+A
A-

رفض دعوى موظف يطالب بإلغاء قرار إيقافه 10 أيام

قضت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) برئاسة القاضي جمعة الموسى وعضوية كل من القضاة محمد توفيق وطارق عبدالشكور ومحمد الدسوقي وأمانة سر عبدالله إبراهيم، برفض دعوى موظف كان يطالب بإلغاء قرار إيقافه عن العمل لمدة 10 أيام مع الخصم من راتبه؛ لأنه وبصفته مشرفا في هيئة تنظيم سوق العمل، استخدم كلمات غير لائقة ومهينة، فضلاً عن أنه تصرف خلافًا لمقتضيات الوظيفة العامة، كما ألزمته بمصروفات الدعوى.

وذكرت المحكمة أن وقائع الدعوى تتحصل فيما أورده المدعي بلائحة دعواه، من أنه يشغل وظيفة مشرف لدى هيئة تنظيم سوق العمل اعتبارًا من 24 أبريل 2007، وقد أبلغته الهيئة بتاريخ 13 يوليو 2011 بوجوب مثوله أمام لجنة التحقيق بتاريخ 19 يوليو 2011 للتحقيق معه في المخالفات المنسوبة إليه.

وبتاريخ 1 ديسمبر 2011 تم إخطاره بالقرار المطعون عليه بوقفه عن العمل لمدة 10 أيام اعتبارًا من 20 ديسمبر 2011 مع خصم الراتب خلال هذه الفترة.

لائحة الدعوى

وأوضح المدعي في لائحته أن لجنة التحقيق لم تُمَكِّنهُ من الدفاع عن نفسه والاستماع إلى شهود الادعاء ومناقشتهم وجلب شهود الدفاع ومناقشتهم -على الرغم من طلبه ذلك- بالمخالفة للمادة 221 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، وقد تظلم من هذا القرار ولكن دون جدوى.

وأفاد أن ذلك حدا به إلى إقامة الدعوى الماثلة بغية الحكم له بالآتي:

أولاً: بقبول إدخال هيئة تنظيم سوق العمل خصمًا في الدعوى.

ثانيًا: وقبل الفصل في الموضوع: بضم الملف الوظيفي للمدعي إلى ملف الدعوى.

ثالثًا: وفي الموضوع: بإلغاء القرار الصادر بإيقافه عن العمل 10 أيام وخصم راتبه عن هذه الفترة وإلغاء جميع الآثار المترتبة على ذلك، وبإلزام المدعى عليه والمدعى عليها المدخلة بالرسوم والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وقدّم المدعي نسخةً من إخطار هيئة تنظيم سوق العمل للمدعى بإحالته إلى لجنة التحقيق ووجوب مثوله أمامها بتاريخ 19 يوليو 2011، وإخطار الهيئة للمدعي بالقرار بوقفه عن العمل لمدة 10 أيام بدءًا من 20 ديسمبر 2011 مع خصم راتبه عن هذه الفترة، والتظلم من القرار.

وحضر أمام المحكمة ممثل الجهة الإدارية المدعى عليها الجلسات وقدم مذكرتي دفاع بالرد على الدعوى وحافظة مستندات من بين ما طويت عليه نسخة من محاضر التحقيق مع المدعي، ونسخة من قرار مجلس التأديب المطعون عليه، ونسخة من القرار رقم 138 لسنة 2011 بتشكيل مجلس التأديب، كما حضر وكيل المدعي وقدم مذكرتين بالرد علي دفاع جهة الإدارة.

حيثيات الحكم

وأشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أن المستقر عليه أن الموظف العام مطالب في نطاق أعمال وظيفته وخارجها أن ينأى بنفسه عن مواطن الريب والشبهات وعن التصرفات التي تمس كرامة الوظيفة فأي مسلك ينطوي على تهاون أو عدم اكتراث أو عبث ترتد آثاره على كرامة الوظيفة إنما يشكل ذنبًا إداريًا يستوجب المساءلة التأديبية.

وأضافت وحيث أنه من المقرر أن إجراء التحقيق مع الموظف، بمواجهته بما هو منسوب إليه وسماع أقواله ودفاعه، يعد إجراءً جوهريًا يسبق القرار التأديبي؛ وذلك لتوفير الضمانات اللازمة للاطمئنان إلى صحة الوقائع المستوجبة للجزاء وتمكين القضاء من بسط رقابته على قيامها من عدمه.

ولما كان الثابت من الاطلاع على التحقيقات التي أجرتها الجهة الإدارية بمعرفة لجنة التحقيق المشكلة، ارتكاب المدعي للمخالفات المنسوبة إليه بشهادة مشرفين، الأمر الذي يثبت منه ارتكاب المدعي لما نسب إليه من مخالفات استخدام الكلمات البذيئة أو المهينة والتصرف غير المهذب وغير اللائق أو اللاأخلاقي، وإساءة التصرف داخل وخارج مجال العمل خلافًا لمقتضيات الوظيفة.

وتابعت، أنه وإذ انتهت لجنة التحقيق إلى ثبوت ارتكاب المدعي للمخالفات المنسوبة إليه وأوصت بمجازاته بعقوبة الفصل من الخدمة، وبناءً عليه صدر قرار من رئيس ديوان الخدمة المدنية بتشكيل مجلس تأديب والذي انتهى في ضوء التحقيقات التي أٌجريت مع المدعي، إلى ثبوت ارتكاب المدعي للمخالفات المنسوبة إليه، إلا أنه ارتأى - نزولًا منه عند التوجيهات الملكية السامية في ذلك الوقت وما تضمنته من مرامي جليلة تستهدف المصلحة العليا للوطن - أن موجبات التخفيف توافرت في حق المدعي، ومن ثم اكتفى - بما يملكه من سلطة تقديرية في هذا الشأن - بمجازاة المدعي بالتوقيف عن العمل والراتب لمدة 10 أيام، وبناءً عليه يكون القرار المطعون فيه قد صدر ممن يملك سلطة إصداره وفي حدود النصاب القانوني المقرر للسلطة الإدارية، متناسبًا مع ما اقترفه المدعي من مخالفة تأديبية، متفقًا وصحيح حكم القانون بمنأى عن الإلغاء عند الطعن عليه، مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.

رفض الدعوى

وجاء بنص الحكم الصادر أن المحكمة ردت دفع المدعي بعدم تمكينه من مناقشة الشهود، الأمر الذي يخل بحقه في الدفاع، قائلة إن التشريعات التي تنظم تأديب العاملين المدنيين بالدولة وإن كانت تستلزم - كأصل عام - أن يستوفي التحقيق مع العامل المقومات الأساسية التي يجب توافرها في التحقيقات عمومًا، وأخصها توفير الضمانات التي تكفل للعامل الإحاطة بالاتهام الموجه إليه وإبداء دفاعه وتقديم الأدلة وسماع الشهود، وما إلى ذلك من وسائل تحقيق الدفاع إثباتًا ونفيًا، إلا أنها لم تتطلب اتباع إجراءات محددة في مباشرة التحقيق ولم تقض بإفراغه في شكلٍ معين، بل إن أحكام القضاء الإداري جرت على أن اتباع الجهة الإدارية طريقة خاصة في إجراء التحقيق، تمثلت في توجيه الأسئلة في رسائل مكتوبة إلى من اقتضى التحقيق سماع أقوالهم من المخالفين أو الشهود، وتلقى ردودهم على هذه الأسئلة وتمكين المخالف من الرد عليها، يجعل التحقيق مستوفيًا مقوماته الأساسية، وقد ردّ عليها المدعي على النحو الثابت بمحاضر التحقيق، ومن ثم يكون التحقيق المذكور قد استوفى مقوماته الأساسية بما يجعله سندًا للمساءلة الإدارية لاسيما وأن النتيجة التي انتهى إليها قد استخلصت استخلاصًا سليمًا من الوقائع والأدلة التي اشتمل عليها.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى المرفوعة من المدعي وألزمته بمصروفاتها.