+A
A-

مئات الآلاف من القطع والأنتيكات النادرة تنتظر التفاتة رسمية

في زيارة قام بها مندوب الصحيفة لمتحف عبدالله باقر التراثي بالرفاع الشرقي، والذي يكتظ دائما بالزوار، والرواد، والباحثين، والمعجبين، كان عالم باقر هنالك مغايرا بالتأكيد، وكأنه يقود هؤلاء الزوار لرحلة خاطفة عبر مركبة للسفر عبر الزمن إلى البحرين بستينات وخمسينات القرن الماضي.

فعلاوة على الديكور الأنيق والمميز للمجلس، والغرف الممتدة إليه من هنا وهنالك، يظهر للتوزيع الرائع للقطع القديمة والتي يغرق بها المكان، رونق بديع، تدفع الزوار لتأمل القطعة هذه وتلك، والحديث عنها، واستذكار الماضي الجميل من خلالها.

ويأخذنا المتحف لعالم آخر من الواقع، والذكريات، واليوميات، هناك قطع من الماضي متناثرة بالأركان، تتحدث، وتصف، وتوجز، عما كان يجري حينها، عن الأجواء العامة للبلد، وأهلها، وكيف كانت البساطة نعمة لا تقدر بثمن.

ومن الزوايا المميزة بالمتحف، المكتظ بالتحف، و(الأنتيكات)، زاوية مميزة للساعات القديمة، أكثر من 600 ساعة ثمينة، اصطفت بجوار بعضها بعضا بعناية بالغة، ونظافة لافتة، ولمعان مميز، منها ساعات نادرة تحمل صور وتوقيعات الحكام والرؤساء، منهم رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، المغفور له بإذنه تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ محمد بن سلمان طيب الله ثراه، وسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الرئيس العراقي السابق صدام حسين، والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، والملك الأردني الراحل الحسين بن طلال، وآخرون كثر.

ومن أهم الشركات المصنعة لها، روليكس، أوميغا، روليفكس، بترك فيلبس، وستين، المبادو، وأغلبها – كما ذكر صاحب المتحف- نادرة، ولا تقدر بثمن، وترجع لأكثر من 50 عاما في عمرها التصنيعي، ومنها أيضا أعداد وافرة من ساعات الجيب، ماركات كورنر كامل، وروليكس، وبعضها مذهب بالكامل.

وهنالك أيضا ساعات قديمة للبواخر، وزاوية خاصة للمكائن الحلاقة القديمة، والتي منها مكنات تعمل بالخيط.

وفي زواية أخرى، تتكدس أعداد كبيرة من الأوسمة، قرابة (350 وساما)، تجذب إليها الزوار بألوانها الفاقعة، ومعدنها البراق بشكل مميز، وبديع، ويستعرض باقر لمندوب الصحيفة عددا من هذه الأوسمة بسعادة لافتة، منها وسام قديم، ولكن بحالة ممتازة أصدر بمناسبة افتتاح مدينة عيسى، آخر بمناسبة افتتاح جسر الملك فهد، آخر لافتتاح شركة (ألبا)، آخر لافتتاح الفورمولا، ومن الأوسمة المميزة وسام خاص الرئيس المصري بجمال عبد الناصر، استمله باقر كإهداء من الجامعة العربية، وهنالك أيضا وسام ميثاق العمل الوطني، وأخرى كثيرة.

ومن الأوسمة النادرة واللافتة، وسامان أحدهما للملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، وآخر للملك خالد آل سعود رحمه الله، وهنالك أيضا وسام مميز أصدر بمناسبة افتتاح مسجد مطار خالد الدولي.

ويقول باقر هنا “كل وسام له معنى، ويمثل محطة تاريخية”.

وبزاوية أخرى، تتكدس مجموعة قديمة ومميزة من الولاعات، أغلبها من ماركات قديمة، ومعروفة لأهل البحرين والخليج وغيرهم، كماركة الثلاثة قطط، نيوكات، البلايرز، الفايف فايف، ونيستون، مبينا باقر بأن أغلبهم يعمل بالغاز.

ويضيف باقر مبتسما “كل القطع الموجودة في المتحف، اشتريتها، واقتنيتها من البحرين، لا يوجد أي قطعة استوردتها من الخارج، كلها من السوق المحلي نفسه”.

ويستعرض عبدالله باقر في إحدى زوايا متحفه التراثي، جانبا مهما من تاريخ الغوص واللؤلؤ البحريني، بتقديم ما يسمى بــ (بشتخته اللؤلؤ)، مضيفا “المعروضة أمامك هذه هي الخاصة بوالدي رحمه الله، وعمرها يتخطى التسعين عاما، وهي عبارة عن صندوق خاص للنواخذة، ومعها ورقة خاصة لدخلة الغوص، ومعها ورقة أصلية (إعلان من حكومة البحرين) تتضمن الترخيص للغاصة بدخول الغوص، وأيضا دفتر للؤلؤ، وميزان للؤلؤ، والفطام الخاص بالغواص، والملقط”.

واستخرج باقر ورقة قديمة من الصندوق، مستعرضا إياها وهو يقول “هذه رسالة قديمة من عائلة الدوي يستأذنون بها النوخذه بأن يسمح لأبنهم بدخول الغوص”.

ويستعرض المتحف أيضا عددا من الأواني المنزلية القديمة والنادرة، والتي كانت تسمى بالسابق (بو أسد) وكانت محط إعجاب وتفاخر بين نساء الفرجان، وهنالك أيضا زاوية مميزة للمسابح الكهرمان العتيقة والملونة والنادرة (400 مسبحة)، وأخرى للعصي المميزة المصنعة من أغصان المامبو، والعاج، وغيرها (بحدود 20 قطعة).

واستعرض باقر أيضا عددا من النظارات القديمة، والتي هي بحالة ممتازة، وبموديلات مختلفة، منها طقم مميز لعدد من النظارات الفاخرة (12 نظارة)، والتي تأتي بطقم واحد، صنعت خصوصا للمغفور له بإذنه تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه. ويقدم المتحف كذلك زاوية أنيقة للأقلام، حيث نجح عبدالله باقر بأن يحتوي المتحف بهذه الركن على أعداد ضخمة من الأقلام المختلفة والمتنوعة، وهي بحالة ممتازة، والتي تسرد مراحل مختلفة من تطور صناعة الأقلام، علما أن الغالبية منها لا تزال جديدة في علبها، وبسؤال لـ (البلاد) عن عددها، قال باقر” بحدود 500 قلم”.

ومما يميز المتحف، زاوية العملات القديمة والنادرة جدا، خصوصا العملات المعدنية، حيث يمتلك باقر عددا من المجلدات الضخمة، والتي تحتضن أعداد كبيرة منها، الأوروبية والعربية والبحرينية، والتي منها (عملة الفلس، والآنة، والأردي).

وتتميز العملات المصرية القديمة بوضوح في أوساط هذه المجموعات النادرة، منها عملات أصدرت بشكل حصري بعهد الملك فاروق، وأيضا العملات الأوروبية القديمة جدا.

وهنالك أيضا زاوية التلفونات، والتي تحتضن عددا واسعا من التلفونات النادرة، خصوصا المنزلية، ومعها عدد أكبر من الهواتف النقالة بمراحل تطورها المختلفة.

واختتم عبدالله باقر الجولة داخل المتحف الممتع، بأن صحبنا إلى غرفة رحبة، وموصدة بشكل جيد، قبل أن يفتح بابها، ويضغط على مفاتيح الإنارة، وكانت المفاجأة الحقيقية، حيث تحتضن أكثر من 2000 آلة تصوير نادرة، منها أول كاميرا تجسس صنعها الألمان بالحرب العالمية الأولى، وكاميرا تصوير سينمائية نادرة صنعت العام 1878، والكاميرا التي استخدمت في تصوير بطولة كأس الخليج الأولى، والتي عقدت بالبحرين. بالإضافة لعدد كبير من الكاميرات الشخصية النادرة، والمنقرضة، ومعداتها، وأفلامها، وعدد من الكاميرات البحرية، والكاميرات البرمائية، وغيرها الكثير.

غرفة الكاميرات هذه، متحفا بذاته، تاريخ لهذه الحرفة الرائعة، وجهد جهيد بتجميع هذه القطع المذهلة، والتي اصطفت بشموخ على الأرفف، وبعناية بالغة ومستحقة، أسوة بغيرها من مئات الآلاف من القطع و”الأنتيكات” النادرة، والتي تنتظر من هيئة الثقافة والآثار لأن تلتفت لها، بموقف يؤكد الحرص والتقدير لمثل هذه المتاحف الوطنية المقدرة لدى المواطنين أنفسهم.