العدد 4259
الجمعة 12 يونيو 2020
banner
العُنف والديمقراطية الأميركية
الجمعة 12 يونيو 2020

تعيش الولايات المتحدة الأميركية بين ظاهرتين متناقضتين، العُنف والديمقراطية، مع أنها بين فترة وأخرى تهاجم الأقطار العربية وغير العربية بتقاريرها بحجة الدفاع عن حرية الشعوب ومبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، وتظهر حزنًا وألمًا إعلاميًا لهذه الشعوب، وتطلب من الدول تطبيق ديمقراطيتها ومبادئها في حقوق الإنسان، ومن جهة أخرى تمارس الإرهاب والعُنف والقتل ضد الدول والشعوب التي لا تسير في رِكابها، وما تمارسه اليوم القيادة الأميركية تجاه المواطنين الأميركيين ذوي البشرة السوداء يؤكد الوجه الأميركي الحقيقي.

ومازالت أميركا وبعد (244) عامًا من الاستقلال والديمقراطية وما حققته من منجزات متنوعة وكثيرة تعيش على أرضية من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والعِرقية بين مكونات المجتمع الأميركي، ما رفع من مؤشر تنامي مشاعر العنصرية والكراهية من قبل بعض البيض تجاه الآخرين، وفي هذه الأيام تشهد الولايات (التي ترفض تدخل الدولة المركزية في شؤونها المحلية) احتجاجات قوية ضد ممارسات الشرطة الأميركية وذلك بعد مقتل (جورج فلويد) على يد الشرطة الأميركية.

إن ما يحدث يؤكد غياب المساواة والحقوق، وقد لقي الكثير من المواطنين مصرعهم بسبب لون بشرتهم ومن دون محاسبة الفاعلين، وهذا يعني عودة للسلوكيات العنصرية التي سادت في الستينات، وما يؤكد ذلك هو قيام (الولايات الجنوبية في السنتين الأخيرتين بتعديلات تشريعية قانونية للانتخابات من دون استشارة مؤسسات الدولة المركزية في واشنطن)، وهذا يعني حرمان أغلبية الناخبين غير البيض من حقهم الانتخابي لأسباب عنصرية، ويرجع ذلك إلى زيادة أعداد المهاجرين من هؤلاء إلى هذه الولايات وتراجع أعداد البيض.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية يسعى كل مرشح لأن يستغل هذه الأزمة برفع شعارات (العدالة للجميع والمساواة والحقوق المدنية والديمقراطية) واستثمارها للوصول لسدة البيت الأبيض في نوفمبر المُقبل دون التنديد بممارسات العنصرية التي تزداد تطرفًا، وهي ممارسات لا إنسانية في دولة تدعي الديمقراطية ورعاية مبادئ حقوق الإنسان، وهذه الممارسات تعتبر صورة مُصغرة للإرهاب الذي تمارسه أميركا تجاه شعوب العالم ودولها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .