العدد 4257
الأربعاء 10 يونيو 2020
banner
تقبل النقد
الأربعاء 10 يونيو 2020

يقول الفيلسوف اليوناني أفلاطون إن “هناك طريقة واحدة لتفادي الانتقاد: لا تقل شيئاً، ولا تكن شيئاً، ولا تفعل شيئاً”، وهي دلالة منه على أن من يوجه إليهم الانتقاد هم العاملون، أو الناجحون، لا غير المنتجين، ممن تمر الأيام والأعوام عليهم، دون أن يبرحوا مكانهم، وفي نظرة متأملة للطبيعة البشرية، نجد أن تقبل النقد سمة عليا، تسمو بها النفس، وأنها تعتمد على ترويض الفرد لنفسه، حتى يصل إلى هذه القمة من التعامل والتعاطي مع الانتقادات بشتى أنواعها السلبية منها والإيجابية.

وعند الحديث عن الانتقاد البناء، نرى أن أسلوبه يفرض ردود الأفعال المتقبلة، لما يتسم به من هدوء في الطرح، واستهلالات لطيفة، بذكر الإيجابيات أولا، ومن ثم سرد الانتقادات بغرض إفادة الآخر، لا كشف السلبيات والانتقاد الهدام الذي يخفي من ورائه الكثير من الأمراض النفسية الإنسانية، والذي يتطلب ردود أفعال مغايرة لعل أبرزها الصبر، أو ربما الرد بإفحام الخصم، وهنا نستذكر موقف “برنارد شو” عند رده على “تشرشل” الذي اتسم بالبدانة، وكان رئيس وزراء للمملكة المتحدة، بعد قول الأخير “إن من يراك يظن أن في إنجلترا مجاعة”، فرد (شو) النحيل جسماً “ومن يراك يعرف ما سبب هذه المجاعة”، وبغض النظر عن عمق العلاقة والصداقة التي كانت تربطهما، والغرض الفعلي من الحوار بينهما، إلا أنه تبيان لطريقة ذكية من طرق الرد على السخرية أو محاولة الانتقاص، إلى غير ذلك من طرق كالتجاهل وغيره، وهو ما يستحقه متبنو النقد الهدام في مختلف مواقع الحياة.

كما أن كثرة الانتقاد الهدام، قد تعطي دلالات على ارتفاع أسهم الفرد المنتقد وتميزه، وهو ما يعترض الكثير من المشاهير، مع العلم أن ليس كل منتقًّد ناجح، فلربما قد غلا في الخطأ إلى درجة أنه أفقد الناس صوابهم، ومهما كانت ردود الأفعال سلبية تجاه أي موقف أو قول أو فعل، فالخطأ لا يعالج حكمة بخطأ آخر، كما أنه يستوجب منا أن نتبين أولاً الغاية من الانتقاد، حتى نحدد ماهية الرد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .