+A
A-

النعيمي لـ “البلاد”: 16 مركزا بحثيا إيرانيا موجها ضد دول الخليج

دعا الأكاديمي والباحث في الشؤون الإيرانية سلطان النعيمي لإيجاد استراتيجية إعلامية عربية موحدة قبالة الخطاب الإعلامي الإيراني، مبينًا أن الخطاب الإيراني متقدم جدًّا، ويستثمر كل المنصات الإعلامية التقليدية والحديثة، للترويج لأجندات النظام الديني الحاكم، سواء بداخل العمق الإيراني، أو بالدول المحيطة بإيران.

وأوضح النعيمي بلقاء موسع أجرته معه “البلاد” أن “الخطاب الإعلامي الإيراني أيديولوجي ديني، فهو يحاول استثارة الشيعة بدول الخليج، بأنهم مضطهدون، ومظلومون من جانب، كما أنه يستثير الشعوب الإيرانية بالخطر، وبأن الدول الغربية وحلفاءها يهدفون لاستنزاف ثروات الشعب الإيراني، وسرقة مقدراته.

بداية، هل تصف الخطاب الإعلامي الإيراني بالناجح، أم الفاشل، ولماذا؟

- ناجح جدًّا من منظور النظام الإيراني واستراتيجيته القائمة، ومحاولاته المستمرة للتغلغل في المنطقة العربية، واستخدام العبارات التي تجذب المتعاطفين. ويأتي هذا النجاح، مع غياب استراتيجية مضادة، من قبل من يتلمس الخطر الإيراني، وهو خطر لا يقف عند دولة، دون غيرها، آثاره قد تتباين، لكنه قائم وقادم للجميع.

في المقابل، فالخطاب الإيراني فاشل جدًّا، بما سيعود بالنفع على أولئك الذين يعتقدون ذلك، والواقع والشواهد تؤكد هذا الخلاف.

يهتم الخطاب الإعلامي الإيراني بتوظيف اللغة وانتقاء المصطلحات والعبارات التي تخدم أجندة النظام هناك، ما الأرضية التي تمكنهم من تحقيق كل ذلك؟

- استغلال ما يحدث في العالم من متغيرات، والمزايدة على بعض القضايا المهمة للعالمين العربي والإسلامي، بمقدمتها القضية الفلسطينية، والتي يتاجر بها النظام الإيراني منذ سنين طويلة، ولأبعد مدى قد تتخيله، يضاف إليها، استغلاله لحركة (حماس) وترويجه الدائم لوقوفه لجانبها وهي جماعه (سنية) حتى لا يوصم خطابه بالطائفية. والتوجهات الإيرانية – بالمجمل- هي توجهات تخدم سياسة ومصلحة النظام الإيراني نفسه، بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى.

ما أهم الملامح التي تميز الخطاب الإيراني الموجه للعمق الإيراني نفسه؟

- هنالك رسالتان يحملهما الخطاب الإيراني بهذا السياق، الأولى بأن هناك خطرًا داهمًا يهدد الداخل الإيراني، متمثلاً في الغرب، وفي الشيطان الأكبر (أميركا)، وبأن هذه الأطراف الخارجية، تريد الإضرار بإيران، وسلب إرادتها، ومقدراتها، وثرواتها.

وهنالك الاستفادة من الخطاب الإعلامي العربي غير المتزن، ومعه أيضًا بعض الشخصيات العربية، والذين يستشعرون الخطر الإيراني، لكنهم يستخدمون مصطلحات تضر، وتعمم الحالة الإيرانية، فمثلاً.. بدلاً من أن يقال بأن النظام الإيراني وسياسته، يقال: الإيرانيون، أو المجوس.

فيبدأ على أثر ذلك النظام الإيراني باستثمار لغة الخطاب هذه، ويوجهها مباشرة للعمق الإيراني، محذرًا إياهم من العرب، والذي يصفهم حينها بأنهم معادون لإيران، وللشعب الإيراني، فيكون الخطاب غير المتزن منا، رصيدًا مضافًا للنظام الإيراني، والذي يوظف ضدنا.

ألا تجد أن التعدد الإثني للشعوب الإيرانية يمثل حاجزا أمام خطاب النظام الإيراني ونواياه؟

- خطاب النظام الإيراني للداخل يدور دومًا بفلك القومية الإيرانية، وليس القومية الفارسية، وبحيث يكون شاملاً لجميع الإيرانيين، لكن الداخل الإيراني يدرك اليوم جيدًا بأن النظام الإيراني ليس بما يدعي، وبأنه لا يخدمهم بقدر ما يخدم أجنداته الخاصة نفسها، والمتمثلة بالتيار الديني الحاكم، والذي يريد أن يستمر بالسلطة وبممارسة أجنداته الراهنة، مهما كانت النتائج المفضية لذلك.

كيف نجح الخطاب الإيراني في الجمع ما بين الأبعاد الإيديولوجية والنواحي القومية نفسها؟

- يحمل الخطاب الإيراني نوعًا من المزيج المختلف، ففي الخارج الإيراني، يخاطب من هم يعتنقون المذهب الشيعي، بالخطاب الأيديولوجي الديني، محاولاً استثارة الشيعة، بأنهم مضطهدون، وغيرها ذلك من أمور.

وعليه، فالإشكالية ليست بالمذهب، أو بمن يعتنقه، وإنما في من يستغله استغلالاً سياسيًّا للوصول إلى مآربه الخاصة، والنظام السياسي الإيراني يستخدم بخطابة الأيدلوجية دومًا لتحقيق ذلك.

وفيما يتعلق بالقومية الفارسية، فالخطاب الإيراني يحاول دومًا أن يؤثر على  الداخل الإيراني بالحديث عن النفوذ بالمنطقة، وبأن لإيران أحقية قديمة بذلك، مستخدمًا كلا الخطابين، القومي مرة، والديني مرة أخرى، لكنه يستخدم الخطاب الديني بشكل أعمق، لتحقيق مآربه.

في ظل الثورة المعلوماتية الراهنة، هل لا يزال تكرار الخطاب الإيراني قادرا على توصيل الرسالة الإقناعية للجمهور الإيراني، وإن كانت مضللة؟ لماذا؟

- استغل النظام الإيراني وسائل التواصل الاجتماعي، استغلالاً كبيرًا، بمعنى أنه لا يتوقف على استخدام منصات إعلامية معينة للترويج لأفكاره وسياساته، بل إنه يوظف بعض العناصر للدخول بمنصات عربية وقومية أخرى، لكي يستقي منها المعلومات، وعن طريقها يبث الرسائل مجددًا وبشكل محكم.

فهو استغلال يمزج الإعلام التقليدي والحديث معًا، وباستراتيجية إعلامية واضحة، تخدم أجنداته منذ سنوات، ولا تزال.

برأيك، كيف تحولت وسائل الإعلام الإيرانية من مؤسسات بث الأخبار وتشكيل الرأي العام، إلى مؤسسات دعائية؟

- من يرعاها، يريدها أن تكون كذلك، والنظام الإيراني يهتم لأن تكون هذه الوسائل منصات للدعاية له بالخارج، ومتى ما وجدت الاستراتيجية يكون تحديد الوسائل أمرًا بسيطًا جدًّا، وبمخرجات تحقق الأهداف المرسوم لها.

هنالك قواسم مشتركة للشخصية الإيرانية، على اختلاف تباينها الفكري، وميولها السياسية، كيف أثر ذلك على الإعلام والخطاب السياسي الإيراني؟

- هنالك تباين في التوجهات السياسية للمحافظين، والإصلاحيين، لكنهم يتفقون بنهاية المطاف بما يخدم النظام الإيراني، ومشروعة الداخلي، وفي المنطقة العربية، ولقد كنا نرى حسن روحاني وهو يتحدث عن الانفتاح مع دول الخليج، مع وصوله لسدة السلطة العام 2013، لكنه تغير بعدها، حيث بدأ يطفو خطاب النظام الإيراني للسطح، على خطاب نظام السلطة التنفيذية، والتي هي جزء من النظام الإيراني.

عندما يريد النظام الإيراني ضبط لغة الخطاب، يبدأ عناصر السلطة التنفيذية، وغيرهم، بضبط مسار خطابهم تلقائيًّا، بما يتماشى مع ذلك، وهو ما حصل –تطبيقيًّا- مع خطاب ظريف، وزير الخارجية الإيراني، والذي تغيّر خطابه بالكامل تجاه دول الخليج، ومعه الرئيس الإيراني نفسه، بعد أن كان مرحبًا، ومتفائلاً.

يلاحظ تأثير أيدلوجية التيار الديني الحاكم في إيران على الخطاب السياسي والإعلام بشكل بالغ وعميق، ألا ترى بأن الحد من هذا التأثير أَصبح الآن بنطاق (اللا ممكن)؟

- النظام الإيراني يستخدم الخطاب القوي والمتعمق، وتدعمه كل المؤسسات الموجودة، من حرس ثوري وغيره، والكثير ممن يسير في أثره، يدركون زيفه، وأن ما يهمه هي المصالح فقط.

وخير شاهد على ذلك، بأنه وفي قمة الحرب العراقية الإيرانية، وقمة شعارات الثورة الإسلامية، وما يردد خلالها من شعارات عن “الشيطان الأكبر” و”معاداة أميركا” وغيرها، خرجت إيران بفضيحة “إيران كونترا” وكيف سعى النظام الإيراني حينها، لشراء أسلحة من أميركا عن طريق إسرائيل، وعليه فإن المصلحة هي من تفتت أساسيات وأيديولوجيات هذا الخطاب.

هنالك إصرار إيراني لتثبيت بعض الأفكار التي يروج لها، من خلال توظيف اللغة كمسمى (الخليج الفارسي) و(أعراب) بدلاً من (عرب)، و(المشيخة) إشارة لأنظمة الخليج الحاكمة، كيف تقرأ ذلك؟

- هذا الخطاب موجه بالدرجة الأولى للعمق الإيراني، محاولاً عبره استرجاع أمجاد الإمبراطورية الفارسية، وأن هؤلاء – إشارة لدول الخليج- هم مجرد أعراب، وبأنهم أقل من أن تنظر لهم إيران، مع أهمية النظر لإيران بعالمية. هذا الخطاب موجود، ووارد، ولا يزال موظفًا في الخطاب الإعلامي للنظام الإيراني، وهو ما يتوجّب علينا أن نستغله في بث الرسائل للعالم العربي، بأن انظروا كيف ينظر لكم النظام الإيراني كأعراب.

كباحث مختص بالشؤون الإيرانية، ما الذي يحتاجه العرب اليوم، قبالة كل هذا؟

- الإدراك التام بحجم الخطر الذي يشكله النظام الإيراني عليهم، وبأنه لا بد من التفريق ما بين النظام الإيراني والشعب الإيراني أثناء استخدام المصطلحات، حينما ندرك كل ذلك سيكون لدينا استراتيجية إعلامية واضحة، نكون خلالها قادرين على مواجهة الخطاب الإيراني، وتفتيت كل دعاياتهم المضللة، ليتكشف للعالم وللإيرانيين، وللمغترين بالنظام الإيراني، بحول ماهيته، ونواياه، وأهدافه.

كم عدد المراكز البحثية الإيرانية الموجهة ضد العرب؟

- هنالك 16 مركزًا بحثيًّا إيرانيًّا مخصصًا لدول الخليج.