العدد 4225
السبت 09 مايو 2020
banner
ابن سينا و “كورونا”
السبت 09 مايو 2020

مع بدايات تفشي وباء كورونا في منطقتنا العربية، أخذ يتفشى بالتوازي معه عبر عدد من الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي نوع آخر من الوباء يتمثل فيما تقوم به شريحة من رجال الدين، وليس كلهم، من تفسيرات غير علمية لأسباب الجائحة ووصفات شعوذة علاجية، واستخفاف - عن جهل - بالتفسير العلمي لتفشيها والتعليمات الوقائية العالمية للتخفيف من غولها.

ومنذ نحو ثلاثة أسابيع يتداول في وسائل التواصل الاجتماعي مقطع من فيلم روسي قديم بعنوان “ابن سينا”، وهو علم من أعلام حضارتنا العربية الإسلامية، وجاء هذا المقطع في توقيته المناسب ليذكرنا ليس بصفحة مشرقة من تراثنا فقط، بل ويفنّد شعوذات جهلتنا، ويذكر الغرب التي يستغلها في إعلامه للتشهير بنا؛ فأين كنا وكيف أصبحنا؟

وأنت تتابع وقائع المقطع المترجم تنتابك صدمة ممزوجة بالدهشة والذهول على ما كان يتمتع به ذلك الطبيب والفيلسوف قبل ألف عام ونيف من معرفة عميقة بشؤون الطب، والذي كان موسوعة زمانه في علوم شتى، إذ يصف لك بدقة خواص وباء زمانه وسُبل محاصرته والتخلص منه، فكأنه يعايش عصرنا في ظل الجائحة، وصف الوباء بأنه ينتقل بملامسة الأيدي ويلتصق بالشعر والملابس، ومن إرشاداته لتفادي تفاقم الوباء الذي عُرف في الفيلم بـ “الموت الأسود”: ضرورة التباعد الاجتماعي، غسل الأيدي والوجوه في محلول من الخل، تجنب الناس من التجمع، التزام الحجر المنزلي، غلق الأسواق والمساجد وأداء الصلاة من البيوت، وتحديد مراكز البيع في بعض البيوت، فطوبى وألف طوبى لابن سينا وكوكبة العلماء الكبار من نظرائه الأسبقين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .