+A
A-

الشوري المناعي: نظام البحرنة الموازي "لم ينجح".. ولإغراء الأجانب بمغادرة البحرين

أقام تجمع الوحدة الوطنية ندوة إلكترونية بعنوان ( تبعات التصريح المرن ) تحدث فيها عضو مجلس الشورى الأستاذ درويش المناعي والخبير الإقتصادي الدكتور جعفر الصايغ.

وابتدء الحديث مقدم الندوة الدكتور محمد الحوسني بحديث حول التصريح المرن الذي أطلقته هيئة تنظيم سوق العمل في يوليو 2017 باعتباره ترخيص يسمح للشخص الذي يحمله من العمالة الاجنبية بالعمل والإقامة في مملكة البحرين بدون صاحب عمل (كفيل) مدة سنتين قابلة للتجديد، حيث يمكنه العمل في أية وظيفة غير تخصصية مع أي عدد من أصحاب الأعمال بدوام كامل أو جزئي.

وقال الحوسني أن تلك الخطوة لازمتها مخاوف كبيرة من قطاع واسع من المواطنين وأصحاب الأعمال من تبعاتها الخطيرة على سوق العمل حيث يمكن للعامل الوافد من خلال هذا الترخيص البقاء في البلاد لسنوات طويلة دون التحقق من مدى حاجة سوق العمل إليه مما اعتبره الكثيرون شرعنة وتقنين للعمالة السائبة .

موضحاً أن تجمع الوحدة الوطنية أراد من خلال هذه الندوة الإلكترونية تسليط الضوء على تبعات التصريح المرن .

المحور التشريعي

قال عضو مجلس الشورى درويش المناعي أن قانون العمل للقطاع الأهلي ، المعمول به حاليا يرى اقتصاديون ان صياغة بعض مواده جاءت لمتطلبات دوليه لذلك يجب تعديل بعضها لتتماشى مع المتغيرات التي طرأت في العقد الثاني من هذا القرن حيث تعتبر بعض مواده غير عادلة لإصحاب الاعمال خصوصا فيما يتعلق بانتقال العامل الأجنبي الذي يجعل الشركات البحرينية منكشفة و عرضة لإفشاء اسرارها .

وقال أن القانون لم يوفق في خلق علاقة متوازنة بين القطاعات الانتاجية المختلفة و القوى العاملة فمثلا رغم وجود عقد عمل لمدة اكثر من سنة إلا ان يحق للعامل الأجنبي الانتقال الى كفيل اخر بعد مضي سنة ان ذلك يضر بمصلحة العمل لذلك هناك من يطالب بجعل شرط التحويل بعد مضي ثلاثة سنوات لتغطية المصاريف التي تكبدها صاحب العمل لإستقدام العامل و تدريبه على العمل.

وقال نرى اذا كانت حقوق العامل باعتباره الجانب الأضعف جديرة بالرعاية و الحماية ،فانه من جانب اخر ولتسيير عجلة الاقتصاد الوطني الذي احد رواده الشركات الوطنية الصغيرة والمتوسطة يجب ان تكون اجدر بالحماية ، لأن العام يقيد الخاص و المصلحة العامة مقدمة على المصالح الخاصة .

وقال المناعي في منتصف العقد الاول من هذا القرن ارتفعت نسبة البطالة لإ أسباب عديدة . عليه اهتم صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن حمد الخليفة ولي العهد بهذا الملف و كون فريق عمل و من ثم تم تعيين شركة استشارية لتنظيم سوق العمل والمعروفة بشركة مكنزي و تم انشاء هيئة تنظيم سوق العمل .

واضاف مشروع مكنزي ، تقدم بحلول جيدة تنفذ على ثلاث مراحل . الاولى قصيرة المدى إصلاح سوق العمل و الثانية متوسطة المدى إصلاح اقتصادي و الثالثة طويلة المدى إصلاح التعليم و التدريب المهني و لكن لم يوفق في طرق مواجهة مشكلة تفضيل الأجنبي على العامل الوطني . كما أعلن عنه . و نتيجة لذلك كان هناك شد و جذب بين الاطراف الثلاثة الحكومة و نقابة العمال و غرفة التجارة والصناعة و ذلك لوجود تحديات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر البحرنة الوهمية التي تسببت في عدم دقة احصائية العمالة العاطلة بالاضافة الى عدم نجاح نظام البحرنة الموازي .

وأوضح المناعي أن تفضيل العامل البحريني بدلا من الأجنبي في القطاع الخاص يكون متى ما وجد العامل البحريني المؤهل لشغل المهنة المطلوبة ، لان تبعات زيادة التكلفة للعمالة حقيقة لا يتحملها أصحاب الاعمال بل تضاف الى تكلفة السلعة او الخدمة و في النهاية يتحملها العميل لذلك مالم يتم إصلاح التعليم بحيث يتسق مع متطلبات سوق العمل مع توفير مراكز تدريب عملية و مهنية و مع اجراءبعض التعديلات على مواد قانون العمل الأهلي لا نتوقع تغيير جذري في سياسة توطين العماله الوطنية. 

وقال هيئة تنظيم سوق العمل منذ إنشائها اعتنت بتنظيم العمل في عدة نواحي عما كان سابقا و هذا يشكر عليه . إلا انها لم توفق في تبنيها و دفاعها عن سياسة التأشيرة المرنه و ذلك لعدة أسباب حيث اضرت بالقطاع الخاص و اثر ذلك سلبا على و تيرة نمو الاقتصاد الوطني ، كل ذلك لاجل التوافق مع المتطلبات الدولية و الثناء من قبل منظمات العمل لكن مع الأسف على حساب الاقتصاد الوطني .

وأضاف يرى الكثير من المهتمين في هذا الشأن ان الهيئة انحرفت من منظم لسوق العمل الى منافس لسوق العمل بتدشينها في ٢٠١٧ نظام التاشيرة المرنة ، كان المفروض التخلص من العمالة المخالفة بعد اعطائهم عدت فترات عفو ملكي ، ان تتصرف الجهات المعنية بحزم و تسفيركل مخالف و معاقبة كل متستر على العمالة المخالفة ، لإانتهينا من هذه العمالة العالة على المجتمع البحرين .

 ونوه المناعي لنتائج سياسة شرعنة العماله المخالفة لقانون العمل الأهلي والتي تظهر من خلال صور متداولة حديثا في وسائل التواصل الاجتماعي لمخالفات العمالة المخالفة و المتواجدة امام اعين المارة في العديد من مناطق البحرين بالاضافة الى مزاحمتهم في رزق المواطن و وجودهم وقال هذا يبرز مناظر غير حضارية و غير صحية مما جعل مجلس النواب يرفع الى الحكومة اقتراحاً مستعجلاً لإلغاء التاشيرة المرنة .

ولفت المناعي الى أن مكافحة جائحة كرونا من قبل الدولة و المجتمع كشفت الأعداد المتزايدة من المصابين او المخالطين بين هذه العمالة الاجنبية لذا اصبح من الضروري تصحيح نظام التاشيرة المرنة بالطرق التي لا تنافس المواطن ولاتؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني

وقدم عضو الشورى توصية للقيادة الحكيمة بتقنين العماله الاجنبية و اغراء العمالة المخالفة مادياً بالرجوع الى بلدانها وقال إذا لم يكن هناك تجاوب من هذه العمالة المخالفة على الدولة ان تتعامل معها ومن يؤويها بحزم . وقدم توصية أخرى بضرورة اشراك القطاع الخاص بفعالية في السياسات التي تخصه لا ان تعقد لقاءات معه لغرض شرح تنفيذ هذه السياسات حيث لم تنجح هذه الأساليب كما حصل في السابق . كذلك طالب بعمل تقييم محايد للسياسات والتشريعات التي تخص الاقتصاد الوطني كل خمسة سنوات حسب التغيرات الاقتصادية و المجتمعية مشيراً إلى أن هذه احدى التوصيات التي تم طرحها في اجندة الاعمال الوطنية٢٠١٩ و ذلك بمعاونة و دعم من المركز الدولي للمشروعات الخاصة التابع لغرفة التجارة الاميركية و التي تم تقديمها الى الجهات المعنية في الدولة و لي الشرف ان اكون رئيس لجنة الاجندة .و نحن الان في طور ترجمة هذه الاجندة الى الانجليزية ليستفيد منها رجال الاعمال المتحدثين بهذه اللغة .

وقال المهم متى ما توافرت العمالة الوطنية المدربة و المؤهلة ، يكون إحلال المواطن محل الأجنبي ضرورة حتمية حسب جدول زمني و ذلك بوضع شروط معينة تحدد دخول العمالة الاجنبية الى سوق العمل البحريني و ليس إغلاق الباب بشكل كامل لان هناك مهن دنيا سوق العمل البحريني يحتاج لها بالاخص في قطاع المقاولات و التنظيفات و الاعمال المشابه على ان تتماشى سياسة الإحلال مع الرؤية الاقتصادية ٢٠٣٠.

وختم المناعي كلي أمل من القيادة الحكيمة و الحكومة الرشيدة أنها ستولي هذا الشأن اهتماماً كبيراً خاصة بعد النجاح الباهر لمملكتنا في مكافحة جائحة الكرونة العالمية مؤكداً ان الحكومة بصفتها شريكا أساسيا مع السلطة التشريعية بغرفتيها غير غافلة بالحاجة لتطوير التشريعات و القوانين الى الافضل لمصلحة الو طن والمواطن .

المحور الاقتصادي

وتحدث في الندوة الخبير الاقتصادي الدكتور جعفر الصايغ حول المحور الاقتصادي مستعرضاً دراسة تحليلية قام بها حول التصريح المرن وتداعياته الاقتصادية وابتدر حديثه بالتأكيد على أنه لايجب الفهم بأننا ضد وجود العمالة الوافدة فوجودها بالحجم المقبول لا يتعارض ابداً مع الجهود التنموية للمملكة كما لا يمكن التخلص منها بشكل كامل، وحتى خفضها بشكل كبير يحتاج الى قرار ووقت .

وقال ما يزعجنا حقا هو اعدادها المخيفة والمتزايدة ووضعها غير الشرعي والذي سيكون له ضرراً كبيراً على العمالة الوطنية والاقتصاد الوطني. وبوجود هذه الأعداد من العمالة غير القانونية فإنه من الصعب تحقيق النمو والازدهار والاستقرار الاقتصادي.

مضيفاً أننا كمواطنين نريد سوق عمل مستقر يترجم الاستراتيجية الوطنية ويخدم في الاساس العمالة الوطنية ويخلق فرص عمل للمواطنين برواتب وأجور تتناسب والمستوى المعيشي في المملكة.

وقال دكتور الصايغ أن ما يمكن استنتاجه من رؤية وزارة العمل هو ان القائمين على تنظيم سوق العمل يعملون ضمن الاستراتيجية الاقتصادية للمملكة ورؤيتها المستقبلية 2030 والتي ترتكز على ثلاث مبادئ هي: الاستدامة والعدالة والتنافسية وذلك بأن تحقق البحرين قدرة تنافسية عالية في الاقتصاد العالمي، وتحقق زيادة الإنتاجية بشكل طبيعي أكثر في ظل مناخ تنافسي يدفع عجلة التنمية الاقتصادية، ويضاعف الأرباح، ويرفع مستويات الأجور"

كذلك الاستثمار في المواطن من خلال تعزيز وتطوير واستدامة الخدمات الحكومية في التعليم والصحة والخدمات الأخرى .

وطبقا للرؤية المستقبلية سوف تتأكد الحكومة من استفادة جميع المواطنين بشكل عادل من منافع النمو الاقتصادي من خلال ما يلي:

التأكد من أن النمو الاقتصادي يخلق فرص عمل ذات أجور متوسطة إلى مرتفعة لزيادة دخل جميع شرائح المجتمع.

وتأمين المساواة، وتكافؤ الفرص للبحرينيين في سوق العمل من خلال مراجعة قوانين العمل، ونظام الهجرة.

بالإضافة إلى مساعدة البحرينيين على الحصول على وظائف ذات رواتب متوسطة إلى مرتفعة من خلال برامج الدعم والتدريب المتواصلين.

وقال أن هذه الرؤية بينت لنا ان الأدوات الممكنة لقياس النجاح هي : المعدل الإجمالي للإنتاجية، حجم تدفقات والاستثمار الأجنبي المباشر، ونسبتها من الناتج المحلي الإجمالي، وعدد الفرص الوظيفية الجديدة ذات الأجور المتوسطة إلى العالية التي يشغلها المواطنون البحرينيون.

وقد كنا ولعقود من الزمن نعاني من مشكلة العمالة السائبة التي كان يتراوح عددها ما بين 80 الف الى ١٠٠ الف عامل.

واشار دكتور الصايغ إلى بعض تصريحات السيد وزير العمل التي أقر فيها بأن عدد المخالفين للأنظمة من العمالة الأجنبية قبل إقرار الفيزا المرنة عام 2017 كان يقارب من 100 ألف عامل وهذه العمالة تقع غالبيتها ضحية تحايل مواطنين يستغلون ثغرات في قانون العمل وضعف الرقابة فيستقدمون عمالاً بتأشيرات ظاهرها من أجل العمل لدى المستقدم في شواغر وهمية في الغالب، وباطنها تسريح العمال ثم ربطهم بـ «أتاوات» سنوية.

وقال لقد شوهت هذه الظاهرة الاقتصاد وساهمت في ارتفاع البطالة وأدت الى مشاكل اقتصادية عديدة حيث كانت تعمل في جميع القطاعات الاقتصادية.

وقبل تطبيق التصريح المرن صرح سعادة وزير العمل ورئيس اللجنة الحكومية لمعالجة مشكلة العمالة السائبة جميل حميدان ” أن اللجنة تعكف حاليًّا على وضع صياغة خطة وطنية شاملة تمس جميع الجهات المعنية لمعالجة مشكلة العمالة السائبة، لافتاً الى “أننا حالياً لسنا في أحسن حال، وهناك ثغرات كبيرة تشوب هذه القضية الشائكة مما يعني أن قرار التصريح المرن جاء ليصحح الخلل الموجود في سوق العمل والمتمثل في مشكلة العمالة السائبة والتي قال عنها سعادة الوزير بشجاعته المعهودة : «لقد فشلنا في علاج هذه المشكلة»!!

وطرح دكتور الصايغ عدة تساؤلات أبرزها من كان المسئول عن العمالة السائبة؟ وأن مشكلة بهذا الحجم وبهذا المستوى من الأضرار الاقتصادية هل أجريت دراسة حولها لمعرفة اسبابها والمستفيدين منها ؟ وهل اتخذت الاجراءات لمنع تكرارها؟

وقال اتعرفون كم كان المسببون للعمالة السائبة يستفيدون مالياً؟

فحسب ما جاء في الجرائد المحلية:

يحصل الكفيل (صاحب السجل) في المتوسط على 1450 ديناراً عن كل عامل لبقائه عامين في البحرين، وإذا رغب العامل في التمديد (وهذا ما يحدث غالباً) يقوم بدفع مبلغ 800 دينار (2116 دولاراً) من أجل تجديد بقائه لعامين آخرين. فلو استطاع كفيل أن يجلب 100 عامل «فري فيزا» (ويقال إن هناك من لديهم المئات منهم) فإنه يتقاضى منهم لأول مرة 145.000 دينار بحريني (383.6 ألف دولار أميركي) من دون أن يبذل جهداً، ومن دون أن يغطي هؤلاء العمال بالتأمين الصحي والقانوني. وإذا ما أراد هؤلاء المئة أن يواصلوا العمل لعامين آخرين فعليهم أن يدفعوا له مجدداً 80 ألف دينار (211.640 دولاراً أميركيّاً).

وبخصوص التصريح المرن ذكرت الدراسة التي قدمها دكتور جعفر أنه ومن خلال المفهوم العام لهذا التصريح يمكن القول ان العامل الوافد يمكنه البقاء في البحرين لسنوات طويلة حتى وان كان سوق العمل ليس في حاجة له

وبخصوص العائد المالي المتوقع من التصريح المرن:

وقال كان من المتوقع أن تجني هيئة تنظيم سوق العمل إيرادات قدرها 56,112 مليون دينار خلال السنتين القادمتين بعد تدشين نظام تصريح العمل المرن.

وكانت الهيئة قالت إنها ستصدر 2000 تصريح عمل مرن شهرياً لمدة سنتين. ويسدد العامل الراغب في الاستفادة من التصريح رسوماً قدرها 449 ديناراً تشمل رسوم تصريح العمل ورسوم الرعاية الصحية وتأمين تذكرة السفر ورسوم تمديد الإقامة.

كما يدفع العامل رسماً شهرياً قدره 30 ديناراً، ليصل مجموع ما يدفعه العامل خلال سنتين 1169 ديناراً. وبحساب المبلغ على السقف الأعلى لإصدار تصاريح العمل المرن شهرياً يكون المبلغ الإجمالي للإيرادات المتوقعة من النظام 56,112 مليون دينار خلال السنتين.

حسب البيانات فإن الرسوم المحصلة من العمالة الأجنبية الموجودة في البحرين قد بلغت 153 مليون دينار عام ٢٠١٩.

وتساءل دكتور الصايغ هل استطاع التصريح المرن القضاء على العمالة السائبة؟ موضحاً أن الإجابة لا لأن مانراه هو مجرد شرعنة العمالة السائبة

فالوزارة وكما صرح سعادة الوزير "فشلت في احتواء مشكلة العمالة السائبة" وبذلك أوجدت الفيزا المرنة ليست كحل للعمالة السائبة وإنما للاستفادة المالية من وجود هذه العمالة.

الفيزة المرنة هي كارثة على سوق العمل والاقتصاد الوطني ولا ارى اي جدوى حقيقية لها

ان لم توقف الفيزة المرنة فان الفوضى التي سببتها العمالة السائبة سوف تستمر وسوف تهدد استقرار سوق العمل والاقتصاد الوطني. البطالة سترتفع وسيرتفع حجم السكان بشكل لا يمكن تحمله اقتصاديا.

اهم النتائج

أشارت الدراسة التي قدمها دكتور جعفر الصايغ إلى أن هذه العمالة الحاصلة على التصريح المرن هي في الواقع عمالة فائضة لا يحتاجها سوق العمل حيث لم يعد صاحب عملهم في حاجة لهم، فبدلا من ان تلغى تأشيرتهم ويغادروا البلد تم منحهم تأشيرة وإقامة مرة أخرى.

وقالت الدراسة أن هذه العمالة السائبة والتي كانت تحرك  الاقتصاد الخفي قد تحولت الى عمالة شرعية قانونية وبدون كفيل وتمارس نفس الاعمال  والمشاريع التجارية الغير مشروعة والتي كانت تمارسها في  السابق.

وان عدد هذه العمالة في ارتفاع مستمر ويتضاعف سنويا مما يعني ان الاقتصاد الأسود قد ينمو بمعدلات مخيفة جدا، حيث ان هذه العمالة قد اقتحمت كل المهن والحرف والقطاعات. 

وحسب البيانات  فإن عدد العمالة الوافدة قد شهد ارتفاعا كبيرا خلال العشر سنوات الماضية، حيث ارتفع من 331.000 عام 2006 الى 604.697 عام 2017 ثم الى 594,944 عاملاً عام 2019 . وقد انعكس ذلك على عدد السكان غير البحرينين حيث ارتفع عددهم من 404.013 عام 2005 الى 823.610 عام 2017.

بخلاف زمن العمالة السائبة من الممكن الان معرفة وقياس حجم الاقتصاد الأسود فلدى  هيئة سوق العمل كل البيانات  التفصيلية عن عدد ووظائف العمالة الوافدة وأنشطتهم الاقتصادية.

وبهذا الوضع وبهذا النمو الكبير في العمالة الوافدة فقد يتفوق الاقتصاد الخفي بحجمه وأرقامه  ونموه على الاقتصاد الرسمي خاصة وأن العاملين فيه وهم بأعداد هائلة يمارسون تجارتهم غير المشروعة بكل حرية وامان. لذا يجب الالتفات الى خطورة هذا الوضع الخطير على العمالة الوطنية واستقرار الاقتصاد الوطني.

وقد ارتفعت التحويلات المالية للعمال الأجانب في البحرين لخارج البلاد إلى نحو 927.2 مليون دينار (2.5 مليار دولار) في العام 2017، أي ارتفعت في العام 2017 بنسبة 3.11 % مقارنة مع العام 2016 والتي بلغت  فيه نحو 899 مليون دينار.

وقفزت إلى نحو 1.22 مليار دينار (3.3 مليار دولار)- في العام 2018، بحسب إحصاءات رسمية حديثة. ولأول مرة في تاريخ المملكة تتخطى التحويلات الخارجية عتبة المليار دولار بمستوى جديد غير مسبوق.

وقال إن استمرار ارتفاع التحويلات المالية المرسلة للخارج سيكون له أبعاد خطيرة على الاقتصاد الوطني. فهي تمثل استنزافا للقدرات والثروة المالية الوطنية، وانخفاضا في دوران رأس المال داخل الاقتصاد مما يعني عدم اكتمال الدورة الاقتصادية لرؤوس الأموال التي يخلقها النشاط الاقتصادي، مما يترتب عليه ضعف في السيولة العامة وانخفاض في الأموال الاستثمارية التي قد تستخدم لتمويل المشاريع التنموية. وكذلك انخفاض في حجم الوعاء الضريبي للاقتصاد الوطني.

يمثل هذا المبلغ عبئاً ثقيلاً على مالية الدولة الخارجية لأنه يمتص 29% من الصادرات النفطية وبذلك يؤثر على الميزان التجاري

ويعادل المبلغ المحول من البحرين بحسب الدراسة ثلاثة أرباع المرتبات والأجور التي يحصل عليها العمال الأجانب. بمعنى إنهم يكتفون بربع هذا المبلغ للعيش في البحرين ، وهذا أمر غير ممكن وقال الدكتور يبدو كذلك أنهم يحولون مبالغ أخرى غير مذكورة في الميزان الجاري لأنها ببساطة لا تمر عبر القنوات المصرفية. وعلى هذا الأساس هنالك قناعة لدى البحرينيين بأن ما يصرح به العامل الأجنبي من أجور لا يمثل دخله الحقيقي.

هدف البحرنة

حسب بيانات سوق العمل استطاع الاقتصاد الوطني ان يوفر 340 وظيفة برواتب أكثر من 1500 دينار في الربع الثاني من 2019 حصلت العمالة الوافدة على 324 منها في مقابل 16 بحريني فقط.

وأن هناك 207 وظيفة برواتب تصل الى 1000 دينار كان نصيب البحرينيين منها 21 فقط بينما حصلت العمالة الوافدة على 186. - والرواتب من 900 دينار وأعلى وفرت 42 وظيفة 38 منها للعمالة الوافدة في مقابل 4 بحرينيين.

والرواتب من 800 وأكثر وفرت 84 وظيفة 70 منها للعمالة الوافدة مقابل 14 للبحريين.

والرواتب من 700 دينار وأكثر وفرت 119 وظيفة حصلت العمالة الوافدة على 83 مقابل 36 للبحرينيين.

والرواتب من 600 دينار وأكثر وفرت 155 وظيفة 108 منها للعمالة الوافدة مقابل 47 للبحرينيين.

والرواتب من 500 دينار فأعلى وفرت 283 وظيفة 176 منها للعمالة الوافدة مقابل 107 للبحرينيين.

والرواتب من 400 فأكثرت وفرت 469 وظيفة منها 410 للعمالة الوافدة مقابل 59 للبحرينيين.

الخلاصة

هذه الدراسة وهذه البيانات تؤكد لنا حقيقتان جوهريتان هما عدم قدرة سوق العمل على تحفيز الإنتاجية وتنمية المهارات الوطنية، وتقليص حوالات العمالة الأجنبية للخارج. وكذلك ليس هناك علاقة بتكوين رأس المال مع حجم التوظيف للعمالة المحلية فسياسة سوق العمل غير متناسقة مع رؤيتنا الاقتصادية 2030

كذلك يتأكد لنا بوضوح أن الإقتصاد الوطني يخلق فرص عمل وبرواتب جيدة ولكن المشكلة تكمن في كيفية توزيع هذه الفرص حيث أغلبها تذهب للعمالة الوافدة.

كما أن بقاء هذه المشكلة من دون معالجة جذرية ستجعل من سوق العمل سوقا مشوها وغير مستقر.

وإنه ولغرض إصلاح الاختلالات في سوق العمل وضبط تدفق العمالة الوافدة فإن سياسة توسعة الاقتصاد المحلي وزيادة الاستثمارات الخاصة قد لا تكون مجدية عندما يكون سبب الاختلالات هو السياسة العمالية حيث أنه قد يكون الاقتصاد قادر على خلق الكثير من فرص العمل إلا أن المشكلة قد تكمن في أن هذه الفرص تذهب غالبيتها للعمالة الوافدة والتي يجب ان يكون دورها محصور في ملئ الوظائف الشاغرة التي تعجز العمالة الوطنية عن ملئها.

وتخلص الدراسة الى ضرورة إصلاح سوق العمل وإيجاد الحلول الناجعة لتطبيق استراتيجيات بحرنة الوظائف وأفضلية المواطن البحريني في التوظيف وضرورة قَصر بعض المهن والوظائف على المواطنين سواء في القطاع العام أو الخاص.