+A
A-

خطيب جامع "الفروسية": التطوع فضاء شاسع لا حدود له

الأزماتُ تُبرزُ المعادنَ النفيسة، وتصقّل المواهبَ الشبابيّة، وتعزّزُ الجُهود الوطنية، بلْ وتصبحُ أحياناً سبباً للإبداع والتميّزِ والريادة، والمشاركة الاجتماعية والتلاحم الوطني، و فرصةً للمبادرة والتألق والابتكار في خدمة الوطن والحفاظ على مكتسباته والوقوف بجانبه في التصدي للمخاطر المحتملة.

وبما أن مملكة البحرين أسرة كبيرة ومتماسكة ومترابطة ومعروفة بالنّجدة والنّخوة والشّهامة والمسارعة إلى الخير والعطاء بكافة أطيافها وأبنائها، فإنّ التطّوع والإحساس الوطني، والتعاون والتآزر والتراحم ثقافة متأصلة في هذا المجتمع منذ قديم الزمان حيث يشير  إليها الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة رحمه الله قائلا:

بها قوم إذا وثبوا لمجدٍ* تحقّق من وثوبهم المحال

وإن قالوا على الأيام قولا*رأيت القول تدعمه الفعال

أذّلوا المستحيل وبوّؤُها* من العليا على ما لا يُنال

أقول هذا وأنا ألاحظ المتطوعين من أبناء وبنات مملكة البحرين، والمقيمين على أرضها الطيبة يتبادرون إلى التطوع في مختلف المجالات الإنسانية بتقديم خبراتهم وأوقاتهم، وسواعدهم، حيث وجدنا فيهم المهندس والطبيب، والواعظ والخطيب، والمدرس والطالب، والشاب والفتاة، والموظف والعامل يتطوعون بأفكارهم وطاقاتهم، ومواهبهم ومهاراتهم لخدمة الوطن الذي يجمعهم بكلّ إخلاص ومحبة؛ لدرجة أن أكثر من 30 ألفا سجّلوا للتطوع خلال أيام قليلة من فتح باب التطوع عبر المنصة الوطنية.

وللأوطان في دم كلّ حر* يد سلفت ودين مستحقّ

لقد كان التطوع ثقافة قديمة في البحرين وجزءا من تاريخها الجميل، كما أصبح الآن مثلا يحتذى به، ويُستفاد منه في التصدي للأزمات على المستوى الإقليمي و الدولي؛ ففي الوقت الذي كان فيه عدد كبير من الدول تعاني من قلة المتطوعين، بل وتركِ العديد لوظائفِهم ومهامهم خلال أزمة كورونا كوفيد 19، كانت البحرين تعجّ ولله الحمد بالمتطوعين من أبنائها وبناتها وزيادة الخير خير، كما كان المتطوعون يستثمرون طاقاتهم وجهودهم في الشراكة المجتمعية، لحبّهم وولائهم لهذا الوطن الكريم وقيادته الحكيمة التي جعلت الإنسان و الإرتقاء به والعناية بصحته من أولى الأولويات في الظروف الاحترازية التي تجتاج العالم.

فِعْلا فِيْنا خير كما قال سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشئون الشباب، وفعلا نحن مجتمع واعي، وفعلا كلنا فريق البحرين، وفي خدمته ورهن الإشارة.

لقد أثبت المتطوعون بالبحرين أن التطوع فضاء شاسع لا حدود له، أعرفُ شخصيا أناسا من مختلف شرائح المجتمع وضعوا وسام التطوع على صدورهم، فبالإضافة إلى المجالات الصحية في الحملة الوطنية، تطوّع البعض بالتوصيل المجاني، والآخرون لتوزيع الوجبات بالتنسيق مع الجهات الرسمية، وقسم ثالث للترجمة إلى مختلف اللغات والتوعية الميدانية وغيرها، وقسم رابع تطوّعوا للمهام الإدارية واللوجستية مما يمثّل الصورة الحضارية للتطوع بالبحرين، فشكرا لسواعد التطوع، ومن يزرع المعروف يحصد الشكر.

بقلم: د.سعد الله المحمدي

خطيب جامع نادي الفروسية، بالرفاع