+A
A-

بدر مراد... تطويع عمى الألوان لمشروع طيران

عملت بطيران الخليج 30 عاما في دائرة التخطيط الاستراتيجي

جـــولــة تـرويجــيـة للكـتـاب تبــدأ يـولــيو

أمضيت طفولتي بالمنطقة الشرقية في السعودية بحكم عمل والدي

“البحر البنفسجي” يصدر في الأسواق يونيو المقبل

 

يؤمن بتحويل أي عائق يواجهه إلى دافع، ويرفض الاستسلام والتخاذل، إذ تمكن من تحويل العقبات التي واجهته في مشاوير حياته إلى نجاح منقطع النظير، فحظي بتكريم محلي وعالمي، إذ تم أخيرا تكريمه من قبل ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حينما فاز بجائزة البحرين لريادة الأعمال للعام 2017 بفئة المؤسسات الوطنية ذات الطابع الدولي، كما دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية كصاحب أكبر تشكيلة متنوعة من مجسمات الطائرات في العالم التي تمتاز بفخامتها وروعتها في العام 2000.

ضيفنا في “لقاء الأحد” هذه المرة، شخصية فريدة وعصامية استطاعت بناء نفسها وتحقيق النجاح، ورفع اسم البحرين في المحافل العالمية، عبر تحويل هوايته إلى مشروع تجاري ناجح على جميع الأصعدة. “البلاد” التقت خبير الطائرات التجارية ومؤسس شركة بدر مودلز، بدر مراد، وأجرت معه اللقاء التالي:

 

الطفولة والنشأة

أمضيت طفولتي في الظهران بالمنطقة الشرقية، المملكة العربية السعودية، ودرست في مدارس الخبر حتى أنهيت المرحلة الثانوية؛ لأن والدي كان يعمل فيها آنذاك.

منذ طفولتي تعلقت بالطيران؛ لأن منزل والدي كان يقع بالقرب من المطار في منطقة الظهران، وجميع الطائرات تمر فوق سمائنا، ولذا منذ ذلك الحين عشقت الطائرات والطيران، كما أننا في إجازة الصيف نزور أهلنا في البحرين، ومنزل والدي بمنطقة البسيتين يقع قرب مطار البحرين الدولي، وكنت ليليًا أتنزه مع أبناء خالي قرب المطار.

بعد أن أنهيت دراسة المرحلة الثانوية في السعودية، عدت إلى البحرين وانضممت للعمل بشركة طيران الخليج، وكنت أرغب وقتها أن أصبح طيارًا إلا أنهم اكتشفوا بعد إجراء الفحوصات الطبية أنني مصاب منذ الولادة بعمى ألوان كلي لا يمكن علاجه، ولكن الإدارة في الشركة عرضت علي دراسة تخصصات أخرى؛ لأن معدلي الدراسي مرتفع، ولأن حلمي منذ الطفولة أصبحت لا أستطيع تحقيقه سلمت أمري إلى الله؛ لأن ليس هناك علاج.. لم أيأس رغم أنني حزنت كثيرًا، فعندما جلست مع المسؤولين بإدارة طيران الخليج، عرضوا علي دراسة تخصص جديد هو علوم إدارة الفضاء والطيران، وبذلك سأكون عمليًا قريبًا من الطائرات، قبلت عرضهم بدراسة تخصص بكالوريس علوم إدارة الفضاء والطيران، وابتعثوني إلى الولايات المتحدة الأميركية لمدة 4 سنوات في ولاية فلوريدا الأميركية، ونظرًا لأن معدلي الدراسي الجامعي مرتفع، كما أسلفت، وبسبب ولعي وشغفي بالطيران، انخرطت في الدراسة وحصلت على شهادة الماجستير.

الآن عندما أتذكر هذا الحوار أحمد الله على أنني مصاب بعمى ألوان، فما حققته الآن لم أكن لأحققه لو لم أكن مصابًا، “وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”. (سورة البقرة، 216).

رحلة العمل في “طيران الخليج”

عملت في شركة طيران الخليج لمدة 30 عاما في دائرة التخطيط الاستراتيجي، وكانت أجمل 30 عامًا قضيتها بالعمل فيها، إذ كنت مسؤولا عن الدراسات الكبيرة لشراء وبيع الطائرات، وكنت دائمًا مقربًا من أي رئيس تنفيذي؛ لأنه يستخدمني كقاموس بشري لمعرفة جميع أنواع الطائرات وأدائها، ولذا عند حديثهم عن شراء أي طائرة وقبل بدء أي دراسة يسألونني عن مواصفاتها وهل تعتقد أنها مناسبة، وإذا كانت إجابتي (نعم)، يباشرون الدراسة لنرى ما النتيجة النهائية.

كان العمل بالشركة ممتعا جدًا؛ لأنني أحب الطائرات أيضًا، وعملي في “طيران الخليج” لم يكن كافيًا لسد شغفي بالطائرات، لذا عدت إلى هوايتي في تجميع مجسمات الطائرات، إذ كنت أجمع المجسمات قبل الالتحاق بالشركة ثم توقفت لفترة، وبدأت بتأسيس شركة بدر مودلز.

“بدر مودلز”... بداية الرحلة

لدى تأسيس شركة بدر مودلز كنت بحاجة إلى 20 ألف دينار لتمويل المشروع في بدايته، فدخل معي شريك صامت (هو من يساهم بتمويل المشروع فقط) واتفقنا على العمل وكانت شراكة قوية جدًا إلا أنه تعرض لحادث سيارة ودخل في غيبوبة لمدة عام كامل، في ذات اليوم الذي وصلت فيه العمالة الأجنبية للشركة - قبل هبوط طائرتهم بساعتين - وقبل الحصول على التمويل منه.

بدأت العمل لوحدي وكان شاقًا؛ لأنني لم أكن أملك التمويل لشراء المعدات والمكائن ودفع الإيجارات، فالمبلغ الصغير الذي كنت أملكه بدأت أعمل به في الأشهر الأولى إضافة إلى الاقتراض من أهلي، ثم سافرت إلى أميركا للمشاركة في ذات المعارض التي كنت أسافر إليها لشراء طائرات لشركة طيران الخليج قبل 10 سنوات، وبعت مجسمات الطائرات مقدمًا مع خصم 50 % عليها خصوصًا أنني كنت أعرف أنواع مجسمات الطائرات المرغوب فيها وتمكنت من الحصول على طلبات لشراء مجسمات طائرات خلال 3 أيام تتجاوز رأس المال الذي كنت أتوقع الحصول عليه من الشريك آنف الذكر.

ثم شاركت في معرض ثان، وخلال عام واحد، أصبحت الطائرة التي كنت أبيعها بـ 100 دولار، بـ 350 دولارا (150 دينارًا)، والطائرات حاليًا تبدأ من 150 دينارًا وتصل إلى 10 آلاف دينار.

بدأت العمل في شركة بدر مودلز إلى جانب العمل بشركة طيران الخليج، وكان همي الأول العمل بـ “طيران الخليج”، أما العمل في “بدر مودلز” فكان هواية، وحاليًا أصبح الأساس بعد تقاعدي من “طيران الخليج”.

أشعر بالسعادة مع شركة “بدر مودلز”؛ لأنني تمكنت من تحقيق إنجاز لبلدي، ومشروعي يعمل على جذب أموال أجنبية إلى داخل المملكة بنسبة تتجاوز 99 %، إضافة إلى أن جميع المواد الخام المستخدمة في تصنيع مجسمات الطائرات اشتريها من داخل البحرين، وبالتالي أساهم في تحريك المحلات الصغيرة التي تبيع الأخشاب والمسامير والبلاستيك واشتري كميات كبيرة منها، وهو ما يسعدني، وكذلك الأمر بالنسبة لوجود النسبة المطلوبة من العمالة المحلية.

علاوة على ذلك، عندما أشارك في أكبر المعارض في أوروبا وأميركا أرفع اسم البحرين، ولمدة 20 عامًا عرفوني كـ “بدر مراد”، وأنني من البحرين، وليس أمرًا سهلا أن أرفع اسم بلادي في المحافل الدولية، ويتواجد الكثير بجناحي لشراء مجسمات الطائرات خصوصًا أن المعارض مخصصة لبيع الطائرات الكبيرة.

وللأسف بعدما حققناه من إنجاز بشركة بدر مودلز على مدى 20 عامًا، جاءت في الفترة الأخيرة الزيادات غير المدروسة للرسوم والكهرباء والماء وغيرها مما شكل خطرا علينا، ولذا بدأنا ننقل جزءا من أعمالنا وهي تصنيع مجسمات الطائرات واليخوت إلى خارج البحرين منذ شهرين فقط، وذلك كما ذكرت بسبب الزيادة غير المحسوبة في الرسوم والضرائب المتوقعة، إذ لا نستطيع في المقابل زيادة أسعار المجسمات، في حين سنبقي على مجسمات البيوت بسبب صعوبة نقلها إلى خارج البحرين. كما بدأنا خفض العمالة بالفعل ونقل ورشة الطائرات واليخوت إلى الخارج.

تكريم... وجوائز

دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية كصاحب أكبر تشكيلة متنوعة من مجسمات الطائرات في العالم تمتاز بفخامتها وروعتها العام 2000. وأعتز بعد نحو 20 عامًا (أكمل 20 عامًا على تأسيس بدر مودلز في يوليو 2018) أن حكومة البحرين الموقرة كرمتني ممثلة في ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بجائزة البحرين لريادة الأعمال للعام 2017 بفئة المؤسسات الوطنية ذات الطابع الدولي.

وكان شعوري بالسعادة لا يوصف عندما نودي اسمي وكرمت ضمن 500 شركة مشاركة بالجائزة، خصوصًا أنني كنت من الثلاثة الأوائل في العام 2016 لكنني لم أفز، وفي العام 2017 كنت من بين الثلاثة الأوائل ولم أكن سأذهب؛ لأنني كنت قد أجريت عملية في قلبي، وبالفعل فكرت بعدم الذهاب؛ لأن حفل التكريم تم تنظيمه بعد فترة قريبة من العملية، إلا أن زوجتي نصحتني بالذهاب والتواجد حتى لو لم أفز، لأنني كنت من الثلاثة الأوائل.

ذهبت إلى الحفل، وعندما رأيت الصحافيين والمصورين تذكرت أن الصحافيين قبل 20 عامًا لم يقبلوا إجراء لقاءات معي؛ لأنني وقتها لم أحقق إنجازًا من وجهة نظرهم، وفي النهاية احترموني وقدروني وكتبوا عني. وبدأ الصحافيون الكتابة عني في البحرين أولا؛ لأن صحيفة نيويورك تايمز نشرت عني مقالا بشأن التقائي بالممثل الأميركي جون ترافلوتا لشراء مجسمات طائرات من صناعتي.

ولدى وقوفي مع سمو ولي العهد نسيت كل شيء، وهو أمر أفتخر به لأبنائي.

كتاب جديد عن رحلة حياتي

أعد حاليًا لكتاب يحمل عنوان “البحر البنفسجي” بـ4 لغات، العربية والإنجليزية والفرنسية والاسبانية، ويحكي قصة طفولتي وكيف أسست شركة بدر مودلز وعن عملي في شركة طيران الخليج، والهدف من الكتاب أنني أصبت بعائق هو عمى الألوان، وحولته إلى مشروع يعتمد على الألوان، إذ إن شركتي معتمدة على تلوين وصباغة مجسمات الطائرات، ونجحت وحققت شهرة عالمية ولدي زبائن في جميع أنحاء العالم، وأعمل في بدر مودلز منذ 20 عامًا.

وأهدف من الكتاب أن يكون حافزًا، إذ حولت العائق إلى دافع، وأتمنى من الآباء الذين لديهم أبناء ذوو إعاقة مماثلة ألا ييأسوا، لأن أبناءهم يستطيعون تحقيق أفضل مما يتوقعون.

والكتاب سيصدر في شهر يونيو المقبل 2018، إذ تم الانتهاء من كتابته باللغة الإنجليزية وحاليًا في مرحلة التدقيق ثم سيتم ترجمته بـ3 لغات، إذ سيترجم إلى الفرنسية في فرنسا وإلى الإسبانية بإسبانيا وإلى العربية في الكويت.

كما سيصدر مع الكتاب قرص مضغوط صوتي باللغات الأربع وكتاب إلكتروني (Ebook)، إضافة إلى توزيع هدايا مع الكتاب لها علاقة بالطيران، وسأبدأ جولة ترويجية له عقب تدشينه أولا في البحرين، تبدأ خلال شهر يوليو 2018 إلى فبراير 2019 في أميركا، تتخللها جولات في دول الخليج لتوقيع الكتاب، وبعدها في أوروبا، وستستمر الجولات الترويجية للكتاب لمدة عام كامل.

مشروع جديد

أعمل حاليًا على تصميم برنامج “software” لمساعدة شركات الطيران الكبرى لإعداد دراسات على أنواع الطائرات التي سيشترونها، بحكم خبرتي في مجال الطيران لمدة 30 عامًا.