فجأة ترددت هذه الجملة في كل وسائل الإعلام التقليدية والحديثة ومعها اسم جورج فلويد الأميركي الأسود الذي توفي بعد أن صرعه أحد رجال الشرطة في مينا بولس بولاية مينيسوتا الأميركية ووضع ركبته فوق رقبته وتسبب في موته.
أكثر من ٩٠ بالمئة من صحف أوروبا وأميركا وضعت على صفحاتها الأولى صورة جورج فلويد أو صور التظاهرات والاحتجاجات الغاضبة التي خرجت تحمل لافتات تقول “حياة السود مهمة”، صورة واحدة هزت الصورة الأميركية المرسومة في مخيلة الشعوب منذ عشرات السنين، ليس لأن هذه الصورة نادرة الحدوث في العالم، ففي كل يوم هناك ضحايا في أنحاء العالم وهناك مظلومون بطول الأرض وعرضها، لكن لأن هذه الصورة وقعت في أميركا التي تعطي الدروس للجميع وتقيم الدنيا وتقعدها إذا تعرض أحد المثليين للتنمر أو المضايقة في بلده.
صورة واحدة جعلت الإعلام العالمي يغير رأيه ويعطي مساحة لخبر آخر غير كورونا الذي احتل الشاشات وعناوين الصحف منذ خمسة أشهر.
لقد ضربت الدعاية الأميركية وشعارات الأمم المتمدينة وحقوق الإنسان في مقتل لأن الدولة صاحبة براءة الاختراع لهذه الشعارات قتلت مواطنا من مواطنيها بسبب التمييز العنصري الذي لم تنجح مئة عام من القوانين والشعارات في نزعه من قلوب الكثير من البيض.
أميركا بالتأكيد ستمر من هذه الأزمة لأنها دولة مؤسسات ويمكن لها أن تتجاوز أية اضطرابات من أجل المصلحة العامة، خصوصا أن الصدام ليس بين السود والبيض، بل صدام مع النظام والقوانين والتجاهل الحكومي لحقوق البيض، لكن السؤال: هل ستتغير أميركا؟ بمعنى: هل ستنتهي العنصرية في أميركا؟ لا أعتقد أن هذا سيحدث.