+A
A-

البنوك وجزء من “الحوكمة” المفقودة في التوظيف وخدمة المجتمع

كما هو معروف أخذ مبدأ الحوكمة حيزا مهما في إدارة المؤسسات والشركات وخصوصا الكبيرة منها والخاضعة تحت اشراف البنوك المركزية بل حتى بعض المؤسسات والشركات العائلية أخذت بهذا المبدأ الهام لتعزيز ادارتها الرشيدة ولما له من انعكاس إيجابي في العلاقات مع الافراد والزبائن والكيانات الرقابية وغيرها والمجتمع ككل الا انه للأسف الشديد من الملاحظ من البنوك في البحرين وخصوصا المحلية منها غياب عنصر الشفافية في التوظيف ولم أرى شخصيا اي تقرير من شركات التدقيق يتعرض بشكل واضح ومفصل عن مدى التزام هذه المؤسسات لمبدأ الحوكمة او على الأقل الشفافية في التوظيف وهو عنصر مهم جدا في إدارة أي مؤسسة.

فلا ترى وظائف معلنة بشكل شفاف ومنظم في مواقع هذه البنوك على عكس البنوك العالمية التي لديها مواقع خاصة للتوظيف تطلعك باستمرار وبشكل فوري عن أي شاغر وظيفي وإمكانية متابعة طلبك وتقديمك للوظيفة ومتى سوف يتم الانتهاء من الإجراءات إلا ان البنوك المحلية ومنذ زمن طويل لم تواكب التطور التكنلوجي في هذا المجال حي يخيل لك ان هذه البنوك سوف لن يوجد بها وظائف شاغرة على الإطلاق.

وهنا أود ان ذكر بعض النقاط المهمة في هذا الموضوع:

- غياب شبه كلي من البنوك بعمل أي ورشة عمل تعريفية بالمجالات التوظيفية للمتخرجين وذلك لاستقطاب الكوادر الوطنية على عكس بعض البنوك الخليجية التي ركزت على هذا الجانب ليس في داخل الدولة فقط، ولكن حتى في الدول التي يوجد فيها طلبه على وشك التخرج بل ان هذا الامر يصل الى درجة التنافس بين البنوك لاستقطاب الكوادر الوطنية، وهكذا تحافظ هذه الدول على مبدا الاستمرارية في العمل من المواطنين أنفسهم وليس عبر جلب موظفين أجانب كلفتهم عالية ومردودهم ليس على المستوى المطلوب، فضلا عن تمسكهم بالوظيفة إلى سن التقاعد مستفيدا من غياب التشريع المنضبط في هذا الموضوع. بل إن البعض منهم يحصل على فرص تدريبة بغية الحصول على وظيفة أفضل، وهكذا للأسف تضيع ميزانية التدريب حتى على بعض الأجانب. ووصل الموضوع في بعض المؤسسات أن من يصل الى سن التقاعد من الأجانب يوظف بعقد على انه استشاري او خبير!

- ماذا يضر هذه البنوك لو التزمت بتوظيف عدد معين سنوي من المتخرجين والباحثين عن العمل كجزء من التزامها في خدمة المجتمع وتوظيفهم في أقسام حيوية مثل الخزينة والاستثمار والتحليل الائتماني وخدمات الزبائن والصرافة وغيرها، وخصوصا أننا نرى قصورا كبيرا في هذا المجال. فتصل مدة انتظارك لأي معاملة مصرفية في بعض الفروع لأكثر من ساعة. عدد الزبائن وعدد المعاملات في ازدياد، ولكن ترى عدد الموظفين كما هو لم يتغير على مدى سنوات مما يدل على غياب او قصور في التخطيط الوظيفي بما يواكب احتياج العمل.

- اين سياسة الإحلال في التوظيف ونحن نرى موظفين أجانب مضى على توظيفهم أكثر من 20 سنة. الا يمكن إعداد مواطن لشغل هذه الوظيفة؟

- لماذا لا نرى خطة واضحة في توظيف أصحاب الاحتياجات الخاصة والذي يصب بشكل مباشر في تنمية هذه الفئة والذي يملك بعضهم أفكارا واداء ربما افضل منا نحن الأسوياء. متى سوف نبدل التفكير النمطي عن هذه الفئة وكأنهم عاجزين كليا عن أداء أي وظيفة؟ وأين التزام البنوك والمؤسسات المالية في هذا الجانب والذي يصب في خدمة المجتمع. أم أن خدمة المجتمع لديكم هو شيك يوزع بشكل سنوي على مؤسسات خيرية وأخذ الصور بعد ذلك.

- قرأنا قبل سنوات قريبة أن بنكا استثماريا معروفا مقره البحرين تبرع بمبلغ 15 مليون دولار او جنيه لجامعة بريطانية. من هم يا ترى أحق بهذا المبلغ في التنمية البشرية؟ البلد الذي أنت فيه أم بريطانيا!. ماذا لو في المقابل وظفت 100 بحريني سنويا على مدى خمس سنوات، ألا يمكن ان تثري المجال المصرفي بكوادر وطنية مخلصة ومتخصصه في مجالات الاستثمار وهو عمل يصب في العمل المجتمعي.

- لماذا الاستخفاف وسياسة عدم المبالاة في التركيز على البحريني أولا وأخيرا أم أن وظيفة مسؤولي التوظيف هو البحث عن موظف وحسب لشغر الشاغر المطلوب، وحتى يحسب أنه قام بأداء وظيفته، وإن كانت على حساب المواطن؟ لماذا على المواطن أن يستجدي الوظائف منكم؟ ولو وجدت التشريعات اللازمة في هذا الموضوع كما نراها واضحة في دول خليجية أخرى لرأينا التأثير الإيجابي الكبير على الاستقرار الاجتماعي والأسري وحتى المؤسسي.

- أتمنى من يود أن يرد علينا من البنوك أن يكون رده مشفوعا بلغة الأرقام حتى تتضح لنا الصورة الغائبة والقاتمة في هذا الموضوع، والذي يشغل الكثير من أبناء هذا الوطن، وخصوصا أنت نتغنى أننا مركز مالي عريق، ولكن للأسف نسمع جعجعة ولا نرى طحينا. نريد أن نعرف نسبة البحرنة لديكم أيها المؤسسات المالية، وخصوصا على المستوى القيادي وليس القاعدة فقط. ونريد أن نتعرف أكثر على سياسة التوظيف لديكم.

 

مواطن