العدد 4229
الأربعاء 13 مايو 2020
banner
عجلة الحياة الربّانية الكونية... وليست البشرية التعجيزية!
الأربعاء 13 مايو 2020

من الشائع جدا، بل من المؤلم حقا، أن يتكلّم الكثير ممن أخذوا على عاتقهم مسؤولية التنمية الذاتية للأفراد، عن ضرورة وضع كل فرد هدفا في كل مجال من مجالات الحياة، وهم بهذا يتوقون إلى تقديم خدمة بشرية للوصول إلى السعادة والنجاح، ولكن هي أهداف من يا ترى؟ هل هي أهداف الأفراد الذاتية؟ أم هي الأهداف البديهية المعنية بكل مجال من مجالات الحياة، والواضحة في النموذج المتعارف عليه بـ “عجلة الحياة”؟ فعجلة الحياة تلك دائرة توضح جوانب الحياة التي يعيش فيها كل إنسان، من روحية ومالية ومهنية وأسرية ومجتمعية ونفسية وجسدية وعقلية، وقد تستبدل بعض تلك الجوانب في نماذج أخرى بالذاتية والترفيهية والثقافية!

في حقيقة الأمر، لو تمعنا فيما حقق هؤلاء الذين وصلوا إلى إلهام البشرية بما قدّموا من إبداع يشار إليه بالبنان، نجد أن هذا الإبداع هو في مجال محدّد، ألا وهو الذاتي أو القيمة العليا الكامنة في الروح، والتي فعّلوها بهدف صنعوا به الفرق، أي إضافة في صميم خدمة البشرية. وهم بهذا انطلقوا من المحور الذاتي الضمني، والذي قد يكون روحيا أو عقليا أو صحيا أو مهنيا أو اجتماعيا أو ماليا أو أسريا، ليوازنوا بعدها ما تتطلبه الجوانب الأخرى في حياتهم حسب مقاييسهم هم، لا نحن ولا هؤلاء، ذلك أنّ لكل مقاييسه الخاصة به، والتي يحتاجها جسده للقيام بتأدية هدفه الروحي الذاتي.

نحن الآن في عصر الإنسانية، عصر الرقي، نتكلم به عن “الطب الشخصي” الذي هو من مبدأ الجينات والأدوية الفعّالة لكل فرد، فكيف لا تكون هناك شخصانية لكل فرد فيما يحب ويهوى ويتوق إلى إنجازه، والحقيقة أن ما يقال من رسم أهداف في كل مجال من مجالات الحياة، إنما هو رسم على ورق، لأنه نموذج لا يعمل، بل يدمر، ذلك أنه يخلق حالة من التوتر والقلق، لأن الإنسان بهذه الأهداف المهولة، يعيش في حالة كر وفر، فيشتت طاقته الجسدية اليومية في كل شيء وبلا تحقيق لشيء، بل هي دوّامة من شيء إلى شيء، وبلا تركيز في العشق الأساسي وهو القيمة العليا الذاتية، التي منها التوازن وكل شيء.

إن رسالة إكسير الحياة، هي رسالة إنسانية، فيها إدراك “عجلة الحياة الربانية الرحيمة الكونية” التي بها يتحقق الإبداع والحب والسعادة والشفاء والصحة المستدامة، دعوة إلى التأمل في الذات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .