+A
A-

والد الشهيد هشام الحمادي لـ “البلاد”: وقفة القيادة وأهل البحرين انتشلتنا من وجع عميق

كان هشام شجاعـًا جدًا.. لا يخاف

حين استقبلني أبنائي بالخبر الموجع قلت لهم: أنا والد الشهيد

كل أبنائنا وأحفادنا فداء للبحرين ولأهلها

حين يعلم الناس أنني والد الشهيد يقبلون إلي بحب واحترام بالغين

 

التقيت أخيرا، وبمعية مدير التحرير العام أيمن همام، بوالد الشهيد النقيب هشام الحمادي، حسن محمد الحمادي، بمسكنه “بالحجيات” وبحضور أبناء الشهيد محمد، وحسن، وحمد، في لقاء استثنائي، غلبته العاطفة، والحب، واستذكار مآثر الشهيد البطل، الذي مثل رحيله منعطف تغيير حقيقي بالبلد، ومرتكز تلاحم، ووحدة صف.

وبدلًا من أن نقدم لوالد الشهيد عبارات المساندة، والتشجيع، والثبات، كما يفترض به أن يكون، حصل العكس تمامًا، فكان حديثه هو المحفز لنا، في الثبات على الحق، والمبادئ، والسعي لعمل الخير، والتفاني فيه.

وكانت لحظة دخول أبناء الشهيد لنا بصالة الجلوس الرحبة، التي اكتظت طاولتها بمأدبة كرم عائلة الحمادي بضيوفهم وزوارهم، مؤثرة رغمًا عنا، تطلعنا - أنا والأستاذ أيمن - إلى الأشبال لوهلة صمت عميقة، قبل أن نحتضنهم ونقبلهم، ونداعبهم.

هشام الشجاع

وصف حسن الحمادي ابنه هشام (رحمه الله) بأنه كان محبًا لروح المغامرة منذ أن كان طفلاَ صغيرًا، وبسمة ميزته عن كثيرين من معارفه، وأقرانه، مضيفًا لــ “البلاد”: كان شجاعًا جدًا، لا يخاف.

وأضاف مبتسمًا “من الهوايات التي كان يحبها هشام وهو لا يزال طفلًا، تربية الحيوانات المختلفة، وكان يحب ركوب الخيل كثيرًا”.

وتابع “أذكر أنه وأثناء حضوره امتحانا في المدرسة، وهو لا يزال صغيرًا، أنه اصطحب معه ثعبانا صغيرا، وحصل بأن تسلل الثعبان من جيبه بهدوء، من دون أن يشعر، وما أن اكتشف ذلك، حتى ترك أوراق الامتحان، وبدأ يبحث عنه بالفصل، وحين اكتشف المدرس والطلبة حقيقة الأمر، دب الرعب بينهم، وحدثت الفوضى”.

ويزيد مبتسمًا “لك أن تتخيل، كم من المرات، التي كنت أزج بها بمواقف محرجة مع هذا وذاك، بسبب اقدام هشام، واختلافه عن الآخرين، ربما كان يسبب لي الأمر حينها ضيقًا ما، ولكن وبعد أن يكبر الأولاد، تكتشف أن أكثر لحظات المشاغبة لهم حين كانوا صغارًا، هي أجملها بالذاكرة، وأقربها للقلب”.

وقال “اكتشفنا ذات مرة، أن لدى هشام صقرا في غرفته، وأنه يهتم بتربيته، وهو أمر لم نكتشفه إلا بعد مرور شهور عدة على ذلك”.

وتابع والد الشهيد “بعد أن تخرج هشام (رحمه الله) من الكلية العسكرية، سافر إلى الإمارات؛ ليتدرب على القفز بالمظلة، وعلى حسابه الخاص، وفي الدورة التي حضرها مع عدد من زملائه من دول مختلفة، توفي أحدهم بعد أن شاء القدر أن تتعطل المظلة أثناء هبوطه، وبالرغم من هذه الواقعة المرعبة، استمر هشام في الدورة، حتى أنهاها”.

الفقيد الغالي

وعما كان يميز الشهيد هشام مع أهل بيته، قال والده “كانت له معزة خاصة مع الجميع، وكان قريبا ولصيقًا جدًا بأخي محمد، الذي لا يزال حتى اليوم شديد التأثر لرحيله، كما أن شقيقاته يستذكرنه دائمًا، وبرحيله أوجعنا كثيرًا، لكنه معنا بكل وقت، شئنا أم أبينا، ونحتسبه بالمرتبة العليا بالجنة”.

ولهشام 3 أطفال صغار، يحدثنا عنهم الوالد حسن الحمادي بقوله “الأكبر وهو محمد وعمره الآن 4 سنوات ونصف تقريبًا، وكان محمد متعلقًا بوالده بشكل كبير جدًا، كما أنه يحمل ملامحه، وبوادر شخصيته، والثاني حسن وعمره سنتان و3 شهور، والثالث حمد وعمره سنة و4 شهور”.

وفي سؤال لـ “لبلاد” عن كيفية تلقي والدي هشام الخبر المؤسف، قال “كنت أقضي إجازة في ربوع الهند الخضراء، مع والدة هشام، وتلقيت الخبر من ابني محمد، الذي كان متورطًا بكيفية إيصال النبأ الموجع، لكنني كنت متماسكًا بفضل من الله عز وجل، ومحتسبًا حين بلغني الأمر، والأجمل أن أم هشام كانت كذلك، بل أكثر، وحين رجعنا البحرين، وكان بنفس يوم تلقي الخبر، اقتربت من أبنائي بتوتر، وقلق، فقلت لهم لا شعوريًا: أنا والد الشهيد”.

القدر المحتوم

ويردف والد الشهيد هشام الحمادي “كان بالإمكان أن تكون وفاة هشام بحادث سيارة، أو بسكتة قلبية، أو بغيرها، من الحوادث العرضية العادية، التي يرحل من خلالها البعض بهدوء، لكن الله عز وجل أراد أن يكون رحيله صاخبًا، شهيدا، الكل يدعو له خيرا، ويحتسب له الأجر، ولك أن تتخيل أنني عجزت عن دخول البيت لمدة شهر كامل بعد استشهاده؛ بسبب اكتظاظه بالنساء اللاتي توافدن من كل أنحاء البحرين”.

ويكمل “عندما زرت  الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، لمباركته بترقيته لرتبة لواء، وهو رجل مشهود له بالمواقف الوطنية، وكان له مواقف مع ابني هشام قبل وفاته، وحين علم ضباط وأفراد الوزارة، أنني والد الشهيد هشام الحمادي، اقبلوا إليّ بحب واحترام، للسلام، والسؤال، والترحيب الغامرين”.

ويضيف بفخر “محبة أبناء بلدي، وقادة بلدي، لي ولابني الراحل، ولأحفادي، ووقفتهم معي، لن ننساها أبدًا، لقد تركت بنفسي عظيم الأثر، بأن هذا البلد، هي بلد الخير، والبحرين ولادة للرجال ولن تتوقف”.

وبسؤال والد الشهيد“هل أنت مستعد لإدخال أبناء هشام السلك العسكري كأبيهم، حين يكبرون؟ أجاب بلا تردد “يسعدني ويشرفني ذلك، إن خدمة البحرين وشعبها الكريم، شرف يتسابق له كل الشرفاء، ولو كان هشام موجودًا لما تردد بأن يفعل ذلك أبدا، وأنا أعرف ابني جيدًا، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته”.