في عصر كورونا أصبح الإنسان في مأساة حقيقية بسبب ما يتعرض له على مدار الساعة من رسائل متناقضة أثرت على قواه العقلية والنفسية، وحتى هذه اللحظة ورغم كل ما يذاع عن تفشي الوباء وأعداد الوفيات اليومية، تجد غالبية الناس يهرعون إلى قراءة ما يبثه الإعلام الجديد من أن كورونا مؤامرة وأنه لا يوجد كورونا من الأصل وأن هناك حربا اقتصادية تدور رحاها وأن هذه الحرب تستهدف إسقاط دول معينة والقضاء على اقتصادياتها.
لقد وصل البشر إلى حافة الجنون بسبب ما يصب فوق رؤوسهم من رسائل كل يوم، يكفيك أن تقرأ أن أميركا على وشك إنتاج لقاح، وأن الصين اقتربت من إنتاج دواء، ثم تعود لتقرأ عن مؤامرة بيل جيتس والسعي لاستعباد البشر عن طريق تركيب شرائح تحت جلدهم ليتحكم فيهم، حيث يحميهم إن أراد، أو يقتلهم إن أراد!
ويكفيك بين هذا وذاك أن تتلقى شيئا رابعا على هاتفك الجوال يحدثك عن شيء ينسف كل هذا، ولتتأمل هذه الرسالة التي تناقلها الناس على هواتفهم قبل أيام قليلة لكي تعرف حجم مأساة بني البشر هذه الأيام، الرسالة تقول إن مركز أبحاث الشمال في دولة السودان قام بنسف كل ما أذاعته الصين وأميركا وغيرهما من الدول والجامعات ومراكز البحوث حول إصابة فيروس كورونا للرئة، وطالب بمقاضاة أميركا والصين بسبب إخفائهما الحقائق.
والحقائق التي يقصدها المركز هنا أن الفيروس يصيب كريات الدم الحمراء ويضر بالهيموغلوبين ويجعل هذه الكرات غير قادرة على حمل الأكسجين إلى الجسم وغير قادرة على تخليص الجسم من ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي تحدث الأزمة، وبناء عليه فإن العلاج الناجع هو علاج كريات الدم الحمراء باستخدام أقراص الفوليك أسيد والحديد عموما، وبناء عليه طبقا لهذه الرسالة أيضا تنتفي الحاجة إلى أجهزة التنفس الصناعي التي هي خزعبلات لا قيمة لها!
وربما يخرج علينا مركز أبحاث الشمال بعد أيام لينفي هذا الكلام أو يصححه، وربما لا يكون هناك مركز أبحاث بهذا الاسم من الأساس، لكن ما أردناه هو التدليل فقط على أسباب حالة الحيرة والتشتت التي أصابت العقول في زمن كورونا.