+A
A-

بلديات السويد تقدِّم وجبات للمسنين وتوصلها للمنازل... وربع السويسريين ستينيّون

تنشر “البلاد” على حلقات أبرز ما يتضمنه كتاب أستاذ علم الاجتماع المساعد بقسم الاجتماع بكلية الآداب في جامعة البحرين أحلام القاسمي الموسوم “الشيخوخة النشطة: التحديات والمؤشرات والتجارب الناجحة وتطبيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي”.

وأعدّ الكتاب لصالح المجلس التنفيذي لمجلس وزراء العمل ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وذكرت القاسمي بالفصل الرابع من الكتاب أن مقياس الشيخوخة النشطة الأوروبي سجل مراتب متقدمة لتجارب سويسرا والسويد والدنمارك وفنلندا وهولندا والمملكة المتحدة. وبينت أن من أهداف رعاية المسنين في السويد مساعدتهم كي يعيشوا حياة طبيعية ومستقلة، ويمكن للمسنين الذين لا يزالون يعيشون في المنزل الحصول على أنواع مختلفة من الدعم لجعل الحياة أسهل، وعلى سبيل المثال تقدم جميع البلديات تقريبًا في السويد وجبات جاهزة يمكن توصيلها إلى المنازل.

ولفتت إلى أن سويسرا احتلت المرتبة الأولى في المؤشر العام في مقياس مراقبة الشيخوخة العالمي لعام 2015، ويعيش فيها قرابة ربع السكان الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا. وتستعرض حلقة اليوم المنشورة بالصحيفة التجربة السويسرية والسويدية.

 

سويسرا الأولى بمؤشر مراقبة الشيخوخة

اليابانيون يتصدرون قائمة الأطول عمرًا في العالم

على النقيض من حالة أفغانستان، فقد احتلت سويسرا المرتبة الأولى في المؤشر العام في مقياس مراقبة الشيخوخة العالمي لعام 2015، كما أنها تحتل مرتبة عالية في جميع المجالات. ويعيش في سويسرا ما يقرب من 24 % من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، تتوفر لهم مجموعة من السياسات والبرامج المتعلقة بـ ‘الشيخوخة النشطة’ وتعزيز القدرات والصحة، وتوفير بيئة مؤاتية لكبار السن، بالإضافة إلى الدَعم الذي يوفره الأهل والأصدقاء.

وبحسب مقياس مراقبة الشيخوخة العالمي، فإن سويسرا تحتل المرتبة الأولى في مجال البيئة التمكينية، حيث تبلغ أعلى نسبة من الرضا عن النقل العام في منطقتها بنسبة (83 %) بين كبار السن، وأعلى معدل من الارتباط الاجتماعي الإقليمي بنسبة (91 %)، والحرية المدنية بنسبة (93 %) بين كبار السن. وهي تحتل المرتبة الثانية في المجال الصحي، ويبلغ العمر المتوقع للسويسريين 83 عامًا - ويقل بعامٍ واحد فقط عن اليابانيين الذين يتصدرون قائمة الأطول عمرًا في العالم -، ويبلغ متوسط العمر المتوقع عند الـ60 عامًا (25 عامًا)، ومتوسط العمر الصحي المتوقع عند الـ60 (19 عامًا) والرفاه الذهني النسبي (97 %). وتحتل سويسرا المرتبة الثانية في مجال القدرة. وترجع هذه الزيادة بالتقدم 8 مراتب عن العام الماضي إلى مراجعة بيانات التحصيل التعليمي بين كبار السن.

أما تغطية المعاشات فكانت بنسبة 100 % وثالث أعلى نصيب فرد من الدخل الإجمالي القومي (54.762) دولار أميركي.

ويعيش في سويسرا 1504 أشخاص بلغوا سن المائة، وذلك بحسب آخر إحصاء أجري في العام 2014، كما بلغت نسبة الأجانب الذين تجاوزوا عامهم الستين في العاصمة بَرن الناطقة بالألمانية نحو 11 % من إجمالي السكان، وهي نسبة مُقاربة للمُعدَّل الوطني.  أطلقت المدينة مشروع “معاً نحو المستقبل” الذي يستهدف الوصول إلى نحو 2000 شخص أجنبي من كبار السن فيها، والذين لا يُرَجَّح قيامهم بالبَحث عن المعلومات المُتاحة باللغة الألمانية. ويَشمَل هذا العدد العمّال الموسميين السابقين من إسبانيا وإيطاليا، وكذلك اللاجئين الذين توافدوا على سويسرا في تسعينات القرن الماضي هربًا من حروب البلقان. ومعروف أن العديد من هؤلاء حافظوا على ثقافتهم ولغتهم في إطار مجتمعاتهم التي تتصف بترابطها الشديد.

وكانت بعض المدن التابعة لكانتون بَرن بضمنها العاصمة الفدرالية التي تحمل نفس الاسم، ومدن بييل/بيان ولانغنتهال، قد أُطلَقت هذا المشروع للمرة الأولى في العام 2014، بغية مُساعدة المهاجرين المتقدمين بالسن في الوصول إلى المعلومات الرسمية المتاحة بشأن مواضيع كالتغذية، والصحة العقلية، والتأمين الاجتماعي، والتقاعد، واطلاعهم على مجموعة الخدمات المتوفرة لهم.

ومن بين التجارب الرائدة في رعاية المسنين في سويسرا تبرز تجربة دور رعاية المسنين، ومن بين هذه الدُّور، نجِـد دار “شفابغوت” لرعاية المسنِّـين، الواقعة في “بومبليز”، إحدى ضواحي العاصمة برن. وتتكوّن هذه الدّار من مبنىً مُـكوّن من 11 طابقًا، وكل طابق يمثل وِحدة تضمّ مطبخًا وصالونًا وغُـرَفًا مفردة وأخرى مزدوجة. وتمت مراعاة الخصوصية في كل وحدة، ففي الطابق التاسع حيث تُـقيم عشر سيدات إيطاليات في جناح مخصّـص، تتوفّـر فيه الراحة والهدوء التامَّـيْـن، أطلِـق عليه اسم “جناح البحر الأبيض المتوسط”، وهُـيِّـئ وِفقا لمزاج نُـزلائه وبما يتناسَـب مع نمط الحياة الإيطالية. تقيم كل سيدة من هؤلاء السيدات المسنّـات في مسكن أُحادي مُـستقل، فيه غرفة وشرفة مطلّـة على مشهد من مشاهد المدينة، وفي أجواء فولكلورية متوسطية. الجميع هنا يتحدث الإيطالية ويأكلون “اللازانيا” والخبز الأبيض، ويشاهدون محطّـات التلفزيون الإيطالية. وعلى الجدران صُـور لبعض المدن الإيطالية: روما والبندقية وفلورنسا، ويوجد تِـمثال لمريم العذراء، بالإضافة إلى مكتبة تضُـم مجموعة من روائع القِـصص والرِّوايات لمشاهير الكتّـاب الإيطاليين.

وفي سويسرا، كذلك، دور رعاية خاصة بالمسنين المدمنين، مثل دار “سولينا” في مدينة شبيتس (كانتون برن)، فهي واحدة من دور الرعاية في سويسرا التي تقدّم الرعاية الصحية والاجتماعية للمدمنين المتقدّمين في العمر.

 

تمويل رعاية مسني السويد من الضرائب والمنح الحكومية

تمويل رعاية مسني السويد من الضرائب والمنح الحكومية

سكان السويد يشيخون بسرعة، وتوفير رعاية جيدة لهؤلاء المسنين يصبح ذا أهمية كبيرة ومتزايدة. صحيح أن العديد من السويديين المسنين في صحة جيدة ومعظمهم يعيشون في منازلهم، ولكن البلاد تستعد للمستقبل بحيث يكون واحد من كل أربعة من السويديين في عمر الـ65 أو أكثر.

ومن بين السكان البالغ عددهم 9.8 مليون نسمة، هناك 20 % منهم تجاوزا سن التقاعد المعياري البالغ 65 عامًا. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 23 % بحلول العام 2040. ويعتبر متوسط العمر المتوقع في السويد من بين أعلى المعدلات في العالم: 79.9 سنة للرجال و 83.7 سنة للنساء.

وفي السويد، تبلغ نسبة السكان الذين تبلغ أعمارهم 80 سنة 5.2 %، وهو ما يزيد قليلا عن متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 5.1 %. ولا شك بأن هذا يمثل عامل ضغط كبير على أي دولة لتبدأ في رسم السياسات والبرامج المتعلقة بالشيخوخة النشطة. وهذا ما شرعت فيه البلديات السويدية التي تخطط للمناطق السكنية بما يجعلها تتوافق مع احتياجات المسنين.

وتمول معظم رعاية المسنين من الضرائب البلدية والمنح الحكومية. وفي العام 2014، بلغت التكلفة الإجمالية لرعاية المسنين في السويد (12.7 مليار دولار أميركي)، ولكن 4 % فقط من التكلفة تم تمويلها من رسوم المرضى. وتكاليف الرعاية الصحية التي يدفعها المسنون أنفسهم مدعومة. وتختار المزيد من البلديات خصخصة أجزاء من رعاية المسنين.

وفي العام 2013، قدمت الرعاية الخاصة خدمات لـ 24 % من جميع المسنين للحصول على المساعدة المنزلية. ويمكن لجميع المستفيدين أن يختاروا ما إذا كانوا يرغبون في توفير المساعدة المنزلية أو السكن الخاص من قبل المشغلين العامين أو الخاصين.  وعلى الرغم من ذلك، تتحمل البلدية دائمًا المسؤولية الشاملة عن مجالات مثل التمويل وتخصيص المساعدة المنزلية أو مكان في منشأة سكنية خاصة.  ومن أهداف رعاية المسنين في السويد مساعدتهم كي يعيشوا حياة طبيعية ومستقلة. وهذا يشمل العيش في منازلهم لأطول فترة ممكنة.

ويمكن للمسنين الذين لا يزالون يعيشون في المنزل الحصول على أنواع مختلفة من الدعم لجعل الحياة أسهل. وعلى سبيل المثال، تقدم جميع البلديات تقريبًا في السويد وجبات جاهزة يمكن توصيلها إلى المنازل.

وفي العام 2014، ساعد موظفو المساعدة المنزلية حوالي 221،600 شخص بعمر 65 سنة أو أكثر. كما يقدم ما يقرب من نصف بلديات السويد وجبات مشتركة لكبار السن في مراكز محددة، في حين ينظم عدد قليل من المجموعات الصغيرة من المسنين إلى فرق تطبخ وجباتهم الخاصة.

وعندما يكون الشخص المسن غير قادر على التعامل مع متطلبات الحياة اليومية، يمكنه تقديم طلب للحصول على المساعدة من خدمات المساعدة المنزلية الممولة من البلديات.

ويمكن للمسنين العاجزين الحصول على المساعدة على مدار الساعة، مما يعني أن الكثيرين قادرون على البقاء في منازلهم طوال حياتهم. ويمكن أيضًا توفير الرعاية الصحية والاجتماعية في منازلهم للمرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة.

وتقرّر كل بلدية معدلاتها الخاصة لرعاية المسنين. وتعتمد التكلفة على عوامل مثل مستوى المساعدة المقدمة أو نوعها ودخل الشخص. تبلغ التكلفة القصوى للمساعدة المنزلية والنشاطات النهارية وبعض أنواع الرعاية الأخرى 1،772 كرونة سويدية في الشهر.

وكبار السن العاجزون مؤهلون أيضًا لخدمات النقل في سيارات الأجرة أو المركبات المكيفة خصيصا لهم. وهذا الخيار متاح لأولئك الذين لا يستطيعون السفر عن طريق وسائل النقل العام العادية. وفي العام 2014، تم إنجاز 11 مليون رحلة من هذا القبيل في جميع أنحاء البلد.

وتقدم البلديات أنشطة نهارية للمسنين الذين يحتاجون إلى التحفيز وإعادة التأهيل. وتستهدف هذه الأنشطة في المقام الأول المصابين بالخرف أو الإعاقة الذهنية. وتساعد هذه الأنشطة النهارية الكثيرين على الاستمرار في حياتهم وأنشطتهم اليومية.

وتشتمل عمليات الصليب الأحمر السويدي على زيارات للمسنين. ويقوم متطوعو الصليب الأحمر بزيارة المسنين الذين يعيشون في منازلهم أو في أنواع مختلفة من المساكن. قد تشمل الزيارات الدردشة والمحادثة أو النزهة أو مرافقة المسن في زيارة للطبيب أو المستشفى. وفي كل عام يقوم متطوعو الصليب الأحمر بحوالي 30 ألف زيارة للمسنين.

ويحق لجميع المواطنين السويديين الحصول على معاش تقاعدي بعد التقاعد. ويمكن أن يختار الناس البدء في تلقي معاشهم التقاعدي بين 61 و67 عاما. وفي الفترة من العام 2005 إلى العام 2014، زاد عدد السويديين العاملين الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و 74 سنة بنسبة تصل إلى 127 %. ويبلغ متوسط سن التقاعد اليوم 64.5.

وبفضل كل هذه الخدمات والتسهيلات تحتل السويد المرتبة الأولى على مقياس الشيخوخة النشطة الأوروبي في المرتين اللتين طبق فيهما المقياس بين العام 2012 و2013، و2013 و2015. وفي مجالات المقياس الفرعية، تحتل السويد المرتبة الأولى في المرحلتين في مجال توظيف كبار السن، وفي مجال القدرات والبيئة التمكينية للشيخوخة النشطة، وتحتل المرتبة الرابعة في المرحلة الأولى، والثالثة في الثانية في مجال مشاركة كبار السن في المجتمع، وتحتل المرتبة الثانية في المرحلة الأولى، والرابعة في الثانية في مجال الاستقلالية والحياة الآمنة والصحية لكبار السن.

أما على مقياس مراقبة الشيخوخة العالمي، فإن السويد تحتل المرتبة الثالثة عالميًّا. وهي تحتل المرتبة الأولى في مجالات عديدة. ويحتل البلد المرتبة الأعلى في مجال القدرات (5) حيث يبلغ معدل التوظيف 73.6 %، ومستويات التحصيل العلمي بين كبار السن 68.7 %. وهي تحتل المرتبة السادسة في مجال البيئة التمكينية نظرًا لارتفاع مستوى رضا كبار السن عن السلامة (73 %) والحرية المدنية (94 %) والنقل العام (65 %). كما أنها تحتل مرتبة عالية في مجال أمن الدخل (7)، مع تغطية الدخل والمعاش التقاعدي بنسبة 100 %، ومعدل فقر الشيخوخة (5.3 %) أي أقل بمقدار 3 نقاط مئوية عن المعدل الإقليمي. ويبلغ متوسط العمر المتوقع عند 60 (24)، ومتوسط العمر الصحي عند 60 (18).