+A
A-

المشاركون بندوة لـ “جود”: التعديلات على “التقاعد” تتعارض مع الإرادة الملكية والشعبية

نظمت جمعية التجمع الدستوري (جود) بالتعاون مع مجلس عبد العزيز بوزبون أخيرًا ندوة خاصة بعنوان “آخر مستجدات قانون التقاعد”، بمشاركة عدد من النواب، والبلديين، والناشطين السياسيين، وأصحاب المجالس، وجمع من المهتمين بتطورات الشأن المحلي.

ورحبت عريفة الندوة الإعلامية والكاتبة منى المطوع بجمع الحضور، مؤكدة –بذات السياق- أن التعديلات التقاعدية الجديدة، أثارت الخوف والشكوك البالغة لدى المواطنين جميعاً، قبل أن يأتي توجيه عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بإعادة النظر في الموضوع برمته، ليمثل بذلك بارقة الأمل لكل البحرينيين، وبما يؤكد اهتمام جلالته بأن يخرج الموضوع، بتوافق تام من الجميع، وبأن يكون للجميع بصمة واضحة عليه، وبشكل يجسد التوافق الوطني.

بعدها، تسلم طرف الحديث صاحب المجلس، الناشط الاجتماعي عبد العزيز بوزبون الذي عبّر عن عظيم امتنانه للمشاركة المميزة بالندوة، التي تعبر عن خلجات المواطن البحريني، وتوجسه من قانون التقاعد الجديد، وآثاره على مكتسباته وحقوقه التقاعدية.

لحظات قبل أن يلقي الأمين العام لجمعية التجمع الوطني الدستوري جود خالد الكلبان كلمة قال فيها “أشكر كل المشاركين في الندوة على الحضور، والمشاركة الطيبة، بحديث يتناول مستجدات قانون التقاعد المطروح على طاولة النقاش، ومدى تأثيره على المواطنين جميعًا، حتى أشاع خبر التعديلات الجديدة الخوف والتوجس والبلبلة بالشارع البحريني”.

وأضاف الكلبان “لا صوت يعلو الآن على صوت موضوع التقاعد، الذي يمس بشكل كبير، ليس المتقاعدين فقط، بل جميع المواطنين، وعليه سنسلط الضوء وبشكل مكثف ومن خلال الندوة على هذا الملف، وسنحاول الخروج بنتائج وتوصيات ذات جدوى”.

وفي مداخلة له، قال الخبير الاقتصادي جعفر الصائغ إن من الأهمية النظر للصناديق التقاعدية على أنها مؤسسات، لها دور بارز ومؤثر في المجتمع، وباعتبار أن المتقاعدين وأسرهم يعتمدون عليها كمصدر رزق أساسي، علمًا بأنهم يمثلون نسبة كبيرة من المجتمع”.

وتابع الصايغ “هذه المؤسسات يفترض أن تتمتع بموارد مالية ضخمة، تُسخر لأجل رعاية العاملين والموظفين، وتوفير حياه كريمة لهم ولأسرهم، بعد تركهم العمل، أيًا كان السبب، وأن يتم استثمارها، بهدف دعم النشاط الاقتصادي بالدولة، ما يؤدي لزيادة فرص العمل، ورفع وتيرة الاستيراد والتصدير، ورفع معدل النمو، أسوة ببقية دول العالم الأخرى”.

وعن خصائص المؤسسات التقاعدية، قال الصائغ “تعتمد هذه المؤسسات في نموها وتنميتها على عناصر عدة، أهمها حجم الاشتراكات التي يدفعها الموظفون، العوائد الاستثمارية لها، والنشاط الاقتصادي بالبلد، ومدى استقراره، لأنه يرتبط باستقرارها، وزيادة نمو الاشتراكات الجديدة بها، يضاف إلى ذلك فاعلية الإدارة، وكيفية إدارتها للأموال وللاستثمارات بشكل عام”.

وأردف “هناك أيضًا قدرة الجهات المختصة في الدولة، لمراقبة ومنع تفشي الفساد بهذه المؤسسات، وباعتبار أنها حيوية ومهمة، ويفترض أن يكون هنالك قدرة إدارية لمراقبتها، والحفاظ على ديمومة نموها، وتطورها، والسؤال الذي يطرح نفسه ها هنا، ما الذي يجري بهذه المؤسسات؟ هنالك إشاعات حديثة ومتباينة، ولا نستطيع نحن أصحاب الشأن، الذين دفعنا الاشتراكات منذ الراتب الأول، أن نعرف حقيقة ما يجري لهذه الصناديق؟ مع تردد قرب إفلاسها بسبب أن نفقاتها تزيد عن إيراداتها، من الاشتراكات، والعوائد الاستثمارية”.

وأكمل الخبير الاقتصادي بقوله “كشفت لجنة التحقيق البرلمانية للصناديق التقاعدية -قبل عامين- عن أن إيرادات صناديق التقاعد لموظفي القطاع العام، أقل من إجمالي المصروفات، وذكر التقرير أنها دخلت مرحلة العجز منذ العام 2009، كما نسمع دائمًا بأن هذه المؤسسات وبناء على دراسات اكتوارية بأنها مهددة بفقدان قوتها المالية، وستكون عاجزة عن سداد رواتب المتقاعدين، ويعادل هذا الخوف وتأثيره، خوف المتقاعدين وأسرهم، عندما تقرّر الدولة وقف رواتبهم، أو تخفيضها، لأنه يعني تدمير معيشة المتقاعدين، بل ورؤية الموظفين الحاليين لتقاعد آمن ومستقر”.

من جهته، قال الكاتب صلاح الجودر إن” موضوع الصناديق التقاعدية يحتاج لمزيد من التداول والنقاش، خصوصًا أنه لا يحتمل التأخير أو التأجيل، مع الواقع المخيف الذي تواجهه الصناديق، الذي أكد خلالها وزير المالية أنها على وشك الإفلاس إذا ما استمر الوضع كما هو عليه، لثمان سنوات قادمة، ولم توجد هناك حلول صحيحة للصناديق الأربعة”.

وأضاف الجودر”هنالك كثير من الأحاديث المؤسفة المتداولة في الشارع البحريني التي تدور بفلك من المسؤول عن وصول الصناديق التقاعدية لوضعها الراهن، وبرأيي أن هذا هو اختصاص المجلس النيابي نفسة، لأنه المعني في البحث عن الأسباب والمسببات، أما الشارع نفسه فيجب أن يشرك في وضع التصورات للحلول الأمثل، والنظر للواقع الراهن كيف يمكن مواجهته والتغلب عليه، دون إحداث الضرر عليه”.

وأكد “نحن مع كل الحلول التي تصب في صالح المتقاعد وليس العكس، منها حصوله على حصة نسبة المبالغ المتحصلة لأجل التأمين ضد التعطل، إذا لم يتم استخدامها فعليًّا، تضاف إلى راتبه التقاعدي، ولذلك يجب الانتهاء من هذه القضية بالسرعة الممكنة، وعدم تأجيلها، مع تغير الوزراء والمعنيين بالفترة المستقبلية، الذي من شأنه أن يعقد الأمور كثيرًا”.

ولفت الجودر في سياق حديثة إلى الدور المؤثر لشبكات التواصل الاجتماعي، ومزايدة البعض من خلالها على موضوع الصناديق التقاعدية لاستمالة الرأي العام، والتأثير عليه، وتأجيج الفتنة، والفرقة، وتوجيه الاتهامات الظالمة لتقصير النواب بهذه القضية، وهو أمر يتوجب الحذر منه جيدًا، مزيدًا “النقاش والتفصيل بالملف، هو مسؤولية النخب بالدرجة الأولى”.

على صعيد متصل، تساءلت الناشطة الاجتماعية (أم عيسى) التي تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا تسجيلاً صوتيًّا شهيرًا لها عن موضوع التقاعد، بقولها “من الأهمية أن تكشف الدولة عن الذي تسبب بهذه المشكلة الكبيرة، لأنه مربط الفرس الرئيسي، فهذه أموال الشعب، وليست أموالا خاصة، يستطيع هذا وذاك التصرف بها، ثم يحمل المواطن البحريني بعدها مسؤولية هذه الأخطاء، ليدفع هو ضريبة كلفتها، في حين ليس له ناقة ولا جمل بما يجري”.

وتابعت أم عيسى “الإشكال قابل للتكرار مع أي إدارة مقبلة، حتى وإن مرر مشروع التقاعد الجديد، من الأهمية أن يعرف المواطن وابن البلد ما يجري حوله، منها أين تستثمر أموال المتقاعدين، وكيف، وما هو مدخولها، وبقية ذلك من أمور هي حق أصيل للمواطن البحريني”.

وبينت “أن المرأة البحرينية لن تكون قادرة على مواجهة القانون الجديد، لأن لها دور مهم في التربية لزرع النشأة الصالحة، وهو أمر سيتعسر كثيرًا بظل رفع سقف عملها حتى الخامسة والخمسين من العمر”.

بدوره، علق النائب علي بوفرسن بالقول “توجيهات جلالة الملك، كانت دقيقة وواضحة، بإعادة بحث مشروع التقاعد بالتعاون والتنسيق مع السلطة التشريعية، مع الأخذ بالاعتبار كل ما أبقي بشأنيهما من نقاشات ومرئيات في مجلس الشورى والنواب، وكذلك ما أبداه المواطنون والكتاب والصحافيون من مرئيات، فهل تم الأخذ بهذه الرؤى والمرئيات؟ لم نر ذلك حتى اللحظة”.

وأردف بو فرسن “دعا الملك للتعاون بين السلطتين، لاستكمال المشاورات بشأن هذين القانونين، بتأن ودون استعجال، وما نراه الآن بأن هناك (ركضة) في الاجتماعات لتمرير القانون الجديد، وبشكل يتعارض مع إرادة المواطنين”.

وختم حديثه قائلاً “كما وجّه جلالته لبحث تطوير النظام التقاعدي في مملكة البحرين للفترة المستقبلية، بما يكفل الحفاظ على حقوق المواطنين، وما رأيناه في المرئيات التي قدمت مؤخرًا بأنه لا يوجد هناك أي حفاظ على حقوق المواطنين، وفي برنامج عمل الحكومة هنالك مجموعة من النقاط المهمة، لم تتوافق مع المرئيات الجديدة لا من قريب أو بعيد، منها المتعلقة بتحسين نظام التقاعد، ومعالجة العجز الاكتواري”.