+A
A-

الشيخة مي: الاهتمام بالتراث العمراني بالمنامة هو ما نتقاسمه لتكون نموذجًا للتعايش

 من أجلِ مدينة التعايش ما بين الأديان، ولأجلِ ما تحمله العاصمة البحرينية المنامة من قدرةٍ على احتضانِ الاختلاف، استقبلت رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة كلًا من عضو مجلس إدارة شركة نفط البحرين (بابكو) داوود نصيف ومؤسس ومدير عام شركة رؤيا عمرانية فائق المنديل، بمتحف البحرين الوطني، وذلك لمناقشة مبادرة نصيف لتخصيص منزل عائلته التراثي بيتًا للتعايش الديني والتسامح، وهو ما ينسجمُ مع رؤى جلالة ملك مملكة البحرين، والتي يركز فيها جلالته على إبراز مدينة المنامة نموذجًا للتسامح والالتقاء ما بين مختلف الأديان والثقافات، وتوجيهات جلالته لتخصيصِ بيتٍ تراثي كي يكون بيتًا للتعايش ما بين الأديان، وإيصال صوتِ المحبة والتآخي للمدينة كنموذجٍ يستحق الاحتفاء.

وخلال اللقاء، أكدت الشيخ مي آل خليفة أن هذه المبادرة لتخصيص بيتٍ تراثي من أجلِ إظهار جمالية المدينة وقدرتها على نسجِ إنسانيات تاريخية وثقافية ما بين مختلف الأديان والشعوب هي ما تعكس تمسكُ الذين عاشوا في المدينة بجمالياتها، وأشارت: (ما يُبقي العمران التاريخي هو الحُب، وما يعمق التعايش والتسامح والتلاقي ما بين الناس هو الحُب أيضًا، لذا فإن هذه المبادرة من عائلة نصيف لتخصيص العمران الأصلي الذين عاشوا فيه روح المدينة وأصالتها كي يكون بيتًا للتعايش ما بين الأديان، هو تطبيقٌ حقيقيٌ لحُب المدينة، والتعايش ما بين مختلفِ مكوناتها). وأوضحت أن هذه المبادرة للتعاون تلتقي مع توجه جلالة ملك مملكة البحرين، والذي يُساند بدعمه السامي مساعيَ الثقافة والتراث من أجلِ الحفاظ على الهوية الوطنية، مشيرةً: (جلالةُ ملكِ مملكة البحرين يحيطُ باهتمامه العميق القِيَم الإنسانية، ويعتني بضرورة إبرازِ جمالية وخصوصية الشعب البحريني الذي جعلَ من مدنه وقراه أمكنةً مفتوحةً لاستقبال مختلف الأديان والشعوب. هذا الاهتمام كشفَ عن فكرةٍ جميلةٍ لتأسيسِ بيتٍ للتعايش ما بين الأديان، ومن الجميل أن نجدَ أن أهل المكان يتقاسمون مع ذات الاهتمام وذات الوعي بقيمة التراث الإنساني، وبأهمية تضمين هذه المكونات روح المدينة وأهلها). من جهته أشار داوود نصيف أن هذا البيت احتضن ذكريات عائلته التي وجدت في مملكة البحرين حضنًا شاسعًا للاستقرار، حيث كان المعلم نصيف يعمل في بداياته بمدرسة الإرسالية الأميركية وقد كرسَ جهده للتعليم ونقل المعارف في المنطقة، وأن العائلة المسيحية خلال تجاربها الحياتية المختلفة، لم تجد أجمل من مدينةِ المنامة كنموذجٍ للتعايش وتقبل الآخر، مردفًا: (غادرنا البحرين لفترة، ولكن عدنا للبحث عن بيتِ العائلة وأعدنا استملاكه من أجلِ صياغة فكرة بيتِ التعايش ما بين الأديان. في هذا البيتِ التاريخي، منحتنا المدينة اتساعها، وشُغِفنا بجمال هذه العاصمة التي تُطبق بطبيعة التلاقي فيها مفاهيم عدة للمحبة والتسامح والترابط. إلى حيث عايشنا هذا كله عدنا، لأننا فعلاً لم نشعر بفروقاتٍ ما بين دينٍ وآخر، ما بين شعبٍ وغيره، فالمحبة كانت هي السائدة). كذلك، أكد كلٌ من داوود نصيف وفائق المنديل، أن الشعور بالانتماء إلى المكونات التاريخية والمدنُ بعمرانِها الإنساني التراثي هو ما يحمي ذاكرة المكان، وأن التراث الإنساني هو ليس أثرًا من الماضي فحسب، بل هو وجودٌ حقيقيٌ وتجسيدٌ فعليٌ للقِيَم والبيئة المجتمعية.

وقد أثنت الشيخة مي على هذا التوجه، مبينةً أن الثقافة تنهمكُ في الوقتِ الحالي وتسعى لإدراج المنامة التاريخية على قائمة التراث الإنساني العالمي باعتبارها مدينةً للتعايش والسلام، وصرحت: (اليوم فريق العمل لدينا يحاول نبشَ الجماليات التاريخية التي تحتضنها المدينة بالتعاون مع ساكنيها. نريدُ استعادَة الذاكرة الجماعية التي تجمعنا. هذه المدينة بلغزِها وبما نعرفُ عنها. هنا حيث بدأت معظمُ الأشياء سواء في الحِراك المجتمعي، التعليم، الطب، الفنون، والعمارة وغيرها. المنامة باختصار رديفةٌ للحُب والإنجازِ معًا). وأكدت أن الاهتمام يشملُ كل شبرٍ في البحرين، وأن التركيز المقبل على العاصمة من منطلقِ الاهتمام بما تبقى منها، مشيرةً: (التطور العمراني المتسارع التهمَ أجزاء كبيرة من الذاكرة، لكن الثقافة واجبها أن تحمي حقيقة هذه الروح، وأن تدافع. من المؤسف حقًا أن بعض الملامح قد ضاعت أو تضيع، لكن ذلك لا يعني الانسحاب، لأن قوة الثقافة الفعلية تكمنُ في قدرتها على استعادة الجمال الحقيقي، وقدرتها على إحياء الذاكرة)، وأشارت إلى أن هنالك العديد من المباني التي قاومت هذا التغيير، من بينها دائرة المعارف التي لا تزالُ اليوم بمكوناتها المعمارية الأصيلة وبجمالية عناصرها الاستثنائية تُشكل جزءًا من تجربةِ المدينة القديمة، حيث يشكل هذا المبنى شاهدًا إنسانيًا حضاريًا على واقع التعليم في مملكة البحرين، وقد ضم المكتب الرئيس للأستاذ الراحل أحمد العمران، ومكتبة المعارف التي اعتُبِرَت فضاءً معرفيًا هامًا، كما كان يحوي القسم الداخلي لمدارس حكومة البحرين، حيث يقيم المدرسون الوافدون والطلبة القادمون من القرى أو البلدان المجاورة.