+A
A-

سيار: الرياضة مصدر مهم لدعم الاقتصاد.. والعائد المتوقع لمونديال روسيا 23 مليار دولار

انطلق يوم أمس الخميس “منتدى البحث العلمي في اقتصادات الرياضة”، والذي تنظمه اللجنة الأولمبية البحرينية حتى 5 مايو الجاري بفندق “وايندهام غراند منامة” بالتعاون مع الأكاديمية العلمية للبحث والتدريب وأكاديمية “دراسا” لعلوم الرياضة ضمن أنشطة وبرامج جائزة ناصر بن حمد آل خليفة للبحث العلمي في المجال الرياضي وذلك بحضور الأمين العام للجنة الأولمبية عبدالرحمن عسكر، وأمين عام الجائزة عبدالرحمن سيار وعدد من كبار المسؤولين في اللجنة والضيوف ومشاركين من داخل مملكة البحرين وخارجها.

وبدأ المنتدى بكلمة لعبدالرحمن سيار رحب فيها بالحضور، وقدم فيها شكره وتقديره لممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، رئيس اللجنة الأولمبية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، على دعمه للجائزة، مؤكدا أهمية هذا المنتدى لاستثمار الرياضة في تعزيز اقتصاد الدول لبناء اقتصاد رياضي مزدهر بما يوكب رؤية البحرين 2030 وايجاد علاقة وثيقة مع شركات القطاع الخاص.

وأضاف سيار “ تبين من خلال الدراسات أن قلة الحركة والخمول تكلف الاقتصاد العالمي 67 مليار دولار سنويا جراء تكاليف الرعاية الصحية والخسائر الإنتاجية، وهم ما يستدعي الاهتمام بالرياضة التي أصبحت مصدر مهم؛ لتوفير الأموال وتعزيز الإيرادات، فروسيا على سبيل المثال التي ستحتضن مونديال كأس العالم 2019 بعد أسابيع أنفقت على الطرق والبنية التحتية والملاعب قرابة 13 مليار دولار والعائد المتوقع 23 مليار دولار، كمأ أن المونديال ساهم في تشييد 62 فندق سيعززون السياحة في روسيا والعديد من المكتسبات والأرباح الأخرى..”، مؤكدا أهمية هذا المنتدى بما سيتضمنه من أوراق عمل وعروض ستسهم في الوصول إلى أفضل الحلول اللازمة لاستثمار الرياضة.

حسانين: حصيلة أولمبية ضعيفة للعرب

بدأت أولى محاضرات المنتدى التي تحدث فيها محمد صبحي حسانين من جمهورية مصر العربية استاذ القياس والتقويم بكلية التربية الرياضية للبنين بجامعة حلوان، النائب الأول لرئيس الاتحادين المصري والعربي للرياضة الجامعية، رئيس قطاع التربية الرياضية بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية، والتي جاءت بعنوان (متجهات مقترحة لزيادة وتعظيم مصادر التمويل الرياضي بغرض زيادة حصيلة الإنجاز الأولمبي).

وقال حسانين في محاضرته “الإنجاز الأولمبي هو الأعظم على جميع الأصعدة الرياضية، وتتباين الدول في حصيلتها الأولمبية، ويرجع ذلك لأسباب عدة إحداها التكلفة المالية الباهظة للميدالية الأولمبية، واللافت للنظر أن حصيلة الإنجاز الأولمبي العربي لا تتمشى بجميع المقاييس مع ما تملكه مجمل الدول العربية من إمكانات مادية وبشرية (لاعبين، كوادر، علماء) وجغرافية وحضارة، حيث بلغ الإنجاز الأولمبي العربي (108) ميدالية في جميع الدورات الأولمبية الحديثة، في حين أن الولايات المتحدة الأميركية بمفردها قد حققت (121) ميدالية في دورة أولمبية واحدة (ريو دي جانيرو 2016).

وأرجع حسانين ظاهرة ضعف الإنجاز الأولمبي العربي، إلى ضعف المخصصات المالية، حيث أصبح موضوع (مصادر التمويل) مُلحا في تناوله بالبحث والدراسة؛ بغرض تنويعة وتعظيمه لضمان إنجاز أولمبي عربي أفضل.

وتختلف مصادر التمويل للتنظيمات والأنشطة الرياضية في الدول باختلاف النظم والأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بها، كما تتنوع أيضاً وفقا للرؤية والأفكار والإبداعات التي يتميز بها الخبراء والمسؤولون في الدول، ويمكن الإشارة إلى أن بداية التسويق والاستثمار في الألعاب الأولمبية بدأته اللجنة الأولمبية الدولية من خلال برنامج (TOP) أو (الشركاء الأولمبيين) وخلاله تم حصر الدعاية في دورات الألعاب الأولمبية على شركات محددة، وقد بدأ في دورة سيئول 1988 بمبلغ 13 مليون دولار لكل شركة مساهمة في البرنامج، ثم 22 مليون دولار في دورة برشلونة 1992، و40 مليون دولار في دورة أتلانتا 1996، و45 مليون دولار في دورة سيدني 2000، وكذا استمرت قيمة الرعاية في الزيادة حتى وقتنا هذا. وأبرز مثال إعلان اللجنة الأولمبية الدولية عن توقيعها مه شركة (TOYOTA) اتفاقية لمدة 10 سنوات مقابل 835 مليون دولار، مقابل مسمى (الشريك الأولمبي).

كما انتشرت وكالات إدارة وتسويق الرياضة، وكانت أول وكالة تسويقية متخصصة في الرياضة (مجموعة الإدارة الدولية “IMG”) في أمريكا، وقد ساهمت بشكل كبير في زيادة الاستثمارات في الرياضة من خلال نشر البرامج التلفزيونية.

وفي ضوء المسح الشامل وطرح بعض الأفكار المستحدثة لخص حسانين أهم المصادر التمويلية، وهي (حقوق الرعاية والإعلان والبث التليفزيوني – استثمار وتسويق المنشآت والأدوات والأجهوة الرياضية – صناعة الأحداث الرياضية وتسويقها – أفكار مستحدثة مثل صندوق التمويل ولجنة التنمية الرياضية الأولمبية).

حمدان: الأحداث الرياضية تدعم الاقتصاد

في المحاضرة الثانية تحدث نائب رئيس اللجنة الأولمبية الأردنية ساري حمدان في المحور الذي حمل عنوان “الاستثمار والرياضة.. المنفعة المتبادلة”، عرف من خلالها الاقتصاد والرياضة والاستثمار كمدخل ثم تطرق لموضوع دور الرياضة في تنمية الاقتصاد، فهي وسيلة دعاية وإشهار بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وتوفير القيم التربوية المتصلة بالإنتاج واكتشاف وصقل المواهب في أنظمة تربوية وبدنية وترويحية وفنية وتوفير اللياقة البدنية، ويعتبر عاملا رئيسا بعد رأس المال وبيئة العمل لزيادة الإنتاج.

وأضاف “هناك دور متبادل في الدعم بين الاقتصاد والرياضة، حيث إن الأنشطة والأحداث الرياضية تدعم الاقتصاد، وكذلك الشركات والمؤسسات التي تدعم الرياضة؛ بهدف الترويج والتسويق لمنتجاتها ولأسمها التجاري”.

وأضاف بأن العلاقة الحقيقية بين الاقتصاد والرياضة وتبادل الاستثمار ظهر في العام 1992 بالدورة الأولمبية ببرشلونة عندما تم بناء نموج أولمبي استثماري وتجريبه قبل بدء الدورة بأربعة أعوام، حيث دخلت الشركات والمؤسسات التجارية العالمية التنافس على استضافة الأحداث الكبيرة (كأس العالم لكرة القدم، الألعاب الأولمبية والآسيوية).

وذكر حمدان أن المراجع تشير إلى أن حقوق البث التلفزيوني حققت أعلى المستويات ما نسبته 47 % من مجمل الايرادات، متفوقة على إيرادات الشركات الراعية 45 % والتذاكر5 % والتراخيص 3 % في أولمبياد ريو 2016، موضحا بأن المؤشرات الأولية تبين بأن قيمة المردود الاستثماري لأولمبياد طوكيو 2020 سيصل إلى 300 مليار دولار، وأن الكلفة المتوقعة للإعداد للدورة يصل إلى 13 مليار.

كما تحدث عن دور الاقتصاد في الاستثمار الرياضي، حيث يعتبر دخول الأعمال والمصالح التجارية في مجالات الاستثمار الرياضي من أهم العوامل المؤثرة في النمو الاقتصادي للرياضة مما أدى إلى اعتبار الأنشطة الرياضية من الانشطة الاقتصادية.

فالاقتصاد يؤثر إلى حد كبير على الرياضة، فهي تشمل باعتبارها نظاما اجتماعيا على إمكانات وتسهيلات ومنشآت خاصة تتمثل في أجهزة وأدوات رياضية وأجهزة فنية خاصة تيسر إقامة المنافسات وتساعد على الإعداد والتدريب، وتيسر المشاركة الشعبية في الرياضة.

فعلى مدى 35 عاما الماضية حققت صناعة الرياضة تطورا كبيرا مقارنة بأنواع الصناعات الأخرى. فقد ارتبطت صناعة الرياضة بالشركات والمصانع والمعدات وشبكات الأعمال ووسائل الإعلام والساحات والاستديوهات واللاعبين والفرق الرياضية والمنظمات المهنية الرياضية”.

الهزاع: أسس اكتشاف المواهب

واختتم اليوم الأول بمحاضرة هزاع بن محمد الهزاع من المملكة العربية السعودية البروفيسور والمستشار في بحوث النمط الحياتي والصحة بمركز أبحاث العلوم الصحية وجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، والتي جاءت بعنوان “اكتشاف المواهب وانتقائها في المجال الرياضي: هل كل ما يلمع ذهبا؟”.

وبدأ الهزاع حديثه عن المتطلبات البدنية والمهارية للرياضة وانتقاء المواهب مثل القدرات البدنية والمهارية بحسب نوع الرياضة، مشيرا إلى أن النجاح في التنبؤ بالأداء البدني المتميز يعتمد على قدرتنا على تحديد العديد من العوامل مثل الجسمية والفسيولوجية والمهارية والنفسية، كما يمكن التبؤ من خلال بعض القياسات والاختبارات التي تجرى في الصغر مثل الجري التحملي للكشف عن التحمل الدوري التنفسي والتجديف لمعرفة القوة العضلية والتحمل الدوري التنفسي، وأكد الهزاع على صعوبة التنبؤ بتطور الأداء في مرحلة المراهقة.

وتحدث عن كيفية اكتشاف المواهب من خلال الانتقاء الطبيعي، حيث إن الموهوب سيتميز من تلقاء نفسه بالفطرة والفرصة من دون تخطيط وإستراتيجيات. أما برنامج اكتشاف المواهب وهو يعتمد على رعاية الموهبة مبكرا حتى الوصول إلى المراحل المتقدمة من خلال توفير البيئة الملائمة لتطور الموهبة.

وأضاف الهزاع بأن أسس البحث عن المواهب تعتمد على اكتشافهم منذ الصغر وليس الكبر، من خلال المدارس ومن ثم إرسالهم إلى مراكز التدريب أو الأكاديميات وإجراء الاختبارات لهم وانتقاء الأفضل منهم، واستعرض الهزاع أمثلة لبرامج الكشف عن المواهب مثل إستراليا، والتي تبدأ من 12 سنة وإعدادهم بشكل متواصل باستخدام العلوم الرياضية ومواصفات وقياسات محددة واستعرض أمثلة أخرى من بريطانيا.

ورقة الجامعة الخليجية

وبعد نهاية المحاضرات قدمت الجامعة الخليجية ورقة بحثية بعنوان “أثر خصخصة اقتصادات الرياضة على الاقتصاد القومي البحريني” لاستاذ الاقتصاد والتمويل الدولي بالجامعة الخليجية شفيق السامرائي، والطالبة صفية العثمان.

وأضاف السامرائي لقد برزت العلاقة الترابطية بين الرياضة والاقتصاد، فالاستثمار الرياضي عملية جديدة لبعض الدول، حيث تبوأت الرياضة والأنشطة الرياضية مكانة بارزة على الساحة المحلية البحرينية كظاهرة محلية تستحق الدراسة، ولقد زادت مظاهر هذه المكانة من خلال الدعم والتوسع والترهل في إنشاء الهيئات الرياضية والاتحادات الرياضية، وأصبحت قضاياها مشكلات ذات عبء اجتماعي واقتصادي وهي جوهر المشكلات في العقد الحالي.

وأكد أهمية دراسة خصخصة القطاع الرياضي من خلال الشروع بتصميم إستراتيجية تعتمد على عمليات التمويل الذاتي للمنظمات والأنشطة الرياضية دون الاعتماد على التمويل الحكومي عبر تشخيص نقاط القوة والضعف واكتشاف الفرص والتهديدات (المخاطر)؛ لتحقيق رؤية وإستراتيجية 2030 في الميدان الرياضي.

وخصلت الدراسة إلى عدد من التوصيات مثل خصخصة الأندية الرياضية لزيادة فاعلية العمل الاستثماري وإنشاء أكاديمية (ناصر) للتأهيل الرياضي. وقيام إدارات الأندية الرياضية بتعديل وتطوير اللوائح المالية الداخلية للأندية حتى يمكن من خلالها استغلال كل إمكانات النادي لزيادة معدل التمويل الذاتي.

والاتفاق مع الشركات الراعية لرعاية الأنشطة المختلفة داخل الأندية وتقديم كل الأجهزة والأدوات والدعم الكافي لرعاية الفرق الرياضية ووضع الخطط الاستثمارية بالأندية الرياضية بطريقة علمية وقيام الأندية الرياضية بإنشاء شركات مساهمة يتم عرضها على الجمهور في البورصة للاكتتاب العام، ومن ثم زيادة القيمة المادية لأسهم الأندية وتهيئة المناخ المناسب لإقامة المشروعات الاستثمارية الرياضية وتحفيز المستثمرين لضخ وتوظيف أموالهم في القطاع الرياضي، ووضع القوانين والتشريعات اللازمة لتشجيع المستثمرين للاستثمار الرياضي مثل التخفيضات الجمركية على الأدوات والأجهزة والإعفاءات الضريبية وتسمية إدارة الاستثمار كإدارة مستقلة ضمن إدارات الهيكل التنظيمي للأندية الرياضية وذلك لإدارة العمل الاستثماري بالأندية الرياضية والعديد من التوصيات الأخرى.

وفي نهاية اليوم الأول فتح المجال امام المشاركين لتوجيه الأسئلة والاستفسارات، والتي أجاب عليها المحاضرون بكل رحابة صدر.