+A
A-

الكاتبة ندى نسيم لـ “البلاد”: أكتب في أي لحظة أشعر فيها أن روحي أرادت نفض الغبار

ندى نسيم، اختصاصية إرشاد اجتماعي ومدربة في مجال الصحة النفسية، إلا أنها استطاعت أن تكون لها جغرافية خاصة بها في عالم الأدب والإبداع، إذ تمكنت برواية واحدة وهي “ بديع المحيا” أن تجمع حولها قلوب القراء وتثري حياتهم من خلال إبداع متواصل. قدرة ندى على السرد قدرة واضحة وأنت لا تشعر بالملل من الجري وراء التفاصيل التي تسوقها إليك. إنه على أية حال ذلك الشيء الذي يوقظ فينا كل ما هو جميل.

“البلاد” التقت بالروائية ندى نسيم في لقاء أشبه بأغنية خضراء هذا نصه:

- كيف أمكن في خضم مشاغلك العديدة في مجال الإرشاد النفسي والاجتماعي إفراد الوقت اللازم لعمل رواية “بديع المحيا”؟

عندما يكون لدينا هدف نريد أن نحققه ونسعى جاهدين لتنفيذه، لاشيء يصبح مستحيلا مع المشاغل، فلابد أن نحسن إدارة الوقت بطريقة مخططة لنصل إلى مبتغانا وإن كان الأمر يتطلب المزيد من الضغوط، مع الإشارة إلى أنه تم أخذ وقت طويل في إعداد الرواية، إذ استغرقت الكتابة مع الإعداد اللازم ما يقارب السنتين، تم خلالهما الموازنة ما بين العمل في مجال الصحة النفسية وإيجاد الوقت المناسب للكتابة.

- هل يمكنني القول إن روايتك جاءت بعد نضوج تجربة معينة في الحياة؟

نعم بالتأكيد، يمكن القول إن تجربة العمل في مجال الصحة النفسية وبالتحديد في “العيادات النفسية لما يقارب الأربع سنوات” جعلتني قريبة جدا من قضايا الناس ومشاكلهم ومعاناتهم وبالتالي فإن رواية “بديع المحيا”، والتي تحمل في طياتها جوانب كثيرة من التحليل النفسي وطرح مجموعة من القضايا الاجتماعية والنفسية ما هي إلا انعكاس لخبرة إرشادية جاءت بعد سنوات من العمل، فقد أصبح هناك نضوج أكثر في كيفية التعاطي مع مشكلات الناس وكيفية توظيفها في العمل الروائي للاستفادة منها.

- ما مفهومك للرواية؟

الرواية هي تلك القالب الأدبي العميق الذي يستوعب الكثير من الخبرات والتجارب وكل فنون الكلمة، إذ يمكن إدارة الزمن فيها والتحكم في الشخوص وماهي إلا انعكاس لأفكار الكاتب الذي يرد من خلالها إيصال رسالة، أنا أؤمن بأن الرواية رسالة تصل للآخرين بمتعة من خلال السرد المقنع.

- النماذج البشرية “الشخصيات أو الأبطال“، كيف تبنيها ندى؟

في رواية “بديع المحيا” تم بناء شخصيات خيالية وإكسابها السمات اللازمة من خبرة التعامل مع الناس على أرض الواقع فالخيال الروائي هو حصيلة خبرة الكاتب وقناعاته في بناء الشخوص، لذلك تم إبراز جوانب في الشخصيات قريبة من قلوب القراء سواء في إبراز مظاهر الخير أو الشر أو ردة فعل الشخصية في المواقف المختلفة. على سبيل المثال: شخصية البطلة (غالية،) الشخصية المحورية في الرواية، هي في الواقع شخصية خيالية تم بناؤها بعناية جدا وتم تحميلها مجموعة من النكبات، لذلك لاقت تعاطفا وحبا من قبل القراء؛ لأنها تحمل سمات تلامس مجموعة من البشر في الصدق والمحبة والصبر والتفاؤل.

- ما رأيك في حركة النقد؟ يقولون إنها السبب في أزمة الأدب، فهل هي أزمة نقاد أم أزمة كتّاب؟

لا أعتقد أن هناك عملا أدبيا سيأخذ خطوة من النضج والتميز إذا لم يوجه له النقد السليم، عندما طرحت رواية “بديع المحيا” كنت على علم بأن الإشادات بلا شك ستسعدني، ولكن كنت أترقب النقد؛ لأني أعلم أن التحليل العميق والقراءة بين السطور والملاحظات التي أجهلها في بناء الرواية السليمة ستجعلني أتعلم وأستفيد للأعمال المقبلة، أعتقد أن الإشكال أن هناك أزمة نقاد؛ بسبب عدم تسليطهم الضوء الكافي على أعمال الشباب وتبنيها من أجل تقيمها وتعميم الاستفادة.

كروائية شابة... هل استفدتِ من الجيل القديم والمخضرم من أمثال محمد عبدالملك والراحل عبدالله خليفة وفوزية رشيد وأمين صالح؟

الجيل القديم والمخضرم في عالم الرواية البحرينية يستحقون كل التقدير والشكر لقدرتهم على صناعة المشهد الروائي البحريني؛ بفضل أعمالهم المتميزة وتوثيق أسمائهم وإنجازاتهم وذلك يدعو للتفاؤل، أستطيع القول إن من قراءتي للأستاذ محمد عبدالملك وهو من أوائل كتاب الرواية الحديثة، استفدت من أطروحاته التي تأخذ أبعاد نفسية في السرد من خلال تحليل المواقف.

- ما أهم القضايا التي تشغل بال ندى؟

محطتي التي أقف بها دائما تستوعب القضايا النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها الأفراد في المجتمع، وهي القضايا التي تستهوي قلمي للكتابة فيها وإيصالها لزيادة الوعي وتبادل الخبرات.

- لمن تقرئين؟

ليس لدي مرجعية واحدة وثابتة في القراءة؛ لأني أقرأ في مختلف الروايات وأحب الاطلاع على التجارب الروائية المتنوعة، بدأت بنجيب محفوظ ثم انتقلت إلى القراءة في الأدب الفرنسي القديم المترجم وأحيانا أنتقل إلى الروايات الشبابية الحديثة، والمعيار في ذلك هو أنني أبحث عن العمل الذي يحتوي على تقنية عالية في الكتابة إضافة إلى وجود الفلسفة الفكرية العميقة، وكذلك أهتم بالأفكار والقضايا المعاصرة التي تطرحها الروايات الحديثة والتي تحاكي واقعنا وممكن الاستفادة منها.

- ما عاداتك الكتابية؟

تلهمني الأجواء الموسيقية الهادئة للكتابة وكذلك الأماكن الهادئة والمنعزلة والتي يمكن التعايش فيها مع الشخصيات وتحفيز الخيال.أكتب في أي لحظة أشعر فيها أن روحي أرادت أن تنفض الغبار وتشاطر الآخرين همومهم.

- ما مشاريعك الأدبية المستقبلية؟

أعمل حاليا على كتابة رواية جديدة ستتضمن قضايا اجتماعية ونفسية متنوعة في الطرح، وكذلك لدي مجموعة مقالات ثقافية سيتم طرحها في الصحف.