+A
A-

خسائر المستثمرين البحرينيين في إيران تتعمق

تعمقت خسائر المستثمرين البحرينيين في إيران بعد فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية الأميركية على طهران، وتدهور قيمة التومان إلى مستويات قياسية.

ويستثمر بحرينيون أموالا في البنوك الإيرانية، من خلال وضعها كودائع يتلقون عليها فوائد (أرباح) بنسب مرتفعة تصل في بعض الأحيان إلى 20 %.

لكن هذه الفوائد لم تعد تصل إلى حساباتهم كالمعتاد، أو تتأخر لفترات طويلة رغم أن الاتفاق أن يتم تحويلها شهريا، يضاف إلى ذلك، وهذا هو الأهم، بحسب ما قال بعضهم لـ “البلاد” إنها تراجعت بنسب كبيرة بسبب هبوط سعر صرف التومان مقابل العملات الرئيسة خصوصا الدولار.

وبينوا أن البنوك التي يتعاملون معها يودعون أرباحهم بالتومان الإيراني وعند تحويل المبالغ إلى الدولار أو الدينار البحريني فإنها تفقد جزءا كبيرا من قيمتها.

وأبدى هؤلاء تخوفهم من ضياع أموالهم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها إيران، مع صعود التوترات والاحتجاجات الشعبية، فضلا عن الضغط الدولي والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن على طهران.

تأخر استلام الأرباح وتراجعها

ويقول عبد الزهرة جعفر، إنه لم يتلق أي أموال منذ نحو شهرين، رغم أن له وديعة في بنك معتبر هناك تصل إلى 13 ألف دينار بحريني.

وتابع “بت خائفا على أموالي، (...) لا أريد الأرباح، أريد فقط استرداد رأس مالي وكفى”.

وأشار عبد زهرة أنه لا يستطيع الذهاب حاليا إلى طهران لسحب وديعته، فالظروف صعبة، كما أن سعر صرف التومان في “الحضيض” وبالتالي الخسائر كبيرة.

وزهرة واحد من كثيرين ممن يخشون على استثماراتهم وأموالهم المودعة بالنظام المصرفي الإيراني.

ولا توجد أرقام دقيقة عن حجم ودائع البحرينيين في إيران، خصوصًا أنها تتم بشكل غير رسمي، لكن بعض المراقبين يقدرونها بالملايين.

وتمنح البنوك الإيرانية فوائد سنوية تتراوح بين 16 % و22 %، وهي مرتفعة جدًّا قياسًا بتلك التي تعطيها البنوك في أي مكان بالعالم، الأمر الذي دفع الكثير من الباحثين عن الثراء للاندفاع.

من جهته أكد سيد حسن الذي لديه وديعة في أحد البنوك الإيرانية تقدر بـ 20 ألف دينار، أن الفوائد تصله بانتظام ولكنها غير مجدية بسبب تراجع سعر صرف التومان.

لكنه عبر عن قلقه العميق وخوفه من ضياع أمواله، مشيرا إلى أن الظروف التي تعصف بطهران أثبتت أن النظام المصرفي هناك غير متماسك ولا يستطيع تلقي الصدمات.

وكرر سيد حسن ما قاله لـ “البلاد” في يناير الماضي ابان اندلاع الاحتجاجات الشعبية في إيران “لدي أوراق رسمية، لكنني أعتقد بأنها لن تجدي نفعًا في حال وقع الاقتصاد هناك، (...) ماذا ستفيدني الأوراق في نظام سياسي واقتصادي معادي للعالم، من سيجلب لي حقي؟”.

وتابع سيد حسن “في عائلتنا شخصان آخران لديهما ودائع هناك، وأعرف الكثير من البحرينيين الذين استثمروا أموالهم في إيران، وجميعنا يعترينا القلق الآن على مصير هذه المبالغ”.

ويعتبر اقتصاديون التومان عملة خطرة، وعرضة للانهيار، فضلا عن أنها تسير في مسلسل هبوطي حاد وسريع.

وتابع سيد حسن “الظروف صعبة هناك، ونحن لا نستطيع الذهاب في الوقت الراهن لسحب أموالنا، أضف إلى ذلك بأنه لو قمنا بهذه الخطوة فإننا سنخسر الكثير بسبب تراجع سعر صرف التومان”.

وبحسب أسعار الأمس فإن كل مليون تومان إيراني تساوي 81 دينارا بحرينيا فقط، في حين كانت تصل إلى 100 دينار في يناير الماضي، وقرابة الـ 400 دينار في العام 2008. وبذلك يكون سعر الصرف تراجع خلال 10 سنوات حوالي 80 %.

وتعمقت خسائره في الشهور والأيام الماضية بعد تهديدات الرئيس الأميركي بإعادة فتح ملف الاتفاق النووي وتلميحه لإلغائه، فضلا عن فرض عقوبات اقتصادية جديدة على البلد المتهالك اقتصاده أصلا.

وقال دونالد ترامب أمس الأول أنه سيفرض عقوبات غير مسبوقة على إيران.

ومن المعلوم أن كثيرًا من مكاتب الصرافة بالسوق المحلية البحرينية، أوقفت التداول بالتومان الإيراني كونه عملة خطيرة وغير مستقرة، وتتأثر سلبًا بالظروف السياسية.

ويؤكد مراقبون أن الودائع التي خرجت من البحرين أو من أي دولة أخرى بشكل غير رسمي لإيران لا يوجد لها ما يضمنها لا هنا ولا هناك، مشيرين إلى أنه حتى في حال وجود عقود بين المودع والبنوك أو وسطائهم من مؤسسات الصرافة فهي غير معترف بها، كونها تتم على صفقات غير شرعية، وقد توقع أصحابها تحت طائلة قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب.

وشهد النصف الثاني من العام الماضي إفلاس العديد من البنوك الإيرانية هي: “كوثر، ثامن الحجج، كاسبين، آرمان توسعه، ثامن الأمة”، فيما توقفت بنوك أخرى عن صرف الأموال لأصحابها دون توضيح أسباب، منها: “بنك اقتصاد، بنك باساركاد، بنك آينده، بنك إيران زمين، بنك مهر، بنك قوامين”.

الاحتجاجات الشعبية تتواصل

ونقلت محطة سكاي نيوز عربية أمس الأول عن موقع مجلس المقاومة الإيرانية قوله بأن الاحتجاجات العمالية والشعبية تواصلت في مدن إيرانية عدة الأسبوع الماضي، بسبب السياسات الاقتصادية للنظام وتدني الأجور في وقت تزداد فيه الأسعار ارتفاعا.

ونفذ عمال وموظفون في قطاعات مختلفة أضربات أدت إلى تعطل الكثير من الخدمات احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار وتأخر الرواتب وتوقف دفع البدلات.

ومن المرجح أن تتعمق هذه الدوامة من الاحتجاجات، بعدما قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، وأعاد فرض العقوبات على الاقتصاد الإيراني المتداعي.

وبالطبع فإن تراجع التومان يؤجج التضخم الذي يصل إلى مستويات قياسية. وتقول الجهات الرسمية في طهران بأنه يحوم حول الـ 10 % إلا أن مؤسسات مالية دولية تؤكد بأنه يفوق الـ 35 % كحد أدنى، ويرتفع لأكثر من ذلك.

وفي مسعى لوقف تراجع العملة المحلية، أعلنت السلطات الإيرانية في ابريل الماضي أنها ستوحد سعر الصرف الرسمي وسعر السوق الحرة عند مستوى 42 ألفاً مع حظر أي تداولات بأسعار أخرى من طريق وضع المتعاملين بها تحت طائلة الاحتجاز.

لكن الخطوة لم تقض على السوق الحرة لأن المبالغ الضئيلة من العملة الصعبة التي توفرها السلطات عبر القنوات الرسمية لا توازي الطلب.