+A
A-

حمزة منير: اعتلال عضلة القلب أهم أسباب الموت المفاجئ أثناء الرياضة

شهدت مملكة البحرين الكثير من حالات الموت المفاجئ أثناء ممارسة الرياضة، وذهب ضحيتها أشخاص في ريعان شبابهم، ويعرف الموت المفاجئ على أنه حالة وفاة غير متوقعة، ناجمة عن أسباب مرتبطة بتوقف نشاط القلب السليم، دون أن تكون هنالك إشارات مسبقة.

وبحسب طبيب مقيم جراحة عامة بمستشفى السلمانية الطبي حمزة منير، فإن سبب الموت المفاجئ أثناء ممارسة النشاط البدني تكون بسبب عيوب القلب غير المكتشفة أو تشوهات القلب المغفلة، وتكون في الذكور أكثر نسبة من الإناث بخمسة أضعاف.

وتحدث حمزة منير لـ “البلاد سبورت” عن ظروف تلك الحالة، والتي نسلط عليها الضوء في هذا اللقاء لتوعية كل من يرغب بممارسة الرياضة لتجنب الموت المفاجئ قدر الإمكان.

“البلاد سبورت”: ما مدى انتشار الموت القلبي المفاجئ لدى الشباب؟ وهل تستحق أن نطلق عليها بالظاهرة بعد تزايد تلك الحالات في مملكة البحرين على الأقل؟

“حمزة منير”: بالفعل، لقد تزايدت حالات الموت المفاجئ أثناء ممارسة النشاط البدني، وشهدنا حالات كثيرة منذ بداية العام الجاري، وبحسب الإحصاءات، فإن هناك إصابة نحو شخصين في كل مئة ألف شخص سنوياً في العالم، ومعظم الوفيات تحصل في كبار السن، خصوصا أولئك الذين يعانون مرض الشريان التاجي. والسكتة القلبية هي السبب الرئيس للوفاة في الشباب الذين يمارسون الرياضة.

“البلاد سبورت”: وما أسباب الموت المفاجئ أثناء ممارسة الرياضة؟

“حمزة منير”: الأسباب كثيرة ومتنوعة، يمكن تقسيم الأسباب إلى ثلاث مجموعات رئيسة، وهي عيوب خلقية بتركيبة القلب، اضطرابات كهرباء القلب، شذوذ قلبية مكتسبة، فمشكلات القلب قد تتواجد في أي جزء منه، الأنسجة، العضلات، الصمامات، الشرايين، وحتى كهرباء القلب.

ومن ضمن الأسباب المعروفة والشائعة هي اعتلال عضلة القلب الضخامي، وعادة ما تكون هذه الحالة من العيوب الخلقية الوراثية بتركيبة القلب، حيث تكون عضلات القلب متضخمة، والتي قد تشكل مانعا للدم من وصوله بشكل كاف إلى أجهزة الجسم عموما وإلى القلب خصوصا، أو قد يتعطل النظام الكهربائي في القلب، مما يؤدي إلى ضربات القلب السريعة أو غير المنتظمة (عدم انتظام ضربات القلب)، والتي يمكن أن تؤدي إلى الموت القلبي المفاجئ.

وعلى الرغم من أن هذا المرض لا يكون قاتلا في معظم الأحيان، إلا أنه السبب الأكثر شيوعا للسكتة القلبية تحت سن الثلاثين. ويعد من أهم الأمراض المعروفة للموت المفاجئ عند الرياضيين.

وهناك أيضا مشكلات الشريان التاجي، حيث يولد بعض الأشخاص بشرايين تاجية (الشرايين المغذية للقلب) متصلة مع بعضها البعض بشكل شاذ عن الطبيعي، وانكماش هذه الشرايين عند بذل الجهد قد يكون حائلا للدم من وصوله بنسبة كافية إلى القلب.

والسبب الآخر هو الإصابة بمتلازمة كيو تي الطويلة، حيث يعتبر هذا المرض أيضا من الأمراض المتوارثة، ويتمثل في اضطراب النبض الإيقاعي القلبي بحيث يكون سريعا وبصورة فوضوية غير منتظمة مؤدية إلى الإغماء في أغلب الحالات، والشباب المصابون بهذه المتلازمة معرضون إلى خطر الموت المفاجئ في أي لحظة.

ويعد ارتجاج القلب من الشذوذ القلبية المكتسبة، ومن الأسباب النادرة للسكتة القلبية المفاجئة التي تحدث في أي شخص، نتيجة لضربة شديدة على منطقة القلب أثناء ممارسة بعض الألعاب الرياضية أو حتى لأي سبب آخر. هذه الضربة القوية قد تؤدي إلى رجفان بطيني بالقلب عند تعرضه لمثل هذه الضربة في الوقت الخاطئ ضمن الحلقة الكهربائية للقلب.

“البلاد سبورت”: هل هناك أعراض أو دلائل قد تكون مؤشرات لافتة للآباء أو المدربين وغيرهم لمعرفة من قد يكون معرضا لخطر الموت المفاجئ عند الشباب؟

“حمزة منير”: للأسف لا توجد أي علامات تحذيرية في معظم الحالات، ولكن قد تكون هناك مؤشرات تستدعي المتابعة والمراقبة الحذرة مثل الإغماء غير معروف السبب: إذا حدثت مثل هذه المشكلة أثناء ممارسة الجسم لأي نشاط بدني، فقد تكون إشارة إلى مشكلة بالقلب، كما أن التاريخ العائلي بالسكتة القلبية المفاجئة تعتبر إشارة تحذير، فالتاريخ العائلي للوفيات المبهمة مجهولة السبب قبل سن الخمسين تستوجب مراجعة الطبيب للفحص الطبي.

كما أن ضيق النفس أو ألم الصدر قد يكون أحد مؤشرات الموت القلبي المفاجئ، وقد تكون مؤشرا لمشكلات صحية أخرى عند الشباب مثل الربو، فمراجعة الطبيب المختص أمر في بالغ الأهمية.

“البلاد سبورت”: وكيف يمكن تفادي الموت المفاجئ عند ممارسة النشاط البدني؟

“حمزة منير”: بطبيعة الحال، إذا كنت معرضا لخطر الموت القلبي المفاجئ، فإن طبيبك في العادة سيقترح عليك تجنب الرياضة التي تتطلب جهدا عاليا كالرياضات التنافسية على سبيل المثال، الجري السريع، قد يكون التدخل الطبي أو الجراحي حلا للتقليل من خطر الموت المفاجئ وذلك يعتمد اعتمادا رئيسا على نوع حالة مرضك، كما ينبغي لكل من يرغب في ممارسة الرياضة خصوصا بعد سن الـ 30 استشارة الطبيب وعمل الفحوصات الطبية؛ للتأكد من كفاءة القلب.

هناك أحد الخيارات لبعض الأشخاص مثل المصابين باعتلال عضلة القلب الضخامي، وهو مقوم نظم القلب مزيل الرجفان القابل للزرع المسمى بالـ (ICD)، جهاز بحجم البيجر-البليب- يزرع بالصدر لمراقبة نبضات قلبك بشكل مستمر، فإن هذا الجهاز يرسل إشارات كهربائية لاستعادة إيقاع القلب إلى وضعه الطبيعي.

“البلاد سبورت”: من هم الأشخاص الذين يجب عليهم القيام بالفحوصات الطبية؟

“حمزة منير”: يبقى الفحص الطبي الروتيني للرياضيين محل جدل في الوسط الطبي كمحاولة للكشف عن الأشخاص المعرضين لخطر الموت المفاجئ. بعض البلدان مثل إيطاليا يتم فحص الشباب بالتخطيط القلبي الذي يسجل الإشارات الكهربية في القلب، إلا أن هذا النوع من الفحوصات يعتبر مكلفا عند تطبيقه على كل الرياضيين، ولاسيما أن الفحص قد يظهر نتائج تبدو كمؤشرات حقيقية، إلا أنها لا تمت للواقع بصلة، أي أن الفحص قد يوهمك بوجود مرض ما هو غير موجود في الأصل، والتي يمكن أن تؤدي إلى عمل فحوصات إضافية غير ضرورية وقلق لا لزوم له.

جمعية القلب الأميركية وغيرها من الدراسات العلمية لا تنصح بمثل هذه الفحوصات، بل تركز على أهمية التاريخ المرضي والعائلي للمريض، مع الفحص السريري، حيث إن ذلك أهم بكثير من القيام بالفحوصات بشكل عشوائي ومن دون حاجة.

لم تثبت الأدلة العلمية بأن عمل هذه الفحوصات بشكل روتيني قد يفيد في منع الموت القلبي المفاجئ، ومع ذلك فإنها قد تساعد بعض الأشخاص ممن هم في خطر محذق. ينبغي القيام بالفحص الطبي في حال وجود التاريخ العائلي بأمراض القلب أو أن يكون المريض معرضا لذلك. ينصح بإعادة الفحص بين أفراد العائلة الواحدة حتى لو كان الفحص القلبي الأول سليما.

“البلاد سبورت”: هل يجب على الشباب الذين يعانون خللا في القلب تجنب النشاط البدني؟

“حمزة منير”: إذا كنت من المعرضين لخطر الموت القلبي المفاجئ، فينبغي لك التحدث مع طبيبك حول النشاط البدني، فمشاركتك في الرياضة من عدم ذلك يعتمد على حالتك الصحية، ولكن في الأغلب يجب تجنب الجهد الزائد.

في بعض الأمراض، مثل اعتلال عضلة القلب الضخامي، ينصح بتجنب الرياضات التنافسية، وفي حال زراعة المقوم القلبي في الصدر ينبغي تجنب الرياضات التصادمية، لكن هذا لا يعني تجنب الرياضة بأنواعها على الإطلاق. نكرر دائما يجب عليك التحدث مع طبيبك حول ذلك؛ لمعرفة مدى حدودية النشاط الواجبة عليك.