامجيهما الانتخابيين اللذين يركزان على الهجرة وعلى انتقاد الاتحاد الأوروبي. وبعدها تحالفا لتشكيل أول حكومة شعبوية في تاريخ البلاد منذ سقوط الفاشية بنهاية الحرب العالمية الثانية، يشغل فيها زعيم “رابطة الشمال” اليميني المتطرف ماتيو سالفيني منصب وزير الداخلية.

النمسا

حقق حزب الحرية اليميني المتطرف نتيجة كبيرة بحصوله على 26,8 ضمن الانتخابات التشريعية التي شهدتها النمسا في أكتوبر 2018، وجاء ثانيا خلف الحزب المسيحي الديمقراطي. وشكل الحزبان تحالفا حكوميا معاديا للهجرة ومناوئا لكثير من سياسات الاتحاد الأوروبي.

ألمانيا

أصبح حزب “البديل من أجل ألمانيا” وحركة بيغيدا اليمينية المتطرفة قوة سياسية لا يستهان بها في ألمانيا. فبينما تثير بيغيدا قلق السلطات دائما بمظاهراتها واحتجاجاتها العنيفة أحيانا خاصة في شرق البلاد ضد وجود المهاجرين، تمكن “البديل من أجل ألمانيا” من تحقيق نتائج قوية في سلسلة من الانتخابات المحلية والإقليمية، وتوج إنجازاته بالحصول على 12,6 % في الانتخابات التشريعية التي جرت في سبتمبر 2018 ليدخل البرلمان للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وبهذه النتيجة حصل الحزب اليميني المتطرف على عشرات المقاعد في البرلمان الألماني، وأجبر الحزبين التقليديين المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي على تحالف حكومي لم يكونا يرغبان به، لتجنب تصويت جديد كان يمكن أن يمنح اليمين المتطرف عددا أكبر من المقاعد.

فرنسا

تمكنت مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية (حزب التجمع الوطني حاليا) اليميني المتطرف من الوصول إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي جرت في أبريل 2017، وخسرتها أمام إيمانويل ماكرون بعد أن حققت نتيجة تاريخية في الدور الثاني بلغت 34,2 %. وعلى الرغم من أن والدها جان ماري لوبان وصل للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2002 بعد تحقيقه 16,86 من الأصوات في الدورة الأولى، وهو أقل مما حققته مارين التي حصدت 21,34 %، لكنه لم يفز سوى بنحو 18 % من الأصوات في الدورة الثانية.

الفلبين

في يونيو 2016 فاز الشعبوي رودريغو دوتيرتي برئاسة الفلبين ببرنامج انتخابي قريب من أفكار اليمين المتطرف، يقوم على الحرب ضد الجريمة والمخدرات، وعلى إنهاء الحركات الانفصالية الإسلامية في جزيرة مندناو. وإن كان دوتيرتي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي الفلبيني “لابان” المحسوب على يسار الوسط، إلا أنه يتبنى خطابا سياسيا قريبا جدا من الحركات المتطرفة.

الولايات المتحدة

أصبح دونالد ترامب في يناير 2017 أول رئيس شعبوي للولايات المتحدة بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر 2016.

وعلى الرغم من أنه وصل لكرسي الرئاسة عبر الحزب الجمهوري، إلا أن خطابه القومي وسياساته الحمائية جعلته المرشح المفضل لحركات اليمين المتطرف في البلاد، الأمر الذي بدا واضحا في الدعم الذي أبداه له عدد من قادة هذه الحركات مثل كوكلوكس كلان. وحتى خلال فترة حكمه بدا قرب خطاب ترامب من هذه الحركات واضحا، بشكل خاص بعد أحداث العنف في مدينة شارلوتسفيل بين ناشطين من دعاة تفوق العرق الأبيض وناشطين مناهضين لهم، إذ لم يُدن ترامب بوضوح حركات اليمين المتطرف على هذه الأحداث، بل ألقى باللائمة على الطرفين دون أي تلميح لأفكار اليمين المتطرف، الأمر الذي قابله دعاة تفوق العرق الأبيض بارتياح شديد.

وبعد انضمام البرازيل إلى هذه القائمة يبقى السؤال: ما هو مستقبل هذه الحركات؟ هل يستمر مسلسل صعودها في العالم؟ وكيف سيؤثر هذا على السياسة والاقتصاد العالمي؟ وهل ستتمكن هذه الحركات من ترسيخ أقدامها في الدول التي وصلت فيها لسدة الحكم، أم أن التحديات التي تواجهها ستودي بها كما أودت بكثير من الحركات السياسية حول العالم في الفترة الأخيرة؟