العدد 4233
الأحد 17 مايو 2020
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
لا تثقب السفينة وتقول أنا حر!
الأحد 17 مايو 2020

لا يمكنك أن تُفكر بعقل الفردية الخطرة وتقول أنا حر، لن يقبل المجتمع منك أن تضعه على خط النار وتهدد قواعده وتقول أنا حر، أتصرف بمفردي، لا يعقل أن تُبحر مع بقية الركاب ثم تقوم بمحاولة ثقب السفينة وإحداث ثغرة فيها وسط البحر وتقول “كيفي”! هذا ما يقوم به البعض اليوم ونحن في زمن خطر واستثنائي وبحالة طوارئ غير معلنة يمر بها المجتمع العالمي برمته.

فحتى على مستوى المركب العالمي لا يمكن السماح لدولة بثقب السفينة الدولية، وتقول أنا دولة حرة مستقلة... وهذا ينطبق على الفرد في المجتمع، فإذا كان العالم يعاقب الصين بالتشكيك في سلوكها ويضغط عليها للاعتراف بدورها في الأزمة، وهذا ما نراه بموقف بعض الرؤساء، وهذا ينطبق علينا بالبحرين وبالتحديد من أولئك الذين يستهترون ويتهورون ويجازفون بوضع البلد والمجتمع البحريني بالتقليل من خطورة الوضع وخرق القواعد وعدم الالتزام بالشروط، سواء بوعي أو بدونه، حجتهم أن الوضع لم يبلغ درجة الحظر الشامل، وأن السماح بالخروج والاختلاط والتسوق دليل فتح الأبواب على مصراعيها هو البركان... هؤلاء الذين يريدون إحداث ثقب في السفينة التي تنقلهم، يتحججون بعدم وجود ما يلزمهم.

وهنا تأتي مسؤولية الدولة التي يجب فرضها بقوة وحسم حتى لا يتبادر لذهن أحد أنه حر ويمكنه الخروج والدخول كيفما شاء ومتى ما شاء لأن الخط الأحمر بلغناه، ولا ننتظر حتى ينهار الجهاز الطبي ومعه الجهاز العام، وننتظر حتى تلك الساعة لنقول الوضع الآن أصبح مهيئا للحظر الشامل، يفترض أن يراعي المواطنون القيود والشروط، والمفترض أن يكون هناك وعي عام يتمتع به الجميع، وأن يدركوا على أساسه أن المجتمع وحدة متكاملة وليس مجرد وحدات منفصلة يحق لكل فرد أن يتصرف على هواه، هناك حق عام للمجتمع لا يمكن لا للفرد ولا للدولة حتى خرقه، وبالتالي علينا جميعًا في هذا الوقت العصيب الذي تبدو فيه السفينة أنها تواجه العاصفة المتمثلة في تجاوزنا الخط الأحمر وصعود الأرقام إلى نقطة حرجة أن نتوقف ونسأل: ماذا ننتظر؟ الذين في الجبهة الأمامية من المعركة مع الوباء وفي مقدمتهم الأطباء والممرضون والمسعفون هم من يدفع الثمن، بينما بعضنا لا يهمه سلامة هؤلاء الذين لهم عائلات وأبناء وأحباء وأصدقاء، فلنتصور واحدا من أبنائنا يعمل بهذا المجال، ماذا سيكون شعورنا؟ مشكلة هؤلاء الذين يريدون ثقب السفينة أنهم حتى الآن غير مدركين أننا نخوض حربًا مصيرية مع هذا الوباء كما يخوضها العالم كله، وهي حرب عالمية لكن للأسف بعضنا فقد الإحساس بهذا الوضع وصار يعتقد أنه حر فوق السفينة يستطيع أن يتصرف باستهتار دون اعتبار لبقية الركاب!

 

تنويرة:

ذروة الجهل تصديقه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية