+A
A-

المتحدثون: “فرجان لول” حققت التكيف والتعايش المجتمعي بأبسط الموارد

نظمت جمعية اقتصاد الإلهام في مجمع الريل جاردن بالجسرة مساء أمس الأول، حلقة نقاشية بعنوان “فرجان لول والاقتصاد”، حاضر فيها الخبير المروري عبدالعزيز بوحجي، نائب رئيس أسرة الأدباء والكتاب راشد نجم، رئيس مجلس إدارة شركة خنجي للحلول المتقدمة زكريا خنجي، والناشطة الاجتماعية عذية السبيعي، بحضور رئيسة “اقتصاد الإلهام” دنيا عبدالله، ورئيسة لجنة الإعلام والعلاقات العامة شريفة المالكي، وحشد من أعضاء الجمعية والمهتمين بقضايا التراث والمجتمع والإعلاميين.

واستعرض المتحدثون في الحلقة النقاشية العديد من سمات “فرجان لول” ومنها التعاون في الفرجان وتأثيرها على الاقتصاد الاجتماعي وتأثير الجيرة على بناء الشخصية والمجتمع وتحقيق التعايش المجتمعي، من خلال عدة محاور أهمها: الإلهام من خلال بناء الشخصية القدوة في الفريج، وروح التعاضد والتكافل والتعاون في حل المشكلات الأسرية والمجتمعية، وقدرة الفريج على تحقيق التكيف والتعايش المجتمعي.

وتساءل المتحدثون في نهاية لقائهم ضمن الحلقة النقاشية الشهرية عن “ما هو البديل اليوم لاستدامة هذه الممارسات؟”.

عبق الماضي

في استعراض فعال ومشوق لعبق الماضي الذي نسعى للمحافظة على الأجمل منه، وبعنوان يحمل نفحات “فرجان لول”، تنافس المتحدثون بكلماتهم الجميلة التي استذكرت تجربة الماضي القريب البعيد لـ “فرجان البحرين لول”، وهو ما شكل جزءا من الهوية الوطنية للبحريني ورسم تميزهم وتفردها، إذ استعرض الخبير بوحجي، نجم، خنجي، والسبيعي، تجارب حية عاشوا بعضها، وشاركوا في تجارب الآخرين في بعض منها، وقصص رواها الأهل وأهل الفريج، ولكنها لازالت عالقة في أذهانهم لحد الآن، ورسمت هذه المعايشات كيف ارتبطت الفرجان سابقا بقيم وممارسات الناس والتي أثرت بشكل أساس على عناصر الثقة بين الناس ودورة حياة الاقتصاد الاجتماعي، بل وبخروج القدوات الوطنية التي نعرفها اليوم، على الرغم من محدودية التواصل العالمي.

فرجان لول والاقتصاد

وتناول راشد في ورقته أهم صفات أهل الفريج، مؤكدا التعاون في الفرجان، وتأثيره على “الاقتصاد الاجتماعي”، وتأثير الجيرة في بناء الشخصية والمجتمع، وتحقيق التكافل المجتمعي، والإلهام من خلال بناء الشخصية في الفريج، والتعاضد والتكافل بين كل أسر الفريج، والتعاون في حل المشكلات الأسرية والمجتمعية، والمشاركة الجماعية بالأفراح والأتراح، مستعرضا العديد من القصص المعروفة عن أهل الفريج، وعن الشهامة والتعاون والتضحية التي كانوا يتعايشون بها

بينما تناول بوحجي “اقتصاد الإلهام في فرجان لول” من خلال العديد من الصفات التي أتصف بها أبناء الفريج، وكل فرجان البحرين، ومنها الثقة، والحفاظ على الثروات وأن كانت قليلة، والتي أصبحت ممارسة لديهم وهي الحفاظ على النعمة، ووجود “القدوة” في الفريج، والتي لم تكن مقصورة على “الذكور” فقط، وإنما كانت هناك قدوة من النساء البحرينيات واللواتي ذكرتهن كتب المؤرخين، معرجين على اقتصاد الفريج والذي كان وطنيا بتميز؛ لأن الفريج في ذلك الوقت كان منظومة واحدة فيها الحداد والخياط والميكانيكي، والخباز، وغيرهم، وهو الذي يحقق بيئة اقتصادية متكاملة، مؤكدين أن المرأة في الفريج أخذت حظها من التعليم مبكرا.

 

التعاون في الفرجان

ومن جهتها، أوضحت السبيعي في ورقتها أن التعرف على طبيعة التعاون في الفرجان كان يعود إلى الحب والمحبة التي تربط الجميع، حتى أصبح أهل الفريج يمثلون الأهل، مبينة أن التزاور بينهم كان مستمرا، وعادة الترحيب بالجار الجديد وتكريمه عند نزوله في بيته، مستذكرة قصتها في هذا الجانب عندما تحولت من الرفاع الشرقي إلى الحورة، وكيف رحب بها الجيران وكانوا يعدون لهم الغداء لمدة 3 أيام، مؤكدة أن هذه العادة وتبادل الأطباق “النقصة” لا تزال موجودة في بعض الفرجان لحد الآن، مشيرة إلى أن الفرجان أثرت بطريقتها القديمة والعفوية والبعيدة عن الرأسمالية، في الاقتصاد الاجتماعي من خلال تقديم السكان المساعدات والخدمات البسيطة لبعضهم البعض، ففي كل فريج يوجد ميكانيكي وكهربائي وسمكري وبناء وصباغ وهؤلاء يقدمون خدماتهم مقابل مادي بسيط مثلا “الي تمده يدك، أو متى ما ردت يدك عطني الحساب”، منوهة إلى أن التعاون والتلاحم لم يكن بين رجال الفريج، وإنما امتد بين مجتمع النساء أيضا وفي أحلى الصور وفي أبسط الأمور (بصلة أو قوطي صلصة)، فقد كانت ربة الأسرة عندما تنقصها أي حاجة تبعث أحد أبنائها لبيت الجيران لطلب تلك الحاجة ويكفي القول “تسلم عليك أمي وتقول لك تبي بصلة أو قوطي صلصة حق الصالونة”، مؤكدة أن تأثير الجيرة كان كبيرا في بناء الشخصية وبناء المجتمع.

 

تحقيق التكافل

وفي مداخلة، أكدت رئيسة لجنة المرأة والطفل في الجمعية البحرينية لأولياء أمور المعاقين وأصدقائهم دلال الشروقي، أن “فريج لول” يميز حياة الأهل الطيبين، بكل ما تمثل من عادات بحرينية أصيلة، مشيرة إلى أن الفرجان كانت تزخر بروح التعاضد والتكافل، والتعاون في حل المشكلات الأسرية والمجتمعية، وقدرة الفريج على تحقيق التكيف والتعايش المجتمعي، موضحة أن مجتمعاتنا تحتاج إلى حركة مجتمعية جديدة تعطي البديل اليوم لاستدامة مثل تلك الممارسات الجميلة.

واستعادت الشروقي عددا من ذكريات التعاون في الفرجان وتأثيرها على الاقتصاد الاجتماعي وتأثير الجيرة على بناء الشخصية والمجتمع وتحقيق التعايش المجتمعي، وكيف كان الإلهام من خلال الشخصية القدوة في الفريج.

بينما استعرض خنجي الجوانب الاجتماعية التي كانت تؤثر في الجوانب الاقتصادية، مثل المشاركة، المساواة الاجتماعية والاقتصادية، البساطة في التعامل القائم على الثقة بالآخرين، والاعتماد على الموارد الطبيعية بقدر الإمكان، مثل صيد السمك وإنتاج النخلة، بناء وهدم البيوت، مياه العيون، واستعارة “الزل” وأطقم الذهب للعروس وغيرها، والمشاركة في بعض المهن مثل “الزري، الكورار، خياطة الملابس الرجالية” ومقابل مبالغ بسيطة، مؤكدا أن الفرجان كانت تتميز بالتدين الفطري، مؤكدا أن أحياء بعض العادات القديمة “كالقرقاعون”، ربما يكون بديلا لإعادة شيء من الزمن القديم، مؤكدا أن العودة للماضي مستحيلة.

نبذه عن الجمعية

‏تأسست جمعية اقتصاد الإلهام العام 2017، وهي تهتم بنشر ثقافة اقتصاد الإلهام باعتباره مفهوما وممارسة حديثة وفعالة بالنسبة للأفراد والمؤسسات حيث العمل على تفعيل الطاقات البشرية في أقصى درجاتها وتمكينها من استغلال أقل المصادر ندرة لتحقيق الوفرة الاقتصادية.

 

المبدأ الأساس لمفهوم اقتصاد الإلهام

يقوم اقتصاد الإلهام على مدى الاستفادة من اقل المصادر لتحقيق أكبر قدر من الإنتاجية والوفرة حيث الاعتماد الأكبر على العنصر البشري باعتباره حجر الزاوية في صناعة وبناء اقتصاد الوفرة المستدام.

وأوضحت أن من أهداف الجمعية نشر مفاهيم وممارسات اقتصاد الإلهام بين أفراد ومؤسسات المجتمع البحريني، وتنفيذ البرامج المعززة لثقافة اقتصاد الإلهام في المجتمع إلى زيارة إنتاجية وتوسيع طاقاتهم من خلال مختبرات الإلهام، وتفعيل مشاريع التعاون الاجتماعي والاقتصادي لإحداث تغيير إيجابي في الإنتاجية وتعزيز جودة الحياة في المجتمع، تمكين الأفراد والمؤسسات من الوصول إلى أقصى مستويات الجودة والإنتاجية والاستثمار الأمثل للموارد المتاحة في المجتمع لدعم الاقتصاد المحلي.

ولدى جمعية اقتصاد الإلهام العديد من المشاريع الهادفة المتخصصة في التعامل مع التحديات المجتمعية من خلال منهجيات علمية وعملية وندوات توعية متعلقة بقضايا الاقتصاد الاجتماعي والتي تشمل التعامل مع مشاكل التعايش والبطالة والفقر واستكشاف الفرص في العديد من التحديات التي نواجهها في حياتنا اليوم، والتي هدفها كما شعار الجمعية ببساطة العمل على إلهام الأفراد والمؤسسات والمجتمعات.