+A
A-

جاسم شريدة.. سيد المسرح البحريني الأول وخادمه

كان مثل جزيرة صغيرة جميلة وسط محيط واسع، كان أرضا مزروعة بالأبداع والبيئة الاصلية لعشق المسرح. إنه الفنان الذي عزتنا فيه الأشجار والسماء وظل الليل يرثيه والناس نيام.. جاسم شريدة.. الذي رحل عن عالمنا في العام 1993 تاركا إرثا ضخما من الأعمال المسرحية والدرامية، وأجد أنه من الواجب استذكار سيرته وتعريفه للأجيال الجديدة، التي من المهم أن تطلع على تجربته وحبه وتفانيه للفن وإخلاصه.

جاسم شريدة رحمه الله وكما جاء في كلمة مسرح أوال في كتيب" جاسم شريدة الإنسان والفنان" قبل عدة سنوات، أنه منذ مسرحية "سبع ليالي"  كان القاسم المشترك في معظم مسرحيات مسرح أوال، حتى آخر مسرحية له مثلها مع المسرح وهي "حليمة ومنصور". رحلة طويلة من المعاناة والتعب خاضها المرحوم مع زملاء من فناني مسرح أوال ممثلا وإداريا ناجحا، طرزت علاقات الجميع بخيوط من المحبة تعدت حدود العلاقات الفنية إلى ترابط أسرى بين عائلات الفنانين امتدت سنوات طويلة حتى الآن.

الفنان جاسم شريدة كان نموذجا من الفنانين القلائل الذين يسكن المسرح مساحات حياتهم واهتماماتهم وقلوبهم، ويسكن المسرح إليهم. كان ممثلا يمتاز بالعفوية والبساطة، متوائما مع المتغيرات المتلاحقة في عالم المسرح، داعيا دائما إلى التجديد وتثقيف الذات والدراسة الأكاديمية متى ما سنحت الفرصة لذلك، وقد طبق هذا المبدأ على نفسه، وان لم يوفق في تحصيله الأكاديمي بمعهد الدراسات المسرحية بالكويت، لكنه كان مشجعا ومحفزا للكثير من الفنانين المعروفين الآن على الساحة الفنية والذين بلاشك يذكرون له هذا الصنيع، وعلى المستوى الإداري شغل منصب أمين سر مسرح أوال لسنوات طويلة، حيث تعاقبت على المسرح عدة إدارات، ولكن ظل المرحوم هو أمين السر حتى وفاته. كان رحمه الله شعلة من النشاط والحماسة الذي لم يفتر أبدا، وجسرا متينا من العلاقات الفنية محليا وخليجيا وعربيا ساهمت بلاشك في تدعيم أواصر التعاون بين المسرح البحريني ونظيره من المسارح في الوطن العربي.

الفنانة القديرة أحلام محمد وصفته بأنه فنان صادق مخلص في عطائه للمسرح، وكان - كما يردد دائما – يشعل الحماسة في نفوس زملائه لو توانوا في الحضور أو دب فيهم شيء من تردد .. لو كنتم عاشقين للمسرح بحق، وتقدرون هذا الفن حق تقدير، لما شعرتم بهذا.

وتضيف أحلام...عشق المسرح يسري في الداخل ليشعل جذوة الحب والنشاط، ويتبلورالعطاء. جاسم شريدة .. كان عاشقا للمسرح بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وكان محبا، ودودا مع زملائه. وإن هو باغتنا برحيله، فسيبقى محفورا في الذاكرة بخفة روحه وبسمته الذي لا تغيب.

ويقول عنه الكاتب عقيل سوار..نعم..جاسم هو سيد المسرح البحريني الأول، خادمه ، يكاد يكل فراش المسرح العامل بأجر من حضور مقر أوال، ولا ينقطع جاسم سواء كان مساهمة في عمل مسرحي أم لم يكن، إنني لا أكاد أتصور كيف يمكن أن نضحك بعد الآن في أوال بغياب جاسم. الضئيل الجسد العظيم الحضور المولع بالطرفة حد الإدمان، بل لا أكاد أتصور مبنى مقر أوال مكتملا دون ذلك الحضور.

ومن أروع كلماته رحمه الله: " كلمتي لكل الفنانين. طريق المسرح طويل ومتجدد، ويجب السير فيه بكل ثبات وقوة في العطاء والإبداع". وقد وصفه والدنا الأديب والصحافي الراحل محمد الماجد في العام 1985 بالمسكون بعشق المسرح.