+A
A-

14 دينارا شهريا لـ“الأسرة” و5 دنانير لـ“رخص السياقة” - تحليل إخباري -

لم يكن قرار الهيئة الوطنية للنفط والغاز برفع أسعار الوقود مفاجئا لمن تفحص جيدا قانون الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين 2017 و2018، سوى أن تطبيق ذلك القرار كان فوريا ودون أدنى سابق إنذار.

واعتمد قانون الميزانية العامة للعام 2017 مبلغ 35 مليون دينار لدعم مبيعات النفط في السوق المحلية، في حين تقلص ذلك الدعم إلى 26 مليون دينار بفارق 9 ملايين دينار للعام 2018.

ويقول وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة في رد سابق له على سؤال نيابي عن هذا الدعم إن “المستفيد من الدعم هم المواطنون والمقيمون، عبر بيع المنتجات النفطية والغاز الطبيعي بأسعار تقل كثيرا عن الأسعار العالمية”.

إن إعادة توجيه الدعم خيار لابد منه؛ لسد العجز المترتب على فرق سعر برميل النفط المعتمد في الميزانية والبالغ 55 دولارا، عن السعر الفعلي له في السوق، والذي لا يكاد يتجاوز في أحسن الأحوال 50 دولارا.

وبحسبة سريعة لفارق الإيرادات المتوقعة عن الإيرادات الفعلية بلحاظ أسعار برميل النفط في الميزانية، فإن الميزانية ستواجه عجزا داخليا تبلغ قيمته حوالي 138.7 مليون دينار، عن معدل إنتاج 73 مليون برميل سنويا، واستمرار ثبات سعر البرميل عند 50 دولارًا.

اللقاءات التشاورية

ويتطلع الشارع البحريني في الوقت الحاضر إلى ما ستتمخض عنه اللقاءات التشاورية، التي تجري بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بقيادة نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس اللجنة الوزارية للشؤون المالية وضبط الإنفاق الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة؛ لإعادة هيكلة الدعم الحكومي وتوجيهه لمستحقيه، استجابة للتوجيهات الملكية السامية الصادرة بهذا الشأن.

ونعيد التذكير بما تضمنه قانون الميزانية العامة، من تحديد لآلية واضحة لتغطية العجز فيها، وذلك من خلال الصناديق العربية والإسلامية، وتوحيد برامج الدعم النقدي المباشر ومعايير صرفها إلى الأسر البحرينية والمتقاعدين الأكثر استحقاقا، والفئات المشمولة في صندوق الضمان الاجتماعي والصندوق الاجتماعي الوطني.

وبعيدا عن الشائعات والمقترحات التي تنشط في مثل هذه الظروف، والتي تهدف بشكل وآخر للتأثير على قرار اللجنة المشتركة، وتوجيه الرأي العام في اتجاه محدد، أو استغلال موضوع الدعم لمصالح شخصية، تحاول “البلاد” استنطاق المعطيات والأرقام الرسمية، لتوقع مخرجات وقراءة تحديات ذلك اللقاء التشاوري.

الدعم المباشر

من جهة، يلاحظ من قانون الميزانية العامة ارتفاع واضح مقداره 100 مليون دينار في الإيرادات النفطية بين العامين 2017 و2018، وارتفاع آخر في الإيرادات غير النفطية بمقدار 60 مليون دينار.

وفي الوقت ذاته، يلاحظ انخفاض بمقدار 76 مليون دينار للدعم الحكومي المباشر، إذ خصصت تقديرات العام 2017 مبلغ 621 مليون دينار للدعم المباشر، فيما بلغت التقديرات في العام الحالي 545 مليون دينار.

وذلك يعني أن الدعم المباشر سيتحمل ما يعادل 47.5 % من الارتفاع في الإيرادات العامة للسنة المالية الحالية، والتي تحمل فيها دعم مبيعات النفط في السوق المحلية 9 ملايين دينار، ما يعادل حوالي 12 % من إجمالي الانخفاض في موازنة الدعم المباشر لهذا العام.

وليس معلوما كذلك حتى اللحظة ما السلع أو الخدمات التي من الممكن أن يرفع عنها الدعم في مقبل الأيام، وهو السؤال الذي يشغل بال الرأي العام في الوقت الحاضر، ويتطلب مراجعة فاحصة ودقيقة لقانون الميزانية العامة.

الآلية الموحدة

ولا تبدو مهمة وضع آلية موحدة للدعم بجميع عناصره سهلة أبدًا، إذ إن طبيعة كل بند منها تختلف عن الآخر، وهذا ما يظهر في اعتماد دخل الأسرة معيارا لعلاوة غلاء المعيشة، واعتماد عدد أفراد الأسرة وأعمارهم معيارًا آخر في تعويض رفع الدعم عن اللحوم.

وبين هذا وذاك، فمن الصعوبة كذلك تحديد معيار دقيق يوجه من خلاله دعم مبيعات النفط في السوق المحلية، إذ إن ارتفاع أسعار الوقود له انعكاساته المباشرة على أسعار معظم السلع والخدمات في المملكة، ولا يمكن قياسها بمقدار الزيادة في سعر تعبئة وقود السيارة فقط، كما أن تأثيراته منعكسة على جميع المواطنين وليست مختصة بالأسر فقط.

وأما بالنسبة للخيارات المطروحة أمام اللجنة التشاورية فهي إما أن تعتمد معيار الدخل كما هو مطبق بالنسبة لعلاوة الغلاء، أو معيار عدد أفراد الأسرة كما هو مطبق في علاوة اللحوم، أو معيارًا آخر يؤلف بين المعيارين المطبقين، أو معيارا جديدا يلاحظ خط الفقر ويحافظ على المستوى الاجتماعي للمواطنين، ويعتمده أساسًا لأي توجيه مقبل للدعم.

وبين أيدينا تجربة إعادة توجيه الدعم للحوم، والتي وفرت على الميزانية العامة بعد إقرارها نحو 47 مليون دينار، بعد توجيه الدعم إلى جيب المواطن مباشرة.

وفي حال اعتماد عدد الأسر البحرينية المستحقة علاوة اللحوم والمقدر بنحو 155 ألف أسرة، وتطبيقه على توجيه دعم مبيعات النفط المحلية، فسيكون متوسط نصيب كل أسرة بحرينية حوالي 168 دينارًا سنويا (14 دينارًا شهريا تقريبا)، دون ملاحظة فروقات الدخل بين أسرة وأخرى.

والاحتمال الآخر أن يوجه هذا الدعم للمواطنين ممن لديهم رخصة قيادة، إذ تبلغ تقديرات أعداد رخص القيادة للمواطنين حوالي 380 ألف رخصة بجميع أنواعها، وعليه سيبلغ متوسط الدعم حوالي 68 دينارا سنويا مقابل كل رخصة قيادة، ما يعادل 5 دنانير شهريا.

ولعل أبرز التحديات التي ستواجه اللجنة في مشاوراتها ستكون فيما يتعلق بالمواطنين غير المتزوجين، والذين هم مستثنون من الدعم الحالي للغلاء واللحوم.

ومن الأمور المهمة التي من المتوقع أن تدخل في صميم مشاورات اللجنة، هي تقنين هذه العلاوات ضمن علاوة واحدة، وإدراجها كبند مستقل ضمن قانون الميزانية العامة، والأيام المقبلة كفيلة بكشف الحقائق.