العدد 4260
السبت 13 يونيو 2020
banner
كورونا وأسوأ ما حدث
السبت 13 يونيو 2020

في بادئ الأمر اعتقدت أن وباء كورونا سيجعل الرحمة والإنسانية والتكاتف والتكافل مفردات تبعث وتخرج من المعاجم إلى حياة البشر، سواء على مستوى التعامل اليومي بين البشر داخل المجتمع الواحد أو على مستوى العلاقات بين الشعوب والدول، لكنني اعترفت مع مرور الوقت أنها كانت سذاجة مني ومن كل من يتصور أن العلاقات الدولية يمكن أن تعرف هكذا مفردات.

الشيء المؤلم الذي أثبتته الأيام في زمن كورونا أن هذا الوباء كشف أسوأ ما في النفس البشرية من صفات، فرأينا مواقف مخجلة في دول معينة من أناس يتنمرون على مرضى كورونا وذويهم وكأن الإصابة أصبحت عارا يخجل منه الإنسان. قرأنا عن من حاولوا منع دفن سيدة توفيت بسبب كورونا خوفا من أن تنقل الفيروس إلى المنطقة التي يقيمون فيها، ورأينا الذين يرفضون استلام جثة والدتهم خوفا من الإصابة بالوباء! فقد كثير من البشر أفضل ما يميز الإنسان عن الحيوان من صفات بسبب هذه الجائحة المخيفة.

أما على مستوى العلاقات الدولية فلم تتوقف الحروب ولم تصمت البنادق لبعض الوقت، لكن زادت الحروب وزادت الخسة في استغلال هذه المحنة التي تواجه البشرية في تحقيق أهداف معينة... رأينا الحوثيين، بلا أي وازع من ضمير يتركون الناس يصارعون الموت في الشوارع في اليمن تحقيقا لأهداف سياسية.

رأينا إسرائيل تسعى بكل بجاحة لضم أراض فلسطينية جديدة استغلالا للظروف التي يمر بها العالم كله. رأينا أردوغان يتخلى تماما عن الحياء السياسي ويستعيد كل وحشية العثمانيين وعشقهم للدم بممارسة القتل والتخريب في ليبيا وسوريا.

رأينا ممارسات عنصرية ورأينا السود الذين لا يملكون تأمينا صحيا يواجهون الموت وحدهم في الدول التي تعطي لغيرها دروسا في حقوق الإنسان منذ مئة عام. رأينا كهولا وعجائز يتركون راقدين في الشوارع لأنه لا جدوى من علاجهم كحالات ميؤوس منها وأن الشباب أولى منهم بتلقي العلاج!

إن فيروس كورونا كشف افتقاد الكثير من الناس إنسانيتهم، ومثل فرصة لن تتكرر لكل أوغاد العالم لكي يكشفوا عن وجوههم ويستفيدوا من انشغال العالم بهذه الجائحة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية